موسوعة الأخلاق

نماذج في فِطْنَة الصَّحابة رضي الله عنهم


فِطْنَة أبي بكر رضي الله عنه:
عن ثابت عن أنس، قال: (لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب وأبو بكر رَدِيفه، وكان أبو بكر يعرف الطَّريق لاختلافه إلى الشَّام، فكان يمرُّ بالقوم، فيقولون: مَنْ هذا بين يديك يا أبا بكر، فيقول: هاد يهديني ) [3103] رواه أحمد (3/122) (12256)، وأبو يعلى (6/203) (3486). وصحَّح إسناده شعيب الأرناؤوط في تحقيق ((مسند أحمد)) (3/122).
- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم النَّاس، وقال:((إنَّ الله خيَّر عبدًا بين الدُّنْيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عند الله)) قال: فبكى أبو بكر، فعجبنا لبكائه، أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خُيِّر، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخَيَّر، وكان أبو بكر أعلمنا [3104] رواه البخاري (466) (3654).
قال ابن الجوزي: (هذا الحديث قد دلَّ على فِطْنَة أبي بكر، إذْ عَلِم أنَّ المخَيَّر هو رسول الله صلى الله عليه وسلم) [3105] ((كشف المشكل من حديث الصحيحين)) (3/ 146).
فِطْنَة عمر رضي الله عنه:
- عن أسلم عن أبيه قال: (قَدِمَت على عمر بن الخطَّاب حُلَلٌ من اليمن، فقسَّمها بين النَّاس، فرأى فيها حُلَّة رديئة، فقال كيف أصنع بهذه، إذا أعطيتها أحدًا، لم يقبلها إذا رأى هذا العيب فيها، قال: فأخذها فطواها، فجعلها تحت مجلسه، وأخرج طرفها، ووضع الحُلَل بين يديه، فجعل يقسم بين النَّاس، قال فدخل الزُّبير بن العوَّام، وهو على تلك الحال، قال: فجعل ينظر إلى تلك الحلَّة، فقال له: ما هذه الحلَّة؟ قال عمر: دع هذه عنك. قال: ما هيه؟ ما هيه؟ ما شأنها؟ قال: دعها عنك. قال: فأعطنيها. قال: إنَّك لا ترضاها. قال: بلى، قد رضيتها. فلمَّا توثَّق منه، واشترط عليه أن يقبلها ولا يردَّها، رمى بها إليه، فلمُّا أخذها الزُّبير ونظر إليها، إذا هي رديئة، فقال: لا أريدها. فقال عمر: هيهات، قد فرغت منها، فأجازها عليه، وأبى أن يقبلها منه) [3106] ((الأذكياء)) لابن الجوزي (ص 23).
- وعن جرير (عن عمر قال له -قال لجرير - والنَّاس يتحامون العراق وقتال الأعاجم-: سِر بقومك، فما قد غلبت عليه فلك ربعه، فلمَّا جُمِعت الغنائم -غنائم جلولا- ادعى جرير أنَّ له ربع ذلك كلِّه، فكتب سعد إلى عمر بذلك، فكتب عمر: صدق جرير قد قلت ذلك له، فإن شاء أن يكون قَاتَل هو وقومه على جُعْلٍ فأَعْطُوه جُعْلَه، وإن يكن إنَّما قاتل لله ولدينه ولحبيبه، فهو رجل من المسلمين، له ما لهم، وعليه ما عليهم. فلمَّا قَدِم الكتاب على سعد، أخبر جرير بذلك، فقال جرير: صدق أمير المؤمنين، لا حاجة لي به، بل أنا رجل من المسلمين) [3107] ((الأذكياء)) لابن الجوزي (ص 24).
فِطْنَة علي رضي الله عنه:
عن خنبش بن المعتمر: (أنَّ رجلين أتيا امرأة من قريش فاستودعاها مائة دينار، وقالا: لا تدفعيها إلى واحد منَّا دون صاحبه حتى نجتمع، فلبثا حولًا، فجاء أحدهما إليها، فقال: إنَّ صاحبي قد مات، فادفعي إليَّ الدَّنانير، فأبت، وقالت: إنَّكما قلتما لا تدفعيها إلى واحد منَّا دون صاحبه، فلست بدافعتها إليك، فثقل عليها بأهلها وجيرانها فلم يزالوا بها، حتى دفعتها إليه، ثم لبثت حولًا، فجاء الآخر فقال: ادفعي إليَّ الدَّنانير. فقالت: إنَّ صاحبك جاءني، فزعم أنَّك مِتَّ، فدفعتها إليه، فاختصما إلى عمر بن الخطَّاب، فأراد أن يقضي عليها، فقالت: أنشدك الله أن تقضي بيننا، ارفعنا إلى عليٍّ، فرفعهما إلى عليٍّ، وعرف أنهما قد مكرا بها، فقال: أليس قد قلتما لا تدفعيها إلى واحد منَّا دون صاحبه؟ قال: بلى. قال: فإنَّ مالك عندنا، فاذهب فجئ بصاحبك حتى ندفعهما إليكما) [3108] ((الأذكياء)) لابن الجوزي (ص 25).
فِطْنَة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ من الشَّجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنَّها مَثَل المسلم، فحدِّثوني ما هي؟ فوقع النَّاس في شجر البوادي، قال عبد الله: ووقع في نفسي أنَّها النَّخلة، فاستحييت. ثم قالوا: حدِّثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: فقال: هي النَّخلة. قال: فذكرت ذلك لعمر قال: لأن تكون قلت: هي النَّخلة. أحبُّ إليَّ من كذا وكذا )) [3109] رواه البخاري (131) ومسلم (2811).

انظر أيضا: