موسوعة الأخلاق والسلوك

ثامنًا: حُكمُ الغِشِّ


لا شَكَّ أنَّ الغِشَّ حرامٌ، فهو محرَّمٌ بالإجماعِ؛ قال ابنُ العَرَبيِّ: (الغِشُّ حرامٌ بإجماعِ الأمَّةِ؛ لأنَّه نقيضُ النُّصحِ) .
وبعضُ العُلَماءِ -مِثلُ الذَّهَبيِّ والهيتمي- عَدُّوه كبيرةً من كبائِرِ الذُّنوبِ .
قال ابن حجر الهيتمي: (... فذلك -أعني ما حُكِيَ من صُوَرِ ذلك الغِشِّ التي يفعَلُها التُّجَّارُ، والعَطَّارون، والبَزَّازون، والصَّواغون، والصَّيارِفةُ، والحيَّاكون، وسائِرُ أربابِ البضائِعِ، والمتاجِرِ والحِرَفِ والصَّنائِعِ- كُلُّه حرامٌ شديدُ التَّحريمِ، موجِبٌ لصاحبِه أنَّه فاسِقٌ غَشَّاشٌ خائِنٌ، يأكُلُ أموالَ النَّاسِ بالباطِلِ، ويخادِعُ اللَّهَ ورسولَه، وما يخادِعُ إلَّا نفسَه؛ لأنَّ عقابَ ذلك ليس إلَّا عليه) .
وقال الغَزاليُّ: (والغِشُّ حرامٌ في البُيوعِ والصَّنائِعِ جميعًا، ولا ينبغي أن يتهاوَنَ الصَّانِعُ بعَمَلِه على وَجهٍ لو عامَلَه به غيرُه لَمَا ارتضاه لنفسِه، بل ينبغي أن يُحسِنَ الصَّنعةَ ويُحكِمَها، ثمَّ يُبَيِّنَ عيبَها إن كان فيها عَيبٌ، فبذلك يتخَلَّصُ) .
وقال أبو طالبٍ المَكِّيُّ: (الغِشُّ في البيوعِ والصَّنائعِ محرَّمٌ على المُسلِمين، ومَن كَثُر ذلك منه فهو فاسِقٌ) .
وقال ابنُ بازٍ: (قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن غَشَّنا فليس منَّا)) ...  لفظٌ عامٌّ يعُمُّ الغِشَّ في المعامَلاتِ، وفي النَّصيحةِ، والمشورةِ، وفي العِلمِ بجميعِ مَوادِّه الدِّينيَّةِ والدُّنيويَّةِ، ولا يجوزُ للطَّالِبِ ولا للمُدَرِّسِ فِعلُ ذلك ولا التَّساهُلُ فيه ولا التَّغاضي عنه؛ لعمومِ الحديثِ المذكورِ وما جاء في معناه، ولِما يترَتَّبُ على الغِشِّ من المفاسِدِ والأضرارِ والعواقِبِ الوخيمةِ) .
وقال ابنُ عُثَيمين: (ويجتَنِبُ الغِشَّ في جميعِ المعاملاتِ من بيعٍ وإجارةٍ وصناعةٍ ورَهنٍ وغيرِها، وفي جميعِ المناصحاتِ والمشوراتِ؛ فإنَّ الغِشَّ من كبائِرِ الذُّنوبِ، وقد تبرَّأ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من فاعِلِه، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن غَشَّنا فليس منَّا)) ، وفي لفظٍ: ((مَن غَشَّ فليس منِّي)) ، والغِشُّ: خديعةٌ وخيانةٌ، وضياعٌ للأمانةِ، وفَقدٌ للثِّقةِ بَيْنَ النَّاسِ، وكُلُّ كَسبٍ من الغِشِّ فإنَّه كَسبٌ خَبيثٌ حَرامٌ، لا يزيدُ صاحِبَه إلَّا بُعدًا من اللَّهِ) .

انظر أيضا:

  1. (1) ((عارضة الأحوذي)) (6/55).
  2. (2) يُنظَر: ((الكبائر)) للذهبي (ص: 72)، ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (1/ 393).
  3. (3) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) (1/400).
  4. (4) ((إحياء علوم الدين)) (2/77).
  5. (5) ((قوت القلوب)) (2/ 445).
  6. (6) رواه مسلم (101) مطوَّلًا من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه.
  7. (7) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (24/61).
  8. (8) رواه مسلم (101) مطوَّلًا من حديثِ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه.
  9. (9) رواه مسلم (102) مطوَّلًا من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه.
  10. (10) ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (20/255).