أ- من الشِّعرِ
1- قال الشَّاعِرُ:إذا انتَقَموا أعلنوا أمْرَهم
وإن أنعَموا أنعَموا باكتِتامِ
يقومُ القُعودُ إذا أقبَلوا
وتقعُدُ هَيبتُهم بالقيامِ
2- وقال المأمونُ لإبراهيمَ بنِ المَهْديِّ: إنِّي شاوَرْتُ في أمرِك فأشاروا علَيَّ بقَتلِك، إلَّا أنِّي وجَدْتُ قَدْرَك فوقَ ذَنبِك؛ فكَرِهتُ القَتلَ للازِمِ حُرمتِك! فقال: يا أميرَ المُؤمِنين، إنَّ المشارَ أشار ممَّا جرت به العادةُ في السِّياسةِ، إلَّا أنَّك أبيتَ أن تَطلُبَ النَّصرَ إلَّا من حيثُ عُوِّدْتَه من العَفوِ، فإن قتَلْتَ فلك نظيرٌ، وإن عفَوتَ فلا نظيرَ لك! وأنشأَ يقولُ:
البِرُّ بي منكَ وَطَّا العُذرَ عِندَك لي
فيما فعَلْتُ فلم تَعذِلْ ولم تَلُمِ
وقام عِلمُك بي فاحتَجَّ عندَك لي
وقام شاهِدَ عَدلٍ غَيرَ متَّهَمِ
لئِنْ جَحَدْتُك معروفًا مَنَنْتَ به
إنِّي لفي اللُّؤمِ أحظى منكَ بالكَرَمِ
تعفو بعَدلٍ وتسطو إن سطَوْتَ به
فلا عَدِمتُكَ من عافٍ ومُنتَقِمِ
3- وقال الشَّاعِرُ مُبَيِّنًا سَبَبَ تَركِه للانتقامِ ممَّن يتعدَّى عليه:إذا كان دوني مَن بُلِيتُ بجَهلِه
أبيتُ لنفسي أن أقابِلَ بالجَهلِ
وإن كان مِثلي في محَلِّي من العُلا
هَوِيتُ إذًا حِلمًا وصَفحًا عن المِثلِ
وإنْ كُنتُ أدنى منه في الفَضلِ والحِجَا
فإنَّ له حَقَّ التَّقدُّمِ والفَضلِ
4- وقال آخَرُ:إن يُمكِنِ الدَّهرُ فسوف أنتَقِمْ
أو لا فإنَّ العفوَ أَولى للكَرَمْ
5- وقال جريرٌ:عوى الشُّعراءُ بعضُهم لبعضٍ
علَيَّ فقد أصابهُمُ انتِقامُ
إذا أرسَلْتُ صاعقةً عليهم
رأَوا أُخرى تُحرِقُ فاستَداموا
6- وقال معاويةُ بنُ أبي سُفيانَ رَضِيَ اللهُ عنه في تركِ الانتِقامِ ممَّن تعدَّى عليك بالشَّتمِ:وما قَتَل السَّفاهةَ مِثلُ حِلمٍ
يعودُ به على الجَهلِ الحليمُ
فلا تَسْفَهْ وإن مُلِّيتَ غَيظًا
على أحَدٍ فإنَّ الفُحشَ لُومُ
ولا تقطَعْ أخًا لك عِندَ ذنبٍ
فإنَّ الذَّنبَ يعفوه الكريمُ
7- وقال الحَيصَ بَيصَ:مَلَكْنا فكان العفوُ منَّا سَجيَّةً
ولمَّا ملَكْتُم سال بالدَّمِ أبطَحُ
وحلَّلْتُم قَتلَ الأُسارى وطالما
غدَوْنا على الأَسْرى نَمُنُّ ونَصفَحُ
وحَسْبُكمُ هذا التَّفاوُتُ بيننا
وكلُّ إناءٍ بالذي فيه ينضَحُ
8- وقيل:وبعضُ انتقامِ المرءِ يُزْري بعَقلِهِ
وإنْ لم يقَعْ إلَّا بأهلِ الجرائِمِ
وما كُلُّ ذي قَرضٍ يجازَى بمِثْلِهِ
ألَا إنَّما تُجزى قُروضُ الأكارِمِ
وذِكرُ ذُنوبِ الوَغدِ يرفَعُ قَدْرَهُ
وإن عَبَثَتْ أطرافُه بالمظالِمِ