موسوعة الفرق

المطلَبُ الثَّاني: وِلايةُ الفقيهِ


اعتَمَدَ حِزبُ اللهِ وِلايةَ الفقيهِ التي انتَهَجَها الخُمينيُّ كرَكيزةٍ أساسيَّةٍ، ومُنذُ أولى بداياتِه التَزَمَ الحِزبُ بقيادةِ الخُمينيِّ وما رَسَمَه من تَوجُّهاتٍ للعَمَلِ داخِلَ الأُمَّةِ، واعتَبَروه الوليَّ الفقيهَ [2715] يُنظر: ((الخيار الآخر: حزب الله، السيرة الذاتية والموقف)) لحسن فضل الله (ص: 39 - 43)، ((حزب الله السياسة والدين)) لأمل غريب (ص: 167- 176). .
قال حَسَن حَمادة مُديرُ مُؤَسَّسةِ الشَّهيدِ التَّابعةِ لحِزبِ اللهِ: (نَهجُ الإمامِ الخُمينيِّ ونَظَريَّةُ ونِظامُ وِلايةِ الفقيهِ هما وجهانِ لعُملةٍ واحِدةٍ... وكان قيامُ حِزبِ اللهِ في لُبنانَ أحَدَ ثِمارِ هذه النَّظَريَّةِ) [2716] ((حزب الله.. حقائق وأبعاد)) لفضيل (ص: 53). .
وقال مُحَمَّد حُسَين فضل الله: (رَأيُ الفقيهِ هو الرَّأيُ الذي يُعطي للأشياءِ شَرعيَّةً بصِفتِه نائبًا عنِ الإمامِ، والإمامُ هو نائِبٌ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَولى بالمُؤمِنينَ من أنفُسِهم فالإمامُ أَولى بالمُؤمِنينَ من أنفُسِهم، والفقيهُ العادِلُ هو أَولى بالمُؤمِنينَ من أنفُسِهم). (فالواقِعُ أنَّ شَرعيَّةَ كُلِّ الأُمورِ تَنطَلقُ من إمضاءِ الفقيهِ لها) [2717] ((ولاية الفقيه)) لفضل الله (ص: 24). عن ((ماذا تعرف عن حزب الله؟)) للصادق (ص: 34). .
وقال الأمينُ العامُّ لحِزبِ اللهِ حَسَن نَصر الله في أوَّلِ خِطابٍ له بَعدَ تَولِّيه أمانةَ الحِزبِ عامَ 1992م: (سيبقى وَليُّ الأمرِ آيةُ اللهِ الخُمينيُّ قائِدَنا وإمامنا وسَيِّدَنا وقُدوتَنا في الجِهادِ والصَّبرِ والعَزيمةِ... وسيبقى هذا العَصرُ عَصرَ انتِصارِ المُستَضعَفينَ على المُستَكبِرينَ، عَصرَ الخُمينيِّ الكبيرِ، ولو كرِهَ الكافِرونَ والطَّواغيتُ) [2718] ((هكذا تكلم نصر الله)) لبزي (ص: 69، 70). .
وقال نائِبُ الأمينِ العامِّ لحِزبِ اللهِ نَعيم قاسِم: (ليست وِلايةُ الفقيهِ مِنَ المَسائِلِ الجَديدةِ؛ فلقد قال بها عُلماءُ أعلامٌ مُنذُ القِدَمِ، كالشَّيخِ المُفيدِ وشَيخِ الطَّائِفةِ الشَّيخِ الطُّوسيِّ، ومِن بعدِهما المُحَقِّقُ الحليُّ في كِتابه "شَرائِع الإسلامِ"، والمُحَقِّقُ الكَرَكيُّ، والعَلَّامةُ الحليُّ، والشَّهيدُ الثَّاني العامِليُّ، والشَّيخُ النَّجَفيُّ صاحِبُ كِتابِ "الجَواهر"، كما قال بها مِنَ المُحدَثينَ السَّيِّدُ البروجَرديُّ، والسَّيِّدُ الگلبايگانيُّ، والشَّهيدُ السَّيِّدُ مُحَمَّد باقِر الصَّدر، والإمامُ الخُمينيُّ، وغَيرُهم كثيرٌ) [2719] ((حزب الله: المنهج التجربة المستقبل)) (ص: 85). .
وقال أيضًا: (إنَّ التِزامَ حِزبِ اللهِ بوِلايةِ الفقيهِ حَلقةٌ من هذه السِّلسِلةِ، إنَّه عَمَلٌ في دائِرةِ الإسلامِ وتَطبيقِ أحكامِه، وهو سُلوكٌ في إطارِ التَّوجُّهاتِ والقَواعِد التي رَسَمَها الوليُّ الفقيهُ. ثُمَّ تَكونُ الإدارةُ والمُتابَعةُ ومواكَبةُ التَّفاصيلِ والجُزئيَّاتِ، والقيامُ بالإجراءاتِ المُناسِبةِ، والعَمَلِ السِّياسيِّ اليوميِّ والحَرَكةِ الثَّقافيَّةِ الاجتِماعيَّةِ، بل والجِهادِ ضِدَّ المُحتَلِّ الإسرائيليِّ) [2720] ((حزب الله: المنهج التجربة المستقبل)) (ص: 87- 88). .
