موسوعة الأخلاق والسلوك

تاسعًا: حُكمُ البُخلِ والشُّحِّ


ليس للبُخلِ حُكمٌ واحِدٌ ينطَبِقُ على جميعِ صُوَرِه وأنواعِه، وإنَّما لكُلِّ صورةٍ من صُورِ البُخلِ حُكمٌ خاصٌّ بها، وإن كان البُخلُ في عمومِه مذمومًا مكروهًا؛ يقولُ ابنُ تَيميَّةَ: (والبُخلُ جِنسٌ تحتَه أنواعٌ؛ كبائِرُ وغيرُ كبائِرَ) .
فإن كان المنعُ بُخلًا بواجِبٍ فهو محرَّمٌ شرعًا، بل هو كبيرةٌ من الكبائرِ توعَّد اللهُ صاحبَها بالعقوبةِ والعذابِ، كمَن منَع الزَّكاةَ الواجبةَ بخلًا بالمالِ وحِرصًا عليه؛ قال ابنُ تَيميَّةَ: (فإنَّ البُخلَ من الكبائِرِ، وهو منعُ الواجباتِ؛ من الزَّكاةِ، وصِلةِ الرَّحِمِ، وقِرى الضَّيفِ، وتَركِ الإعطاءِ في النَّوائِبِ، وتركِ الإنفاقِ في سبيلِ اللهِ) .
وقال ابنُ حزمٍ: (ومنعُ الفَضلِ داخِلٌ في البُخلِ، وعلى قَدْرِ التَّقصيرِ والتَّوسُّعِ في ذلك يكونُ المدحُ والذَّمُّ، وما وُضِع في غيرِ هذه الوُجوهِ فهو تبذيرٌ، وهو مذمومٌ... ومنعُ الواجباتِ حرامٌ، ومَنعُ ما فَضَل عن القوتِ بُخلٌ وشُحٌّ، والمنعُ من الإيثارِ ببعضِ القوتِ عُذرٌ، ومنعُ النَّفسِ أو الأهلِ القوتَ أو بعضَه نَتْنٌ ورَذالةٌ ومعصيةٌ) .

انظر أيضا:

  1. (1) يُنظَر: ((مجموع الفتاوى)) (28/156).
  2. (2) يُنظَر: ((المستدرك على فتاوى ابن تيمية)) جمع: ابن قاسم (1/125).
  3. (3) يُنظَر: ((الأخلاق والسير في مداواة النفوس)) لابن حزم الأندلسي (ص: 79، 80).