موسوعة الفرق

المَبحَثُ الخامِسُ: حُكمُ البَهائيَّةِ والانتِماءِ إليها


أحَدَثَتِ الدَّعوى التي خَرَجَ بها البابُ الشِّيرازيُّ على المُجتَمَعِ الشِّيعيِّ رِدَّةَ فِعلٍ شَديدةً على كُلِّ المُستَوياتِ؛ مِمَّا جَعَلَ البابَ يعيشُ كُلَّ سِني حَياتِه الأخيرةِ مُطارَدًا مُحارَبًا إلى أن تَمَّ إعدامُه. فأوَّلُ ما قامَ به أُمَراءُ بَلدَتِه التي أظهَرَ دَعوتَه بها أن عَقدوا له اجتِماعًا مَعَ العُلَماءِ لمُناظَرَتِه في دَعواه تلك التي تُخالفُ عَقيدةَ الإسلامِ، وتَفتَحُ بابًا قد سُدَّ بخاتَمِ النَّبيِّينَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [3954] ((خفايا الطائفة البهائية)) لأحمد عوف (ص: 40)، ((البهائية سراب)) للنوري (ص: 28، 29). ، وكان مِن نَتيجةِ ذلك الاجتِماعِ أن اختَلَف العُلَماءُ في أمرِه؛ فمِنهم مَن حَكَمَ بكُفرِه وقَتلِه، ومِنهم مَن شَكَّ في فِكرِه وعَقلِه ورَأى أنَّه مَعتوهٌ مَجنونٌ، وهو بذلك مَرفوعٌ عنه القَلَمُ، فمالَ الوالي إلى هذا الرَّأيِ الأخيرِ، ثُمَّ تَكرَّرَت عَمَليَّةُ الاجتِماعاتِ والمُناقَشاتِ حتَّى نُفِّذَ فيه أخيرًا حُكمُ الإعدامِ بناءً على فتوى العُلَماءِ بوُجوبِ قَتلِه وإهدارِ دَمِه؛ مِن حَيثُ مُروقُه مِنَ الإسلامِ ومُجاهَرَتُه بالكُفرِ ومُحارَبَتُه للَّهِ ورَسولِه، ومَكرُه السَّيِّئُ بالمُسلمينَ، وكان ذلك عامَ 1265م رميًا بالرَّصاصِ، وهكذا انتَهَت حَياتُه البائِسةُ بَعدَ أن أحدَثَ في الإسلامِ ثُلمةً لا تَزالُ قائِمةً إلى اليومِ مُتَمَثِّلةً في فِرقةِ البَهائيَّةِ!
بعضُ فتاوى عُلَماءِ المُسلمينَ في البَهائيَّةِ ومَن يَدينُ بها:
1- قال مُحَمَّد رَشيد رِضا: (بَيَّنَّا في المَنارِ مِرارًا أنَّ البَهائيَّةَ قدِ انتَحَلوا دينًا جديدًا في هذا العَصرِ، وأنَّ دينَهم أبعَدُ عنِ الإسلامِ مِن دينِ اليهودِ؛ لأنَّ دينَ اليهودِ دينُ التَّوحيدِ الذي هو أساسُ الإسلامِ، وأساسُ دينِ البَهائيَّةِ وثَنيٌّ مادِّيٌّ، وهم يعبُدونَ والدَ زَعيمِهم عَبَّاس أفندي المُلَقَّبِ بـ«عَبْدِ البَهاءِ»، وما هذه اللُّقُبُ إلَّا عُنوانُ القَولِ بأُلوهيَّةِ البَهاءِ. ولهم شَريعةٌ مُلَفَّقةٌ مِنَ الأديانِ المُختَلِفةِ، وفلسَفتُها هي عَينُ فلسَفةِ سَلَفِهم مِن فِرَقِ الباطِنيَّةِ، الذين حارَبوا الإسلامَ بالدَّسائِسِ التي اختَرَعَتها لهم جَمعيَّاتُ المَجوسِ السِّرِّيَّةُ لإفسادِ أمرِ المُسلمينَ، وإزالةِ مُلكِهم انتقامًا للمَجوسيَّةِ التي أبطَلها الإسلامُ.
ألَا وإنَّ ميرزا حُسَين المُلَقَّبَ بالبَهاءِ هو وولَدُه الدَّاهيةُ عَبَّاس أفندي قد جَعَلا تنقيحًا جديدًا لما دَعا إليه الأبلَهُ الثَّرثارُ ميرزا مُحَمَّد علي، الذي اشتَهَرَ بلَقَبِ «الباب»، وإنَّما مَهَّد السَّبيلَ لدَعوتِه في بلادِ الفُرسِ بدعةُ الشَّيخيَّةِ، الذين هم أكبَرُ المُفسِدينَ في الشِّيعةِ الإماميَّةِ، وسنَنشُرُ في المَنارِ شَيئًا مِن فلسَفتِهمُ الخَياليَّةِ التي انتَزَعوها مِن أباطيلِ الباطِنيَّةِ، وزَفُّوها في مَعرِضِ الأساليبِ الصُّوفيَّةِ.
وجُملةُ القَولِ: إنَّ دينَ البَهائيَّةِ دينٌ مُختَرَعٌ، افتَراه البابُ المَخدوعُ، ونَقَّحَه بتَمادي الزَّمانِ الباقِعةُ عَبَّاس أفندي، وهو أضَرُّ على الإسلامِ مِن كُلِّ دينٍ في الأرضِ؛ لأنَّ أهلَه يسلُكونَ في الدَّعوةِ إليه مَسلَكَ سَلَفِهمُ الطَّالحِ في مُخادَعةِ عَوامِّ المُسلمينَ، وإيهامِهم أنَّهم يُصلِحونَ لهم دينَهم، واحتِجاجِهم بالشُّبُهاتِ التي يُحَرِّفونَ بها القُرآنَ والأحاديثَ بالتَّأويلاتِ البَعيدةِ، فهم أكبَرُ فِتنةٍ على المُسلمينَ في هذا العَصرِ، ولا سيَّما على الشِّيعةِ؛ لأنَّ الغُلوَّ في التَّشَيُّعِ سُلَّمٌ للباطِنيَّةِ؛ ولهذا كان يقولُ بَعضُ العُلَماءِ: «ائتِني برافِضيٍّ كبيرٍ أُخرِجْ لك مِنه باطنيًّا صغيرًا، وائتِني بباطِنيٍّ كبيرٍ أُخرِجْ لك زِنديقًا كبيرًا».
فمَن عَرَف دينَ البَهائيَّةِ مِنَ المُسلمينَ ومَدَحَه واستَحسَنَه وشَهِدَ بكونِه حقًّا أو إصلاحًا للإسلامِ، وكونِه هو أو زَعيمِه معصومًا لا يأتيه الباطِلُ مِن بَينِ يدَيه ولا مِن خَلفِه، كان بذلك مرتدًّا عنِ الإسلامِ وإن زَعم أنَّه مُسلمٌ؛ فهو زِنديقٌ مُنافِقٌ كسائِرِ الباطِنيَّةِ إذا كانوا ضُعَفاءَ بَينَ المُسلمينَ) [3955] ((فتاوى محمد رشيد رضا)) (ص: 1127). ويُنظر: ((مجلة المنار)) (17/178). .
2- في بَيانٍ للأزهَرِ الشَّريفِ جاءَ فيه: (في مِصرَ صَدَرَتِ الفتاوي مِن عُلَماءِ الإسلامِ، والأحكامُ مِن جِهاتِ القَضاءِ المُختَلفةِ، ثُمَّ الفتاوي القانونيَّةُ المُتَعاقِبةُ، وكُلُّ أولئك قد أثَّموا هذا المَذهَبَ وحَكموا ببُطلانِه.
ثُمَّ صَدَرَ القَرارُ الجُمهوريُّ الذي حَظَرَ نَشاطَ البَهائيَّةِ دونَ أن يُجَرِّمَها بعِقابٍ رادِعٍ... إنَّ هذا المَذهَبَ البَهائيَّ وأمثالَه مِن نَوعيَّاتِ الأوبئةِ الفِكريَّةِ الفتَّاكةِ التي يجِبُ أن تُجَنِّدَ الدَّولةُ كُلَّ إمكاناتِها لمُكافحَتِه والقَضاءِ عليه؛ إذ إنَّ عَقيدةَ الإسلامِ وصيانَتَها لا تَقِلُّ -في مَرتَبَتِها- عن حِمايةِ الأجسادِ مِنَ الأوبئةِ المَرَضيَّةِ التي تُسارِعُ الدَّولةُ لعِلاجِها بالحَزمِ والحَسمِ، بل العَقيدةُ أَولى؛ لأنَّ في صِحَّتِها نَقاءَ الحَياةِ وعِبادةَ اللَّهِ) [3956] ((فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف في البهائية والقاديانية)) (ص: 39، 40). .
3- قال شَيخُ الأزهَرِ ومُفتي الدِّيارِ المِصريَّةِ سابقًا جاد الحَق عَلي جاد الحَق: (مُجمَلُ القَولِ في هذا المَذهَبِ -البَهائيَّةِ أوِ البابيَّةِ- أنَّه مَذهبٌ مصنوعٌ، مَزيجٌ مِن أخلاطِ الدِّياناتِ: البوذيَّةِ والبرهميَّةِ، الوثَنيَّةِ والزَّرادُشتيَّةِ، واليهوديَّةِ والمسيحيَّةِ، والإسلامِ... أجمع المُسلمونَ على أنَّ العَقيدةَ البَهائيَّةَ أوِ البابيَّةَ ليست عَقيدةً إسلاميَّةً، وأنَّ مَنِ اعتَنَقَ هذا الدِّينَ ليس مِنَ المُسلمينَ، ويصيرُ بهذا مُرتَدًّا عن دينِ الإسلامِ... واتَّفقَ أهلُ العِلمِ كذلك على أنَّ المُرتَدَّ عنِ الإسلامِ إن تَزَوَّج لم يصِحَّ تزوُّجُه، ويقَعُ عَقدُه باطِلًا سَواءٌ عَقد على مُسلِمةٍ أو غَيرِ مُسلِمةٍ، لأنَّه لا يُقَرُّ شَرعًا على الزَّواجِ، ولأنَّ دَمَه مُهدَرٌ شَرعًا إذا لم يتُبْ ويعُدْ إلى الإسلامِ ويتَبَرَّأْ مِنَ الدِّينِ الذي ارتَدَّ إليه. لمَّا كان ذلك وكان الشَّخصُ المَسؤولُ عنه قدِ اعتَنَقَ البَهائيَّةَ دينًا كان بهذا مُرتَدًّا عن دينِ الإسلامِ، فلا يحلُّ للسَّائِلةِ وهي مُسلِمةٌ أن تَتَزَوَّجَ مِنه، والعَقدُ إن تَمَّ يكونُ باطلًا شرعًا، والمُعاشَرةُ الزَّوجيَّةُ تَكونُ زِنًا مُحَرَّمًا في الإسلامِ) [3957] ((فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف في البهائية والقاديانية)) (ص: 52-54). .
4- قَرَّرَ المَجمَعُ الفِقهيُّ الإسلاميُّ التَّابعُ لرابطةِ العالَمِ الإسلاميِّ بمَكَّةَ حُكمَ البَهائيَّةِ والانتِماءِ إليها، ومِمَّا جاءَ في قَرارِه: (استَعرَضَ مَجلِسُ المَجمَعِ الفِقهيِّ نِحلةَ البَهائيَّةِ، التي ظَهَرَت في بلادِ فارِسَ «إيرانَ» في النِّصفِ الثَّاني مِنَ القَرنِ الماضي، ويَدينُ بها فِئةٌ مِنَ النَّاسِ، مُنتَشِرونَ في البلادِ الإسلاميَّةِ والأجنَبيَّةِ إلى اليومِ. ونَظَرَ المَجلِسُ فيما كتَبَه ونَشَرَه كثيرٌ مِنَ العُلَماءِ والكُتَّابِ وغَيرِهم مِنَ المَطَّلِعينَ على حَقيقةِ هذه النِّحلةِ ونَشأتِها ودَعوتِها وكُتُبِها وسيرةِ مُؤَسِّسِها المَدعوِّ ميرزا حُسَين عَلي المازَنْدرانيِّ، المَولودِ في 20 مِنَ المُحَرَّمِ 1233- 12 مِن تِشرينَ الثَّاني/نوفمبر 1817م، وسُلوكِ أتباعِه، ثُمَّ خَليفتِه ابنِه عَبَّاس أفندي المُسَمَّى عَبدَ البَهاءِ، وتَشكيلاتِهمُ الدِّينيَّةِ التي تُنَظِّمُ أعمالَ هذه الفِئةِ ونَشاطَها.
وبَعدَ المُداوَلةِ واطِّلاعِ المَجلسِ على الكثيرِ مِنَ المَصادِرِ الثَّابتةِ، والتي يَعرِضُها بَعضُ كُتُبِ البَهائيِّينَ أنفُسِهم، تَبَيَّن لمَجلسِ المَجمَعِ ما يلي:
أنَّ البَهائيَّةَ دينٌ جَديدٌ مُختَرَعٌ قامَ على أساسِ البابيَّةِ التي هي أيضًا دينٌ مُختَرَعٌ، ابتَدَعَه المُسَمَّى باسمِ «عَلي مُحَمَّد» المَولودُ في أوَّلِ المُحَرَّمِ 1235ه تِشرين الأوَّل/ أُكتوبَر 1819م في مَدينةِ شيرازَ، وقدِ اتَّجَهَ في أوَّلِ أمرِه اتِّجاهًا صوفيًّا فلسفيًّا على طَريقةِ الشَّيخيَّةِ، التي ابتَدَعَها شَيخُه الضَّالُّ كاظِمٌ الرَّشتيُّ خَليفةُ المَدعوِّ أحمَد زَين الدِّين الأحسائيِّ، زَعيمِ طَريقةِ الشَّيخيَّةِ، الذي زَعَمَ أنَّ جِسمَه كجِسمِ المَلائِكةِ نورانيٌّ، وانتَحَلَ سَفسَطاتٍ وخُرافاتٍ أُخرى باطِلةً.
وقد قال عَلي مُحَمَّد بقَولةِ شَيخِه هذه، ثُمَّ انقَطَعَ عنه، وبَعدَ فترةٍ ظَهَرَ للنَّاسِ بمَظهَرٍ جَديدٍ أنَّه هو عَليُّ بنُ أبي طالبٍ الذي يُروى فيه عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: "أنا مَدينةُ العِلمِ، وعليٌّ بابُها"، ومِن ثَمَّ سَمَّى نَفسَه البابَ، ثُمَّ ادَّعى أنَّه البابُ للمَهديِّ المُنتَظَرِ، ثُمَّ قال: إنَّه المَهديُّ نَفسُه، ثُمَّ في أُخرَياتِ أيَّامِه ادَّعى الأُلوهيَّةَ، وسَمَّى نَفسَه الأعلى، فلَمَّا نَشأ ميرزا حُسَين عَلي المازَنْدرانيُّ «المُسَمَّى بالبَهاءِ» المَذكورُ -وهو مُعاصِرٌ للبابِ- اتَّبَعَ البابَ في دَعوتِه، وبَعدَ أن حوكِمَ وقُتِلَ لكُفرِه وفِتنَتِه، أعلَنَ ميرزا حُسَين عَلي أنَّه موصًى له مِنَ البابِ برِئاسةِ البابيِّينَ، وهَكذا صارَ رئيسًا عليهم، وسَمَّى نَفسَه «بَهاءَ الدِّينِ». ثُمَّ تَطَوَّرَت به الحالُ حتَّى أعلَنَ «أنَّ جَميعَ الدِّياناتِ جاءَت مُقدَّماتٍ لظُهورِه، وأنَّها ناقِصةٌ لا يُكمِلُها إلَّا دينُه، وأنَّه هو المُتَّصِفُ بصِفاتِ اللَّهِ، وهو مَصدَرُ أفعالِ اللَّهِ، وأنَّ اسمَ اللَّهِ الأعظَمَ هو اسمٌ له، وأنَّه هو المَعنيُّ برَبِّ العالَمينَ، وكما نَسَخَ الإسلامُ الأديانَ التي سَبَقتْه تَنسَخُ البَهائيَّةُ الإسلامَ».
وقد قامَ البابُ وأتباعُه بتَأويلاتٍ لآياتِ القُرآنِ العَظيمِ، غايةٍ في الغَرابةِ والباطِنيَّةِ بتَنزيلِها على ما يوافِقُ دَعوتَه الخَبيثةَ، وأنَّ له السُّلطةَ في تَغييرِ أحكامِ الشَّرائِعِ الإلهيَّةِ، وأتى بعِباداتٍ مُبتَدَعةٍ يعبُدُه بها أتباعُه.
وقد تَبَيَّنَ للمَجمَعِ الفِقهيِّ بشَهادةِ النُّصوصِ الثَّابتةِ عن عَقيدةِ البَهائيِّينَ التَّهديميَّةِ للإسلامِ، ولا سيَّما قيامِها على أساسِ الوثَنيَّةِ للبَشَريَّةِ، في دَعوى أُلوهيَّةِ البَهاءِ وسُلطَتِه في تَغييرِ شَريعةِ الإسلامِ، يُقَرِّرُ المَجمَعُ الفِقهيُّ بإجماعِ الآراءِ:
خُروجَ البَهائيَّةِ والبابيَّةِ عن شَريعةِ الإسلامِ، واعتِبارِها حربًا عليه، وكُفْرَ أتباعِهما كُفرًا بَواحًا سافِرًا لا تَأويلَ فيه.
وإنَّ المَجمَعَ ليُحَذِّرُ المُسلمينَ في جَميعِ بقاعِ الأرضِ مِن هذه الفِئةِ المُجرِمةِ الكافِرةِ، ويُهيبُ بهم أن يُقاوِموها، ويأخُذوا حِذرَهم مِنها، لا سيَّما أنَّه قد ثَبَتَ مُسانَدةُ الدُّوَلِ الاستِعماريَّةِ لها لتَمزيقِ الإسلامِ والمُسلمينَ. واللَّهُ الموفِّقُ) [3958] يُنظر: ((قرارات مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة)) (القرار: 4). .
5- قال الألبانيُّ: (البَهائيَّةُ كُلُّهم كفَّارٌ؛ لأنَّهم لا يدينونَ بالإسلامِ) [3959] ((موسوعة الألباني في العقيدة)) (4/ 285). .
6- سُئِلَ عَبدُ العَزيزِ بنُ بازٍ: الذين اعتَنَقوا مَذهَبَ (بَهاءِ اللَّهِ) الذي ادَّعى النُّبوَّةَ، وادَّعى أيضًا حُلولَ اللَّهِ فيه، هَل يسوغُ للمُسلِمينَ دَفنُ هؤلاء الكَفَرةِ في مَقابرِ المُسلمينَ؟
فأجابَ: (إذا كانت عَقيدةُ البَهائيَّةِ كما ذَكرتُم فلا شَكَّ في كُفرِهم، وأنَّه لا يجوزُ دَفنُهم في مَقابرِ المُسلمينَ؛ لأنَّ مَنِ ادَّعى النُّبوَّةَ بَعدَ نَبيِّنا مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فهو كاذِبٌ وكافِرٌ بالنَّصِّ وإجماعِ المُسلمينَ؛ لأنَّ ذلك تَكذيبٌ لقَولِه تعالى: مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب: 40] ، ولِما تَواتَرَت به الأحاديثُ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه خاتَمُ الأنبياءِ لا نَبيَّ بَعدَه، وهكذا مَن ادَّعى أنَّ اللَّهَ سُبحانَه حالٌّ فيه، أو في أحَدٍ مِنَ الخَلقِ فهو كافِرٌ بإجماعِ المُسلمينَ؛ لأنَّ اللَّهَ سُبحانَه لا يحِلُّ في أحَدٍ مِن خَلقِه، بل هو أجَلُّ وأعظَمُ مِن ذلك، ومَن قال ذلك فهو كافِرٌ بإجماعِ المُسلِمينَ، مُكذِّبٌ للآياتِ والأحاديثِ الدَّالَّةِ على أنَّ اللَّهَ سُبحانَه فوقَ العَرشِ، قد عَلا وارتَفعَ فوقَ جَميعِ خَلقِه، وهو سُبحانَه العَليُّ الكبيرُ الذي لا مَثيلَ له ولا شَبيهَ له، وقد تَعَرَّف إلى عِبادِه بقَولِه سُبحانَه: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف: 54] . وهذا الذي أوضِّحُه لك في حَقِّ الباري سُبحانَه هو عَقيدةُ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ التي دَرَجَ عليها الرُّسُلُ عليهمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ، ودَرَجَ عليها خاتَمُهم مُحَمَّدٌ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ودَرَجَ عليها خُلَفاؤُه الرَّاشِدونَ، وصَحابَتُه المَرْضيُّونَ، والتَّابعونَ لهم بإحسانٍ إلى يومِنا هذا) [3960] ((مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة)) لابن باز (13/169، 170). .

انظر أيضا: