موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ


- قال ابنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: (اذكُرْ أخاك إذا توارى عنك بمِثْلِ الذي تحِبُّ أن يَذكُرَك) .
- وعن عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه مَرَّ على بَغلٍ مَيِّتٍ، فقال لبعضِ أصحابِه: (لأَنْ يأكُلَ الرَّجُلُ من هذا حتَّى يملأَ بَطْنَه خيرٌ له من أن يأكُلَ لَحمَ رَجُلٍ مُسلِمٍ) .
- وقال الحُمَيديُّ: سَمِعتُ الفُضَيلَ بنَ عِياضٍ يقولُ: قال محمَّدُ بنُ كَعبٍ القُرَظيُّ: (إذا أراد اللهُ عزَّ وجَلَّ بعبدٍ خيرًا زهَّده في الدُّنيا، وفَقَّهه في الدِّينِ، وبصَّرَه عُيوبَهـ). قال: (ثمَّ التَفَت الفُضيلُ إلينا، فقال: ربَّما قال الرَّجُلُ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، فأخشى عليه النَّارَ! قيل: وكيف ذاك؟! قال: يُغتابُ بَيْنَ يَدَيه رجُلٌ، فيُعجِبُه، فيقولُ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، وليس هذا موضِعَها، إنَّما هذا موضِعُ أن يَنصَحَ له في نفسِه، ويقولَ له: اتَّقِ اللهَ!) .
- وعن محمَّدِ بنِ سِيرينَ أنَّه قال: (إنَّ أكثَرَ النَّاسِ خَطايا أكثَرُهم ذِكْرًا لخطايا النَّاسِ) .
- وعن الشَّعبيِّ رَحِمَه اللهُ أنَّ العبَّاسَ بنَ عَبدِ المطَّلِبِ قال لابنِه عبدِ اللهِ: (يا بُنَيَّ، أرى أميرَ المُؤمِنين يُدنيك؛ فاحفَظْ منِّي خِصالًا ثلاثًا: لا تُفشِيَنَّ له سِرًّا، ولا يَسمَعَنَّ منك كَذِبًا، ولا تغتابَنَّ عنده أحَدًا) .
- وقال أحمدُ بنُ عاصمٍ الأنطاكيُّ: (أشَرُّ مَكِنةِ الرَّجُلِ البَذاءُ -وهو الوقيعةُ منه، وهي الغِيبةُ- وذلك أنَّه لا ينالُ بذلك منفعةً في الدُّنيا ولا في الآخرةِ، بل يُبغِضُه عليه المتَّقون ويَهجُرُه الغافِلون، وتجتَنِبُه الملائكةُ، وتَفرَحُ به الشَّياطينُ... والغِيبةُ والنَّميمةُ قرينتانِ، ومخرَجُهما من طريقِ البَغيِ، والنَّمَّامُ قاتِلٌ، والمغتابُ آكِلُ الميتةِ، والباغي مُستكبِرٌ، ثلاثتُهم واحِدٌ، وواحِدُهم ثلاثةٌ، فإذا عوَّد نفسَه ذلك رفَعَه إلى دَرَجةِ البُهتانِ، فيَصيرُ مُغتابًا مباهِتًا كذَّابًا، فإذا ثَبَت فيه الكَذِبُ والبُهتانُ صار مجانِبًا للإيمانِ.
ولا يَكسِبُ بالغِيبةِ تعجيلَ ثَناءٍ، ولا يبلُغُ به رئاسةً، ولا يَصِلُ به إلى مزيَّةٍ في دُنيا من مَطعَمٍ أو مَلبَسٍ ولا مالٍ، وهو عِندَ العُقَلاءِ منقوصٌ، وعندَ العامَّةِ سَفيهٌ، وعندَ الأمناءِ خائِنٌ، وعندَ الجُهَّالِ مذمومٌ. ولا يحتَمِلُه في نقصٍ إلَّا مَن كان في مِثْلِ حالِه...) .
- وقال الأحنَفُ: (ما خان شَريفٌ، ولا كَذَب عاقِلٌ، ولا اغتاب مُؤمِنٌ) .
- وقال أبو عاصمٍ: (ما اغتَبْتُ أحدًا مُنذُ عَلِمتُ أنَّ الغِيبةَ تَضُرُّ بأهلِها) .
- وقال ابنُ الكَوَّاءِ للرَّبيعِ بنِ خُثَيمٍ: (ما نراك تعيبُ أحدًا ولا تَذُمُّه! فقال: وَيلَك يا بنَ الكوَّاءِ! ما أنا عن نفسي براضٍ فأتفَرَّغَ من ذنبي إلى حديثِ النَّاسِ! إنَّ النَّاسَ خافوا اللهَ على ذنوبِ النَّاسِ، وأمِنوه على نُفوسِهم) .
- وقال ابنُ المبارَكِ: (لو كنتُ مُغتابًا أحَدًا لاغتَبْتُ والِدَيَّ؛ لأنَّهما أحَقُّ بحَسَناتي!) .
- وعن الحَسَنِ البَصريِّ أنَّ رَجُلًا قال له: إنَّك تغتابُني، فقال: (ما بلَغَ قَدْرُك عندي أن أحَكِّمَك في حَسَناتي!) .
- وعن ابنِ سيرينَ أنَّه ذَكَر الغِيبةَ، فقال: (ألم تَرَ إلى جيفةٍ خَضراءَ مُنتِنةٍ؟!) .
- وقال الغَزاليُّ: (الغِيبةُ هي الصَّاعِقةُ المُهلِكةُ للطَّاعاتِ، ومَثَلُ مَن يغتابُ كمنَ ينصِبُ منجنيقًا، فهو يرمي به حَسَناتِه شَرقًا وغَربًا، ويمينًا وشِمالًا!) .
- قال عَدِيُّ بنُ حاتِمٍ: (الغِيبةُ مرعى اللِّئامِ) .
- سَمِع عَليُّ بنُ الحُسَينِ رَجُلًا يغتابُ رَجُلًا، فقال: (إيَّاك والغِيبةَ؛ فإنَّها إدامُ كِلابِ النَّاسِ!) .
- قال يحيى بنُ مُعاذٍ الرَّازيُّ: (لِيَكُنْ حظُّ المُؤمِنِ منك ثلاثةً: إنْ لم تنفَعْه فلا تَضُرَّه، وإنْ لم تُفرِحْه فلا تَغُمَّه، وإنْ لم تَمدَحْه فلا تَذُمَّهـ) .
- قال يحيى بنُ أبي كثيرٍ: (يصومُ الرَّجُلُ عن الحلالِ الطَّيِّبِ، ويُفطِرُ على الحرامِ الخَبيثِ؛ لحمِ أخيه!) يعني: اغتيابَه .
- قال سُلَيمانُ بنُ سالمٍ: قال لي أبو سِنانٍ: (إذا كان طالِبُ العِلمِ لا يتعَلَّمُ أو قبلَ أن يتعَلَّمَ مسألةً في الدِّينِ، يتعَلَّمُ الوقيعةَ في النَّاسِ، متى يُفلِحُ؟!)، وكان لا يتكَلَّمُ أحدٌ في مجلِسِه بغِيبةٍ في أحَدٍ، فإذا تكَلَّم بذلك نهاه وأسكَتَه .
- قال أبو عُثمانَ سعيدُ بنُ الحَدَّادِ: (مَن شُغِل بذِكرِ مَساوئِ النَّاسِ تَرَك حَظَّه من الشُّغلِ بمساوئِ نفسِه، ومَن شُغِل بالفِكرِ في مساوئِ نَفسِه أذهَله ذلك عن الشُّغلِ بمساوئِ النَّاسِ، ومساوئُ نفسِه هي التي تضُرُّه، ومساوئُ النَّاسِ لا تَضُرُّهـ) .
- قال أبو حاتمٍ: (أربَحُ التِّجارةِ ذِكرُ اللهِ، وأخسَرُ التِّجارةِ ذِكرُ النَّاسِ) .
- وقال عبدُ الرَّحمنِ بنُ مَهديٍّ: (لولا أنِّي أكرَهُ أن يُعصى اللهُ لتمَنَّيتُ ألَّا يبقى في هذا المِصرِ أحدٌ إلَّا وقَعَ فيَّ واغتابني! وأيُّ شيءٍ أهنأُ من حَسَنةٍ يجِدُها الرَّجُلُ في صحيفتِه يومَ القيامةِ لم يعمَلْها ولم يعلَمْ بها؟!) .
- وعن ابنِ المبارَكِ قال: (قُلتُ لسُفيانَ الثَّوريِّ: يا أبا عبدِ اللهِ، ما أبعَدَ أبا حنيفةَ من الغِيبةِ، ما سمِعتُه يغتابُ عَدُوًّا له قطُّ! قال: هو -واللهِ- أعقَلُ مِن أن يُسَلِّطَ على حَسَناتِه ما يُذهِبُ بها!) .
- وقال سُفيانُ بنُ عُيَينةَ: (لو أنَّ رَجُلًا أصاب من مالِ رَجُلٍ شيئًا فتورَّع عنه بعدَ موتِه، فجاء به إلى وَرَثتِه، لكُنَّا نرى ذلك كَفَّارةً له، ولو أنَّ رجُلًا أصاب من عِرضِ رَجُلٍ شيئًا فتوَرَّع عنه بَعدَ مَوتِه، فجاء إلى وَرَثتِه وإلى جميعِ أهلِ الأرضِ فجَعَلوه في حِلٍّ، ما كان في حِلٍّ! فعِرْضُ المُؤمِنِ أشَدُّ من مالِه، افقَهوا ما يُقالُ لكم) .
- وقال أيضًا: (الغِيبةُ أشَدُّ من الدَّينِ؛ الدَّينُ يقُضى، والغِيبةُ لا تُقضى) .

انظر أيضا:

  1. (1) رواه أبو داود في ((الزهد)) (334)، وأبو الشيخ في ((التوبيخ والتنبيهـ)) (239) مطوَّلًا.
  2. (2) رواه أبو الشيخ في ((التوبيخ والتنبيهـ)) (212).
  3. (3) رواه أبو بكر الدِّينَوَري في ((المجالسة وجواهر العلم)) (663)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (55/144).
  4. (4) رواه أبو بكر الدِّينَوَري في ((المجالسة وجواهر العلم)) (2406)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (53/215).
  5. (5) رواه الخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (706)، وابن بشران في ((الأمالي)) (1344).
  6. (6) ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (9/ 291، 292).
  7. (7) ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (2/ 31، 32).
  8. (8) رواه البخاري في ((التاريخ الكبير)) (4/336)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (24/363).
  9. (9) رواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (2/110).
  10. (10) ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (9/245)، ((سنن الصالحين)) للباجي (ص: 586).
  11. (11) ((الأذكار النووية)) (ص: 340).
  12. (12) رواه وكيع في ((الزهد)) (432)، وهناد في ((الزهد)) (2/564).
  13. (13) ينظر ((فيض القدير)) للمناوي (3/166).
  14. (14) ((بهجة المجالس)) لابن عبد البر (1/ 398).
  15. (15) ((ذم الغيبة والنميمة)) لابن أبي الدنيا (161)، ((الصمت)) لابن أبي الدنيا (297).
  16. (16) ((الزهد والرقائق)) للخطيب البغدادي (91).
  17. (17) ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (3/ 69).
  18. (18) ((ترتيب المدارك وتقريب المسالك)) للقاضي عياض (4/ 104).
  19. (19) ((رياض النفوس في طبقات عُلَماء القيروان وإفريقية)) لأبي بَكرٍ المالكي (2/ 107).
  20. (20) ((بهجة المجالس)) لابن عبد البر (1/ 399).
  21. (21) ((التوبيخ والتنبيهـ)) لأبي الشيخ الأصبهاني (231)، ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (9/ 11)، ((شعب الإيمان)) للبيهقي (9/ 97).
  22. (22) ((تاريخ بغداد)) للخطيب (15/ 497)، ((ربيع الأبرار)) للزمخشري (2/ 322).
  23. (23) ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (7/ 278).
  24. (24) ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (7/ 275).