موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- مِن أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ


1- قال عَمرُو بنُ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنه: (لا سُلطانَ إلَّا بالرِّجالِ، ولا رِجالَ إلَّا بمالٍ، ولا مالَ إلَّا بعِمارةٍ، ولا عِمارةَ إلَّا بعَدلٍ) .
2- عن عَمَّارٍ قال: (ثَلاثٌ مَن جَمعَهنَّ جَمعَ الإيمانَ: الإنصافُ مِن نَفسِك، والإنفاقُ مِنَ الإقتارِ، وبَذلُ السَّلامِ للعالَمِ) .
قال ابنُ هُبَيرةَ: (ولَمَّا كان الإيمانُ يقتَضي أن تَظهَرَ ثَمَرَتُه عِندَ القُدرةِ على الخَصمِ، فيقينُ الإيمانِ في إنصافِ الخَصمِ، بحَيثُ يَعودُ الإنسانُ ولا مُنتَصِفَ منه غَيرُ نَفسِه، فإذا أنصَفَ مِن نَفسِه ولم تَأخُذْه العَصَبيَّةُ لها على أخيه، كان ذلك آيةً مِن آياتِ الإيمانِ) .
3- وقال رِبعِيُّ بنُ عامِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه لرُستُمَ قائِدِ الفُرسِ لمَّا سَأله: ما جاءَ بكم؟ فقال: (اللهُ ابتَعَثنا لنُخرِجَ مَن شاءَ مِن عِبادةِ العِبادِ إلى عِبادةِ اللهِ، ومِن ضِيقِ الدُّنيا إلى سَعَتِها، ومِن جَورِ الأديانِ إلى عَدلِ الإسلامِ، فأرسَلَنا بدينِه إلى خَلْقِه لنَدعوَهم إليه، فمَن قَبِل ذلك قَبِلْنا منه ورَجَعْنا عنه، ومَن أبى قاتَلْناه حتَّى نَفيءَ إلى مَوعودِ اللهِ...) .
4- كتَبَ بَعضُ عُمَّالِ عُمَرَ بنِ عَبدِ العَزيزِ إليه: (أمَّا بَعدُ، فإنَّ مَدينَتَنا قد خَرِبَت، فإن رَأى أميرُ المُؤمِنينَ أن يقطَعَ لها مالًا يَرُمُّها به فَعَل). فكتَبَ إليه عُمَرُ: (أمَّا بَعدُ، فقد فَهِمتُ كِتابَك وما ذَكرتَ أنَّ مَدينَتَكم قد خَرِبَت، فإذا قَرَأتَ كِتابي هذا فحَصِّنْها بالعَدلِ، ونَقِّ طُرُقَها مِنَ الظُّلمِ؛ فإنَّه مَرَمَّتُها. والسَّلامُ) .
5- وكَتَب عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزيزِ لَمَّا وَليَ الخِلافةَ إلى الحَسَنِ البَصريِّ أن يكتُبَ إليه بصِفةِ الإمامِ العَدلِ، فكتَبَ إليه الحَسَنُ: (اعلَمْ يا أميرَ المُؤمِنينَ أنَّ اللهَ تعالى جَعل الإمامَ العَدلَ قِوامَ كُلِّ مائِلٍ، وقَصْدَ كُلِّ جائِرٍ، وصَلاحَ كُلِّ فاسِدٍ، وقوَّةَ كُلِّ ضَعيفٍ، ونَصَفةَ كُلِّ مَظلومٍ، ومَفزَعَ كُلِّ مَلهوفٍ...) .
6- (وخَطَب سَعيدُ بنُ سُوَيدٍ بحِمصَ، فحَمِدَ اللهَ وأثنى عليه، ثُمَّ قال: أيُّها النَّاسُ، إنَّ للإسلامِ حائِطًا مَنيعًا، وبابًا وثيقًا؛ فحائِطُ الإسلامِ الحَقُّ، وبابُه العَدلُ، ولا يزالُ الإسلامُ مَنيعًا ما اشتَدَّ السُّلطانُ، وليست شِدَّةُ السُّلطانِ قَتلًا بالسَّيفِ، ولا ضَربًا بالسَّوطِ، ولكِنْ قَضاءً بالحَقِّ، وأخذًا بالعَدلِ) .
7- وقال يوسُفُ بنُ أسباطٍ: (عَلامةُ حُسنِ الخُلُقِ عَشرُ خِصالٍ: قِلَّةُ الخِلافِ، وحُسنُ الإنصافِ، وتَركُ طَلَبِ العَثَراتِ، وتَحسينُ ما يبدو مِنَ السَّيِّئاتِ، والتِماسُ المَعذِرةِ، واحتِمالُ الأذى، والرُّجوعُ بالمَلامةِ على النَّفسِ، والتَّفرُّدُ بمَعرِفةِ عُيوبِ نَفسِه دونَ عُيوبِ غَيرِه، وطَلاقةُ الوَجهِ للصَّغيرِ والكبيرِ، ولُطفُ الكلامِ لمَن دونَه ولمَن فَوقَهـ) .
8- وقال ابنُ حَمدون: (العَدلُ شِيمةٌ تَستَوجِبُ الصِّفةَ بالكمالِ، ومَن أوتيَها مَلَك نَفسَه، ومَن مَلكَها نَجا، وقد نَدَبَ اللهُ عَزَّ وجَل إليه فِعلًا وقَولًا وخُلُقًا) .
9- وقال ابنُ حَزمٍ: (أفضَلُ نِعَمِ اللهِ تعالى على المَرءِ أن يَطبَعَه على العَدلِ وحُبِّه، وعلى الحَقِّ وإيثارِهـ) .
10- وقال ابنُ تيميَّةَ: (العَدلُ نِظامُ كُلِّ شَيءٍ، فإذا أُقيمَ أمرُ الدُّنيا بعَدلٍ قامَت، وإنْ لم يكُنْ لصاحِبها في الآخِرةِ مِن خَلاقٍ، ومَتى لم تَقُمْ بعَدلٍ لم تَقُمْ، وإن كان لصاحِبها مِنَ الإيمانِ ما يُجزى به في الآخِرةِ) .
11- وقال أيضًا: (وأُمورُ النَّاسِ تَستَقيمُ في الدُّنيا مَعَ العَدل الذي فيه الاشتِراكُ في أنواعِ الإثمِ أكثَرَ مِمَّا تَستَقيمُ مَعَ الظُّلمِ في الحُقوقِ وإن لم تَشتَرِكْ في إثمٍ؛ ولهذا قيل: إنَّ اللهَ يُقيمُ الدَّولةَ العادِلةَ وإن كانت كافِرةً، ولا يُقيمُ الظَّالمةَ وإن كانت مُسلمةً. ويُقالُ: الدُّنيا تَدومُ مَعَ العَدلِ والكُفرِ، ولا تَدومُ مَعَ الظُّلمِ والإسلامِ) .
12- وقال ابنُ القَيِّمِ: (ومَن له ذَوقٌ في الشَّريعةِ، واطِّلاعٌ على كمالِها وتَضَمُّنِها لغايةِ مَصالحِ العِبادِ في المَعاشِ والمَعادِ، ومَجيئِها بغايةِ العَدلِ الذي يسَعُ الخَلائِقَ، وأنَّه لا عَدلَ فوقَ عَدلِها، ولا مَصلحةَ فوقَ ما تَضَمَّنَته مِنَ المَصالحِ، تَبَيَّنَ له أنَّ السِّياسةَ العادِلةَ جُزءٌ مِن أجزائِها، وفرعٌ مِن فُروعِها، وأنَّ مَن أحاطَ عِلمًا بمَقاصِدِها، ووضَعَها مَوضِعَها، وحَسُنَ فهمُه فيها، لم يحتَجْ مَعَها إلى سياسةٍ غَيرِها البَتَّةَ.
فإنَّ السِّياسةَ نَوعانِ: سياسةٌ ظالمةٌ، فالشَّريعةُ تُحرِّمُها، وسياسةٌ عادِلةٌ تُخرِجُ الحَقَّ مِنَ الظَّالمِ الفاجِرِ، فهي مِنَ الشَّريعةِ، عَلِمَها مَن عَلِمَها، وجَهِلَها مَن جَهِلَها) .
12- وقال ابنُ القَيِّمِ أيضًا: (... إنَّ اللهَ سُبحانَه أرسَل رُسُلَه وأنزَل كُتُبَه؛ ليقومَ النَّاسُ بالقِسطِ، وهو العَدلُ الذي قامَت به الأرضُ والسَّمَواتُ، فإذا ظَهَرَت أماراتُ العَدلِ، وأسفرَ وَجهُه بأيِّ طَريقٍ كان، فثَمَّ شَرعُ اللهِ ودينُه، واللهُ سُبحانَه أعلَمُ وأحكَمُ وأعدَلُ أن يخُصَّ طُرُقَ العَدلِ وأماراتِه وأعلامَه بشَيءٍ، ثُمَّ ينفيَ ما هو أظهَرُ منها وأقوى دَلالةً وأبيَنَ أمارةً فلا يجعَلَه منها، ولا يحكُمَ عِندَ وُجودِها وقيامِها بموجِبِها، بل قد بَيَّنَ سُبحانَه بما شَرَعَه مِنَ الطُّرُقِ أنَّ مَقصودَه إقامةُ العَدلِ بَينَ عِبادِه، وقيامُ النَّاسِ بالقِسطِ، فأيُّ طَريقٍ استُخرِجَ بها العَدلُ والقِسطُ فهي مِنَ الدِّينِ وليست مُخالِفةً لهـ) .
13- وقال ابنُ مُفلحٍ: (وأقبِلْ على مَن يُقبِلُ عليك، وارفَعْ مَنزِلةَ مَن عَظُمَ لدَيك، وأنصِفْ حَيثُ يجِبُ الإنصافُ، واستَعِفَّ حَيثُ يجِبُ الاستِعفافُ، ولا تُسرِفْ فإنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الإسرافَ، وإن رَأيتَ نَفسَك مُقبِلةً على الخَيرِ فاشكُرْ، وإن رَأيتَها مُدبِرةً عنه فازجُرْ) .

انظر أيضا:

  1. (1) ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (1/33).
  2. (2) أخرجه البخاريُّ معَلَّقًا بصيغةِ الجزم في ((صحيحهـ)) (1/ 14)، وأخرجه موصولًا ابن أبي شيبة في ((مصنفهـ)) (11/48)، وابن حبان في ((روضة العقلاء)) (ص: 74)، وابن جرير الطبري في ((تهذيب الآثار - مسند عمر)) (194). ويُنظَر: ((تغليق التعليق)) لابن حجر (2/ 36).
  3. (3) ((الإفصاح عن معاني الصحاح)) (6/ 405).
  4. (4) رواه الطبري في ((التاريخ)) (2/401).
  5. (5) ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (5/ 305).
  6. (6) ((التذكرة الحمدونية)) (3/185).
  7. (7) ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (1/27).
  8. (8) يُنظَر: ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/71).
  9. (9) ((التذكرة الحمدونية)) (3/170).
  10. (10) ((الأخلاق والسير)) (ص: 90).
  11. (11) ((مجموع الفتاوى)) (28/146).
  12. (12) ((مجموع الفتاوى)) (28/146).
  13. (13) ((الطرق الحكمية)) (ص: 5).
  14. (14) ((الطرق الحكمية)) (ص: 19).
  15. (15) يُنظَر: ((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (4/315).