موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- نماذِجُ من الاعتِدالِ والوَسَطيَّةِ عِندَ السَّلَفِ رَضِيَ اللَّهُ عنهم


1- من نماذِجِ التَّوسُّطِ في جمعِ المالِ، أنَّ سعيدَ بنَ المُسَيِّبِ -وكان رأسًا في العِلمِ والعَمَلِ: (مات وتَرَك ألفينِ أو ثلاثةَ آلافِ دينارٍ، وقال: ما تركْتُها إلَّا لأصونَ بها ديني وحَسَبي)، وقال: (لا خيرَ فيمن لا يريدُ جمعَ المالِ مِن حِلِّه، يعطي منه حَقَّه، ويَكُفُّ به وَجْهَه عن النَّاسِ) .
2- قال عَطاءُ بنُ السَّائِبِ: (كان سعيدُ بنُ جُبَيرٍ يُبكينا، ثمَّ عسى ألَّا يقومَ حتَّى نَضحَكَ) .
3- قال أبو بكرِ بنُ الأنباريِّ: (كان أبو عُبَيدٍ القاسِمُ بنُ سَلامٍ يَقسِمُ اللَّيلَ أثلاثًا؛ فيُصَلِّي ثُلُثَه، وينامُ ثُلُثَه، ويُصَنِّفُ الكُتُبَ ثُلُثَهـ) .
- عن عبدِ رَبِّه بنِ هلالٍ قال: قال عبدُ المَلِكِ بنِ عُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ لأبيه وقد دخَل في القائلةِ: يا أبتِ على ما تقيلُ وقد تدارَكَت عليك المظالمُ، لعَلَّ الموتَ يُدرِكُك في منامِك وأنت لم تَقْضِ دأبَ نفسِك ممَّا ورد عليك! قال: فشَدَّد عليه، قال: فلمَّا كان اليومُ الثَّاني فَعَل به مِثلَ ذلك، قال عُمَرُ: (يا بُنَيَّ، إنَّ نفسي مَطيَّتي، وإنْ لم أرفُقْ بها لم تُبَلِّغْني، يا بُنَيَّ، لو شاء اللَّهُ عزَّ وجَلَّ أن يُنزِّلَ القُرآنَ جملةً واحِدةً لفَعَل، نزَّل الآيةَ بعدَ الآيةِ، يا بُنَيَّ إنِّي لم أجِدِ الحَقْحَقةَ تَرُدُّ إلى خيرٍ) .
قال ابنُ الجوزيِّ: (واعلَمْ -وفَّقك اللَّهُ تعالى- أنَّ البدَنَ كالمطِيَّةِ، ولا بُدَّ من عَلفِ المطِيَّةِ، والاهتمامِ به، فإذا أهمَلْتَ ذلك كان سببًا لوقوفِك عن السَّيرِ...، فالمطِيَّةُ إذا لم يُرفَقْ بها لم تَصِلْ براكبِها إلى المَنزِلِ، وليس مرادي بالرِّفقِ الإكثارَ من الشَّهَواتِ، وإنَّما أعني أخْذَ البُلغةِ الصَّالحةِ للبَدَنِ، فحينَئذٍ يصفو الفِكرُ، ويَصِحُّ العَقلُ، ويَقوى الذِّهنُ) .

انظر أيضا:

  1. (1) ((الحلية)) لأبي نعيم الأصبهاني (2/ 173).
  2. (2) ((تهذيب الكمال)) للمِزِّي (10/ 362).
  3. (3) ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (12/408).
  4. (4) ((الزهد)) لأحمد بن حنبل (1700). ويُنظَر: ((أنساب الأشراف)) للبلاذري (8/ 177).
  5. (5) ((صيد الخاطر)) لابن الجوزي (ص: 76، 96).