موسوعة الآداب الشرعية

فوائدُ


فائدةٌ: حُكمُ إفرادِ يومِ الجُمُعةِ بالصَّومِ
يُكرَهُ إفرادُ يومِ الجُمُعةِ بالصَّومِ إلَّا أن يوافِقَ ذلك صَومًا، مثلُ مَن يصومُ يومًا ويُفطِرُ يومًا، فيوافِقُ صومُه يومَ الجُمُعةِ [1153] وذهب إلى ذلك الشَّافِعيَّةُ، والحَنابِلةُ، وبعضُ الحَنَفيَّةِ، واختاره ابنُ القَيِّمِ، والشَّوكانيُّ، والشِّنقيطيُّ. ينظر: ((المجموع)) للنووي (6/436)، ((الفروع)) لابن مفلح (5/103)، ((حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح)) (ص: 426)، ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (3/174)، ((الدراري المضية)) للشوكاني (2/178)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (7/365). ونقل ابنُ المنذِرِ هذا القولَ عن أبي هُرَيرةَ، والزُّهريِّ، وإسحاقَ. ينظر: ((الإشراف)) (3/153). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن محمَّدِ بنِ عبَّادٍ، قال: ((سألتُ جابرًا رَضِيَ اللهُ عنه: نهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن صَومِ يومِ الجُمُعةِ؟ قال: نَعَم)) [1154] أخرجه البخاري (1984) واللفظ له، ومسلم (1143). .
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سمعْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((لا يصومَنَّ أحدُكم يومَ الجُمُعةِ، إلَّا يومًا قَبلَه أو بَعدَه)) [1155] أخرجه البخاري (1985) واللفظ له، ومسلم (1144).
3- عن جُوَيريةَ بنتِ الحارِثِ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دخل عليها يومَ الجُمُعةِ وهي صائمةٌ، فقال: أصُمْتِ أمسِ؟ قالت: لا، قال: تُريدينَ أن تصومي غدًا؟ قالت: لا، قال: فأفطِري)) [1156] أخرجه البخاري (1986). .
4- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تختَصُّوا ليلةَ الجُمُعةِ بقيامٍ من بينِ اللَّيالي، ولا تخصُّوا يومَ الجُمُعةِ بصيامٍ من بينِ الأيامِ، إلَّا أن يكونَ في صومٍ يصومُه أحَدُكم)) [1157] أخرجه مسلم (1144). .
فائدةٌ في حُكمِ قِراءةِ سُورةِ الكَهفِ يَومَ الجُمُعةِ:
جاء في فَضلِ قراءةِ سُورةِ الكَهفِ يومَ الجُمُعةِ عِدَّةُ أحاديثَ عن جماعةٍ من الصَّحابةِ، مرفوعةً وموقوفةً، ولا تخلو جميعُها من ضَعفٍ [1158] قال ابنُ حَجَرٍ: (وفي البابِ عن عليٍّ، وزيدِ بنِ خالدٍ، وعائشةَ، وابنِ عَبَّاسٍ، وابنِ عُمَرَ، وغيرِهم، بأسانيدَ ضعيفةٍ). يُنظر: ((فيض القدير)) (6/199). .
وأمثَلُها ما رُوِيَ عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ مَرفوعًا وموقوفًا [1159] والموقوفُ أرجَحُ وأصَحُّ من المرفوعِ، كما رَجَّح ذلك: النَّسائيُّ في ((السنن الكبرى)) (9829، 10723)، والدارقطني في ((العلل)) (2301)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (2220)، وابن القيم في ((زاد المعاد)) (1/466)، وقال الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ: (ورِجالُ الموقوفِ في طُرُقِه كُلِّها أتقَنُ من رجالِ المرفوعِ). يُنظر: ((فيض القدير)) للمناوي (6/199). : «من قرأ سورةَ الكَهفِ يومَ أو ليلةَ الجُمُعةِ، أضاء له من النُّورِ فيما بَينَه وبَينَ البَيتِ العتيقِ» [1160] أخرجه الدارمي (3450). .
 وفي لفظٍ: «إنَّ مَن قَرَأ سورةَ ‌الكَهفِ يومَ الجُمُعةِ أضاء له ‌مِنَ ‌النُّورِ ‌ما ‌بَينَ ‌الجُمُعتَينِ» [1161] أخرجه الحاكم في ((المستدرك)) (3392). وإسنادُ الموقوفِ على أبي سعيدٍ بتقييدِ فَضلِ قراءتِها بليلةِ الجُمُعةِ، مدارُه على أبي هاشمٍ، وقد رُوِيَ عنه على أوجُهٍ أقواها طريقان: الأوَّلُ: من روايةِ قَبيصةَ عن سُفيانَ عن أبي هاشِمٍ، وفي روايةِ قَبيصةَ عن سُفيانَ الثَّوريِّ كلامٌ معروفٌ، لا تصِحُّ معه روايتُه عنه. والثَّاني: من روايةِ هُشَيمٍ عن أبي هاشِمٍ. وهُشَيمٌ وإن كان ثقةً إلَّا أنَّه خالف في ذلك شُعبةَ وسفيانَ، فرَوَياه عن أبي هاشِمٍ بدونِ ذِكرِ الجُمُعةِ، هذا مع ما ورد من التَّشكيكِ في اتِّصالِها؛ فقد قال الإمامُ أحمدُ: (لم يسمَعْه هُشَيمٌ من أبي هاشمٍ)، فروايةُ شُعبةَ وسُفيانَ أرجَحُ من روايةِ هُشَيمٍ. يُنظر: ((شرح علل الترمذي)) لابن رجب، و((العلل ومعرفة الرجال - رواية عبد الله)) (2153). . ولا يَصِحُّ الحديثُ مرفوعًا ولا موقوفًا.
ومن المحَدِّثينَ مَن صَحَّح المرفوعَ، ومنهم من صحَّح الموقوفَ، وجمهورُ الفُقهاءِ على استحبابِ قِراءةِ سُورةِ الكَهفِ يومَ الجُمُعةِ [1162]  ذهب إلى ذلك جُمهورُ الفُقَهاءِ مِنَ الحَنَفيَّةِ والشَّافِعيَّةِ والحنابِلةِ. يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (2/164)، ((المجموع)) للنووي (4/548)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/43). واختاره ابنُ الحاجِّ من المالِكيَّةِ، وابنُ باز، وابنُ عثيمين. يُنظر: ((المدخل)) لابن الحاج (2/281)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (12/415)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/143). . قال الشَّافِعيُّ: (وأُحِبُّ قِراءةَ ‌الكَهفِ ليلةَ ‌الجُمُعةِ ويَومَها؛ لِما جاء فيها) [1163] ((الأم)) (1/239). ، ونصَّ الإمامُ أحمَدُ على استِحبابِ قِراءتِها [1164] يُنظر: ((الإنصاف)) للمرداوي (2/408). .


انظر أيضا: