موسوعة الفرق

الفَرعُ الأوَّلُ: مُجمَلُ المُعتَقَداتِ البابيَّةِ


زَعم البابُ الشِّيرازيُّ أنَّ المُرادَ مِن كُلِّ ما ورَدَ في القُرآنِ الكريمِ مِن ألفاظِ القيامةِ والسَّاعةِ، والبَعثِ والحَشرِ والنَّشرِ ونَحوِ ذلك، إنَّما هو ظُهورُه بالأمرِ، وقيامُه بالدَّعوةِ، والجَنَّةُ كِنايةٌ عنِ الدُّخولِ في دينِه، والنَّارُ كِنايةٌ عنِ الكُفرِ به، واليومُ الآخِرُ كِنايةٌ عن يومِ ظُهورِه، ولقاءُ اللَّهِ تعالى كِنايةٌ عن لقائِه، والنَّفخُ في الصُّورِ كِنايةٌ عنِ الجَهرِ بدَعوتِه، والمُناداةِ بها، وصَعْقُ مَن في السَّماواتِ والأرضِ كِنايةٌ عن نَسخِ الأديانِ بيدَيه، وقيامِ أُمَّتِه مَقامَ الأُمَمِ، وهذا هو عَينُ ما يقولُه البَهاءُ زعيمُ البَهائيَّةِ عن نَفسِه ودينِه كذلك [3815] يُنظر: ((الحراب)) لمحمد فاضل (ص: 221). ويُنظر: ((الأصول الباطنية للنحلة البابية)) مع نص مخطوط تفسير سورة الكوثر للباب "ميرزا علي محمد الشيرازي" مؤسس فرقة البابية، لمحمد عبد المنعم أحمد (ص: 108)، ((فرق معاصرة)) لعواجي (2/ 655). .
قال البابُ الشِّيرازيُّ عنِ القيامةِ: (إنَّ قيامةَ البَيانِ تَقومُ يومَ ظُهورِ مَن يُظهِرُه اللَّهُ، واليومُ الذي يَظهَرُ فيه المَظهَرُ الإلهيُّ الآخَرُ هو نَفسُ يومِ البَعثِ والحَشرِ للجَميعِ مِن قُبورِهم) [3816] ((البيان)) الباب السابع والتاسع من الواحد الثاني. .
وقال عنِ الجَنَّةِ: (إنَّ الجَنَّةَ عِبارةٌ عنِ الإثباتِ أي التَّصديقِ والإيمانِ بنُقطةِ الظُّهورِ يعني البابَ نَفسَه، والنَّارُ عِبارةٌ عنِ النَّفيِ، يَعني عَدَمَ الإيمانِ بنُقطةِ الظُّهورِ وإنكارَه) [3817] يُنظر: ((البابية عرض ونقد)) لظهير (ص: 200). .
وقال أيضًا: (إنَّ الجَنَّةَ حُبُّ اللَّهِ ثُمَّ رِضاؤُه، وإنَّ ذلك حَقٌّ لا عدلَ له، إنَّا كُنَّا فيها خالِدينَ، ما يُنسَبُ إليَّ في الجَنَّةِ ذلك ما يُنسَبُ إلى مَن يُظهرُه اللَّهُ، أفلا تَدخُلونَ؟ وإنَّما النَّارُ قَبلَ أن يُبَدِّلَ بالنُّورِ نارَ اللَّهِ، ذلك مَن يُظهرُه اللَّهُ قَبلَ أن يُعرِّفَكم نَفسَه، أنتم في نارِ الحُبِّ تَدخُلونَ...) [3818] يُنظر: ((البابية عرض ونقد)) لظهير (ص: 200). .
وفسَّرَ البَهائيُّ جون أسلمنت ذلك، فقال: (الجَنَّةُ هي السُّرورُ بمَعرِفةِ اللَّهِ ومَحَبَّتِه، كما بَيَّنَها مَظهَرُه... وأمَّا النَّارُ فهي الحِرمانُ مِن مَعرِفةِ اللَّهِ، ويَنتُجُ عنها عَدَمُ الوُصولِ إلى الكمالِ الإلهيِّ، وضَياعُ السَّعادةِ الأبَديَّةِ، وقد قَرَّرَ بصَراحةٍ أنَّ هذه الكَلِماتِ لم يكُنْ لها مَعنًى غَيرُ ذلك، وأنَّ الأفكارَ السَّائِدةَ الخاصَّةَ بقيامِ الجَسَدِ المادِّيِّ وبالجَنَّةِ والنَّارِ المادِّيَّةِ وأمثالِها، إنَّما هي اختِراعٌ وَهميٌّ) [3819] ((بهاء الله والعصر الجديد)) (ص: 29). .
ومِنَ العَجيبِ أن ينسَخَ البَهاءُ دينَ البابِ، مَعَ أنَّ البابَ يُؤَكِّدُ أنَّه لا يُمكِنُ نَسخُ ديانَتِه قَبلَ مُضيِّ حُروفِ (المُستَغاثِ)، أي قَبلَ 2031 عامًا بحِسابِ الجُمَّلِ؛ حَيثُ قال في البَيانِ: (كُلُّ مَنِ ادَّعى أمرًا قَبلَ سِنينِ المُستَغاثِ فهو مُفتَرٍ كذَّابٌ، اقتُلوه حَيثُ ثَقِفتُموه) [3820] يُنظر: ((الحراب)) لمحمد فاضل (ص: 221). .
ومِن دعاوى البابِ في تَفسيرِه لسورةِ يوسُفَ أنَّه أفضَلُ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وعَلَّل هذا الكلامَ، فقال: (لأنَّ مَقامَه يعني البابَ مَقامُ النُّقطةِ، ومَقامُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَقامُ الألِفِ). وقال: (إنَّ أمرَ اللَّهِ في حَقِّي أعجَبُ مِن أمرِ مُحَمَّدٍ رَسولِ اللَّهِ مِن قَبلُ لو كُنتُم تَتَفكَّرونَ) [3821] يُنظر: ((موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين)) (9/ 3/ 86). .
وقد ذَكرَ الدَّاعيةُ البَهائيُّ أبو الفَضلِ الكلبايكيُّ أنَّ البابَ الشِّيرازيَّ كان مولَعًا بالرُّوحانيَّاتِ وعِلمِ الجَفرِ وحِسابِ الجُمَّلِ، وأنَّه عِندَما رَجَعَ إلى حِسابِ الجُمَّلِ في اسمِه (عَلي مُحَمَّد) وجَد أنَّ مَجموعَ حُروفِ الاسمِ تُساوي العَدَدَ 202، وهو نَفسُ العَدَدِ المُساوي لكَلِمةِ (رَبٍّ) [3822] يُنظر: ((كشف الغطاء عن حيل الأعداء)) (ص: 76) نقلًا عن بحث ((الشاعرة الإيرانية طاهرة قرة العين ودورها في نشر الدعوة البهائية)) لنجات الشيخ. .
ووصَفَته شاعِرةُ البابيَّةِ والبَهائيَّةِ قُرَّةُ العَينِ، فقالت:
(لقد كُنتَ أنتَ الهَدَفَ للدِّينِ في كُلِّ زَمانٍ، ولقد تجلَّيتَ في كُلِّ العُصورِ، أعلَمُ أنَّه ليس لك آخِرٌ، وأُقِرُّ أنَّه ليس لَك أوَّلٌ.
في ذلك العالَمِ أنتَ الأوَّلُ والآخِرُ، وأنتَ مَن تَجَلَّى في ذَرَّاتِ العالَمِ.
لقد صِرتَ المُرشِدَ لكُلِّ قَومٍ، وهم جَميعًا لك عابدونَ، وباسمٍ مِن أسمائِك ساجِدونَ، فالجَميعُ لَك خاضِعينَ وخاشِعينَ.
ومِن نورِك أضاءَتِ الكنيسةُ والحَرَمُ، أنتَ مَظهَرُ ذاتِ الوَجهِ مُنذُ القِدَمِ.
أينَ أنا مِن وصفِك أيُّها المُحتَرَمُ، فعِندَما كان العَدَمُ وُصِفَت ذاتُك بالقدَمِ.
فكُلُّ الشِّركِ مَحضٌ مِن تَوحيدي، وأنتَ مُنَزَّهٌ عن تَمجيدي) [3823] ((ديوان أشعار قرة العين)) (ص: 101، 102) بالفارسية، نقلًا عن بحث ((الشاعرة الإيرانية طاهرة قرة العين ودورها في نشر الدعوة البهائية)) لنجات الشيخ. .

انظر أيضا: