موسوعة الأخلاق والسلوك

ثانيًا: الفَرْقُ بَيْنَ المَحَبَّةِ وبعضِ الصِّفاتِ


الفَرْقُ بَيْنَ المَحَبَّةِ والإرادةِ:
 (أنَّ المَحَبَّةَ تجري على الشَّيءِ، ويكونُ المرادُ به غيرَه، وليس كذلك الإرادةُ، تقولُ: أحبَبتُ زَيدًا. والمرادُ أنَّك تحِبُّ إكرامَه ونَفعَه، ولا يقالُ: أردتُ زيدًا بهذا المعنى، وتقولُ: أحِبُّ اللهَ، أي: أحِبُّ طاعتَه، ولا يقالُ: أريدُه بهذا المعنى، فجُعِلت المَحَبَّةُ لطاعةِ اللهِ مَحَبَّةً له، كما جُعِل الخوفُ من عقابِه خوفًا منه.
والمَحَبَّةُ أيضًا تجري مجرى الشَّهوةِ؛ فيقالُ: فلانٌ يحِبُّ اللَّحمَ، أي: يشتهيه، وتقولُ: أكلتُ طعامًا لا أحِبُّه، أي: لا أشتهيه، ومع هذا فإنَّ المَحَبَّةَ هي الإرادةُ) [8089] ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص: 121). .
الفَرْقُ بَيْنَ المَحَبَّةِ والشَّهوةِ:
(الشَّهوةُ تَوَقانُ النَّفسِ، ومَيلُ الطِّباعِ إلى المُشتهى، وليست من قبيلِ الإرادةِ، والمَحَبَّةُ من قبيلِ الإرادةِ، ونقيضُها البِغضةُ، ونقيضُ الحُبِّ البُغضُ، والشَّهوةُ تتعَلَّقُ بالملاذِّ فقط، والمَحَبَّةُ تتعَلَّقُ بالملاذِّ وغيرهِا) [8090] ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص: 121). .
الفَرْقُ بَيْنَ المَحَبَّةِ والصَّداقةِ:
(أنَّ الصَّداقةَ قُوَّةُ المودَّةِ، مأخوذةٌ من الشَّيءِ الصِّدقِ، وهو الصُّلبُ القويُّ، وقال أبو عليٍّ رحمه اللهُ: الصَّداقةُ اتِّفاقُ القُلوبِ على المودَّةِ؛ ولهذا لا يقالُ: إنَّ اللهَ صَديقُ المُؤمِنِ، كما يقالُ: إنَّه حبيبُه وخليلُه) [8091] ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص: 121). .
الفَرْقُ بَيْنَ الحُبِّ والوُدِّ:
(أنَّ الحُبَّ يكونُ فيما يوجبُه ميلُ الطِّباعِ والحِكمةُ جميعًا، والوُدُّ مَيلُ الطِّباعِ فقط، ألا ترى أنَّك تقولُ: أحبُّ فُلانًا وأوَدُّه. وتقولُ: أحِبُّ الصَّلاةَ. ولا تقولُ: أوَدُّ الصَّلاةَ. وتقولُ: أوَدُّ أنَّ ذلك كان لي: إذا تمنَّيتَ وِدادَه، وأوَدُّ الرَّجُلَ وُدًّا ومودَّةً، والوِدُّ: الوَديدُ، مِثلُ الحِبِّ، وهو الحبيبُ) [8092] ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص: 122). .
الفَرْقُ بَيْنَ المَحَبَّةِ والعِشقِ:
العِشقُ: هو إفراطُ المَحَبَّةِ؛ ولهذا لا يُوصَفُ به الرَّبُّ تبارك وتعالى، ولا يُطلَقُ في حَقِّه [8093] ((الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي)) لابن القيم (ص: 183). .
وقيل: (إنَّ العِشقَ شِدَّةُ الشَّهوةِ لنَيلِ المرادِ من المعشوقِ إذا كان إنسانًا...، ولو كان العشقُ مُفارِقًا للشَّهوةِ لجاز أن يكونَ العاشِقُ خاليًا من أن يشتهيَ النَّيلَ ممَّن يعشَقُه، إلَّا أنَّه شهوةٌ مخصوصةٌ لا تفارِقُ موضِعَها، وهي شَهوةُ الرَّجُلِ للنَّيلِ ممَّن يعشَقُه، ولا تسمَّى شهوتُه لشُربِ الخمرِ وأكلِ الطَّيِّبِ عِشقًا، والعِشقُ أيضًا هو الشَّهوةُ التي إذا أفرَطَت وامتنع نَيلُ ما يتعلَّقُ بها قَتَلت بها صاحِبَها، ولا يقتُلُ من الشَّهواتِ غيرُها، ألا ترى أنَّ أحدًا لم يمُتْ من شهوةِ الخَمرِ والطَّعامِ والطَّيبِ، ولا من مَحَبَّةِ دارِه، أو مالِه، ومات خلقٌ كثيرٌ من شَهوةِ الخَلوةِ مع المعشوقِ، والنَّيلِ منه) [8094] ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص: 122). .
الفَرْقُ بَيْنَ المَحَبَّةِ والشَّغَفِ:
الشَّغَفُ: احتراقُ القَلبِ بالحُبِّ مع لذَّةٍ يجِدُها [8095] يُنظَر: ((الكليات)) للكفوي (ص: 398). ؛ فالعَلاقةُ بَيْنَ المَحَبَّةِ والشَّغَفِ علاقةُ الأعَمِّ بالأخصِّ؛ إذ الشَّغَفُ مَحَبَّةٌ خاصَّةٌ.
الفَرْقُ بَيْنَ المَحَبَّةِ والخُلَّةِ:
الخُلَّةُ هي (المَحَبَّةُ التي تخَلَّلت رُوحَ المحِبِّ وقَلبَه حتَّى لم يَبْقَ فيه موضِعٌ لغيرِ المحبوبِ) [8096] ((مدارج السالكين)) لابن القيم (3/30). ؛ فالعلاقةُ بَيْنَ المَحَبَّةِ والخُلَّةِ عَلاقةُ الأعَمِّ بالأخَصِّ؛ إذ الخُلَّةُ مَودَّةٌ خاصَّةٌ خالصةٌ.
فالخُلَّةُ تتضَمَّنُ كَمالَ المَحَبَّةِ ونهايتَها، بحيث لا يبقى في قلبِ المحِبِّ سَعةٌ لغيرِ محبوبِه [8097] ((الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي)) لابن القيم (ص: 190). .

انظر أيضا: