موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- مِنَ الشِّعرِ


1- قال الشَّافِعيُّ:
لمَّا عَفَوتُ ولم أحقِدْ على أحَدٍ
أرَحْتُ نفسي من غَمِّ العداواتِ
إنِّي أُحَيِّي عدوِّي عِندَ رؤيتِه
لأدفَعَ الشَّرَّ عنِّي بالتَّحيَّاتِ
وأظهِرُ البِشرَ للإنسانِ أبغِضُهُ
كأنَّه قد ملا قَلبي محبَّاتِ
والنَّاسُ داءٌ وداءُ النَّاسِ قُربُهمُ
وفي الجَفاءِ لهم قَطعُ الأُخُوَّاتِ
فلَستُ أَسلَمُ ممَّن لستُ أعرِفُهُ
فكيف أَسلَمُ من أهلِ المودَّاتِ
2- وقال أيضًا:
قالوا سَكَتَّ وقد خوصِمْتَ قُلتُ لهم
إنَّ الجوابَ لبابِ الشَّرِّ مِفتاحُ
والصَّمتُ عن جاهلٍ أو أحمَقٍ شَرَفٌ
وفيه أيضًا لصَونِ العِرضِ إصلاحُ
أمَا ترى الأُسودَ تُخشى وهْيَ صامِتةٌ
والكَلبُ يَخْسى لَعَمْري وهو نَبَّاحُ
3- وقال منصور بن محمد الكريزي:
سأُلزِمُ نفسي الصَّفحَ عن كُلِّ مُذنِبٍ
وإنْ كَثُرَت منه عليَّ الجرائِمُ
وما النَّاسُ إلَّا واحِدٌ من ثلاثةٍ
شريفٌ ومشروفٌ ومِثلي مُقاوِمُ
فأمَّا الذي فوقي فأعرِفُ فَضلَه
وألزَمُ فيه الحَقَّ والحَقُّ لازِمُ
وأمَّا الذي دوني فإن قال صُنتُ عن
مقالتِه نفسي وإن لام لائِمُ
وأمَّا الذي مِثلي فإن زَلَّ أو هَفا
تفضَّلْتُ إنَّ الفَضلَ للحُرِّ حاكِمُ
4- وقال أبو الفتح البستي:
خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بعُرفٍ كما
أُمِرْتَ وأعرِضْ عن الجاهِلينْ
ولِنْ في الكَلامِ لكُلِّ الأنامِ
فمُستحسَنٌ من ذوي الجاهِ لِينْ
5- وقال آخَرُ:
إذا كُنتُ لا أعفو عن الذَّنبِ مِن أخٍ
وقلتُ أُكافِيه فأين التَّفاضُلُ
فإنْ أقطَعِ الإخوانَ في كُلِّ عُسرةٍ
بَقِيتُ وحيدًا ليس لي مَن أواصِلُ
ولكِنَّني أُغضي جفوني على القَذَى
وأصفَحُ عمَّا رابني وأجامِلُ
6- وقال ابنُ هَرْمةَ في المنصورِ:
كريمٌ له وَجهانِ وَجهٌ لدى الرِّضا
أسيلٌ ووَجهٌ في الكريهةِ باسِلُ
وليس بمُعطي العَفْوِ عن غَيرِ قُدرةٍ
ويعفو إذا ما أمكَنَتْه المقاتِلُ
7- وقال آخَرُ:
ألا إنَّ خيرَ العَفْوِ عَفوٌ مُعَجَّلٌ
وشَرُّ العِقابِ ما يُجازُ به القَدْرُ
8- وقال آخَرُ:
فهبني مُسيئًا كالذي قُلتَ ظالِمًا
فعفوٌ جميلٌ كي يكونَ لك الفَضلُ
فإنْ لم أكُنْ للعَفوِ أهلًا لسُوءِ ما
أتيتُ به جَهلًا فأنتَ له أهلُ) .

انظر أيضا:

  1. (1) ((ديوان الإمام الشافعي)) (ص: 36).
  2. (2) ((ديوان الإمام الشافعي)) (ص: 42).
  3. (3) ((روضة العقلاء)) لابن حبان (ص: 166).
  4. (4) ((زهر الآداب وثمر الألباب)) لأبي إسحاق القيرواني (2/427).
  5. (5) ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (3/80).
  6. (6) يقالُ: خَدٌّ أسيلٌ: وهو السَّهلُ اللَّيِّنُ. يُنظَر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (13/ 52).
  7. (7) يقالُ: بَسَل يَبسُلُ بُسولًا فهو باسِلٌ، وهو عبوسةُ الشَّجاعةِ والغَضَبِ. يُنظَر: ((العين)) للخليل (7/ 263).
  8. (8) ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (1/ 410).
  9. (9) ((بهجة المجالس)) لابن عبد البر (1/373).
  10. (10) ((بهجة المجالس)) لابن عبد البر (1/ 371، 372).