موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- نماذِجُ مِن التَّفاؤُلِ عِندَ الصَّحابةِ


- تفاؤُلُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه بفَتحِ نِهاوَنْدَ لَمَّا أرسَل إليه سعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ يسألُه المشورةَ في غَزوِها، وكان أرسَل إليه قَريبَ بنَ ظَفَرٍ، فتفاءل عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنه باسمِه.
قال ابنُ حَجَرٍ في ترجمةِ قَريبِ بنِ ظَفَرٍ: (وكان رسولَ سَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ إلى عُمَرَ في قِصَّةِ فَتحِ نِهاوَنْدَ، فلمَّا وَصَل إلى عُمَرَ تفاءَل باسمِه واسمِ أبيه، وقال: ظَفَرٌ قَريبٌ!) [2051] ((الإصابة في تمييز الصحابة)) لابن حجر (9/184). .
- تفاؤُلُ عَليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه بانفراجِ أزمةِ أهلِ العِراقِ بألَّا يمُرَّ عليهم فيها إلَّا وقتٌ يسيرٌ، وتبشيرُهم بذلك.
عن محمَّدِ بنِ كَعبٍ القُرَظيِّ: أنَّ أهلَ العِراقِ أصابهم أزمةٌ، فقام بينهم عليُّ بنُ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنه فقال: (يا أيُّها النَّاسُ، أبشِروا فواللهِ إنِّي لأرجو ألَّا يمُرَّ عليكم إلَّا اليَسيرُ حتَّى تَرَوا ما يَسُرُّكم من الرَّخاءِ واليُسرِ) [2052] ((إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة)) للبوصيري (7/458). .
- تفاؤُلُ سَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عنه برَسولِه العائِدِ مِن عِندِ قائدِ الفُرسِ يَزْدَجَرْدَ والتُّرابُ على عُنُقِه؛ رغبةً مِن يَزْدَجَرْدَ في إهانتِه، فرأى سَعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ أنَّ هذا التُّرابَ مَدعاةٌ للتَّفاؤلِ وبُشرى للظَّفَرِ بتُرابِ أرضِهم.
والقِصَّةُ ذَكَرها ابنُ خَلْدونَ، وفيها: (فقال يَزْدَجَرْدُ: لو قتَل أحَدٌ الرُّسُلَ قَبْلي لقَتَلْتُكم. ثمَّ استَدعى بوِقْرٍ مِن تُرابٍ وحُمِل على أعظَمِهم، وقال: ارجِعوا إلى صاحِبِكم وأعلِموه أنِّي مُرسِلٌ رُسْتُمَ حتَّى يَدفِنَكم أجمعينَ في خَندَقِ القادِسيَّةِ، ثمَّ يُدَوِّخَ بلادَكم أعظَمَ من تدويخِ سابورَ. فقام عاصِمُ بنُ عُمَرَ فحَمَل التُّرابَ على عُنُقِه، وقال: أنا أشرَفُ هؤلاء، ولمَّا رجع إلى سَعدٍ فقال: أبشِرْ؛ فقد أعطانا اللهُ تُرابَ أرضِهم) [2053] ((ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر)) لابن خلدون (2/528). .
فتأمَّلْ كيف استخلَصَ سَعدٌ رَضِيَ اللهُ عنه البُشرى والتَّفاؤلَ مِن قَلبِ المحنةِ، وكان له ما استَبشَر، وتحقَّق النَّصرُ للمُسلِمينَ؟!
- وكان الزُّبَيرُ عليه دَينٌ فأوصى ولَدَه عبدَ اللهِ يومَ الجَمَلِ بسَدادِه، قال عبدُ اللهِ بنُ الزُّبَيرِ: فجَعَل يُوصيني بدَينِه ويقولُ: يا بُنيَّ إنْ عَجَزتَ عنه في شَيءٍ فاستَعِنْ عليه مَولايَ! قال: فواللهِ ما دَرَيتُ ما أراد حتَّى قُلتُ: يا أبتِ مَن مولاكَ؟ قال: اللهُ. قال: فواللهِ ما وقَعْتُ في كُربةٍ مِن دَينِه إلَّا قُلتُ: يا مولى الزُّبيرِ اقْضِ عنه دَينَه، فيقضيه! فقُتِل الزُّبَيرُ رَضِيَ اللهُ عنه، وحَسَب عبدُ اللهِ ما عليه من الدَّينِ فوَجَد دَينَه أَلْفَيْ أَلْفٍ ومِئْتَي أَلفٍ، فقضاها عنه ابنُه عبدُ اللهِ! [2054] ينظر ما أخرجه البخاري (3129). .

انظر أيضا: