موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- مِنَ الشِّعرِ


1- قال عَليٌّ رَضِيَ اللَّهُ عنه:
إذا أظمَأَتْك أكُفُّ الرِّجالِ
كَفَتْك القَناعةُ شِبَعًا ورِيَّا
فكُنْ رَجُلًا رِجْلُه في الثَّرى
وهامةُ هِمَّتِه في الثُّرَيَّا
- وقال أيضًا:
ومُحتَرِسٍ مِن نَفسِه خَوفَ ذِلَّةٍ
تَكونُ عليه حُجَّةً هي ما هيَا
فقَلَّصَ بُردَيه وأفضى بقَلبِه
إلى البِرِّ والتَّقوى فنالَ الأمانيَا
وجانَبَ أسبابَ السَّفاهةِ والخَنَا
عَفافًا وتَنزيهًا فأصبَحَ عاليَا
وصانَ عنِ الفحشاءِ نَفسًا كريمةً
أبَت همَّةً إلَّا العُلا والمَعاليا
تَراه إذا ما طاشَ ذو الجَهلِ والصِّبا
حَليمًا وقورًا ضائِنَ النَّفسِ هاديَا
له حِلمُ كَهلٍ في صَرامةِ حازِمٍ
وفي العَينِ إن أبصَرتَ أبصَرتَ ساهِيَا
يروقُ صَفاءُ الماءِ مِنه بوَجهِه
فأصبَحَ مِنه الماءُ في الوَجهِ صافيَا
ومِن فَضلِه يرعى ذِمامًا لجارِه
ويحفظُ مِنه العَهدَ إذ ظَلَّ راعيَا
صَبورًا على صَرفِ اللَّيالي ورَزئِها
كتومًا لأسرارِ الضَّميرِ مُداريًّا
له همَّةٌ تَعلو على كُلِّ همَّةٍ
كما قد عَلا البَدرُ النُّجومَ الدَّراريا .
2- وقال بعضُهم:
إذا هَمَّ ألقى بَيْنَ عينَيه عَزْمَه
ونَكَب عن ذِكرِ العواقِبِ جانِبَا
ولم يَستَشِرْ في رأيِه غيرَ نَفسِه
ولم يَرْضَ إلَّا قائِمَ السَّيفِ صاحِبَا .
3- وقال امرُؤُ القَيسِ:
ولو أنَّما أسعى لأدنى معيشةٍ
كفاني -ولم أطلُبْ- قليلٌ من المالِ
ولكِنَّما أسعى لمجدٍ مُؤَثَّلٍ
وقد يُدرِكُ المجدَ المُؤَثَّلَ أمثالي
4- وقال أبو دُلَفٍ:
وليس فراغُ القَلبِ مَجدًا ورِفعةً
ولكِنَّ شُغلَ القَلبِ للمَرءِ رافِعُ
5- وأنشَدَ بعضُهم:
وما أنا من يُثنيه عمَّا يَرومُهُ
شُروعُ العوالي في الوَغى والشَّدائِدِ
إذا ما بذَلْتُ الرُّوحَ في طَلَبِ العُلا
فأدنى مَراقٍ أرتَقيها الفَراقِدُ
6- وقال تأبَّطَ شَرًّا:
وكنتُ إذا ما همَمْتُ اعتَزَمْتُ
وأحْرِ إذا قُلْتُ أن أفعَلَا .
7- وأنشَدَ الفَرَّاءُ:
يا ليتَ شِعْري والمُنى لا تنفَعُ
هل أغدُوَنْ يومًا وأمري مُجمَعُ .
8- وقال الأعشى:
إلى مَلِكٍ لا يَقطَعُ اللَّيلُ هَمَّه
خَروجٍ تَروكٍ للفِراشِ المُمَهَّدِ .
9- وقال ابنُ المُهَلَّبيِّ:
همَّةٌ لا يَفُلُّها صَرفُ دَهرٍ
واعتِزامٌ لا يعتريه ظَلامُ .
10-وقال المتنَبِّي:
ليس عزمًا ما مَرَّضَ المرءُ فيه
ليس همًّا ما عاق عنه الظَّلامُ
- وقال أيضًا:
لولا المشَقَّةُ ساد النَّاسُ كُلُّهم
الجودُ يُفقِرُ والإقدامُ قَتَّالُ
- وله أيضًا:
وإذا كانت النُّفوسُ كِبارًا
تَعِبَت في مُرادِها الأجسامُ
- وقال أيضًا:
ولم أرَ في عُيوبِ النَّاسِ شَيئًا
كنَقصِ القادِرينَ على التَّمامِ
- وقال أيضًا:
إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرومِ
فلا تَقنَعْ بما دونَ النُّجومِ
فطَعْمُ الموتِ في أمرٍ حَقيرٍ
كطَعمِ الموتِ في أمرٍ عَظيمِ
- وقال أيضًا:
على قَدْرِ أهلِ العَزمِ تأتي العزائِمُ
وتأتي على قَدْرِ الكِرامِ المكارِمُ
وتَعظُمُ في عَينِ الصَّغيرِ صِغارُها
وتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ .
11- وأنشَد بعضُهم:
طُوبى لِمَن كانت له عَزمةٌ
مخلِصةٌ باطِنةٌ ظاهِرةْ .
12- وقال أبو الحُسَينِ بنُ المُظَفَّرِ:
ما العَزمُ إلَّا نَشطةٌ هكذا
إمَّا إلى الغَيِّ وإمَّا الرَّشادِ
والمرءُ مَرهونٌ على نَهضةٍ
يُقعِدُه في نِطعٍ أو وِسادِ .
13- وقال كُلَيبُ بنُ وائلٍ في العَزمِ:
ليس الكلامُ مُغنيًا دونَ العَمَلْ
وشَرُّ ما رام امرُؤٌ ما لم يَنَلْ
وكثرةُ الإيغالِ عَجزٌ وفَشَلْ
14- وقال ابنُ هانئٍ الأندَلُسيُّ:
ولَم أجِدِ الإنسانَ إلَّا ابنَ سَعيِه
فمَن كان أسعى كان بالمَجدِ أجدَرَا
وبالهمَّةِ العَلياءِ يَرقى إلى العُلا
فمَن كان أرقى همَّةً كان أظهَرَا
ولَم يتَأخَّرْ مَن يُريدُ تَقدُّمًا
ولَم يتَقدَّمْ مَن يُريدُ تَأخُّرَا
15- وقال ابنُ نُباتةَ:
حاوِلْ جَسيماتِ الأُمورِ ولا تَقُلْ
إنَّ المَحامِدَ والعُلى أرزاقُ
وارغَبْ بنَفسِك أن تَكونَ مُقَصِّرًا
عن غايةٍ فيها الطِّلابُ سِباقُ
16- قال أبو الحَسَنِ عَليُّ بنُ مُحَمَّدٍ التِّهاميُّ:
عَبَسْنَ مِن شَعرٍ في الرَّأسِ مُبتَسِمِ
ما نَفَّرَ البِيضَ مِثلُ البِيضِ في اللِّمَمِ
ظَنَّت شَبيبَتَه تَبقى وما عَلِمَتْ
أنَّ الشَّبيبةَ مَرقاةٌ إلى الهَرَمِ
ما شابَ عَزمي ولا حَزمي ولا خُلُقي
ولا وفائي ولا دِيني ولا كَرَمي
وإنَّما اعتاضَ رَأسي غَيرَ صِبغَتِه
والشَّيبُ في الرَّأسِ دونَ الشَّيبِ في الهِمَمِ

انظر أيضا:

  1. (1) الثَّــرَى: التُّــرَابُ النَّدِيُّ. يُنظر: ((مختار الصحاح)) للرازي (ص 49).
  2. (2) يُنظر: ((الكشكول)) للعاملي (2/268)، ((صيد الأفكار)) لحسين محمد المهدي (2/330). والثُّرَيَّا: النَّجمُ المعروفُ، وهو تصغيرُ ثروى. يُنظر: ((النهاية في غريب الحديث)) لابن الأثير (1/210).
  3. (3) الخَنا: الفُحشُ في القَولِ. يُنظر: ((النهاية في غريب الحديث)) لابن الأثير (2/86).
  4. (4) الصِّبا: من الصَّبوةِ: جَهلةُ الفُتُوَّةِ واللَّهوِ. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (14/449).
  5. (5) ضائنٌ: لَيِّنٌ. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (13/252).
  6. (6) تُواليها وتخالِفُها. يُنظر: ((المعجم الوسيط)) (1/513).
  7. (7) يُنظر: ((مجمع الحكم والأمثال)) لأحمد قبش (165). والدراريا: جمع دري: وهو الثاقب المضيء. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (4/282).
  8. (8) نَكَب: نَكَب عن الشَّيءِ وعن الطَّريقِ ينكُبُ نَكبًا ونُكوبًا: عَدَل. ((لسان العرب)) لابن منظور (1/770).
  9. (9) ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (1/ 285).
  10. (10) مُؤَثَّلٌ: أصيلٌ. يُنظَر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (15/ 95).
  11. (11) ((ديوان امرئ القيس)) (ص: 39).
  12. (12) ((الرسائل)) للجاحظ (2/ 353).
  13. (13) ((الإبانة)) لأبي سعد العميدي (ص: 122). والفَرْقدانِ: نجمانِ في السَّماءِ، وقد قالوا فيهما: الفَراقِدُ، كأنَّهم جعلوا كُلَّ جزءٍ منهما فَرقَدًا. يُنظَر: ((المحكم والمحيط الأعظم)) لابن سيده (6/ 626)، ((لسان العرب)) لابن منظور (3/ 334).
  14. (14) أي: أجدِرْ، وأحْرِ به من قولِك: هو حَريٌّ بكذا، أي: جديرٌ به وخليقٌ.  ((ديوان تأبط شرًّا وأخبارهـ)) جمع وتحقيق وشرح: علي ذو الفقار (ص: 166)
  15. (15) ((الشعر والشعراء)) لابن قتيبة (1/ 303).
  16. (16) ((شرح القصائد السبع)) لابن الأنباري (ص: 452).
  17. (17) ((ديوان الأعشى الكبير)) (ص: 189).
  18. (18) أي: لا يَكسِرُها. يُنظَر: ((مختار الصحاح)) لزين الدين الرازي (ص: 243).
  19. (19) ((الإبانة)) لأبي سعد العميدي (ص: 64).
  20. (20) ((شرح ديوان المتنبي)) للواحدي (3/ 738).
  21. (21) يقول: العازِمُ على الشَّيءِ لا يُقَصِّرُ فيه، وما قصَّر الإنسانُ فيه لم يَكُنْ ذلك عَزمًا، وما منَعَك الظَّلامُ عن طَلَبِه ليس ذلك هَمًّا؛ لأنَّ العازِمَ إذا هَمَّ بأمرٍ لم يَعُقْه دونَ إدراكِه شَيءٌ. يُنظر: ((ديوان أبي الطيب المتنبي)) (ص 490).
  22. (22) يُنظر: ((ديوان أبي الطيب المتنبي)) (ص 261).
  23. (23) يُنظر: ((ديوان أبي الطيب المتنبي)) (ص 483).
  24. (24) مَرُوم: رام الشَّيءَ يَرومُه رَومًا ومَرامًا: طَلَبه. ((لسان العرب)) لابن منظور (12/258).
  25. (25) ((محاضرات الأدباء)) للراغب الأصفهاني (1/524).
  26. (26) ((ديوان أبي الطيب المتنبي)) (ص: 385).
  27. (27) ((ذم الدنيا)) لابن أبي الدنيا (ص: 127) رقم (279).
  28. (28) النِّطْعُ: بِساطٌ من الأديمِ. يُنظَر: ((تاج العروس)) للزبيدي (22/ 261).
  29. (29) ((الأمالي الخميسية)) للشجري (1/ 28) (78). والوِسادُ والوِسادةُ: المخَدَّةُ. يُنظَر: ((مختار الصحاح)) لزين الدين الرازي (ص: 338).
  30. (30) ((التذكرة الحمدونية)) (2/ 83).
  31. (31) يُنظر: ((مجمع الحكم والأمثال)) لأحمد قبش (217).
  32. (32) يُنظر: ((محاضرات الأدباء)) للراغب الأصفهاني (1/ 445).
  33. (33) ((ديوان التهامي)) (ص: 511).