تم اعتماد المنهجية من الجمعية الفقهية السعودية
برئاسة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان
أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)
معنى الأخلاقِ لُغةً: الأخلاقُ جَمعُ خُلُقٍ، والخُلقُ -بضَمِ اللَّامِ وسُكونِها- هو الدِّينُ والطَّبعُ والسَّجيَّةُ (وهو ما خُلِقَ عليه مِنَ الطَّبعِ) والمُروءةُ، وحَقيقةُ الخُلُقِ أنَّه لصورةِ الإنسانِ الباطِنةِ، وهي نَفسُه وأوصافُها ومَعانيها المُختَصَّةُ بها بمَنزِلةِ الخَلقِ لصورَتِه الظَّاهرةِ وأوصافِها ومَعانيها . وقال الرَّاغِبُ: (والخَلقُ والخُلقُ في الأصلِ واحِدٌ... لكِن خُصَّ الخَلقُ بالهَيئاتِ والأشكالِ والصُّورِ المُدرَكةِ بالبَصَرِ، وخُصَّ الخُلُقُ بالقوى والسَّجايا المُدرَكةِ بالبَصيرةِ) . وحَقيقةُ الخُلُقِ في اللُّغةِ: هو ما يَأخُذُ به الإنسانُ نَفسَه منَ الأدَبِ، يُسَمَّى خُلُقًا؛ لأنَّه يَصيرُ كالخِلقةِ فيه. مَعنى الأخلاقِ اصطِلاحًا: عَرَّف الجُرجانيُّ الخُلُقَ بأنَّه: (عِبارةٌ عن هَيئةٍ للنَّفسِ راسِخةٍ تَصدُرُ عنها الأفعالُ بسُهولةٍ ويُسرٍ من غَيرِ حاجةٍ إلى فِكرٍ ورَويَّةٍ، فإن كان الصَّادِرُ عنها الأفعالَ الحَسَنةَ كانتِ الهَيئةُ خُلُقًا حَسَنًا، وإن كان الصَّادِرُ منها الأفعالَ القَبيحةَ سُمِّيَتِ الهَيئةُ التي هي مَصدَرُ ذلك خُلُقًا سَيِّئًا) . وعَرَّفه ابنُ مِسكَوَيهِ بقَولِه: (الخُلُقُ: حالٌ للنَّفسِ داعيةٌ لها إلى أفعالِها من غَيرِ فِكرٍ ولا رَويَّةٍ، وهذه الحالُ تَنقَسِمُ إلى قِسمَينِ: منها ما يَكونُ طَبيعيًّا من أصلِ المِزاجِ، كالإنسانِ الذي يُحَرِّكُه أدنى شَيءٍ نَحوَ غَضَبٍ، ويَهيجُ من أقَلِّ سَبَبٍ، وكالإنسانِ الذي يَجبُنُ من أيسَرِ شَيءٍ، أو كالذي يَفزَعُ من أدنى صَوتٍ يَطرُقُ سَمعَه، أو يَرتاعُ من خَبَرٍ يَسمَعُه، وكالذي يَضحَكُ ضَحِكًا مُفرِطًا من أدنى شَيءٍ يُعجِبُه، وكالذي يَغتَمُّ ويَحزَنُ من أيسَرِ شَيءٍ يَنالُه. ومنها ما يَكونُ مُستَفادًا بالعادةِ والتَّدَرُّبِ، ورُبَّما كان مَبدَؤُه بالرَّويَّةِ والفِكرِ، ثمَّ يَستَمِرُّ أوَّلًا فأوَّلًا، حتَّى يَصيرَ مَلَكةً وخُلُقًا) . وقال السُّيوطيُّ: (الخُلُقُ: مَلَكةٌ نَفسانيَّةٌ تَصدُرُ عنها الأفعالُ النَّفسانيَّةُ بسُهولةٍ من غَيرِ رَويَّةٍ. وقيل: هو اسمٌ جامِعٌ للقوى المُدرَكةِ بالبَصيرةِ، وتُجعَلُ تارةً للقوى الغَريزيَّةِ، وتارةً للحالةِ المُكتَسَبةِ التي بها يَصيرُ الإنسانُ خَليقًا أن يَفعَلَ شَيئًا دونَ شَيءٍ) . وقيل: (الخُلُقُ صِفةٌ مُستَقِرَّةٌ في النَّفسِ -فِطريَّةٌ أو مُكتَسَبةٌ- ذاتُ آثارٍ في السُّلوكِ مَحمودةٍ أو مَذمومةٍ) . وقد عَرَّف بَعضُ الباحِثينَ الأخلاقَ في نَظَرِ الإسلامِ بأنَّها عِبارةٌ عن (مَجموعةِ المَبادِئِ والقَواعِدِ المُنَظِّمةِ للسُّلوكِ الإنسانيِّ، التي يُحَدِّدُها الوَحيُ؛ لتَنظيمِ حَياةِ الإنسانِ، وتَحديدِ علاقَتِه بغَيرِه على نَحوٍ يُحَقِّقُ الغايةَ من وُجودِه في هذا العالَمِ على أكمَلِ وَجهٍ) . وأمَّا الأخلاقُ كعِلمٍ فقد عُرِّفت بعِدَّةِ تَعريفاتٍ، منها: 1- هو (عِلمٌ: مَوضوعُه أحكامٌ قِيَميَّةٌ تَتَعلَّقُ بالأعمالِ التي توصَفُ بالحُسنِ أوِ القُبحِ) . 2-وقيل هو: (عِلمٌ: يوضِّحُ مَعنى الخَيرِ والشَّرِّ، ويُبَيِّنُ ما يَنبَغي أن تَكونَ عليه مُعامَلةُ النَّاسِ بَعضِهم بَعضًا، ويَشرَحُ الغايةَ التي يَنبَغي أن يَقصِدَ إليها النَّاسُ في أعمالِهم، ويُنيرُ السَّبيلَ لِما يَنبَغي) .