موسوعة الأخلاق والسلوك

ثانيًا: الفَرْقُ بَيْنَ الغِيبةِ وبَعضِ الصِّفاتِ


الفَرْقُ بَيْنَ الغِيبةِ والإفكِ والبُهتانِ:
قال الحَسَنُ: (الغِيبةُ ثلاثةُ أوجُهٍ كُلُّها في كتابِ اللهِ تعالى: الغِيبةُ، والإفْكُ، والبُهتانُ؛ فأمَّا الغِيبةُ فهو أن تقولَ في أخيك ما هو فيه.
وأمَّا الإفكُ فأن تقولَ فيه ما بلَغَك عنه.
وأمَّا البُهتانُ فأن تقولَ فيه ما ليس فيه) [5569] ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (16/335). .
وقال الجُرْجانيُّ: (الغِيبةُ ذِكرُ مَساوئِ الإنسانِ التي فيه في غَيبةٍ.
والبُهتانُ ذِكرُ مَساوئِ الإنسانِ، وهي ليست فيه) [5570] ((التعريفات)) (ص: 210). .
وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بيانِ الفَرْقِ بَيْنَ الغِيبةِ والبُهتانِ: ((إن كان فيه ما تقولُ فقد اغتَبْتَه، وإنْ لم يكُنْ فيه فقد بهَتَّه)) [5571] رواه مسلم (2589). .
الفَرْقُ بَيْنَ الغِيبةِ والنَّميمةِ والهَمْزِ واللَّمْزِ:
الغِيبةُ: ذِكْرُك أخاك بما يَكرَهُ إن سمِعَه، وإنَّما حُرِّمَت لِما فيها من مفسَدةِ إفسادِ العِرْضِ. والنَّميمةُ: نَقلُ كَلامِ النَّاسِ بعضِهم إلى بعضٍ على وَجهِ الإفسادِ بَيْنَهم؛ فحُرِّمَت لِما فيها من مفسَدةِ إلقاءِ البِغضةِ بَيْنَ النَّاسِ، فحقيقةُ النَّميمةِ إفشاءُ السِّرِّ، وهَتْكُ السِّترِ عمَّا يُكرَهُ كَشْفُه، فإن كان ما يَنُمُّ به نقصًا أو عيبًا في المحكيِّ عنه فهو غِيبةٌ ونميمةٌ [5572] ((تهذيب الفروق للقرافي)) لعلي بن حسين (4/ 232). ويُنظَر: ((الذخيرة)) للقرافي (ص: 241). .
قال ابنُ حَجَرٍ: (اختُلِفَ في الغِيبةِ والنَّميمةِ: هل هما متغايرتانِ أو متَّحِدتانِ، والرَّاجِحُ التَّغايُرُ، وأنَّ بَيْنَهما عُمومًا وخُصوصًا وَجهيًّا؛ وذلك لأنَّ النَّميمةَ نَقلُ حالِ شَخصٍ لغيرِه على جِهةِ الإفسادِ بغيِر رِضاه، سواءٌ كان بعِلمِه أم بغيرِ عِلمِه.
والغِيبةُ ذِكرُه في غَيبتِه بما لا يُرضيه، فامتازت النَّميمةُ بقصدِ الإفسادِ، ولا يُشتَرَطُ ذلك في الغِيبةِ.
وامتازت الغِيبةُ بكَونِها في غَيبةِ المقولِ فيه، واشتركا فيما عدا ذلك.
ومن العُلَماءِ مَن يَشترِطُ في الغِيبةِ أن يكونَ المقولُ فيه غائبًا، واللَّهُ أعلمُ) [5573] ((فتح الباري)) (10/473). .
وقال ابن حجر الهيتمي: (كُلُّ نميمةٍ غِيبةٌ، وليس كُلُّ غِيبةٍ نميمةً؛ فإنَّ الإنسانَ قد يذكُرُ عن غيرِه ما يَكرَهُه، ولا إفسادَ فيه بينَه وبينَ أحَدٍ، وهذا غِيبةٌ، وقد يَذكُرُ عن غيرِه ما يَكرَهُه، وفيه إفسادٌ، وهذا غِيبةٌ ونميمةٌ معًا) [5574] ((تطهير العيبة من دنس الغيبة)) (ص: 45). .
والهَمزُ: تعييبُ الإنسانِ بحُضورِه، واللَّمزُ: تعييبُه بغَيبتِه، فتكونُ هي الغِيبةَ، وقيل: بالعَكسِ، أي: أنَّ اللَّمزَ تعييبُه بحُضورِه، والهَمزَ تعييبُه بغَيبتِه، فتكونُ هي الغِيبةَ [5575] ((تهذيب الفروق للقرافي)) لعلي بن حسين (4/ 234). .

انظر أيضا: