موسوعة الأخلاق والسلوك

ثالِثَ عَشَرَ: مسائِلُ مُتفَرِّقةٌ


الحَياءُ من الغرائِزِ فكيف جُعِل شُعبةً من شُعَبِ الإيمانِ؟
قال ابنُ حَجَرٍ: (فإن قيل: الحَياءُ من الغرائِزِ فكيف جُعِل شُعبةً من الإيمانِ؟
أجيبَ بأنَّه قد يكونُ غريزةً، وقد يكونُ تخَلُّقًا، ولكِنَّ استعمالَه على وَفقِ الشَّرعِ يحتاجُ إلى اكتسابٍ وعِلمٍ ونيَّةٍ؛ فهو من الإيمانِ لهذا، ولكونِه باعِثًا على فِعلِ الطَّاعةِ وحاجِزًا عن فِعلِ المعصيةِ) .
من مظاهِرِ قِلَّةِ الحَياءِ:
- المجاهَرةُ بالذُّنوبِ والمعاصي، وعَدَمُ الخوفِ من اللهِ.
- لُبسُ النِّساءِ الكاسياتِ العارياتِ الملابسَ التي تصِفُ الأجسامَ، أو الضَّيِّقةَ أو المفتوحةَ من الأعلى والأسفَلِ.
- حديثُ المرأةِ مع الرَّجُلِ الأجنبيِّ عندَ خُروجِها واختلاطِها به.
- التَّلفُّظُ والتَّفوُّهُ بالألفاظِ البذيئةِ والسَّيِّئةِ التي تجرَحُ الآخَرينَ.
- كلامُ الرَّجُلِ مع غيرِه بالأسرارِ الزَّوجيَّةِ والأمورِ الخاصَّةِ التي تحصُل بينَه وبينَ زوجتِه.
- كَشفُ العَوراتِ وعدَمُ سَترِها.
الانحِرافُ عن خُلُقِ الحَياءِ:
كُلُّ خُلُقٍ محمودٍ مُكتَنَفٌ بخُلُقَينِ ذميمَينِ، وهو وَسَطٌ بَينَهما، وطَرَفاه خُلُقانِ ذَميمانِ، والنَّفسُ متى انحرَفَت عن التَّوسُّطِ انحرَفَت إلى أحَدِ الخُلُقَينِ الذَّميمَينِ ولا بُدَّ؛ فإذا انحرَفَت عن خُلُقِ الحياءِ انحرَفَت إمَّا إلى قِحَةٍ وجُرأةٍ، وإمَّا إلى عَجزٍ وخَوَرٍ ومهانةٍ، بحيثُ يُطمِعُ في نفسِه عَدُوَّه، ويفوتُه كثيرٌ من مصالحِه، ويزعُمُ أنَّ الحامِلَ له على ذلك الحياءُ، وإنَّما هو المهانةُ والعَجزُ، وموتُ النَّفسِ .
وقال الجاحِظُ: (الحَياءُ: اسمٌ لمقدارٍ من المقاديرِ، ما زاد على ذلك المِقدارِ فسَمِّه ما أحبَبْتَ) .
الحَياءُ من صفاتِ اللهِ تعالى:
الحَياءُ صِفةٌ خَبَريَّةٌ ثابتةٌ للهِ عزَّ وجَلَّ بالكتابِ والسُّنَّةِ، و(الحَيِيُّ) من أسمائِه تعالى، وحَياءُ اللهِ سُبحانَه وَصفٌ يليقُ به، ليس كحَياءِ المخلوقين، الذي هو تغيُّرٌ وانكسارٌ يعتري الشَّخصَ عندَ خَوفِ ما يُعابُ أو يُذَمُّ، بل هو تَركُ ما لا يتناسَبُ مع سَعةِ رحمتِه، وكمالِ جُودِه وكَرَمِه، وعظيمِ عَفوِه وحِلمِه .

انظر أيضا:

  1. (1) ((فتح الباري)) لابن حجر (1/52). ويُنظَر: ((مجمع الأمثال)) لأبي الفضل الميداني (1/211).
  2. (2) ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/ 295).
  3. (3) ((البيان والتبين)) (1/ 177).
  4. (4) يُنظَر: ((صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة)) للسقاف (ص: 147).