موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- نماذجُ من النَّزاهةِ عِندَ الصَّحابةِ


أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عنه:
- عن الحَسَنِ بنِ عَليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (لمَّا احتُضِر أبو بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: يا عائشةُ، انظُري اللِّقحةَ التي كنا نشرَبُ من لبَنِها، والجَفنةَ التي كنَّا نَصطَبِحُ فيها، والقطيفةَ التي كنَّا نلبَسُها، فإنَّا كنَّا ننتَفِعُ بذلك حين كنَّا في أمرِ المُسلِمين، فإذا مِتُّ فاردُديه إلى عُمَرَ، فلمَّا مات أبو بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أرسَلَت به إلى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه، فقال عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنه: رَضِيَ اللهُ عنك يا أبا بكرٍ، لقد أتعَبْتَ من جاء بَعدَك!) .
عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه:
- عن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (إنَّه لا أجِدُه يحِلُّ لي أن آكُلَ من مالِكم هذا إلَّا كما كنُت آكُلُ من صُلبِ مالي: الخُبزُ والزَّيتُ، والخُبزُ والسَّمنُ، قال: فكان ربَّما يؤتى بالجَفنةِ قد صُنِعَت بالزَّيتِ، وممَّا يليه منها سَمنٌ، فيعتَذِرُ إلى القومِ، ويقولُ: إني رجلٌ عربيٌّ، ولستُ أستمري الزَّيتَ!) .
- زينبُ بنتُ جَحشٍ:
فحين سألها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حادثةِ الإفكِ عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها نزَّهَت لسانَها عن أن يقولَ باطِلًا أو يشهَدَ زُورًا.
تقولُ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: ((وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يسألُ زينبَ بنتَ جَحشٍ عن أمري، فقال: يا زينبُ، ما عَلِمْتِ ما رأيتِ؟، فقالت: يا رسولَ اللهِ، أحمي سمعي وبَصَري، واللهِ ما عَلِمتُ عليها إلَّا خيرًا)) .
- عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ:
عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (قَدِم عبدُ الرَّحمنِ بنُ عوفٍ المدينةَ، فآخى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بينه وبينَ سعدِ بنِ الرَّبيعِ الأنصاريِّ، وكان سعدٌ ذا غِنًى، فقال لعبدِ الرَّحمنِ: أقاسِمُك مالي نصفَينِ وأزَوِّجُك، قال: بارك اللهُ لك في أهلِك ومالِك، دُلُّوني على السُّوقِ) .
وفي الحديثِ مَنقَبةٌ لسَعدِ بنِ الرَّبيعِ في إيثارِه على نفسِه بما ذُكِر، ولعبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ في تنزُّهِه عن شيءٍ يستلزِمُ الحياءَ، والمروءةُ اجتنابُه ولو كان محتاجًا إليه .

انظر أيضا:

  1. (1) أي: النَّاقةُ الحَلوبُ. يُنظَر: ((تاج العروس)) للزبيدي (7/ 93).
  2. (2) الجَفنةُ: القَصعةُ، وقيل: هي أعظَمُ ما يكونُ من القِصاعِ. يُنظَر: ((تاج العروس)) للزبيدي (34/ 359).
  3. (3) اصطَبَح الرَّجُلُ: شَرِب صَبوحًا. يُنظَر: ((الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية)) للجوهري (1/ 380).
  4. (4) رواه الطبراني (1/60) (38). وثق رجاله الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (5/234).
  5. (5) رواه ابنُ أبي الدنيا في ((الورع)) (190).
  6. (6) أخرجه البخاري (2661) واللفظ له، ومسلم (2770).
  7. (7) أخرجه البخاري (2049).
  8. (8) ((فتح الباري)) لابن حجر (9/ 235).