موسوعة الفرق

الفَرعُ الثَّاني: مُجمَلُ الشَّرائِعِ البابيَّةِ


يرى البابُ أنَّ شَريعَتَه ناسِخةٌ للشَّريعةِ الإسلاميَّةِ، فابتَدَعَ لأتباعِه أحكامًا خالَف بها ما جاءَت به الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ، وضَمَّن كِتابَه "البَيان" بَديلًا عنِ الإسلامِ في عِباداتِه وشَرائِعِه، فقال: (لو كان القديمُ هو المُختارَ عِندَكم لَما تَرَكتُم ما شُرِعَ في الإنجيلِ، بَيِّنوا يا قَومِ... لَعَمْري ليس لكمُ اليومَ مِن مَحيصٍ، إن كان هذا جُرمي فقد سَبَقَني في ذلك مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ، ومِن قَبلِه الرُّوحُ، ومِن قَبلِه الكَليمُ. وإن كان ذَنبي إعلاءَ كَلِمةِ اللَّهِ وإظهارَ أمرِه، فأنا أوَّلُ المُذنِبينَ، لا أُبَدِّلُ هذا الدِّينَ بمَلَكوتِ السَّمَواتِ والأرَضينَ) [3824] يُنظر: ((التفسير والمفسرون)) للذهبي (2/ 192). .
ومِن تَشريعاتِه أنَّه نَسَخَ الصَّلاةَ بصَلاةٍ جَديدةٍ تُصَلَّى عِندَ الزَّوالِ، ويقولُ في ذلك: (رُفِع عنكمُ الصَّلَواتُ كُلُّهنَّ إلَّا مِن زَوالٍ، تِسعةَ عَشَر رَكعةً، واحِدًا واحِدًا بقيامٍ وقُنوتٍ وقُعودٍ لكم، لَعَلَّكم يومَ القيامةِ بَينَ يديَّ تَقومونَ، ثُمَّ تَسجُدونَ، ثُمَّ تَقنُتونَ وتَقعُدونَ) [3825] ((البيان)) (ص: 73). ، ثُمَّ نَسَخَ صَلاةَ الجَماعةِ إلَّا في الجِنازةِ، وأباحَ الحُضورَ إلى المَساجِدِ والجُلوسَ على كراسيَّ، فقال: (أنتُم بالجَماعةِ لا تُصَلُّونَ، ولَكِنَّكم تَحضُرونَ المَساجِدَ وأنتم على الكُرسيِّ، بما يُحِبُّه اللَّهُ تَذَكَّرونَ وتُوعَظونَ) [3826] ((البيان)) (ص: 81). . ولم يُحَدِّدْ تَفاصيلَ الصَّلاةِ عِندَهم [3827] يُنظر: ((البابية عرض ونقد)) لظهير (ص: 205-208). .
وقال أحَدُ البابيِّينَ، وهو المرزه جاني الكاشانيُّ: (إنَّ المَقصودَ مِنَ الصَّلاةِ التَّكبيرُ والتَّحميدُ والتَّعظيمُ قَولًا وفِعلًا لحَضرةِ النُّقطةِ يعني الشِّيرازيَّ، وهذا هو المَفهومُ لقَولِ الأميرِ عليه السَّلامُ: نَحنُ الصَّلاةُ) [3828] ((نقطة الكاف)) (ص: 148). .
وقَرَّرَ أنَّ الطُّهرَ مِنَ الجَنابةِ غَيرُ واجِبٍ، وليس في دينِ البابيَّةِ نَجاسةٌ لشَيءٍ؛ لأنَّ اعتِناقَ البابيَّةِ يُطَهِّرُ مِن كُلِّ شَيءٍ، ويُستَحَبُّ الوُضوءُ عِندَهم بماءِ الوردِ.
والقِبلةُ هي البَيتُ الذي وُلِدَ فيه بشيرازَ، ومَكانُ سَجنِه والبُيوتُ التي عاشَ فيها هو وأتباعُه، وهي نَفسُ الأماكِنِ التي فرَضَ على أتباعِه الحَجَّ إليها.
وأمَّا الصَّومُ فهو تِسعةَ عَشَرَ يومًا، يصومُ الشَّخصُ فيه مِن شُروقِ الشَّمسِ إلى غُروبِها. ويكونُ هذا الصَّومُ في الشَّهرِ التَّاسِعَ عَشَرَ، وهو الشَّهرُ الأخيرُ في السَّنةِ البَهائيَّةِ، واسمُه عِندَهم شَهرُ العَلاءِ [3829] ((البيان)) (ص: 78). .
وعيدُ الفِطرِ عِندَهم يومُ (النَّيروزِ) ومُدَّتُه تِسعةَ عَشَرَ يومًا. كما في كِتابِهم: (... أيَّامٌ مَعدوداتٌ، وقد جَعَلْنا النَّيروزَ عيدًا لكم بَعدَ إكمالِها) [3830] ((الأقدس)) (ص: 143). ويُنظر: ((موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين)) (9/ 3/ 79). .
والزَّكاةُ خُمسُ العَقارِ تُؤخَذُ في آخِرِ العامِ مِن رَأسِ المالِ، ويُدفعُ للمَجلسِ البابيِّ المُكوَّنِ مِن تِسعةَ عَشَرَ عُضوًا.
وأمَّا الزَّواجُ فهو إجباريٌّ للأُنثى إذا بَلَغَتِ الحاديةَ عَشرةَ، ويجوزُ وُقوعُ الطَّلاقِ تِسعَ عَشرةَ مَرَّةً، وعِدَّةُ المُطَلِّقِ تِسعةَ عَشَرَ يومًا، وعِدَّةُ المُطَلَّقةِ خَمسةٌ وتِسعونَ يومًا، وإذا تَزَوَّجَتِ الأرمَلةُ فيجِبُ دَفعُ الدِّيةِ كامِلةً على مَن يتَزَوَّجُ بها.
ويجِبُ دَفنُ المَيِّتِ في قَبرٍ مِنَ البِلَّورِ والمَرمَرِ المَصقولِ، ووَضعُ خاتَمٍ في يُمناه مَنقوشٌ به فِقرةٌ مِن كِتابِ البَيانِ.
والميراثُ يكونُ لسَبعةِ أشخاصٍ مِنَ القَرابةِ، همُ: الولَدُ، والزَّوجُ والزَّوجةُ، والأبُ والأُمُّ، والأخُ والأُختُ، والمُعَلِّمُ.
قال في البَيانِ: (قُل لا يُورِثُ عنِ المَيِّتِ إلَّا أبيه وأُمُّه وذُرِّيَّاتُه وزَوجَتُه وأخيه وأُختُه ومَن عَلَّمَه، بَعدَ ما يصرِفُ لنَفسِه مِن مالِه ما يُعَزِّيه بَعدَ مَوتِه) [3831] ((البيان)) (ص: 73). .
ومِن تَشريعاتِه حُرمةُ قَتلِ الإنسانِ، ومَن يفعَلُ ذلك أو يرضى به أو لا يدفَعُه مَعَ القُدرةِ فعليه دِيةٌ أحَدَ عَشَرَ ألفَ مِثقالٍ يدفعُها إلى الورَثةِ، وتَحرُمُ عليه زَوجَتُه تِسعَ عَشرةَ سَنةً ومَصيرُه جَهَنَّمُ، ولا يغفِرُ اللَّهُ له أبَدًا، يقولُ في ذلك: (قُلِ السَّادِسُ مِن بَعدِ العَشرِ، فلا تَقتُلَنَّ نَفسًا ولا تَقطَعَنَّ شَيئًا مِن نَفسٍ أبَدًا، إن أنتُم باللَّهِ وآياتِه مُؤمِنونَ، ومَن يأمُرُ أو يفعَلُ أو يقدِرُ أن يمنَعَ ولم يمنَعْ أو يرضى فيلزَمَنَّه مِن كِتابِ اللَّهِ أحَدَ عَشَرَ ألفَ مِثقالٍ مِن ذَهَبٍ بأن يرُدَّنَّ إلى مَن يورِثُ عَمَّن قَتَلَ، وليحرُمَنَّ عليه كُلُّ قَرينةٍ تِسعةَ عَشرةَ سَنةً، ودَليلٌ في كِتابِ اللَّهِ أنَّ كينونَتَه قد خُلِقَت على غَيرِ محبَّةِ اللَّهِ ورِضائِه، ويدخُلُ النَّارَ بَعدَ مَوتِه، ولا يغفِرُ اللَّهُ له أبَدًا) [3832] ((البيان)) (ص: 96، 97). .
وحَدُّ الذي يقطَعُ شَيئًا مِن جِسمِ إنسانٍ أو يُغَيِّرُ لَونَه أو يُمَزِّقُ لباسَه أو يُغَيِّرُه أو أرادَ إهانَتَه أن تَحرُمَ عليه زَوجاتُه تِسعةَ عَشَرَ شَهرًا، ويدفعُ خَمسةً وتِسعينَ واحِدًا مِن ذَهَبٍ، فقال: (ومَن يأخُذُ مِن جَسَدِ أحَدٍ مِن شَيءٍ أو يُغَيِّرُ لَونَه قَدْرَ شَيءٍ أو يُغَيِّرُ لباسَه أو أرادَ أن يُذِلَّنَّه قد حَرَّمَ اللَّهُ عليه أزواجَه تِسعةَ عَشَرَ شَهرًا في كِتابِ اللَّهِ ليَلزَمَنَّه مِن حُدودِ اللَّهِ خَمسٌ وتِسعينَ واحِدٌ مِن ذَهَبٍ لَعَلَّكم أنتُم تَتَّقونَ) [3833] ((البيان)) (ص: 89). .
والسَّارِقُ تَحرُمُ عليه زَوجتُه تِسعةَ عَشَرَ يومًا ويدفَعُ تِسعةَ عَشَرَ مِثقالًا مِنَ الذَّهَبِ إلى عُلَماءِ البابيَّةِ؛ ليُقدِّموها إلى المَسروقِ مِنه.
قال في ذلك: (وإنَّما السَّابعُ مِن بَعدِ العَشرِ أنْ يا أولي الحُكمِ فلتَأمُرُنَّ مَن يتبِعونَكم ألَّا يأخُذُنَّ لباسَ أحَدٍ ولا ما عِندَه، وإن يُؤخَذْ يَحرُمْ عليهم وعليكم أزواجُكم تِسعةَ عَشَرَ يومًا وإنِ اقتَرَنتُم ليلزَمنَّكم مِن كِتابِ اللَّهِ تِسعةَ عَشَرَ مِثقالًا مَن ذَهَبٍ تَرُدُّونَ إلى شُهَداءِ البابيَّةِ ليُؤتينَّ مَن أُخذ عنه لباسُه أو شَيءٌ مِمَّا عِندَه لَعَلَّكم تَتَّقونَ) [3834] ((البيان)) (ص: 87). .
ومِنَ التَّشريعاتِ الجَديدة كذلك ما ورَدَ في قَولِه: (وإنَّما الخامِسُ مِن بَعدِ العَشرِ: لا تَركبُنَّ البَقَرَ ولا تَحمِلُنَّ عليه مِن شَيءٍ إن أنتُم باللَّهِ وآياتِه مُؤمِنونَ، ولا تَشرَبُنَّ لَبَنَ الحَميرِ ولا تَحمِلُنَّ عليه ولا حَيوانٍ غَيرِه إلَّا على دونِ طاقَتِه ما قد كتَبَ اللَّهُ عليكم لَعَلَّكم تَتَّقونَ، ولا تَركبُنَّ الحَيوانَ إلَّا وأنتُم باللِّجامِ والرِّكابِ لتَركبون، ولا تَركبُنَّ ما لا تَستَطيعُنَّ أن تَحفظنَ أنفُسَكم عليه، فإنَّ اللَّهَ قد أنهاكم عن ذلك نَهيًا عَظيمًا، ولا تَضرِبُنَّ البَيضةَ على شَيءٍ يضَعُ ما فيه قَبلَ أن يُطبَخَ، هذا ما قد جَعَلَ اللَّهُ رِزقَ نُقطةِ الأولى في أيَّامِ القيامةِ، ومِن عِندِه لَعَلَّكم تَشكُرونَ) [3835] ((البيان)) (ص: 87)، والبيان مطبوع مع  كتاب ((خفايا الطائفة البهائية)). .
والبابُ الشِّيرازيُّ يرى أنَّ هذا الدِّينَ البابيَّ واجِبٌ على كُلِّ إنسانٍ أن يُؤمِنَ به ويعتَنِقَه، فقال: (قد فُرِضَ على كُلِّ مَلِكٍ يُبعَثُ في دينِ البَيانِ أن لا يجعَلَ أحَد كهذا على الأرضِ مِمَّن لم يَدِنْ بذلك الدِّينِ، وكذلك فرَضَ على النَّاسِ كُلِّهم أجمَعونَ) [3836] ((البيان)) (الباب: 16). . ويُلاحَظُ الخَطَأُ اللُّغَويُّ في كلمةِ "أجمَعونَ"، وصَوابها "أجمَعينَ"، وهي مِثالٌ للأخطاءِ اللُّغَويَّةِ المُتَعَدِّدةِ في كلامِه الذي ادَّعى أنَّه وحيٌ!
وقال المُستَشرِقُ الإنجليزيُّ (برؤان) وهو أحَدُ أكبَرِ المُخلِصينَ للبَهائيَّةِ والبابيَّةِ: (إنَّ البابيِّينَ كانوا يَعُدُّونَ كُلَّ مَن لم يُؤمِنْ بالبابِ نَجِسًا، وكانوا يرَونَ وُجوبَ قَتلِه) [3837] مقدمة ((نقطة الكاف))، عن ((البهائية نقد وتحليل)) لظهير (ص: 104). .

انظر أيضا: