موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- نماذِجُ مِن كَرَمِ العَرَبِ وجُودِهم


لقد كان الكَرَمُ من أبرَزِ الصِّفاتِ لدى العَرَبِ في الجاهليَّةِ، بل كانوا يتباهَون بالكَرَمِ والجُودِ والسَّخاءِ، وكانوا يَصِفون بالكَرَمِ عظماءَ القَومِ، واشتَهَر بعضُ العَرَبِ بهذه الصِّفةِ الحميدةِ حتى صار مضرِبًا للمَثَلِ، ونذكُرُ بعضَ النَّماذِجِ من هؤلاء الذين اشتَهَروا بفيضِ كَرَمِهم وسخاءِ نُفوسِهم، ومن أولئك:
- كَرَمُ حاتمٍ الطَّائيِّ:
كان حاتمٌ الطَّائيُّ من أشهَرِ من عُرِف عندَ العَرَبِ بالجُودِ والكَرَمِ حتى صار مَضرِبَ المثَلِ في ذلك.
(قالت النَّوارُ امرأتُه: أصابَتْنا سَنةٌ اقشعَرَّت لها الأرضُ، واغبَرَّ أفُقُ السَّماءِ، وراحت الإبِلُ حُدْبًا حَدابيرَ ، وضنَّت المراضِعُ عن أولادِها فما تَبِضُّ بقَطرةٍ ، وجلَفَت السَّنةُ المالَ ، وأيقنَّا أنَّه الهلاكُ، فواللهِ إنِّي لفي ليلةٍ صِنَّبْرٍ بعيدةِ ما بَينَ الطَّرَفينِ، إذ تضاغى أُصَيبِيَتُنا من الجوعِ؛ عبدُ اللهِ وعَدِيٌّ وسَفَّانةُ، فقام حاتمٌ إلى الصَّبيَّينِ، وقُمتُ إلى الصَّبيَّةِ، فواللهِ ما سكنوا إلا بعدَ هدأةٍ من اللَّيلِ ، ثمَّ ناموا ونمتُ أنا معه، وأقبل يُعَلِّلُني بالحديثِ، فعرَفْتُ ما يريدُ، فتناوَمْتُ، فلمَّا تهوَّرَت النُّجومُ إذا شيءٌ قد رفَعَ كِسْرَ البيتِ ، فقال: مَن هذا؟ فولَّى ثمَّ عاد، فقال: مَن هذا؟ فولَّى ثمَّ عاد في آخِرِ اللَّيلِ، فقال: مَن هذا؟ فقالت: جارتُك فلانةُ، أتيتُك من عندِ أُصَيبيَةٍ يتعاوَونَ عُواءَ الذِّئابِ من الجوعِ، فما وجدتُ مُعَوَّلًا إلَّا عليك أبا عَدِيٍّ! فقال: واللهِ لأُشبِعَنَّهم، فقلتُ: من أينَ؟! قال: لا عليكِ، فقال: أعجِلِيهم فقد أشبَعَكِ اللهُ وإيَّاهم، فأقبَلَت المرأةُ تحمِلُ ابنَينِ ويمشي جانبَيها أربعةٌ، كأنَّها نعامةٌ حولَها رِئالُها ، فقام إلى فرَسِه فوَجَأ لَبَّتَه بمُديتِه، فخَرَّ، ثمَّ كشَطَه، ودفع المُديةَ إلى المرأةِ، فقال: شأنُكِ (الآنَ)! فاجتمَعْنا على اللَّحمِ، فقال: سوأةٌ! أتأكُلون دونَ الصِّرمِ ؟! ثمَّ جعل يأتيهم بيتًا بيتًا، ويقولُ: هُبُّوا أيُّها القومُ، عليكم بالنَّارِ، فاجتَمَعوا، والتَفَعَ بثوبِه ناحيةً ينظُرُ إلينا، لا واللهِ ما ذاق منه مُزعةً ، وإنَّه لأحوَجُ إليه منَّا! فأصبَحْنا وما على الأرضِ من الفَرَسِ إلَّا عَظمٌ أو حافِرٌ، (فعَذَلْتُه على ذلك)، فأنشأ حاتمٌ يقولُ:
مهلًا نَوَارُ أقِلِّي اللَّومَ والعَذْلَا
ولا تقولي لشيءٍ فاتَ: ما فَعَلَا
ولا تقولي لمالٍ كُنتُ مُهلِكَه
مهلًا، وإن كنتُ أُعطي الجِنَّ والخَبَلَا
يرى البخيلُ سبيلَ المالِ واحدةً
إنَّ الجوادَ يرى في مالِه سُبُلَا
لا تَعذليني في مالٍ وصَلْتُ به
رِحْمًا، وخيرُ سبيلِ المالِ ما وَصَلَا) .
و(قيل: سأل رجلٌ حاتِمًا الطَّائيَّ فقال: يا حاتِمُ، هل غلبَك أحدٌ في الكَرَمِ؟ قال: نعم، غلامٌ يتيمٌ مِن طَيِّئٍ، نزَلْتُ بفَنائِه وكان له عشرةُ أرؤُسٍ من الغَنَمِ، فعَمَد إلى رأسٍ منها فذبحَه. وأصلح مِن لحمِه، وقدَّم إليَّ، وكان فيما قَدَّم إليَّ الدِّماغَ، فتناوَلْتُ منه فاستَطَبْتُه، فقُلتُ: طَيِّبٌ واللهِ! فخرج من بَينِ يَدَيَّ، وجعل يذبَحُ رأسًا رأسًا، ويقَدِّمُ إليَّ الدِّماغَ وأنا لا أعلَمُ. فلمَّا خرَجْتُ لأرحَلَ نظرتُ حولَ بيتِه دمًا عظيمًا، وإذا هو قد ذبَحَ الغَنَمَ بأسْرِه! فقلتُ له: لمَ فعَلْتَ ذلك؟ فقال: يا سُبحانَ اللهِ! تستطيبُ شيئًا أملِكُه فأبخَلُ عليك به! إنَّ ذلك لسُبَّةٌ على العَرَبِ قبيحةٌ! قيل يا حاتمُ: فما الذي عوَّضْتَه؟ قال: ثلاثُمائةِ ناقةٍ حَمراءَ وخَمسُمائةِ رأسٍ من الغَنَمِ، فقيل: أنت إذًا أكرَمُ منه! فقال: بل هو أكرَمُ؛ لأنه جاد بكُلِّ ما يملِكُه، وإنما جُدتُ بقليلٍ من كثيرٍ) .
- كرمُ عبدِ اللهِ بنِ جُدْعانَ:
مِنَ الكُرَماءِ المشهورين في الجاهِليَّةِ: عبدُ اللهِ بنُ جُدْعانَ؛ فقد اشتَهَر بكَرَمِه وجُودِه، وسَخائِه وعطائِه.
و(كان عبدُ اللهِ بنُ جُدْعانَ من مُطعِمي قُرَيشٍ، كهاشِمِ بنِ عبدِ مَنافٍ، وهو أوَّلُ مَن عَمِلَ الفالُوذَ للضَّيفِ ... وكانت له جِفانٌ يأكُلُ منها القائِمُ والرَّاكِبُ!) .
وعن إبراهيمَ بنِ أحمدَ قال: قَدِمَ أميَّةُ بنُ أبي الصَّلْتِ مكَّةَ على عبدِ اللهِ بنِ جُدْعانَ، فلمَّا دخل عليه قال له عبدُ اللهِ: أمرٌ ما أتى بك. فقال أميَّةُ: كِلابُ غُرَمائي قد نبحَتْني ونهشَتْني . فقال له عبدُ اللهِ: وأنا عليَّ حُقوقٌ لزِمَتْني، فأنظِرْني قليلًا أنجُمُ ما في يدي، وقد ضَمِنتُ قَضاءَ دَينِك، ولا أسألُك عن مبلَغِه، فأقام أيامًا ثمَّ أتاه، فأنشأ يقولُ:
أأذكُرُ حاجتي أم قد كفاني 
حياؤُك إنَّ شِيمتَك الحياءُ
وعِلْمُك بالأمورِ فأنتَ قَرْمٌ
 لك الحَسَبُ المُهَذَّبُ والسَّناءُ
كريمٌ لا يُغَيِّرُه صباحٌ
عن الخُلُقِ الكريمِ ولا مَساءُ
تُبارِي الرِّيحَ مَكْرُمةً وجُودًا
 إذا ما الكَلْبُ أجحَرَه الشِّتاءُ
إذا أثنى عليك المرءُ يومًا
 كفاه مِن تعَرُّضِه الثَّناءُ
فلمَّا أنشده هذا الشِّعرَ كانت عنده قَيْنتانِ، قال: خُذْ أيَّهما شِئتَ، فأخذ إحداهما وانصرف، فمَرَّ بمجلِسٍ من مجالسِ قُرَيشٍ، فلاموه على أخذِها، فقالوا: قد ألفَيْتَه عليلًا، فلو ردَدْتَها عليه، فإنَّه يحتاجُ إلى خِدمتِها، كان ذلك أقرَبَ لك عندَه، وأكثَرَ من كُلِّ حقٍّ ضَمِنَه، فوقع الكلامُ من أميَّةَ مَوقِعًا، فرجَع ليرُدَّها، فقال له ابنُ جُدْعانَ: لعَلَّك إنما ترُدُّها لأنَّ قُرَيشًا لاموك على أخْذِها! فقال: ما أخطَأْتَ يا زُهَيرُ، وأنشد:
عطاؤُك زينٌ لامرئٍ إن حبَوْتَه
 بسَيبٍ وما كُلُّ العطاءِ يَزينُ
وليس بشَينٍ لامرئٍ بَذلُ وَجْهِه
 إليك كما بعضُ السُّؤالِ يَشينُ
فقال عبدُ اللهِ: خُذِ الأُخرى، فأخَذَهما وخرج، فلمَّا صار إلى القومِ أنشأ يقولُ:
وما لي لا أُحَيِّيه وعندي
 مواهِبُ يَطَّلِعنَ من النِّجادِ
لأبيَضَ من بني عمرِو بنِ تَيمٍ
وهم كالمَشرفيَّاتِ الحِدادِ
لكلِّ قبيلةٍ هادٍ ورأسٌ 
وأنت الرَّأسُ تَقدُمُ كُلَّ هادي
عمادُ البيتِ قد عَلِمَت مَعَدٌّ
وإنَّ البيتَ يُرفَعُ بالعِمادِ
له داعٍ بمكَّةَ مُشمَعِلٌّ
 وآخَرُ فوقَ دارتِه يُنادي
إلى رُدُحٍ من الشِّيزى عليها
 لُبابُ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهادِ
وقال فيه:
ذُكِرَ ابنُ جُدْعانَ بخَيرٍ
 كُلَّما ذُكِر الكِرامُ
من لا يخونُ ولا يَعُقُّ
 ولا يُبخِّلُه الأنامُ
يَهَبُ النَّجيبةَ والنَّجيبَ
 له الرِّحالةُ والزِّمامُ .
و(كان عبدُ اللهِ بنُ جُدْعانَ التَّيميُّ حين كَبِرَ أخذ بنو تيمٍ عليه، ومنَعوه أن يُعطيَ شَيئًا من مالِه، فكان الرَّجُلُ إذا أتاه يطلُبُ منه قال: ادْنُ منِّي، فإذا دنا منه لطَمَه، ثمَّ قال: اذهَبْ فاطلُبْ بلَطْمَتِك أو ترضى، فتُرضيه بنو تَيمٍ من مالِه.
وفيه يقولُ ابنُ قَيسٍ:
والذي إن أشار نحوَك لَطْمًا
تَبِعَ اللَّطْمَ نائِلٌ وعَطاءُ
وابنُ جُدْعانَ هو القائِلُ:
إنِّي وإن لم يَنَلْ مالي مَدى خُلُقي
وهَّابُ ما ملَكَت كفِّي من المالِ
لا أحبِسُ المالَ إلَّا رَيثَ أُتلِفُه
ولا تُغَيِّرُني حالٌ عن الحالِ)

انظر أيضا:

  1. (1) الحُدْبُ: جمعُ حَدْباءَ، وهي التي بدَت حراقِفُها وعَظمُ ظَهْرِها. الحدابيرُ: جمعُ حِدبارٍ وحِدبيرٍ، بكسرِ الحاءِ فيهما، وهي: العَجفاءُ الضَّامِرةُ التي قد يَبِسَ لحمُها من الهُزالِ. يُنظَر: ((المحكم والمحيط الأعظم)) لابن سيده (3/ 265)، ((الصحاح)) للجواهري (2/ 625).
  2. (2) أي: ما يَقطُرُ منها لَبَنٌ. يقال: بضَّ الماءُ: إذا قطَرَ وسال. يُنظَر: ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (1/132).
  3. (3) الجالِفةُ: السَّنةُ التي تذهَبُ بالأموالِ، ويقالُ: أصابتهم جليفةٌ عظيمةٌ: إذا اجتَلَفت أموالَهم. يُنظَر: ((الصحاح)) للجوهري (4/ 1338)، ((تاج العروس)) للزبيدي (23/ 96).
  4. (4) الصِّنَّبْرُ: الباردةُ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (4/ 470).
  5. (5) تضاغى الصِّبيةُ: بكَوا وصاحوا. يُنظَر: ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (3/92).
  6. (6) أُصَيبِيَةٌ: تصغيرُ أَصْبيةٍ. يُنظَر: ((المحكم والمحيط الأعظم)) لابن سيده (8/ 384).
  7. (7) طائفةٌ منه. يُنظَر: ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) (5/249).
  8. (8) تهوَّرَت النُّجومُ: ذهب أكثَرُها. يُنظَر: ((تاج العروس)) للزبيدي (14/ 447).
  9. (9) كِسْرُ البيتِ، والكِسْرانِ: جانبا البيتِ مِن عن يمينِك ويسارِك. يُنظَر: ((المخصص)) لابن سيده (4/ 403).
  10. (10) جمعُ رَأْلٍ: وهو وَلَدُ النَّعامِ. يُنظَر: ((القاموس المحيط)) للفيروزابادي (ص 1002).
  11. (11) وَجَأ: ضَرَب. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (1/190).
  12. (12) اللَّبَّةُ: مَوضِعُ المنحَرِ من كُلِّ شيءٍ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (1/733)
  13. (13) الصِّرْمُ، بالكَسرِ: الأبياتُ المجتَمِعةُ المنقَطِعةُ من النَّاسِ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (12/338).
  14. (14) التَفَع: التَحَف بالثَّوبِ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (8/320).
  15. (15) المُزعةُ: القِطعةُ من اللَّحمِ ونَحوِه. يُنظَر: ((القاموس المحيط)) للفيروزابادي (1/763).
  16. (16) عذَلْتُه: لُمْتُه. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (11/437).
  17. (17) العَذْلُ: اللَّومُ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (11/437).
  18. (18) الخَبَلُ، بفتحتينِ: الجِنُّ، أو ضَربٌ من الجِنِّ، يقالُ لهم: الخابِلُ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (11/197).
  19. (19) يُنظَر: ((الشعر والشعراء)) لابن قتيبة (1/238)، والرِّحْمُ، بكَسرِ الراءِ وسُكونِ الحاءِ، والرَّحِمُ، بفَتحٍ فكَسرٍ: القَرابةُ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (12/232).
  20. (20) يُنظَر: ((المستجاد من فعلات الأجواد)) للتنوخي (ص 111).
  21. (21) يُنظَر: ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (3/239).
  22. (22) النَّهْشُ: تناوُلُ الشَّيءِ بفَمِه ليَعَضَّه، فيؤثِّرُ فيه ولا يجرَحُه. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (6/360).
  23. (23) القَرْمُ من الرِّجالِ: السَّيِّدُ المعَظَّمُ. يُنظَر: ((تاج العروس)) للزبيدي (33/ 253).
  24. (24) أي: ألجأه حتى دخَل جُحْرَه . يُنظَر: ((تاج العروس)) للزبيدي (10/ 373).
  25. (25) السَّيبُ: العطاءُ. يُنظَر: ((الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية)) للجوهري (1/ 150).
  26. (26) المَشْرَفيُّ: السَّيفُ، ينسَبُ إلى مشارِفِ الشَّامِ، وهي قُرًى من أرضِ العَرَبِ تدنو من الرِّيفِ. يُنظَر: ((معجم ديوان الأدب)) لإسحاق الفارابي(1/ 286).
  27. (27) اشمعَلَّ القومُ في الطَّلَبِ اشمِعْلالًا: إذا بادروا فيه وتفرَّقوا. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (11/372).
  28. (28) الدَّارةُ: الدَّارُ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (4/299).
  29. (29) الشِّيزى: الجِفانُ التي تُسَوَّى من شجرةِ الشِّيزى، والرَّداحُ: الجفنةُ العظيمةُ، والجَمعُ رُدُحٌ. يُنظَر: ((الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية)) للجوهري (1/ 365)، ((لسان العرب)) لابن منظور (5/363).
  30. (30) يعني الفالُوذَقَ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (3/ 243).
  31. (31) يُلْبَكُ: يُخلَطُ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (10/482).
  32. (32) الشِّهادُ: العَسَلُ ما دام لم يُعصَرْ من شمعِه. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (3/243).
  33. (33) النَّجيبُ من الإبِلِ هو القويُّ منها، الخفيفُ السَّريعُ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (1/ 748).
  34. (34) ((الأوائل)) للعسكري (ص: 395).
  35. (35) يُنظَر: ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة الدينوري (1/458).