موسوعة الآداب الشرعية

ثامنًا: عَدَمُ تَسجيلِ المُكالَماتِ أو إسماعِها للغَيرِ دونَ إذنِ ورِضا المُتَكَلِّمِ


يَحرُمُ تَسجيلُ مُكالَماتِ مَن لَم يَأذَنْ، وكَذا إسماعُ كَلامِه لغَيرِه، ومِن حَقِّ المُتَحَدِّثِ مَعَه أن يُستَأذَنَ قَبلَ فتحِ مُكَبِّرِ الصَّوتِ إذا كان مَعَ المُتَحَدِّثِ غَيرُه.
قال بكر أبو زيد: (أذيَّةُ المُسلمِ حَرامٌ، وتَخوُّنُه حَرامٌ، وهَتكُ حُرُماتِه حَرامٌ.
ومِن هذه الأذايا ما يَقَعُ في المهاتَفةِ، ومِنها:
الخيانةُ المُضاعَفةُ: لا يَجوزُ لمُسلمٍ يَرعى الأمانةَ ويُبغِضُ الخيانةَ أن يُسَجِّلَ كَلامَ المُتَكَلِّمِ دونَ إذنِه وعِلمِه، مَهما يَكُنْ نَوعُ الكَلامِ: دينيًّا أو دُنيَويًّا، كَفتوى أو مُباحَثةٍ عِلميَّةٍ أو ماليَّةٍ وما جَرى مَجرى ذلك... فإذا سَجَّلتَ مُكالمَتَه دونَ إذنِه وعِلمِه فهذا مَكرٌ وخَديعةٌ، وخيانةٌ للأمانةِ، وإن نَشَرتَ هذه المُكالَمةَ للآخَرينَ فهيَ زيادةٌ في التَّخَوُّنِ وهَتكِ الأمانةِ.
وإن فعَلتَ فَعلَتَك الثَّالثةَ -التَّصَرُّفَ في نَصِّ المُكالَمةِ بتَقطيعٍ وتَقديمٍ وتَأخيرٍ، ونَحوِ ذلك إدخالًا أو إخراجًا (دَبلَجة)- فالآنَ تَرتَدي الخيانةَ مُضاعَفةً، وتَسقُطُ على أُمِّ رَأسِك في "أُمِّ الخَبائِثِ" غَيرَ مَأسوفٍ على خائِنٍ.
ولذا ضَعُف التَّسجيلُ عن حُجِّيَّةِ الإثباتِ والحُكمِ قَضاءً إلى رُتبةِ القَرائِنِ.
والخُلاصةُ: أنَّ تَسجيلَ المُكالَمةِ هاتِفيَّةً أو غَيرَ هاتِفيَّةٍ دونَ عِلمِ المُتَكَلِّمِ وإذنِه فُجورٌ وخيانةٌ وجرحةٌ في العَدالةِ، ولا يَفعَلُها إلَّا الضَّامِرون في الدِّينِ والخُلُقِ والأدَبِ، لا سيَّما إن تَضاعَفت كَما ذُكِرَ. فاتَّقوا اللَّهَ عِبادَ اللهِ، ولا تَخونوا أماناتِكُم، ولا تَغدِروا بإخوانِكُم) [1] ((أدب الهاتف)) (ص: 27). .

انظر أيضا: