موسوعة الآداب الشرعية

أربعٌ وعشرونَ: التَّصَدُّقُ يومَ الجُمُعةِ


يُستحَبُّ التَّصَدُّقُ يومَ الجُمُعةِ، والصَّدَقةُ فيه أعظَمُ مِن الصَّدقةِ في سائرِ الأيَّامِ [1141] قال ابنُ القيِّم في خواصِّ يومِ الجُمُعةِ -وهي ثلاثٌ وثلاثون-: (كان مِن هَديِه صلَّى الله عليه وسلَّم تعظيمُ هذا اليومِ وتشريفُه، وتخصيصُه بعباداتٍ يختصُّ بها عن غيرِه... الخامسةُ والعِشرونَ: أنَّ للصَّدقةِ فيه مَزيَّةً عليها في سائرِ الأيَّامِ، والصَّدقةُ فيه بالنِّسبةِ إلى سائرِ أيَّامِ الأسبوعِ كالصَّدقةِ في شهرِ رمضانَ بالنِّسبةِ إلى سائرِ الشُّهورِ. وشاهدتُ شيخَ الإسلامِ ابنَ تيميَّةَ قدَّس اللهُ رُوحَه إذا خرَج إلى الجُمعةِ يأخُذُ ما وجَد في البَيتِ مِن خُبزٍ أو غيرِه فيَتصدَّقُ به في طريقِه سرًّا، وسمِعتُه يقولُ: إذا كان اللهُ قد أمَرَنا بالصَّدقةِ بيْن يدَيْ مُناجاةِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فالصَّدقةُ بيْن يدَيْ مُناجاتِه تعالى أفضَلُ وأَوْلى بالفضيلةِ). ((زاد المعاد)) (1/ 363، 394). .
الدليل على ذلك مِنَ الآثارِ:
عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ الله عنهما، قال: (اجتمَع أبو هُرَيرةَ وكعبٌ، فقال أبو هُرَيرةَ: إنَّ في الجُمُعةِ لَساعةً لا يوافِقُها رجُلٌ مسلمٌ في صلاةٍ يَسألُ اللهَ خيرًا إلَّا آتاه إيَّاه، فقال كعبٌ: ألَا أُحَدِّثُكم عن يومِ الجُمُعةِ؟ إنَّه إذا كان يومُ الجُمُعةِ فزِعَتْ له السَّمواتُ والأرضُ والبحرُ والبَرُّ والجبالُ والشَّجرُ والخلائقُ كلُّها، إلَّا ابنَ آدَمَ والشَّيطانَ، وحفَّتِ الملائكةُ بأبوابِ المسجدِ، فيَكتُبون مَن جاء، الأوَّلَ فالأوَّلَ، حتَّى يَخرُجَ الإمامُ، فإذا خرَج الإمامُ طَوَوا صُحُفَهم، فمَن جاء بعدُ جاء لحقِّ اللهِ، ولِما كُتِب عليه، وحقٌّ على كلِّ حالمٍ أن يَغتسِلَ يَومَئذٍ كاغتِسالِه مِن الجنابةِ، والصَّدَقةُ فيه أعظَمُ مِن الصَّدقةِ في سائرِ الأيَّامِ، ولم تَطلُعِ الشَّمسُ ولم تَغرُبْ على يومٍ مِثلِ يومِ الجُمُعةِ.
قال ابنُ عبَّاسٍ: هذا حديثُ كعبٍ وأبي هُرَيرةَ، وأنا أرى إن كان لأهلِه طِيبٌ ليمَسّ منه) [1142] أخرجه عبد الرزاق (5558)، وابن أبي خيثمة في ((التاريخ)) (3662) واللفظ له صحح إسناده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((زاد المعاد)) (1/399). .

انظر أيضا: