موسوعة الفرق

المَطلَبُ الخامِسُ: المُساواةُ بَينَ الرِّجالِ والنِّساءِ


ألقى عَبدُ البَهاءِ خُطبةً في مَنزِلِه في باريسَ سَنةَ 1911م، ومِمَّا جاءَ فيها: (جَميعُ الكائِناتِ المَوجودةِ على الأرضِ تَتَألَّفُ مِن ذُكورٍ وإناثٍ، ولا فرقَ بَينَ ذُكورِها وإناثِها. فإذا نَظَرْنا إلى عالَمِ النَّباتِ وجَدْنا ذُكورًا وإناثًا، ووجَدْنا أنَّ بَينَها مُساواةً، وأنَّه لا امتيازَ لفريقٍ على فريقٍ، بل إنَّها جَميعًا مُتَساويةٌ في جَميعِ الكَمالاتِ النَّباتيَّةِ. وكذلك إذا نَظَرْنا إلى عالَمِ الحَيوانِ فنَجِدُ ذُكورًا وإناثًا لا تَمايُزَ بَينَها، ونَرى أنَّها مُتَساويةٌ في جَميعِ المَراتِبِ ومُتَشارِكةٌ في جَميعِ الوظائِفِ الحَيوانيَّةِ. ولَكِنْ عِندَما نَنظُرُ إلى عالَمِ الإنسانِ فإنَّنا نَرى تَفاوُتًا، فنَعجَبُ لهذا التَّفاوُتِ، أهو خَلقيٌّ أم بسَبَبِ التَّربيةِ؟ ونَتَساءَلُ: هل جِنسُ الذُّكورِ مُمتازٌ عن جِنسِ الإناثِ واللَّهُ خَلقهما دونَ تَفاوُتٍ؟ ولماذا وُجِدَ هذا التَّفاوُتُ؟ لا رَيبَ أنَّه ناتِجٌ عنِ التَّربيةِ. فلَو تَرَبَّتِ النِّساءُ مِثلَ تَربيةِ الرِّجالِ لَأصبَحنَ مِثلَ الرِّجالِ، بل لَفُقْنَهم في الإحساساتِ والمَشاعِرِ. فقُلوبُ النِّساءِ أرَقُّ مِن قُلوبِ الرِّجالِ، ولَكِنَّ النِّساءَ تخَلَّفنَ لأنَّهنَّ حتَّى الآنَ لم يفُزْنَ بالتَّربيةِ، فيجِبُ أن تَتَرَبَّى النِّساءُ كما يتَرَبَّى الرِّجالُ، ولا شَكَّ أنَّهن يصِلنَ إلى دَرَجةِ الرِّجالِ) [3949] الموقع الإلكتروني البهائي ((بحر الأنوار)). .
وجاءَ في إحدى مَنشوراتِ الجامِعةِ البَهائيَّةِ العالَميَّةِ على مَوقِعِهم: (المُساواةُ بَينَ الجِنسَينِ هي قانونٌ عامٌّ مِن قَوانينِ الوُجودِ؛ حَيثُ لا يوجَدُ امتيازٌ جوهَريٌّ لجِنسٍ على آخَرَ، لا على مُستَوى الحَيوانِ ولا على مُستَوى النَّباتِ. والظَّنُّ قديمًا بعَدَمِ كفاءةِ المَرأةِ ليس إلَّا شُبهةً مَرجِعُها الجَهلُ وتَفوُّقُ الرَّجُلِ في قواه العَضَليَّةِ.
عَدَمُ اشتِراكِ المَرأةِ في الماضي اشتِراكًا مُتَكافِئًا مَعَ الرَّجُلِ في شُؤونِ الحَياةِ، لم يكُنْ أمرًا أملَتْه طَبيعَتُها بقدرِ ما بَرَّرَه نَقصُ تَعليمِها وقِلَّةُ مِرانِها، وأعباءُ عائِلَتِها، وعُزوفُها عنِ النِّزالِ والقِتالِ. أمَا وقد فُتِحَتِ اليومَ أبوابُ التَّعليمِ أمامَ المَرأةِ، وأُتيحَ لها مَجالُ الخِبرة بمُساواةٍ مَعَ الرَّجُلِ، وتَهَيَّأتِ الوسائِلُ لإعانَتِها في رِعايةِ أُسرَتِها، وأضحى السَّلامُ بَينَ الدُّوَلِ والشُّعوبِ ضَرورةً تَقتَضيها المُحافظةُ على المَصالحِ الحَيويَّةِ للجِنسِ البَشَريِّ، لم يَعُدْ هناك لزومٌ لإبقاءِ امتيازِ الرَّجُلِ بَعدَ زَوالِ عِلَّتِه وانقِضاءِ دَواعيه. إنَّ تَحقيقَ المُساواةِ بَينَ عُضوَي المُجتَمَعِ البشريِّ يُتيحُ الاستِفادةَ التَّامَّةَ مِن خَصائِصِهما المُتَكامِلةِ، ويُسرِعُ بالتَّقدُّمِ الاجتِماعيِّ والسِّياسيِّ، ويُضاعِفُ فُرَصَ الجِنسِ البَشَريِّ لبُلوغِ السَّعادةِ والرَّفاهيةِ).
والحَقُّ أنَّ الدَّعوةَ إلى مُساواةِ النِّساءِ بالرِّجالِ دَعوةٌ مُخالِفةٌ للفِطرةِ وللشَّرائِعِ السَّماويَّةِ كُلِّها، وقد تَناقَض البَهائيُّونَ فيها كثيرًا؛ إذ فرَّقوا بَينَ الرَّجُلِ والمَرأةِ في كثيرٍ مِنَ الأحكامِ والتَّعامُلاتِ، ومِن ذلك الإرثُ، فقال البَهاءُ: (وجعَلْنا الدَّارَ المَسكونةَ والألبِسةَ المَخصوصةَ للذَّرِّيَّةِ مِنَ الذُّكرانِ دونَ الإناثِ والوُرَّاثِ، إنَّه لهو المُعطي الفيَّاضُ) [3950]((الأقدس)) (ص: 16). .
إنَّ المُعطَي الفيَّاضَ -بزعمِهم- قد حَرَمَ الإناثَ مِنَ الدَّارِ والألبِسةِ، مَعَ مُساواتِهنَّ بالذُّكرانِ بزَعمِهم! فأينَ ذَهَبَتِ المُساواةُ التي يُنادونَ بها بَينَ الرِّجالِ والنِّساءِ؟ ثُمَّ أليسَت هذه التَّفرِقةُ هي نَفسُها التي كانت في الجاهليَّةِ مِن تَحريمِ بَعضِ الأشياءِ على النِّساءِ وإباحَتِها للرِّجالِ؟ مِثلُ ما أخبَرَ اللَّهُ في القُرآنِ مِن تَحريمِ بَعضِ اللُّحومِ على الإناثِ وإباحَتِها للذُّكورِ فقط؛ تخرُّصًا بغَيرِ دَليلٍ [3951] يُنظر: ((البهائية نقد وتحليل)) لظهير (ص: 143). .
وقال البَهاءَ أيضًا: (قد حَكمَ اللَّهُ لمَنِ استَطاعَ مِنكم حَجَّ البَيِ، دونَ النِّساءِ، عَفا اللَّهُ عنهنَّ رَحمةً مِن عِندِه، إنَّه لهو المُعطي الوهَّابُ) [3952] ((الأقدس)) (ص: 18). .
والشَّريعةُ الإسلاميَّةُ أوجَبَتِ الحَجَّ على المَرأةِ كما أوجَبَته على الرَّجُلِ، مَعَ أنَّ حَجَّ البَهائيَّةِ مُجَرَّدُ نُزهةٍ وزيارةٍ للبَيتِ الذي كان يسكُنُه الشِّيرازيُّ أوِ البَهاءُ، وليس فيه أدنى مَشَقَّةٍ!
ومِنَ الأُمورِ التي فرَّقوا فيها بَينَ المَرأةِ والرَّجُلِ ما ورَدَ في قَولِ البَهاءِ: (قد عَفا اللَّهُ عنِ النِّساءِ -حينَما يجِدْنَ الدَّمَ- الصَّومَ والصَّلاةَ، ولهنَّ أن يتَوضَّأنَ ويُسَبِّحنَ خمسًا وتِسعينَ مَرَّةً مِن زَوالٍ إلى زَوالٍ: سُبحانَ اللَّهِ ذي الطَّلعةِ والجَمالِ، هذا ما قُدِّرَ في الكِتابِ إن أنتُم مِنَ العالِمينَ) [3953] ((الأقدس)) (ص: 9). .

انظر أيضا: