موسوعة الأخلاق والسلوك

ثانيًا: الفَرْقُ بَيْنَ الطَّمَعِ وبَعضِ الصِّفاتِ


الفَرْقُ بَيْنَ الطَّمَعِ والحِرصِ والجَشَعِ:
قيل: الحِرصُ أشَدُّ الطَّمَعِ، وعليه جرى قَولُه تعالى: أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ [البقرة: 75] .
لأنَّ الخِطابَ فيه للمُؤمِنين، وقَولُه سُبحانَه: إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ [النحل: 37] ؛ فإنَّ الِخطابَ فيه مقصورٌ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم، ولا شَكَّ أنَّ رغبتَه صلَّى اللهُ عليه وآلِه في إسلامِهم وهدايتِهم كانت أشَدَّ وأكثَرَ من رغبةِ المُؤمِنين المشارِكين له في الخِطابِ الأوَّلِ في ذلك .
وأمَّا الجَشَعُ فهو الحِرصُ الشَّديدُ .
الفَرْقُ بَيْنَ الطَّمَعِ والرَّجاءِ والأمَلِ:
أنَّ الرَّجاءَ: هو الظَّنُّ بوقوعِ الخيرِ الذي يعتري صاحِبَه الشَّكُّ فيه، إلَّا أنَّ ظَنَّه فيه أغلَبُ، وليس هو من قَبيلِ العِلمِ، والشَّاهِدُ أنَّه لا يُقالُ: أرجو أن يدخُلَ النَّبيُّ الجنَّةَ؛ لكَونِ ذلك متيقَّنًا، ويُقالُ: أرجو أن يدخُلَ الجنَّةَ، إذا لم يعلَمْ ذلك. والرَّجاءُ: الأمَلُ في الخيرِ، والخَشيةُ والخَوفُ في الشَّرِّ؛ لأنَّهما يكونانِ مع الشَّكِّ في المرجوِّ والمَخوفِ، ولا يكونُ الرَّجاءُ إلَّا عن سبَبٍ يدعو إليه؛ من كَرَمِ المرجوِّ أو ما به إليه، ويتعدَّى بنفسِه؛ تقولُ: رجوتُ زيدًا، والمرادُ: رَجَوتُ الخيرَ من زيدٍ؛ لأنَّ الرَّجاءَ لا يتعدَّى إلى أعيانِ الرِّجالِ.
والطَّمَعُ: ما يكونُ من غيرِ سَبَبٍ يدعو إليه، فإذا طَمِعتَ في الشَّيءِ فكأنَّك حدَّثْتَ نفسَك به، من غيرِ أن يكونَ هناك سببٌ يدعو إليه؛ ولهذا ذُمَّ الطَّمَعُ ولم يُذَمَّ الرَّجاءُ، والطَّمَعُ يتعدَّى إلى المفعولِ بحرفٍ، فتقولُ: طَمِعتُ فيه، كما تقولُ: فَرِقْتُ منه، وحَذِرْتُ منه، واسمُ الفاعِلِ طَمِعٌ، مِثلُ: حَذِرٍ، وفَرِقٍ، ودَئِبٍ؛ إذا جعَلْتَه كالنِّسبةِ، وإذا بَنيتَه على الفِعلِ قُلتَ: طامِعٌ .
وقيل: الطَّمَعُ يقارِبُ الرَّجاءَ والأمَلَ، لكِنَّ الطَّمَعَ أكثَرُ ما يُقالُ فيما يقتضيه الهوى. والأمَلُ والرَّجاءُ قد يكونانِ فيما يقتضيه الفِكرُ والرَّويَّةُ؛ ولهذا أكثَرُ ذَمِّ الحُكَماءِ للطَّمَعِ .
وقيل: الأمَلُ: توقُّعُ حُصولِ الشَّيءِ، وأكثَرُ ما يُستعمَلُ فيما يَبعُدُ حُصولُه، فمَن عزَم على سَفَرٍ لا إلى بلَدٍ بعيدٍ، يقولُ: أمَلْتُ الوصولَ، ولا يقولُ: طَمِعتُ إلَّا إن قَرُب منها؛ فإنَّ الطَّمَعَ ليس إلَّا في القريبِ.
والرَّجاءُ بَيْنَ الأملِ والطَّمَعِ؛ فإنَّ الرَّاجيَ يخافُ ألَّا يحصُلَ مأمولُه، فليس يُستعمَلُ بمعنى الخَوفِ .
وقد يكونُ الأمَلُ بمعنى الطَّمَعِ .

انظر أيضا:

  1. (1) يُنظَر: ((معجم الفروق اللغوية)) لبيت الله بيات (ص: 183).
  2. (2) ((جمهرة اللغة)) لابن دريد (1/ 477).
  3. (3) يُنظَر: ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (1/248).
  4. (4) يُنظَر: ((تفسير الراغب)) (1/235).
  5. (5) ((التوقيف على مهمات التعاريف)) (ص: 62).
  6. (6) ((معجم الفروق اللغوية)) لبيت الله بيات (ص: 73).