موسوعة الفرق

المَطلَبُ الرَّابعُ: السَّلامُ العالَميُّ


يظُنُّ البَهائيُّونَ أنَّهم همُ الذين تَزَعَّموا الدَّعوةَ إلى السَّلامِ العالَميِّ، وتَركِ الحُروبِ والتَّعايُشِ الهادِئِ بَينَ الأُمَمِ حينَ مَنَعوا حَملَ السِّلاحِ وأوجَبوا تَقديمَ السَّمعِ والطَّاعةِ للحُكَّامِ أيًّا كان مَذهَبُهم، وليس فقَط تَحريمَ الحُروبِ، بل كُلَّ مُقدِّماتِه كذلك مِنَ النِّزاعِ والجِدالِ والخِصامِ وغَيرِ ذلك.
قال البَهاءُ: (قد نَهَيناكم عنِ النِّزاعِ والجِدالِ نهيًا عظيمًا). وقال أيضًا: (لأن تُقتَلوا خَيرٌ مِن أن تَقتُلوا). وقال أيضًا: (لا يجوزُ رَفعُ السِّلاحِ ولو للدِّفاعِ عنِ النَّفسِ) [3944] يُنظر: ((بهاء الله والعصر الجديد)) لأسلمنت (ص: 123)، نقلًا عن ((البهائية نقد وتحليل)) لإحسان ظهير (ص: 125). .
ومِن هنا قال أحَدُ زُعَمائِهم في مِصرَ: إنَّ الدَّولةَ لو أجبَرَته على حَملِ السِّلاحِ في مواجَهةِ إسرائيلَ فإنَّه سيُطلقُه في الهَواءِ؛ لأنَّ ذلك هو شِعارُ البَهائيِّينَ [3945] يُنظر: ((قراءة في وثائق البهائية)) لعائشة عبد الرحمن (ص: 93). .
لقد قادَ البَهاءُ وأتباعُه حَملةً لإبطالِ قِتالِ الكُفَّارِ أيًّا كانوا، أو حتَّى مُجَرَّدَ النِّيَّةِ في ذلك، وهذا بلا شَكٍّ يصُبُّ في مَصلَحةِ الرُّوسِ والإنجِليزِ واليهودِ، فيبسُطونَ نُفوذَهم دونَ مُقاوَمةٍ أوِ احتِجاجٍ مِنَ النَّاسِ -وخصوصًا المُسلمينَ-؛ لأنَّ الشَّريعةَ الجَديدةَ -كما يزعُمُ- تَأمُرُ بهذه الطَّاعةِ، وتَنهى عن رَفعِ السِّلاحِ في وُجودِ أيِّ جِنسٍ مِنَ النَّاسِ مَهما كان دينهُم. وهذا يكشِفُ بدَورِه مُساعَدةَ الطَّامِعينَ في استِعمارِ البُلدانِ الإسلاميَّةِ والعَرَبيَّةِ، في بناءِ البَهائيَّةِ وتَأييدِها والدِّفاعِ عنها.
قال البَهاءُ: (حَرُم عليكم حَملُ آلاتِ الحَربِ إلَّا حينَ الضَّرورةِ، وأُحِلَّ لكم لِباسُ الحَريرِ).
وقال أيضًا: (البِشارةُ الأولى التي مُنِحَت مِن أُمِّ الكِتابِ في هذا الظُّهورِ الأعظَمِ مَحوُ حُكمِ الجِهادِ مِنَ الكِتابِ) [3946] يُنظر: ((فرق معاصرة)) لعواجي (2/685 - 689)، ((البابية والبهائية - تاريخًا وعقيدة)) لمحمد حسن إسماعيل (ص: 531). .
وقد أكَّدَ البَهائيُّ جون أسلمنت هذا الجانِبَ، فقال: (إنَّ البَهائيِّينَ تَرَكوا بالكُلِّيَّةِ استِعمالَ الأسلِحةِ النَّاريَّةِ حتَّى في أُمورِ الدِّفاعِ المَحضةِ، وذلك بناءً على أمرٍ صَريحٍ مِن بَهاءِ اللَّهِ) [3947] يُنظر: ((قراءة في وثائق البهائية)) لعائشة عبد الرحمن (ص: 95). .
وقد أصدر بَيتُ العَدلِ الأعظَمُ البَهائيُّ في سَنةِ 1985م بَيانًا طَويلًا موجَّهًا إلى عُمومِ الجِنسِ البَشَريِّ يتَناولُ مَوضوعَ السَّلامِ العالَميِّ، بعُنوانِ (السَّلامُ العالَميُّ وَعدٌ حَقٌّ). ومِمَّا جاءَ فيه التَّصريحُ بأنَّ السَّلامَ ليس سِوى وسيلةٍ لهَدَفٍ أعظَمَ، وهو اتِّحادُ شُعوبِ العالَمِ كُلِّه في أُسرةٍ عالَميَّةٍ واحِدةٍ.
والبَهائيُّونَ يُصَرِّحونَ بأنَّ الإيمانَ الرَّاسِخَ بالانتِماءِ إلى أُسرةٍ إنسانيَّةٍ واحِدةٍ هو مِن صَميمِ الدِّينِ البَهائيِّ، وأنَّ مَبدَأَ وَحدةِ الجِنسِ البَشَريِّ هو المِحورُ الذي تَدورُ حَولَه جَميعُ تَعاليمِ بهاءِ اللَّهِ، وأنَّ القَبولَ بوَحدةِ الجِنسِ البَشَريِّ يتَطَلَّبُ القَضاءَ الكُلِّيَّ على التَّعَصُّبِ، سَواءٌ كان عِرقيًّا أم دينيًّا، أم ذا صِلةٍ بنَوعِ الجِنسِ. وقد ذَكرَ عبدُ البهاءِ أنَّ جَميعَ البَشَرِ مَشمولونَ بألطافِ الرَّبِّ الجَليلِ الأكبَرِ، وهم عِبادُ اللَّهِ الواحِدِ، ويتَرَعرَعونَ في ظِلِّ رُبوبيَّتِه، وهي التي شَمِلَتهم جَميعًا بالرَّحمةِ؛ لهذا يجِبُ رُؤيةُ جَميعِ الطَّوائِفِ والمِلَلِ على اعتِبارِ أنَّ بَعضَها إخوَّةٌ لبَعضٍ، وأنَّهم أغصانٌ وأوراقٌ وبَراعِمُ وأثمارٌ لشَجَرةٍ واحِدةٍ [3948] ((الموقع الإلكتروني للجامعة البهائية حول العالم)). .

انظر أيضا: