موسوعة الأخلاق والسلوك

ثانيًا: الفَرقُ بَينَ الجَزَعِ وبَعضِ الصِّفاتِ


الفَرقُ بَينَ الجَزَعِ والفَزَعِ:
قال الرَّاغِبُ: (الفَزَعُ والجَزَعُ أخَوانِ، لكِنَّ الفَزَعَ ما يعتَري الإنسانَ مِن الشَّيءِ المُخيفِ، والجَزَعَ ما يعتَري مِن الشَّيءِ المُؤلِمِ، والفَزَعُ لفظٌ عامٌّ، سَواءٌ كان عارِضًا عن أمارةٍ ودَلالةٍ، أو حاصِلًا لا عن ذلك) [2419] ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) (ص: 234). .
الفَرقُ بَينَ الجَزَعِ ورِقَّةِ القَلبِ:
قال ابنُ القَيِّمِ: (والفَرقُ بَينَ رِقَّةِ القَلبِ والجَزَعِ: أنَّ الجَزَعَ ضَعفٌ في النَّفسِ، وخَوفٌ في القَلبِ، يمُدُّه شِدَّةُ الطَّمَعِ والحِرصِ، ويتَوَلَّدُ مِن ضَعفِ الإيمانِ بالقدَرِ... فمَتى عَلِمَ أنَّ المُقدَّرَ كائِنٌ -ولا بُدَّ- كان الجَزَعُ عناءً مَحضًا ومُصيبة ثانيةً. أمَّا رِقَّةُ القَلبِ فإنَّها مِن الرَّحمةِ، وقد كان رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّمَ أرَقَّ النَّاسِ قَلبًا، وأبعَدَهم مِن الجَزَعِ؛ فِرقَّةُ القَلبِ رَأفةٌ ورَحمةٌ، وجَزَعُه مَرَضٌ وضَعفٌ، فالجَزَعُ حالُ قَلبٍ مَريضٍ بالدُّنيا، قد غَشيَه دُخانُ النَّفسِ الأمَّارةِ، فأخَذَ بأنفاسِه، وضَيَّقَ عليه مَسالِكَ الآخِرة، وصارَ في سِجنِ الهَوى والنَّفسِ، وهو سِجنٌ ضَيِّقُ الأرجاءِ، مُظلِمُ المَسلَكِ، فانحِصارُ القَلبِ وضيقُه يجعَلُه يجزَعُ مِن أدنى ما يُصيبُه ولا يحتَمِلُه، فإذا أشرَقَ فيه نورُ الإيمانِ واليقينِ بالوَعدِ، وامتَلَأ مِن مَحَبَّةِ اللهِ وإجلالِه، رَقَّ وصارَت فيه الرَّأفةُ والرَّحمةُ، فتَراه رَحيمًا رَقيقَ القَلبِ بكُلِّ ذي قُربى ومُسلِمٍ، يرحَمُ النَّملةَ في جُحرِها، والطَّيرَ في وَكرِه، فضلًا عن بَني جِنسِه؛ فهذا أقرَبُ القُلوبِ مِن اللهِ تعالى) [2420] ((الروح)) (ص: 250). .

انظر أيضا: