موسوعة الأخلاق والسلوك

هـ- نماذِجُ من تواضُعِ العُلَماءِ المُعاصِرين


تواضُعُ ابنِ بازٍ:
(كان الشَّيخُ ابنُ بازٍ -رحمه اللَّهُ- آيةً في التَّواضُعِ فلا يكادُ يُعرَفُ له مثيلٌ في زمانِه في هذه الخَصلةِ؛ فهو لا يرى لنفسِه فضلًا، ولا يرغَبُ في المديحِ، ولا في التَّميُّزِ على النَّاسِ، وكان محبًّا للفقراءِ والمساكينِ، حريصًا على مجالستِهم، والأكلِ معهم. ومن صُوَرِ تواضُعِه:
- لا يحتَقِرُ النَّصيحةَ، أو الفائدةَ من أيِّ أحدٍ، حتَّى من الصَّغيرِ:
في يومٍ من الأيَّامِ اتَّصل شابٌّ صغيرٌ بسماحةِ الشَّيخِ، وقال: يا سماحةَ الشَّيخِ، النَّاسُ بأشدِّ حاجةٍ إلى عُلَماءَ يفتونهم، وأقترحُ على سماحتِكم أن تجعلوا في كُلِّ مدينةٍ مفتيًا؛ ليَسهُلَ الاتِّصالُ.
فقال له سماحةُ الشَّيخِ: ما شاء اللَّهُ! أصلحك اللَّهُ! كم عُمُرُك؟ فقال ثلاثةَ عَشَرَ عامًا.
يقولُ الرَّاوي للقصَّةِ: فقال لي سماحةُ الشَّيخِ: هذا اقتراحٌ طيِّبٌ يستحقُّ الدِّراسةَ، اكتُبْ إلى الأمينِ العامِّ لهيئةِ كبارِ العُلَماءِ بهذا، فكتبتُ ما أملى به، وممَّا جاء في كتابِه:
أمَّا بعدُ؛ فقد اتَّصل بي بعضُ النَّاصحين، وقال: إنَّه يقترحُ وَضْعَ مفتينَ في كُلِّ بلدٍ، ونرى عَرْضَه على اللَّجنةِ الدَّائمةِ؛ لنتبادَلَ الرَّأيَ في الموضوعِ) [2361]((جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز)) لمحمد إبراهيم الحمد (بتصرف) (ص: 136). .
- (تواضُعُه للمرأةِ والمسكينِ والسَّائِلِ،...قيل له -وهو خارجٌ من مسجِدِ الجامعِ-: هناك امرأةٌ تريدُ إجابةً عن أسئلتِها، فما كان منه إلَّا أن اتَّكأَ على عصاه وأصغى لها، وأجاب عن أسئلتِها حتَّى انصرَفَت!) [2362] ((جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز)) لمحمد إبراهيم الحمد (ص: 134). .
تواضُعُ ابنِ عُثَيمين:
كان الشَّيخُ ابنُ عُثَيمين يتحلَّى بالصِّفاتِ والأخلاقِ النَّبيلةِ، فكان من صفاتِه الصِّدقُ والإعراضُ عن الدُّنيا، والتَّواضُعُ، ومن صُوَرِ تواضُعِه:
طفلٌ صغيرٌ يأخذُ بيَدِ الشَّيخِ ويذهَبُ به إلى والِدِه:
(يأتيه طفلٌ صغيرٌ لم يبلُغِ السَّادسةَ من عُمُرِه، فيُمسِكُ يدَ الشَّيخِ من وَسْطِ طلابِه مخاطبًا إيَّاه: أبي قَدِم إلى عُنَيزةَ للسَّلامِ عليك، أرجو أن تسلِّمَ عليه قبل أن تخرُجَ! والشَّيخُ يبتسِمُ له ويلاطِفُه، والطِّفلُ آخذٌ بيدِ الشَّيخِ إلى والِدِه، فيتفاجأُ والِدُ الطِّفلِ بالشَّيخِ أمامَه، فيتعجَّبُ الوالِدُ من هذا الخُلُقِ النَّبيلِ الذي يتحلَّى به الشَّيخُ!) [2363] ((الجامع لحياة العلامة محمد بن صالح العثيمين)) لوليد بن أحمد الحسين (ص: 39). .
- (ركِبَ الشَّيخُ مع أحَدِ محبِّيه سيَّارةً قديمةً كثيرةَ الأعطالِ، فتتوقَّفُ أثناءَ الطَّريقِ، فقال الشَّيخُ للسَّائقِ: ابقَ مكانَك وأنزِلُ أنا لأدفَعَ السَّيَّارةَ، فنزل الشَّيخُ ودفع السَّيَّارةَ بنفسِه حتَّى تحرَّكت، وهذا قمَّةُ التَّواضُعِ) [2364] ((الجامع لحياة العلامة محمد بن صالح العثيمين)) لوليد بن أحمد الحسين (ص: 42). .
- (في أثناءِ درسِه في المسجِدِ الذي بجواِر بيتِه ذهب أحدُ الطُّلَّابِ إلى دورةِ المياهِ -الحمَّامِ- فإذا أنبوبةٌ مُنكَسِرةٌ يتدفَّقُ منها الماءُ، فأَخبَر الشَّيخَ بذلك أثناءَ الدَّرسِ، فما كان من الشَّيخِ -رحمه اللَّه- إلَّا أن قَطَع الدَّرسَ وذهب إلى منزِلِه، وأحضر عِدَّةَ الإصلاحِ، وشارك الطُّلَّابَ بنفسِه في إصلاحِ هذا العُطلِ) [2365] ((الجامع لحياة العلامة محمد بن صالح العثيمين)) لوليد بن أحمد الحسين (ص: 43). .

انظر أيضا: