مؤسسة الدرر السنية
  • الرئيسة
  • التعريف بالموقع
    • التعريف بالمؤسسة
    • سجل زوار المؤسسة
    • لماذا الدرر السنية؟
    • أقسام الموقع
    • الدرر السنية في وسائل الإعلام
  • الموسوعات
    • موسوعة التفسير
    • الموسوعة الحديثية
    • الموسوعة العقدية
    • موسوعة الأديان
    • موسوعة الفرق
    • المذاهب الفكرية
    • الموسوعة الفقهية
    • الأحاديث المنتشرة
    • موسوعة الأخلاق
    • الموسوعة التاريخية
  • الصفحات المتجددة
    • مقالات وبحوث
    • نفائس الموسوعات
    • قراءة في كتاب
    • شارك معنا
  • صفحات متنوعة
    • إصداراتنا
    • مداد المشرف
    • تطبيقات الجوال
    • الأرشيف
    • راسلنا
  • معلمة الدرر
  • Dorar - English
الدرر السنية

المشرف العام/

الشيخ علوي بن عبدالقادر السقاف
لجنة الإشراف العلمي منهج العمل في الموسوعات
لجنة الإشراف العلمي منهج العمل في الموسوعات
المتجر التعريف بالموقع مداد المشرف
لجنة الإشراف العلمي

تقوم اللجنة باعتماد منهجيات الموسوعات وقراءة
بعض مواد الموسوعات للتأكد من تطبيق المنهجية

الشيخ هتلان بن علي الهتلان

قاضي بمحكمة الاستئناف بالدمام

الشيخ أسامة بن حسن الرتوعي

المستشار العلمي بمؤسسة الدرر السنية

الشيخ الدكتور حسن بن علي البار

عضو الهيئة التعليمية بالكلية التقنية

الشيخ الدكتور منصور بن حمد العيدي

الأستاذ بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل

منهج العمل في الموسوعات

موسوعة التفسير

منهج العمل في الموسوعة

راجع الموسوعة

الشيخ الدكتور خالد بن عثمان السبت

أستاذ التفسير بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل

الشيخ الدكتور أحمد سعد الخطيب

أستاذ التفسير بجامعة الأزهر

اعتمد المنهجية

بالإضافة إلى المراجعَين

الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري

أستاذ التفسير بجامعة الملك سعود

الشيخ الدكتور مساعد بن سليمان الطيار

أستاذ التفسير بجامعة الملك سعود

الشيخ الدكتور منصور بن حمد العيدي

أستاذ التفسير بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل

الموسوعة الحديثية

منهج العمل في الموسوعة

الموسوعة العقدية

منهج العمل في الموسوعة

موسوعة الأديان

منهج العمل في الموسوعة

موسوعة الفرق

منهج العمل في الموسوعة

موسوعة المذاهب الفكرية

منهج العمل في الموسوعة

الموسوعة الفقهية

منهج العمل في الموسوعة

تم اعتماد المنهجية من
الجمعية الفقهية السعودية
برئاسة الشيخ الدكتور
سعد بن تركي الخثلان
أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)

موسوعة الأخلاق

منهج العمل في الموسوعة

الموسوعة التاريخية

منهج العمل في الموسوعة

راجع الموسوعة

الأستاذُ صالحُ بنُ يوسُفَ المقرِن

باحثٌ في التَّاريخ الإسْلامِي والمُعاصِر
ومُشْرِفٌ تربَويٌّ سابقٌ بإدارة التَّعْليم

الأستاذُ الدُّكتور سعدُ بنُ موسى الموسى

أستاذُ التَّاريخِ الإسلاميِّ بجامعةِ أُمِّ القُرى

الدُّكتور خالِدُ بنُ محمَّد الغيث

أستاذُ التَّاريخِ الإسلاميِّ بجامعةِ أمِّ القُرى

الدُّكتور عبدُ اللهِ بنُ محمَّد علي حيدر

أستاذُ التَّاريخِ الإسلاميِّ بجامعةِ أمِّ القُرى

الموسوعة العقدية

  1. الرئيسة
  2. الموسوعة العقدية
  3. الكتاب التاسع: نواقض الإيمان
  4. الباب الأول: تعريف الكفر والردة، وضوابط إجراء الأحكام
  5. الفصل الرابع: موانع التكفير
  6. المبحث الثاني: الخطأ
إصدار تجريبي
  • المراجع المعتمدة
  • كيفية الاستخدام
  • منهج العمل في الموسوعة
  • تصفح الموسوعة

 

المطلب الثالث: أدلة العذر بالخطأ التشكيل

محتويات الصفحة:


استدل أهل السنة لذلك بأدلة كثيرة، سنأخذ أهمها ومنها:
1- قوله سبحانه: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [الأحزاب:5]، قال الحافظ في الفتح: (.. قال ابن التين: أجرى البخاري قوله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ [الأحزاب:5]، في كل شيء، وقال غيره: هي في قصة مخصوصة وهي: ما إذا قال الرجل يا بني وليس هو ابنه… ولوسلم أن الآية نزلت فيما ذكر لم يمنع ذلك من الاستدلال بعمومها، وقد أجمعوا على العمل بعمومها في سقوط الإثم) ((فتح الباري)) (11/551). .
2- واستدلوا بقوله تعالىوَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [ النساء:93]، فقيد الوعيد على قاتل المؤمن بالتعمد انظر ((إيثار الحق على الخلق)) (ص: 436). ، وفرقت النصوص بين القتل المتعمد والقتل الخطأ في أحكام الدنيا والآخرة.
3- ومن الأدلة المشهورة قوله تعالىرَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا [ البقرة:286] وثبت في الحديث الصحيح أن الله سبحانه استجاب لهذا الدعاء فقال:فقد فعلت رواه مسلم (126) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. .
4- ومن الأحاديث المشهورة في العذر بالخطأ قوله- صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه)) رواه ابن ماجه (2045) واللفظ له، والحاكم (2/198)، والبيهقي (7/356) بلفظ: (تجاوز لي). من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وقال البيهقي: جوّد إسناده بشر بن بكر وهو ثقة. والحديث صحح إسناده عبد الحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (ص: 99) -كما أشار لذلك في مقدمته -. وحسنه النووي في ((الأربعين النووية)) (ص: 39)، وقال ابن كثير في ((تحفة الطالب)) (ص: 232): إسناده جيد. وحسنه ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (1/281). وقال الشوكاني في ((فتح القدير)) (1/461): لا تقصر عن رتبة الحسن لغيره. وقال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): صحيح. ، قال الحافظ ابن رجب في شرحه لهذا الحديث (الخطأ:هو أن يقصد بفعله شيئاً فيصادف فعله غير ما قصده، مثل أن يقصد قتل كافر فصادف قتله مسلماً، والنسيان أن يكون ذاكراً الشيء فينساه عند الفعل، وكلاهما معفو عنه: يعني لا إثم فيه، ولكن رفع الإثم لا ينافي أن يترتب على نسيانه حكم، ولو قتل مؤمناً خطأ فإن عليه الكفارة والدية بنص الكتاب، وكذا لو أتلف مال غيره خطأ بظنه أنه مال نفسه..) إلى أن يقول: (والأظهر، والله أعلم أن الناسي والمخطئ إنما عفي عنهما بمعنى رفع الإثم عنهما لأن الإثم مرتب على المقاصد والنيات، والناسي والمخطئ لا قصد لهما فلا إثم عليهما، وأما رفع الأحكام عنهما فليس مراداً من هذه النصوص فيحتاج في ثبوتها ونفيها إلى دليل آخر ((جامع العلوم والحكم)) (ص: 352-354). . وقد استدلوا بالحديث المشهور في قصة الرجل من بني إسرائيل الحديث رواه البخاري (3481)، ومسلم (2756). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في تعليقه عليها: (فهذا الرجل اعتقد أن الله لا يقدر على جمعه إذا فعل ذلك، أو شك، وأنه لا يبعثه، وكل هذين الاعتقادين كفر، يكفر من قامت عليه الحجة، لكنه كان يجهل ذلك، ولم يبلغه العلم بما يرده عن جهله، وكان عنده إيمان بالله وبأمره ونهيه ووعده ووعيده، فخاف من عقابه، فغفر الله له بخشيته، فمن أخطأ في بعض مسائل الاعتقاد، من أهل الإيمان بالله وبرسوله وباليوم الآخر والعمل الصالح، لم يكن أسوأ حالاً من هذا الرجل فيغفر الله خطأه، أو يعذبه إن كان منه تفريط في اتباع الحق على قدر دينه، وأما تكفير شخص علم إيمانه بمجرد الغلط في ذلك، فعظيم..) ((الاستقامة)) (1/164،165) ،وانظر (3 /231،12/490)، وغيرها. .
فهذا الحديث كثيراً ما يستدل به شيخ الإسلام في مسائل العذر بالجهل والخطأ، والتأويل.
فهذا الرجل وقع في الخطأ – فتكلم بالكفر من غير قصد – بسبب جهله – فعذره الله سبحانه لعدم قيام الحجة عليه، أما الاستدلال به على مسألة العذر بالتأويل فمن باب أولى، لأن المتأول في حقيقته مجتهد مخطئ، فإذا لم يكفر المخطئ من غير اجتهاد- كما في هذه القصة – فعدم كفر من اجتهد في طلب الحق فأخطأ من باب أولى، وفي هذا المعنى يقول ابن الوزير – رحمه الله -: (.. قد تكاثرت الآيات والأحاديث في العفو عن الخطأ والظاهر أن أهل التأويل أخطأوا، ولا سبيل إلى العلم بتعمدهم) ثم ذكر بعض أدلة الإعذار بالخطأ ومنها قصة الرجل من بني إسرائيل، ثم علق عليها قائلاً (وإنما أدركته الرحمة لجهله وإيمانه بالله والمعاد ولذلك خاف العقاب.. وهذا أرجى حديث لأهل الخطأ في التأويل) ((إيثار الحق)) (ص: 435، 436). ، فذكر أنه أخطأ بسبب الجهل فعذر، ثم استدل به على الخطأ بسبب التأويل والله أعلم..
5- ونختم هذه الأدلة بحديث خاص بإعذار المجتهد المخطئ في الأحكام، وهو قوله – صلى الله عليه وسلم-: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، و إذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)) رواه البخاري (7352)، ومسلم (1716). من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه. قال الحافظ الخطيب البغدادي – رحمه الله -: (فإن قيل: كيف يجوز أن يكون للمخطئ فيما أخطأ فيه أجر، وهو إلى أن يكون عليه في ذلك إثم لتوانيه وتفريطه في الاجتهاد حتى أخطأ؟ فالجواب، أن هذا غلط لأن النبي – صلى الله عليه وسلم- لم يجعل للمخطئ أجراً على خطئه، و إنما جعل له أجراً على اجتهاده، وعفا عن خطئه لأنه لم يقصده، و أما المصيب فله أجر على اجتهاده، وأجر على إصابته) ((الفقيه والمتفقه)) (1/191)، وانظر ((البحر المحيط)) للزركشي (6 /262)، و ((الأحكام)) لابن حزم (2/ 652) وغيرها. ، واستدل جمهور العلماء بهذا الحديث على تخطئة بعض المجتهدين ممن لم يصب الحق و أن الحق مع أحدهم أو بعضهم، وفيه رد على من قال: كل مجتهد مصيب، يقول الإمام ابن قدامة – رحمه الله-: (والحق في قول واحد من المجتهدين ومن عداه مخطئ، سواء كان في فروع الدين أو أصوله) ((روضة الناظر)) (ص: 193). ، ثم ذكر الأدلة على ذلك ومنها هذا الحديث، وقال الإمام الزركشي: (واختلف العلماء في حكم أقوال المجتهدين، هل كل مجتهد مصيب، أو المصيب واحد؟ ذهب الشافعي و أبو حنيفة ومالك وأكثر الفقهاء رحمهم الله إلى أن الحق في أحدهما، و إن لم يتعين لنا فهو عند الله متعين، لاستحالة أن يكون الشيء الواحد في الزمان الواحد في الشخص الواحد حلالاً حراماً، و لأن الصحابة تناظروا في المسائل و احتج كل واحد على قوله: وخطأ بعضهم بعضاً، وهذا يقتضي أن كل واحد يطلب إصابة الحق، ثم اختلفوا، هل كل مجتهد مصيب أم لا؟ فعند الشافعي أن المصيب منهم واحد و إن لم يتعين، و إن جميعهم مخطئ إلا ذلك الواحد وبه قال مالك وغيره..) ((البحر المحيط في أصول الفقه)) للزركشي (6/241). ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – (فإذا أريد بالخطأ الإثم، فليس المجتهد بمخطئ بل كل مجتهد مصيب مطيع لله، فاعل ما أمره الله به، و إذا أريد به عدم العلم بالحق في نفس الأمر فالمصيب واحد، وله أجران..) ((مجموع الفتاوي)) (13/124)، وانظر (20/24)، وانظر تفريعات وتفصيلات أخرى لهذه المسألة في ((الفقيه والمتفقه)) (ص: 58-64)، و ((المحصول)) للرازي (2/47-91)، و ((الأحكام)) لابن حزم (2/658-660)، و ((روضة الناظر)) (ص: 193 -200) وغيرها. ، ونختم الكلام حول هذا الحديث بالإشارة إلى أن من أخطأ فحكم أو أفتى بغير علم واجتهاد فهو آثم عاص انظر ((فتح الباري)) (13/319). ، يقول شيخ الإسلام – رحمه الله – (.. فمن كان خطؤه لتفريطه فيما يجب عليه من اتباع القرآن و الإيمان مثلاً، أو لتعديه حدود الله بسلوك السبل التي نهى عنها، أو لاتباع هواه بغير هدى من الله، فهو الظالم لنفسه، وهو من أهل الوعيد، بخلاف المجتهد في طاعة الله ورسوله باطناً وظاهراً الذي يطلب الحق باجتهاده كما أمره الله ورسوله فهذا مغفور له خطؤه…..) ((مجموع الفتاوى)) (3/317)، وانظر (12/496). ، لكنه لا يكفر إن فرط في الاجتهاد فوقع في الكفر خطأ، لأن الكفر يكون بعد قيام الحجة، يقول شيخ الإسلام: (.. وأما (التكفير) فالصواب أنه من اجتهد من أمة محمد – صلى الله عليه وسلم- وقصد الحق، فأخطأ لم يكفر، بل يغفر له خطؤه، ومن تبين له ما جاء به الرسول، فشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى، واتبع غير سبيل المؤمنين: فهو كافر، ومن اتبع هواه، وقصر في طلب الحق، وتكلم بلا علم فهو عاص مذنب، ثم قد يكون فاسقاً، وقد تكون له حسنات ترجح على سيئاته..) ((مجموع الفتاوى)) (12 /180). ، ويقول – أيضاً -: (وليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين، و إن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة، وتبين له المحجة، ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة و إزالة الشبهة) ((مجموع الفتاوى)) (12/466)، وانظر (12/523، 524). ، وخلاصة هذا المبحث ما يلي:
قد تواترت النصوص من الكتاب والسنة في إعذار المخطئ، و أن حكمه حكم الجاهل والمتأول – فلا يكفر إلا بعد قيام الحجة عليه -، و أنه إن كان مجتهداً فيما يسوغ فيه الاجتهاد – فله أجر باجتهاده – ولو أخطأ – أما إن لم يكن مجتهداً وأخطأ فيأثم لتفريطه.
لكن هل يفرق في ذلك بين العقائد و الأحكام؟
ب- هل يفرق بين العقائد و الأحكام؟
... هذا التقسيم لا دليل عليه ولا يعرف عن السلف، والمفرقون لم يذكروا حدا منضبطاً يمكن به التفريق بين الأصول والفروع، والعذر بالخطأ من جنس العذر بالجهل، لذلك بين أئمة السلف أنه لا يأثم المجتهد المخطئ لا في الأصول ولا في الفروع، والخلاف في هذه المسألة بين أئمة السلف ومخالفيهم من المتكلمين ومن تأثر بهم، فرع عن الخلاف في أصل عام شامل، وهو: هل يمكن لكل أحد أن يعرف باجتهاده الحق في كل مسألة فيها نزاع، وإذا لم يمكنه فاجتهد واستفرغ وسعه فلم يصل إلى الحق، بل قال ما اعتقد أنه هو الحق في نفس الأمر، ولم يكن هو الحق في نفس الأمر: هل يستحق أن يعاقب أم لا؟ وهل يفرق في ذلك بين الأصول والفروع أو بين المسائل العلمية والعملية أطال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في مناقشة هذا الأصل وأقوال الناس فيه، ثم بين أقوال السلف وأدلتهم، ومن باب الاختصار سنكتفي ببيان مذهب السلف في هذا الأمر، انظر ((منهاج السنة))، (5/84-125)، و((مجموع الفتاوى)) (19/203-227). ؟
نقل شيخ الإسلام الأقوال في هذه المسألة، ثم بين أن قول السلف وأئمة الفتوى كأبي حنيفة، والشافعي، والثوري وداود بن علي وغيرهم أنهم (لا يؤثمون مجتهداً مخطئاً لا في المسائل الأصولية ولا في الفروعية، كما ذكر عنهم ابن حزم وغيره، ولهذا كان أبو حنيفة والشافعي وغيرهما يقبلون شهادة أهل الأهواء رغم أنهم مخطئون في المسائل العلمية، و إنما عذر من عذر منهم لاجتهاده وتأوله، أما من رد شهادتهم من الأئمة – كمالك و أحمد – فليس ذلك مستلزماً لإثمهم، لكن المقصود إنكار المنكر وهجر من أظهر البدعة، انظر ((الفتاوى)) (13/125). إلا الخطابية الخطابية: أتباع أبي الخطاب محمد بن أبي زينب مقلاص الأسدي الكوفي الأجدع المقتول سنة 143هـ، من غلاة الشيعة، قال النوبختي الرافضي: (كان أبو الخطاب يدعي أن أبا عبدالله جعفر بن محمد (الصادق) عليهما السلام جعله قيمه ووصيه من بعده، وعلمه اسم الله الأعظم، ثم ترقى إلى أن ادعى الرسالة، ثم ادعى أنه من الملائكة و أنه رسول الله إلى أهل الأرض والحجة عليهم ((فرق الشيعة)) للنوبختي الرافضي 37،38، وانظر ((مقالات الإسلاميين)) (1/75-81)، ((الملل والنحل)) (1/380-385) وغيرها. ، ويصححون الصلاة خلفهم، والكافر لا تقبل شهادته على المسلمين، ولا يصلى خلفه. وقالوا: هذا هو القول المعروف عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة الدين: إنهم لا يكفرون ولا يفسقون ولا يؤثمون أحداً من المجتهدين المخطئين، لا في مسألة عملية ولا علمية، قالوا: والفرق بين مسائل الأصول والفروع إنما هو من أقوال أهل البدع من أهل الكلام من المعتزلة والجهمية ومن سلك سبيلهم، وانتقل هذا القول إلى أقوام تكلموا بذلك في أصول الفقه، ولم يعرفوا حقيقة هذا القول ولا غوره، قالوا: والفرق في ذلك بين مسائل الأصول والفروع كما أنه بدعة محدثة في الإسلام، لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا إجماع، بل ولا قالها أحد من السلف والأئمة، فهي باطلة عقلاً، فإن المفرقين بين ما جعلوه مسائل أصول ومسائل فروع لم يفرقوا بينهما بفرق صحيح يميز بين النوعين، بل ذكروا ثلاثة فروق أو أربعة كلها باطلة..) ((منهاج السنة)) (5/87،88)، وانظر ((الفتاوي)) (19/207،208، 13/125، 126، 23/346) وغيرها. ثم ذكر هذه الفروق ورد عليها، وفي مواضع أخرى، ذكر بعض الأمثلة عن السلف فقال: (... وأيضاً فإن السلف أخطأ كثير منهم في كثير من هذه المسائل أي المسائل العلمية الخبرية أو مسائل العقيدة. ، واتفقوا على عدم التكفير بذلك مثل ما أنكر بعض الصحابة أن يكون الميت يسمع نداء الحي، وأنكر بعضهم أن يكون المعراج يقظة، وأنكر بعضهم رؤية محمد ربه، ولبعضهم في الخلافة والتفضيل كلام معروف، وكذلك لبعضهم في قتال بعض، ولعن بعض، وإطلاق تكفير بعض، أقوال معروفة، وكان القاضي شريح ينكر قراءة من قرأ: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ [الصافات: 12], ويقول: إن الله لا يعجب… فكان يقول بل عجبت فهذا قد أنكر قراءة ثابتة وأنكر صفة دل عليها الكتاب والسنة، واتفقت الأمة على أنه إمام من الأئمة، وكذلك بعض السلف أنكر بعضهم حروفاً من القرآن، مثل إنكار بعضهم قوله: أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ [ الرعد:31] وقال: إنما هي: أو لم يتبين الذين آمنوا، وإنكار الآخر قراءة قوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِياهُ [ الإسراء:23] وانظر الإشارة إلى قراءة ووصى ربك ((تفسير الطبري)) (15/47)، و ((زاد المسير)) (5/22). .
وقال: إنما هي: ووصى ربك وبعضهم كان حذف المعوذتين، وهذا خطأ معلوم بالإجماع والنقل المتواتر، ومع هذا فلما لم يكن قد تواتر النقل عندهم بذلك لم يكفروا، و إن كان يكفر بذلك من قامت عليه الحجة بالنقل المتواتر..) ((مجموع الفتاوى)) (12/492، 493)، وانظر أمثلة أخرى، ((الفتاوي)) (20/33-36)، (3/229،230). .
إذاً العذر بالخطأ يعم المسائل العلمية والعملية، وليس في النصوص ما يدل على التفريق، لكن قد يقول قائل: إذا قلنا: إن المجتهد المخطئ في مسائل العقيدة يرفع عنه الإثم، فهل نقول أيضاً: إن المجتهد المخطئ يؤجر أجراً واحداً، كالمجتهد في أمور الأحكام والعمل؟ فيجاب عن ذلك، بأن النصوص الواردة، فيها رفع الإثم عن المجتهد المخطئ، وليس فيها ما يدل على أن كل مجتهد مخطئ يكون مأجوراً باستثناء قوله – صلى الله عليه وسلم -: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب..)) الحديث رواه البخاري (7352)، ومسلم (1716). من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه. ، وهذا كما هو واضح من سياقه خاص بالحاكم أي القاضي، ومثله المفتي، وقد أشار شيخ الإسلام إلى شيء من هذا المعنى حيث قال: (.. وكذلك كل من عبد عبادة نهى عنها ولم يعلم بالنهي – لكن هي من جنس المأمور به – مثل من صلى في أوقات النهي، وبلغه الأمر العام بالصلاة ولم يبلغه النهي، أو تمسك بدليل خاص مرجوح، مثل صلاة جماعة من السلف ركعتين بعد العصر، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم- صلاهما … بخلاف ما لم يشرع جنسه مثل الشرك، فإن هذا لا ثواب فيه، و إن كان لا يعاقب صاحبه إلا بعد بلوغ الرسالة كما قال تعالى: وَمَا كُنا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً [الإسراء:15]. فالعقاب عليها مشروط بتبليغ الرسالة، و أما بطلانها في نفسها فلأنها غير مأمور بها، فكل عبادة غير مأمور بها فلابد أن ينهى عنها، ثم إن علم أنها منهي عنها استحق العقاب، فإن لم يعلم لم يستحق العقاب، و إن اعتقد أنها مأمور بها وكانت من جنس المشروع فإنه لم يعلم لم يستحق العقاب، و إن اعتقد أنها مأمور بها وكانت من جنس المشروع فإنه يثاب عليها، وإن كانت من جنس الشرك فهذا الجنس ليس فيه شيء مأمور به، لكن قد يحسب بعض الناس في بعض أنواعه أنه مأمور به…) ((مجموع الفتاوى)) (20/31-32). .
فشيخ الإسلام – فيما يبدو – استند في كلامه هذا إلى القاعدة المعروفة في أن العمل لا يقبل إلا إذا كان خالصاً أريد به وجه الله، صواباً بما شرع الله، فلما لم يشرع جنسه غالباً يكون في أمور العقيدة كصور الشرك ونحوها من البدع الحقيقية التي يكثر وجودها لدى الفرق المشهورة، أما الاجتهاد الخاطئ فيما شرع جنسه فغالباً يكون في مسائل الاجتهاد من أمور التعبد ونحوها. نواقض الإيمان الاعتقادية وضوابط التكفير عند السلف لمحمد بن عبدالله بن علي الوهيبي– 1/304


انظر أيضا:
  • المطلب الأول: تعريف الخطأ لغة واصطلاحا.
  • المطلب الثاني: الفرق بين الخطأ وبين الجهل.

  • الهوامش
    22 22
    • الحرم المكي ومضاعفة الأجر فيه ...
    • مسابقة الدرر - جمادى الآخرة 1442
    • شراء نسخ pdf ...
    • dorar English ...
    • شارك معنا ...
    1. خدمة API للموسوعة الحديثية
    2. نافذة البحث فى الحديثية
    3. الأرشيف
    4. إصداراتنا
    5. راسلنا

    جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الدرر السنية 1441 هــ