رابعًا: فوائِدُ الصَّمتِ
للصَّمتِ المحمودِ فوائدُ عديدةٌ يعودُ نفعُها على الفردِ المتحَلِّي به، ومنها:
1- دليلُ كمالِ الإيمانِ، وحُسنِ الإسلامِ؛ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((المُسلِمُ مَن سَلِم المُسلِمون من لسانِه ويَدِهـ))
.
((المُسلِمُ)) أي: المُسلِمُ الكامِلُ الجامعُ لخصالِ الإسلامِ: مَن لم يُؤذِ مُسلِمًا بقولٍ ولا فِعلٍ
.
2- السَّلامةُ من العَطَبِ في المالِ والنَّفسِ والعِرضِ.
3- دليلُ حُسنِ الخُلُقِ وطهارةِ النَّفسِ.
4- يُثمِرُ محبَّةَ اللهِ، ثمَّ محبَّةَ النَّاسِ. (وقد قال بعضُ الصَّالحين: الزَمِ الصَّمتَ يَكسِبْك صفوَ المحبَّةِ، ويأمَنْك سوءَ المغبَّةِ، ويُلبِسْك ثوبَ الوَقارِ، ويَكْفِك مُؤنةَ الاعتذارِ)
.
5- سببٌ للفوزِ بالجنَّةِ، والنَّجاةِ من النَّارِ.
6- من أقوى أسبابِ التَّوقيرِ.
7- دليلٌ على الحكمةِ وكَمالِ العقلِ؛ قال
الحسَنُ البصريُّ: (كانوا يقولون: إنَّ لسانَ الحكيمِ مِن وراءِ قلبِه، فإذا أراد أن يقولَ يرجِعُ إلى قلبِه، فإن كان له قال، وإن كان عليه أمسَك، وإنَّ الجاهِلَ قَلبُه في طَرَفِ لسانِه، لا يرجِعُ إلى القَلبِ، فما أتى على لسانِه تكلَّم بهـ)
، وقال سَعدونَ الرَّازيُّ: (كنتُ مع حاتمٍ الأصَمِّ فكان يتكَلَّمُ فقَلَّ كلامُه، فقيل له في ذلك: قد كُنتَ تتكَلَّمُ فتنفَعُ النَّاسَ! فقال: إنِّي لا أحِبُّ أن أتكلَّمَ كَلِمةً قبلَ أن أستَعِدَّ جوابَها للهِ، فإذا قال اللهُ تعالى لي يومَ القيامةِ: لمَ قلتَ كذا؟ قلتُ: يا ربِّ، لكذا)
. وقال الحُكَماءُ: (إذا تمَّ العقلُ نَقَص الكلامُ)
.
8- يجمَعُ للإنسانِ لُبَّه.
9- الفراغُ للفِكرِ والذِّكرِ والعبادةِ، وقد قيل: (الصَّمتُ هو أوَّلُ العبادةِ)
.
10- السَّلامةُ من تَبِعاتِ القولِ في الدُّنيا ومن حسابِه في الآخرةِ؛ قال بعضُ السَّلَفِ: (واستَعِنْ على السَّلامةِ بطولِ الصَّمتِ في المواطِنِ)
. وقال
ابنُ عبَّاسٍ: (يا لِسانُ قُلْ فاغنَمْ، أو اسكُتْ واسلَمْ، قبلَ أن تندَمَ)
. وقيل: (الصَّمتُ آيةُ الفضلِ، وثمَرةُ العقلِ، وزَينُ العِلمِ، وعونُ الحِلمِ؛ فالزَمْه تلزَمْك السَّلامةُ)
.
وقيل لعُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ: (ما تقولُ في أهلِ صِفِّينَ؟ فقال: تلك دماءٌ طَهَّر اللهُ يدي منها، فلا أحِبُّ أن أخضِبَ لِساني بها)
.
وأنشَد بعضُهم:
وقُلِ الخَيرَ وإلَّا فاصمُتَنَّ
فإنَّه من لَزِم الصَّمتَ سَلِم
.
11- يَكسِبُ احترامَ الآخرين، ولا سيَّما عِندَ الجِدالِ والمنازعاتِ.
12- يساعِدُ على حُسنِ الإنصاتِ والاستماعِ.
13- يَكسِبُ صاحِبَه مهابةً وسكينةً ووقارًا.
14- العافيةُ، وأنشدوا في ذلك:
يموتُ الفتى من عَثرةٍ بلِسانِه
وليس يموتُ المرءُ من عَثرةِ الرِّجْلِ
فعَثرتُه من فيه ترمي برأسِه
وعَثرتُه بالرِّجلِ تَبْرى على مَهَلِ
.
15- تحصيلُ العِلمِ؛ قال أبو الذَّيَّالِ: (بالصَّمتِ تأخُذُ عِلمَ مَن هو أعلَمُ منك)
.
16- الاستغناءُ عن الاعتذارِ إلى الآخَرين.
17- سَترُ العيوبِ، قيل:
لسانُ المرءِ يُنبِئُ عن حِجاه
وعِيُّ المرءِ يَستُرُه السُّكوتُ
.
18- السَّلامةُ من آفاتِ اللِّسانِ والوقوعِ في الغَلَطِ، وقد قيل:
أنت من الصَّمتِ آمِنُ الزَّلَلِ
ومن كثيرِ الكلامِ في وَجَلِ
لا تَقُلِ القَولَ ثمَّ تُتبِعْه
يا ليتَ ما كنتُ قُلتُ لم أقُلِ
.
19- صلاحُ العَمَلِ؛ قال يونُسُ بنُ عُبَيدٍ: (ما مِنَ النَّاسِ أحدٌ يكونُ لِسانُه منه على بالٍ إلَّا رأيتُ ذلك صلاحًا في سائِرِ أعمالِهـ)
.