موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


1- عن أبي هُرَيرةَ قال: ((كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعجِبُه الفَألُ الحَسَنُ، ويَكرَهُ الطِّيَرةَ)) .
(وإنَّما كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعجِبُه الفَألُ؛ لأنَّ التَّشاؤُمَ سُوءُ ظَنٍّ باللهِ تعالى بغيرِ سَبَبٍ مُحَقَّقٍ، والتَّفاؤُلَ حُسنُ ظَنٍّ به، والمُؤمِنَ مأمورٌ بحُسنِ الظَّنِّ باللهِ تعالى على كُلِّ حالٍ) .
2- وعن أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا عَدْوى ولا طِيَرةَ ، ويُعجِبُني الفَألُ الصَّالحُ: الكَلِمةُ الحَسَنةُ)) .
قال القَسْطَلَانيُّ: (ويُعجِبُني الفَألُ الصَّالحُ؛ لأنَّه حُسنُ ظَنٍّ باللهِ تعالى. الكَلِمةُ الحَسَنةُ: بيانٌ لقولِه: الفَألُ الصَّالحُ) .
3- وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا طِيَرةَ، وخَيرُها الفَألُ. قالوا: وما الفَألُ يا رسولَ اللهِ؟ قال: الكَلِمةُ الصَّالحةُ يَسمَعُها أحَدُكم)) .
قال الخَطَّابيُّ: (إنَّما صار الفَألُ خَيرَ أنواعِ هذا البابِ؛ لأنَّ مَصدَرَه عن نُطقٍ وبيانٍ، فكأنَّه خيرٌ جاءك عن غَيبٍ، وأمَّا سُنوحُ الطَّيرِ وبُروحُها فليس فيه شيءٌ من هذا المعنى، وإنَّما هو تكلُّفٌ من المتَطَيِّرِ وتعاطٍ لِما لا أصلَ له في نوعِ عِلمٍ وبيانٍ؛ إذ ليس للطَّيرِ والبهائِمِ نُطقٌ ولا تمييزٌ؛ فيُستدَلَّ بنُطقِها على مضمونِ معنًى فيه. وطَلَبُ العِلمِ مِن غَيرِ مَظانِّه جَهلٌ؛ فلذلك تُرِكَت الطِّيَرةُ، واستُؤنِسَ بالفَألِ) .
4- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((الطَّيرُ تجري بقَدَرٍ، وكان يُعجِبُه الفَألُ الحَسَنُ)) .
 (قال العُلَماءُ: وإنَّما أحَبَّ الفَألَ؛ لأنَّ الإنسانَ إذا أمَّلَ فائدةَ اللهِ تعالى وفَضْلَه عِندَ سَبَبٍ قَويٍّ أو ضعيفٍ، فهو على خيرٍ في الحالِ، وإنْ غَلِط في جِهةِ الرَّجاءِ فالرَّجاءُ له خيرٌ، وأمَّا إذا قطَع رجاءَه وأمَلَه من اللهِ تعالى، فإنَّ ذلك شَرٌّ له، والطِّيَرةُ فيها سوءُ الظَّنِّ وتوقُّعُ البلاءِ) .
5- عن أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُعجِبُه إذا خرج لحاجتِه أن يسمَعَ: يا راشِدُ، يا نَجيحُ)) .
فالنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُعجِبُه أن يسمَعَ: يا راشِدُ، أي: واجِدَ الطَّريقِ المستقيمِ، وأن يسمَعَ: يا نَجيحُ، أي: من قُضِيَت حاجتُه. ويَستحسِنُ سماعَ ذلك ويتفاءَلُ به .

انظر أيضا:

  1. (1) أخرجه ابن ماجه (3536) واللَّفظُ له، وأحمد (8393). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحهـ)) (6121)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجهـ)) (3536)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (8393)، وحسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1280).
  2. (2) ((فتح الباري)) لابن حجر (10/ 215).
  3. (3) الطِّيَرةُ: التَّشاؤُمُ. ينظر: ((إكمال المعلم بفوائد مسلم)) للقاضي عياض (7/ 141).
  4. (4) أخرجه البخاري (5756) واللَّفظُ له، ومسلم (2224).
  5. (5) ((إرشاد الساري)) للقسطلاني (8/398).
  6. (6) أخرجه البخاري (5754) واللَّفظُ له، ومسلم (2223).
  7. (7) ((أعلام الحديث)) للخطابي (3/2136).
  8. (8) أخرجه أحمد (24982)، والحاكم (89) واللَّفظُ لهما، وابن حبان (5824) باختلافٍ يسيرٍ. صحَّحه ابن حِبَّان، وصحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (24982) دون قوله: "الطَّيرُ تجري بقَدَرٍ" فحَسَنٌ، وحَسَّنه الألبانيُّ في ((صحيح الجامع)) (3959).
  9. (9) ((شرح النووي على مسلم)) (14/ 219).
  10. (10) أخرجه الترمذي (1616)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (1848) واللَّفظُ لهما، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (4181) باختلافٍ يسيرٍ. صحَّحه الترمذي، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (4/109)، وابن الملقن في ((شرح البخاري)) (27/514(، والأرناؤوط في تخريج ((زاد المعاد)) (2/418).
  11. (11) ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (4/ 289).