موسوعة الفرق

المَبحَثُ السَّادِسُ: المَقاماتُ والدَّوائِرُ في الطَّريقةِ النَّقشَبَنْديَّةِ


قال خالِدٌ البَغداديُّ النَّقشَبَنْديُّ: (اعلَمْ أنَّه بَعدَ مُراقَبةِ المَعيَّةِ مُراقَبةَ الأقربيَّةِ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق: 16] في الدَّائِرةِ الأولى من دَوائِرِ الوِلايةِ الكُبرى، وهنَّ ثَلاثُ دَوائِرَ ونِصفُ دائِرةٍ، وهو يُسَمَّى بالقَوسِ، ثمَّ في الدَّائِرةِ الثَّانيةِ والثَّالثةِ، والقَوسُ مُراقَبةُ المَحَبَّةِ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة: 54] الآية، وفي هذه الوِلايةِ الكُبرى -التي هي وِلايةُ الأنبياءِ- يَظهَرُ لصاحِبِ الإدراكِ الصَّحيحِ أحوالٌ غَيرُ الأحوالِ الأولى، ثمَّ في العناصِرِ الثَّلاثةِ غَيرِ عُنصُرِ التُّرابِ مُراقَبةُ مُسَمَّى الاسمِ الباطِنِ، وتُسَمَّى هذه الوِلايةُ بالوِلايةِ العُليا، ثمَّ مُراقَبةُ كَمالاتِ النُّبوَّةِ في عُنصُرِ التُّراب، ثمَّ كَمالاتُ الرِّسالةِ، ثمَّ كَمالاتُ أولي العَزمِ، ثمَّ مُراقَبةُ هَيئةِ الوَحدانيِّ، أي: الهَيئةِ الحاصِلةِ منَ اللَّطائِفِ العَشرةِ: خَمسةٌ من عالمِ الأمرِ، وهي: القَلبُ والرُّوحُ والسِّرُّ والخَفيُّ والأخفى.
وخَمسةٌ من عالمِ الخَلقِ، وهي: النَّفسُ النَّاطِقةُ والعناصِرُ الأربَعةُ، فإذا كَمَلتِ الكُلُّ تَصيرُ كأنَّها لطيفةٌ واحِدةٌ وتَصيرُ مَورِدَ الفيضِ. ثمَّ مُراقَبةُ الخَلَّةِ الإبراهيميَّةِ -يَعني مُراقَبةَ الذَّاتِ الأقدَسِ- باعتِبارِ كَونِها مَبدَأً للخَلَّةِ الإبراهيميَّةِ أوِ الحَقيقةِ الإبراهيميَّةِ، ثمَّ دائِرةُ المَحَبَّةِ الذَّاتيَّةِ، وهو المَقامُ الموسَويُّ ومُراقَبةُ الذَّاتِ باعتِبارِ كَونِها مَنشَأً للحَقيقةِ المُوسَويَّةِ أوِ المَحَبَّةِ الذَّاتيَّةِ. ثمَّ دائِرةُ المُحِبِّيَّةِ الذَّاتيَّةِ المَمزوجةِ بالمحبوبيَّةِ الذَّاتيَّةِ ومُراقَبةُ الذَّاتِ باعتِبارِ كَونِها مَنشَأً للحَقيقةِ المُحَمَّديَّةِ، ثمَّ دائِرةُ المَحبوبيَّةِ الصِّرفةِ ومُراقَبةِ الذَّاتِ باعتِبارِ كَونِها مَنشَأً للحَقيقةِ الأحمَديَّةِ، ثمَّ دائِرةُ الحُبِّ الذَّاتيِّ الصِّرفِ ومُراقَبةُ الذَّاتِ باعتِبارِ كَونِها مَنشَأً للحُبِّ الذَّاتيِّ الصِّرفِ، ثمَّ مَرتَبةُ التَّعيينِ وإطلاقِ حَضرةِ الذَّاتِ، ثمَّ حَقيقةُ الكَعبةِ الحَسناءِ، وهي عِبارةٌ عن ظُهورِ عَظَمةِ اللهِ تعالى وكِبريائِه، وهاهنا مُراقَبةُ الذَّاتِ باعتِبارِ مسجوديَّتِه لجَميعِ المُمكِناتِ، ثمَّ حَقيقةُ القُرآنِ وهي عِبارةٌ عن مَبدَأِ الوُسعةِ باعتِبارِ لا مِثليَّةَ الذَّاتِ العَليَّةِ، ومُلاحَظةُ أنَّها مَنشَأُ الحَقيقةِ القُرآنيَّةِ، ثمَّ حَقيقةُ الصَّومِ وحَقيقةُ الصَّلاةِ، وهما عِبارةٌ عن كَمالٍ وسَعةٍ لأمثليَّةِ حَضرةِ الذَّاتِ تعالى وتَقدَّسَ باعتِبارِ كَونِها مَنشَأً لحَقيقةِ الصَّومِ وحَقيقةِ الصَّلاةِ، وإطلاقُ التَّعبيرِ بالوُسعةِ في هاتَينِ الحَضرَتَينِ تولَّدَ من ضيقِ مَيدانِ العِباراتِ، وفي هذه الحَقائِقِ تِلاوةُ القُرآنِ المَجيدِ مُفيدةٌ للتَّرَقِّي، ثمَّ دائِرةُ المَعبوديَّةِ الصِّرفةِ باعتِبارِ مَعبوديَّتِها وحُصولِ السَّيرِ النَّظَريِّ لا القَدَميِّ الذي هو منَ المَقاماتِ العابِديَّةِ.
فهذه أسامي المَقاماتِ والمُراقَباتِ في الطَّريقةِ العَليَّةِ النَّقشَبَنْديَّةِ، وتَفصيلُها مُندَرِجٌ في المكتوباتِ المجدِّديَّةِ، ومَنِ اشتَغَل بالمُراقَباتِ في هذه المَقاماتِ يَجِدُ منها حظًّا، وبتَوجُّهِ الشَّيخِ المُرشِدِ تَحصُلُ التَّرقياتُ، واللهُ وليُّ التَّوفيقِ) [1222] ((مكتوبات حضرة مولانا خالد)) لصاحب زاده (ص: 156-160). .



انظر أيضا: