موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


1- وعن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن كان يؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلا يُؤذِ جارَهـ)) .
فيه الأمرُ بكَفِّ أسبابِ الضَّرَرِ عن الجارِ .
وقال ابنُ عُثَيمين: (الأذيَّةُ دونَ الضَّرَرِ، فإذا نهى عن الأذيَّةِ فالضَّرَرُ من بابِ أَولى) .
2- وعن أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((المُؤمِنُ مَن أَمِنَه النَّاسُ، والمُسلِمُ مَن سَلِم المُسلِمون مِن لِسانِه ويَدِه، والمهاجِرُ مَن هَجَر السُّوءَ، والذي نفسي بيَدِه لا يدخُلُ عبدٌ الجنَّةَ لا يأمَنُ جارُه بوائِقَهـ)) .
قال القاضي عياضٌ: (البوائِقُ: الغوائِلُ والدَّواهي، أي: مَن لا يُؤمَنُ شَرُّه ولا مَضَرَّتُه، ومَن كان بهذه الصِّفةِ من سوءِ الاعتقادِ للمُؤمِنِ، فكيف بالجارِ وترَبُّصِه به الدَّوائِرَ وتَسبيبِه له المضارَّ؟! فهو من العاصين المتوعَّدين بدُخولِ النَّارِ، وأنَّه لا يدخُلُ الجنَّةَ حتَّى يُعاقَبَ ويُجازى بفِعلِه، إلَّا أن يعفوَ اللهُ عنه، وهذا وعيدٌ شديدٌ، وفيه من تعظيمِ حَقِّ الجارِ ما فيهـ) .
3- وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بك من جارِ السُّوءِ في دارِ المُقامةِ؛ فإنَّ جارَ الباديةِ يتحَوَّلُ)) .
قال المُناويُّ: («اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بك من جارِ السُّوءِ» أي: مِن شَرِّه «في دارِ المُقامةِ» بضَمِّ الميمِ، أي: الوَطَنِ؛ فإنهَّ الشَّرُّ الدَّائِمُ والضَّرَرُ الملازمُ؛ «فإنَّ جارَ الباديةِ يتحَوَّلُ» فمُدَّتُه قصيرةٌ فلا يَعظُمُ الضَّرَرُ في تحمُّلِها) .
(فإذا كان هذا سَيِّدَ الخَلقِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأكرَمَهم خُلُقًا، وأوسَعَهم حِلمًا، يستعيذُ باللهِ مِن جارِ السُّوءِ، فمَن دونَه من بابِ أَولى) .
4- وعن أبي هُرَيرةَ قال: جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يشكو جارَه، فقال: ((اذهَبْ فاصبِرْ، فأتاه مرَّتينِ أو ثلاثًا، فقال: اذهَبْ فاطرَحْ متاعَك في الطَّريقِ، فطرح متاعَه في الطَّريقِ، فجعَل النَّاسُ يسألونه فيُخبِرُهم خَبَرَه، فجعل النَّاسُ يَلعَنونه: فَعَل اللهُ به، وفَعَل وفَعَل، فجاء إليه جارُه فقال له: ارجِعْ، لا ترى مني شيئًا تكرهُهـ)) .
قال ابنُ رسلانَ: («اذهَبْ فاطْرَحْ متاعَك» المتاعُ في اللُّغةِ: كُلُّ ما يُنتَفَعُ به من أثاثِ البيتِ ومَلبوسٍ ومطعومٍ «في الطَّريقِ» التي يمُرُّ النَّاسُ منها، والمرادُ: إذا أَمِن على متاعِه، أو يكونُ عِندَه من يحفَظُه. فذَهَب الرَّجُلُ «فطرح متاعَه في الطَّريقِ، فجعَل النَّاسُ يسألونَه» عن خبرِه «فيُخبِرُهم خَبَرَه، فجعل النَّاسُ يَلعَنونه» ويَدْعون عليه: «فَعَل اللهُ به وفَعَل»، فيه جوازُ الدُّعاءِ على من يتأذَّى منه النَّاسُ، ويكونُ جهرًا؛ ليكونَ تأديبًا له وزجرًا عن الأذى) .

انظر أيضا:

  1. (1) أخرجه البخاري (6018)، ومسلم (47) مطوَّلًا.
  2. (2) ((إرشاد الساري)) (9/25).
  3. (3) ((فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام)) (4/541).
  4. (4) أخرجه أحمد (12561)، وابن حبان (510)، والحاكم (25). صحَّحه ابن حبان، والحاكم على شرط مسلم، وابن حجر في ((فتح الباري)) (1/70)، والألباني في ((صحيح الترغيب)) (2555).
  5. (5) ((إكمال المعلم)) (1/283).
  6. (6) أخرجه النسائي (5502)، وابن حبان (1033)، والحاكم (1951) واللفظ له. صحَّحه ابن حبان، والحاكم على شرط مسلم، والألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (5502)، وصحَّح إسنادَه العراقي في ((تخريج الإحياء)) (2/221).
  7. (7) ((التيسير)) (1/208).
  8. (8) ((وصايا الرسول)) لعطية سالم (ص: 335).
  9. (9) أخرجه من طرقٍ: أبو داود (5153) واللفظ له، وابن حبان (520)، والحاكم (7302) باختلافٍ يسيرٍ. صحَّحه ابنُ حبان، والحاكم على شرط مسلم، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (5153)، وصحَّح أسانيدَه أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (1/594).
  10. (10) ((شرح سنن أبي داود)) (19/440).