موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- من الشِّعرِ


1- قال الشَّافِعيُّ:
قالوا سَكَتَّ وقد خوصِمْتَ قُلتُ لهم
إنَّ الجوابَ لبابِ الشَّرِّ مِفتاحُ
والصَّمتُ عن جاهلٍ أو أحمَقٍ شَرَفٌ
وفيه أيضًا لصَونِ العِرضِ إصلاحُ
أمَا ترى الأُسودَ تُخشى وهْيَ صامِتةٌ
والكَلبُ يَخْسى لَعَمْري وهو نَبَّاحُ
2- وقال أيضًا:
وجدْتُ سُكوتي مَتْجَرًا فلَزِمْتُه
إذا لم أجِدْ رِبحًا فلَسْتُ بخاسِرِ
وما الصَّمتُ إلَّا في الرِّجالِ مَتاجِرٌ
وتاجِرُه يعلو على كُلِّ تاجِرِ
3- وقال آخَرُ:
قالوا نراك تُطيلُ الصَّمتَ قُلتُ لهم
ما طولُ صمتي من عِيٍّ ولا خَرَسِ
الصَّمتُ أحمَدُ في الحالينِ عاقبةً
عندي وأحسَنُ بي من مَنطِقٍ شَكِسِ
قالوا فأنت مُصيبٌ لستَ ذا خَطَأٍ
فقلتُ هاتوا أروني وَجهَ مُعتَبِسِ
أأفرِشُ البَزَّ فيمن ليس يَعرِفُه؟
أم أنثُرُ الدُّرَّ بَيْنَ العُميِ في الغَلَسِ
4- وقال آخَرُ:
متى تُطبِقْ على شفَتَيك تسلَمْ
وإن تفتَحْهما فقَلَّ الصَّوابا
فما أحَدٌ يُطيلُ الصَّمتَ إلَّا
سيأمَنُ أن يُذَمَّ وأن يُعابا
فقُلْ خيرًا أو اسكُتْ عن كثيرٍ
من القَولِ المُحِلِّ بك العِقابا
5- وأجادَ من قال:
مهلًا سُلَيمى أقِلِّي اللَّومَ أو فلِمِي
مَن أقعَدَتْه صُروفُ الدَّهرِ لم يَقُمِ
حَظِّي يَقصُرُ بي عن كُلِّ مَكرُمةٍ
 ولا تَقصُرُ بي عن نَيلِها هِمَمي
سألزَمُ الصَّمتَ ما دام الزَّمانُ كذا
وأمنَعُ الدَّهرَ مِن نُطقِ اللِّسانِ فَمي
إنْ لامني لائمٌ في الصَّمتِ قُلتُ له
حَبسُ الفتى نُطْقَه حِرزٌ من النَّدَمِ
6- وقال أبو جَعفَرٍ القُرَشيُّ:
استُرِ العِيَّ ما استطَعْتَ بصَمْتٍ
إنَّ في الصَّمتِ راحةً للصَّموتِ
واجعَلِ الصَّمتَ إن عَيِيتَ جوابًا
رُبَّ قولٍ جوابُه في السُّكوتِ
7- وقال آخَرُ:
إن كان يُعجِبُك السُّكوتُ فإنَّه
قد كان يُعجِبُ قَبْلَك الأخيارَا
ولئِنْ نَدِمتُ على سُكوتٍ مرَّةً
فلقد نَدِمتُ على الكلامِ مِرارَا
إنَّ السُّكوتَ سلامةٌ ولرُبَّما
زرَعَ الكلامُ عداوةً وضِرارَا
وإذا تقَرَّب خاسِرٌ من خاسِرٍ
زادَا بذاك خَسارةً وتَبارَا
8- وأنشَدَ الأبرَشُ:
ما ذلَّ ذو صَمتٍ وما من مُكثِرٍ
إلَّا يَزِلُّ وما يُعابُ صَموتُ
إن كان مَنطِقُ ناطِقٍ من فِضَّةٍ
فالصَّمتُ دُرٌّ زانه الياقوتُ
9- وقال آخَرُ:
وكُنْ رزينًا طويلَ الصَّمتِ ذا فِكرٍ
فإن نطَقْتَ فلا تُكثِرْ من الخُطَبِ
ولا تجِبْ سائِلًا من غيرِ تَرويةٍ
وبالذي عنه لم تُسأَلْ فلا تُجِبِ
10- قال أُحَيحةُ بنُ الجُلاحِ:
والصَّمتُ أجمَلُ بالفتى
ما لم يكُنْ عِيٌّ يَشينُه
والقَولُ ذو خَطَلٍ إذا
ما لم يكُنْ لُبٌّ يُعينه
11- وقال مُحرِزُ بنُ عَلقَمةَ:
لقد وارى المقابِرُ مِن شَريكٍ
كثيرَ تحلُّمٍ وقليلَ عابِ
صَموتًا في المجالِسِ غيرَ عَيٍّ
جديرًا حينَ يَنطِقُ بالصَّوابِ
12- وقال أبو العتاهيةِ:
واعمِدْ إلى صِدقِ الحديـ
 ــثِ فإنَّه أزكى فُنونِه
والصَّمتُ أجمَلُ بالفتى
من منطِقٍ في غيرِ حينِه
لا خيرَ في حَشوِ الكلا
مِ إذا اهتدَيْتَ إلى عُيونِه
13- وقال أحدُ الشُّعَراءِ:
أرى الصَّمتَ أدنى لبعضِ الصَّوابِ
وبعضَ التَّكَلُّمِ أدنى لعِيٍّ
14- وقال أبو العتاهيةِ:
إذا كنتَ عن أن تحسِنَ الصَّمتَ عاجِزًا
فأنت عن الإبلاغِ في القَولِ أعجَزُ
يخوضُ أناسٌ في المقالِ لِيُوجِزوا
وللصمَّتُ عن بعضِ المقالاتِ أوجَزُ
15- وقال آخَرُ:
قد أفلَحَ الصَّامِتُ السَّكوتُ
كلامُ راعي الكلامِ قُوتُ
ما كُلُّ نُطقٍ له جوابٌ
جوابُ ما يُكرَهُ السُّكوتُ
15- قال الشَّاعِرُ:
قد قُلتُ قولًا لم يُعَنَّفْ قائِلُه
الصَّمتُ حُكمٌ وقليلٌ فاعِلُه .
16- قال أعرابيٌّ:
عثَراتُ اللِّسانِ لا تُستَقالُ
وبأيدي الرِّجالِ تُجزى الرِّجالُ
فاجعَلِ العقلَ للِّسانِ عِقالًا
فشِرادُ اللِّسانِ داءٌ عُضالُ .
17- قال سُفيانُ بنُ عُيَينةَ مُتمَثِّلًا بشِعرِ أبي نُواسٍ:
خَلِّ جَنبَيك لرامِ
وامْضِ عنه بسَلامِ
مُتْ بداءِ الصَّمتِ خيرٌ
لك من داءِ الكلامِ
إنَّما السَّالمُ من ألجمَ
فاهُ بلِجامِ .
18- وأنشد أحمدُ بنُ يحيى:
وأنِّي إذا لم ألزَمِ الصَّمتَ طائعًا
فلا بدَّ منه مُكرَهًا غيرَ طائِعِ .
19- قال أبو العتاهيةِ:
وفي الصَّمتِ المُبلِّغِ عنك حُكمٌ
كما أنَّ الكلامَ يكونُ حُكمَا
إذا لم تحتَرِسْ من كُلِّ طَيشٍ
أسأتَ إجابةً وأسَأْتَ فَهْمَا .
20- قال أُسامةُ بنُ سُفيانَ البَجَليُّ:
ألم تَرَ أنَّ الصَّمتَ حِلمٌ وحِكمةٌ
قليلٌ على رَيبِ الحوادِثِ فاعِلُه .
21- قال بعضُهم:
عليك بما يَعْنيك من كُلِّ ما تَرى
وبالصَّمتِ إلَّا من جميلٍ تَقولُه .

انظر أيضا:

  1. (1) أي: يُطرَدُ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (1/ 65).
  2. (2) ((ديوان الإمام الشافعي)) (ص: 55).
  3. (3) ((ديوان الإمام الشافعي)) (ص: 65).
  4. (4) العي: الجهل. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (15/ 113).
  5. (5) أي: سَيِّئٍ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (6/ 112).
  6. (6) (عقلاء المجانين)) لابن حبيب النيسابوري (ص: 123)، ((حسن السمت في الصمت)) للسيوطي (ص: 102). والغَلَسُ: ظُلمةُ آخِرِ اللَّيلِ. يُنظَر: ((مختار الصحاح)) لزين الدين الرازي (ص: 228).
  7. (7) ((لباب الآداب)) لأسامة بن منقذ (ص: 277).
  8. (8) صروفُ الدَّهرِ: نوائِبُه ومَصائِبُه. يُنظَر: ((معجم اللغة العربية المعاصرة)) لأحمد مختار (2/ 1291).
  9. (9) ((حسن السمت في الصمت)) للسيوطي (ص: 118).
  10. (10) أي: الجهل. انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (15/ 113).
  11. (11) يُنظَر: ((الصمت)) لابن أبي الدنيا (ص: 300) (700)، ((الموشى)) للوشاء (ص: 7)، ((الرسالة المغنية)) لابن البناء (ص: 33) (12).
  12. (12) ((شعب الإيمان)) للبيهقي (7/ 91) رقم (4713). والتَّبارُ: الهلاكُ. يُنظَر: ((مختار الصحاح)) لزين الدين الرازي (ص: 44).
  13. (13) ((روضة العقلاء)) لابن حبان (ص: 44).
  14. (14) ((لباب الآداب)) لأسامة بن منقذ (1/ 276).
  15. (15) الخَطَلُ: الكلامُ الفاسِدُ الكثيرُ. ((القاموس المحيط)) للفيروز آبادي (ص: 993).
  16. (16) ((الفاضل)) للمبرد (ص: 7).
  17. (17) ((البيان والتبيين)) للجاحظ (1/ 29).
  18. (18) ((ديوان أبي العتاهية)) (ص: 449).
  19. (19) ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (2/190).
  20. (20) ((الموشى)) للوشاء (ص: 6).
  21. (21) ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (2/ 357).
  22. (22) ((الكشف والبيان)) للثعلبي (4/ 29).
  23. (23) أي: لا تُقالُ ولا تُنسى، والاستقالةُ: طَلَبُ الإقالةِ. يُقالُ: أقاله يُقيلُه إقالةً، وتقايُلًا: إذا فسخَا البيعَ، وعاد المبيعُ إلى مالكِه والثَّمَنُ إلى المشتري، إذا كان قد نَدِم أحَدُهما أو كِلاهما، وتكونُ الإقالةُ في البَيعةِ والعهدِ. يُنظَر: ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (4/ 134).
  24. (24) العِقالُ: حَبلٌ يُثنى به يَدُ البعيرِ إلى رُكبتَيه، فيُشَدُّ به. يُقالُ: عقَلْتُ البعيرَ أعقِلُه عقلًا: إذا شدَدْتَ يدَه بعِقالِه. يُنظَر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (1/ 159)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/ 72).
  25. (25) يُقالُ: شرَد البعيرُ شِرادًا: نفَر واستعصى وذهَب على وجهِه. يُنظَر: ((المحكم والمحيط الأعظم)) لابن سيده (8/ 25)، ((مختار الصحاح)) لزين الدين الرازي (ص: 163).
  26. (26) ((أدب المجالسة)) لابن عبد البر (ص: 92).
  27. (27) يُنظَر: ((الترغيب والترهيب)) لقوام السنة (2/ 346) رقم (1746)، ((أخبار الظراف والمتماجنين)) لابن الجوزي (ص: 155)، ((كنز الكتاب ومنتخب الأدب)) للبونسي (1/ 108). ونسب الجاحظُ الأبياتَ للحَسَنِ بنِ هانئٍ. يُنظَر: ((البيان والتبيين)) (2/ 52).
  28. (28) ((الأمالي)) لأبي علي القالي (2/ 128).
  29. (29) ((ديوان أبي العتاهية)) (ص: 402). ويُنظَر: ((جامع بيان العلم)) لابن عبد البر (1/ 553) رقم (922).
  30. (30) ((الحماسة)) للبحتري (ص: 451).
  31. (31) ((المجالسة)) للدينوري (7/ 334) رقم (3252).