موسوعة الأخلاق والسلوك

خامسًا: مظاهِرُ وصُوَرُ السَّماحةِ


صورُ سماحةِ النَّفسِ ومظاهِرُها كثيرةٌ؛ فمنها:
1- السَّماحةُ في التَّعامُلِ مع الآخَرينَ:
ويكونُ ذلك بعَدَمِ التَّشديدِ، وعدَمِ الغِلظةِ في التَّعامُلِ مع الآخَرين، حتى ولو كان خادِمًا؛ فعن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((خدَمْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَشرَ سِنينَ، فما قال لي: أفٍّ، ولا: لمَ صنَعْتَ؟ ولا: ألَا صنَعْتَ؟)) .
2- السَّماحةُ في البيعِ والشِّراءِ:
وتكونُ السَّماحةُ في البيعِ والشِّراءِ بألَّا يكونَ البائِعُ مُغاليًا في الرِّبحِ، ومكثِرًا في المساوَمةِ، بل عليه أن يكونَ كريمَ النَّفسِ، وبالمقابِلِ على المشتري أيضًا أن يتساهَلَ، وأن يكونَ كريمًا مع البائِعِ، وخاصَّةً إذا كان فقيرًا.
3- السَّماحةُ في قضاءِ الحوائِجِ:
فإنَّ الذي يقضي حوائجَ النَّاسِ، فيُنَفِّسُ كُربتَهم ويُيَسِّرُ على مُعسِرِهم، يُيَسِّرُ اللهُ عنه في الدُّنيا والآخرةِ؛ فعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن نفَّس عن مُسلِمٍ كُربةً مِن كُرَبِ الدُّنيا نفَّس اللهُ عنه كُربةً مِن كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومَن يسَّر على مُعسِرٍ في الدُّنيا يسَّر اللهُ عليه في الدُّنيا والآخِرةِ، ومَن ستَر مُسلِمًا في الدُّنيا ستَره اللهُ في الدُّنيا والآخِرةِ، واللهُ في عَونِ العبدِ ما كان العبدُ في عونِ أخيه)) .
4- السَّماحةُ في الاقتضاءِ:
قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 280] .
قال السَّعديُّ: (وَإِنْ كَانَ المَدينُ ذُو عُسْرَةٍ لا يجِدُ وفاءً فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وهذا واجِبٌ عليه أن يُنظِرَه حتَّى يجِدَ ما يُوَفِّي به وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ إمَّا بإسقاطِها أو بعضِها) . فمِنَ السَّماحةِ في الاقتضاءِ أن يراعيَ حالَ المدينِ، وألَّا يطالِبَه بشِدَّةٍ وأمامَ النَّاسِ؛ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((من طَلَب حَقًّا فلْيَطلُبْه في عَفافٍ وافٍ أو غيرِ وافٍ)) . وفيه الأمرُ بحُسنِ المطالبةِ وإن قَبَض هذا الطَّالِبُ دونَ حَقِّه .
5- السَّماحةُ في العطاءِ، وقد كتَب طاهِرُ بنُ الحُسَينِ لابنِه عبدِ اللهِ كتابًا، لَمَّا ولاه المأمونُ الرَّقَّةَ ومِصرَ وما بينَهما، وفيه: (وإذا أعطَيتَ فأعْطِ بسَماحةٍ وطِيبِ نَفسٍ، والتَمِسِ الصَّنيعةَ والأجرَ غيرَ مُكَدِّرٍ ولا منَّانٍ؛ فإنَّ العطيَّةَ على ذلك تجارةٌ مُربحةٌ إن شاء اللَّهُ) .

انظر أيضا:

  1. (1) رواه البخاري (6038) واللفظ له، ومسلم (2309).
  2. (2) رواه مسلم (2699).
  3. (3) ((تيسير الكريم الرحمن)) (116).
  4. (4) رواه ابن ماجه (2421)، وابن حبان (5080)، والحاكم (2238) من حديثِ ابنِ عُمَرَ وعائشةَ رَضِيَ اللهُ عنهم. صحَّحه ابنُ حِبَّان، والحاكم على شرط البخاري، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2421)، وقوَّى إسناده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (5080).
  5. (5) ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (6/ 211).
  6. (6) ((تاريخ الرسل والملوك)) لابن جرير الطبري (8/ 590).