ويُمَيِّزُ نَعيم قاسِم بَينَ استِشارةِ المَرجِعِ وتَقليدِه، ويعني أنَّه فيما يتَعَلَّقُ بالعِبادةِ والمُعامَلةِ يستَطيعُ أتباعُ حِزبِ اللهِ استِشارةَ واتِّباعَ مَرجِعٍ آخَرَ، لكِن عِندَما يتَعَلَّقُ الأمرُ بالنِّطاقِ العامِّ للشُّؤونِ السِّياسيَّةِ، فالمَرجِعُ الوحيدُ الواجِبُ تَقليدُه هو الخُمينيُّ الذي يُحَدِّدُ الأوامِرَ الشَّرعيَّةَ السِّياسيَّةَ [2721] يُنظر: ((حزب الله المنهج التجربة المستقبل)) (ص: 75، 76). .
قال نائِب نَعيم قاسِم: (كان هناك مَجموعةٌ مِنَ المُؤمِنينَ... تَفتَّحَت أذهانُهم على قاعِدةٍ عَمَليَّةٍ تُرَكِّزُ على مَسألةِ الوليِّ الفقيهِ والانقيادِ له كقائِدٍ للأُمَّةِ الإسلاميَّةِ جَمعاءَ، لا يفصِلُ بَينَ مَجموعاتِها وبُلدانِها أيُّ فاصِلٍ... وذَهَبَت هذه المَجموعةُ المُؤَلَّفةُ من تِسعةِ أشخاصٍ إلى إيرانَ، ولقاءِ الإمامِ الخُمينيِّ قدَّسَ اللهُ رَوحَه، وعَرَضَت عليه وِجهةَ نَظَرِها في تَأسيسِ وتَكوينِ الحِزبِ اللُّبنانيِّ، فأيَّدَ هذا الأمرَ، وبارَك هذه الخُطواتِ) [2722] ((المقاومة اللبنانية)) لأمين مصطفى (ص: 425). .
وقال أيضًا: (هذه الوِلايةُ ضَروريَّةٌ لحِفظِ وتَطبيقِ الإسلامِ، فلا يُمكِنُ التَّعاطي مَعَ المَشروعِ الإسلاميِّ الكبيرِ بمُبادَراتٍ فرديَّةٍ أو أعمالٍ مُنفصِلةٍ عن بَعضِها البَعض، بل لا بُدَّ من خَطٍّ عامٍّ يَربِطُ الأُمَّةَ عَمَليًّا مَعَ بَعضِها البَعض، وهذا الذي يَتِمُّ من خِلالِ قيادةِ الوليِّ الفقيهِ ورِعايتِه) [2723] ((حزب الله المنهج التجربة المستقبل)) (ص: 82). .
وقال أيضًا: (لا عَلاقةَ لمَوطِنِ الوليِّ الفقيهِ بسُلطَتِه، كما لا عَلاقةَ لمَوطِنِ المَرجِعِ بمَرجِعيَّتِه؛ فقد يكونُ عِراقيًّا أو إيرانيًّا أو لُبنانيًّا أو كويتيًّا أو غَيرَ ذلك؛ إذ لا دَخلَ لجِنسيَّتِه بالمواصَفاتِ التي يحمِلُها) [2724] ((حزب الله المنهج التجربة المستقبل)) (ص: 76). .
وقَرَّرَ الباحِثُ الإيرانيُّ مَسعود أسَد إلهي تَبَعيَّةَ حِزبِ اللهِ لوِلايةِ الفقيهِ، فقال: (بما أنَّ حاكِميَّةَ الخُمينيِّ كوليٍّ فقيهٍ لا تَنحَصِرُ بأرضٍ أو حُدودٍ مُعَيَّنةٍ فإنَّ أيَّ حُدودٍ مُصطَنَعةٍ وغَيرِ طَبيعيَّةٍ تَمنَعُ عَمَلَ هذه الوِلايةِ تُعَدُّ غَيرَ شَرعيَّة؛ لذا فإنَّ حِزبَ اللهِ في لُبنانَ يعمَلُ كفرعٍ من فُروعِ حِزبِ اللهِ الواسِعةِ الانتِشارِ... الآراءُ المَذكورةُ آنفًا توضِّحُ أنَّ حِزبَ اللهِ كان مستعدًّا لإنجازِ أيِّ مُهمَّةٍ يأمُرُ بها الوليُّ الفقيهُ) [2725] ((الإسلاميون في مجتمع تعددي)) (ص:321). .
وقال إبراهيم أمين السَّيِّد: (نحن لا نَستَمِدُّ صُنعَ القَرارِ السِّياسيِّ لدَينا إلَّا مِنَ الفقيهِ، والفقيهُ لا تُعَرِّفُه الجُغرافيا، بل يُعَرِّفُه القانونُ الإسلاميُّ، فنحن في لُبنانَ لا نَعتَبِرُ أنفُسَنا مُنفصِلينَ عنِ الثَّورةِ في إيرانَ... نحن نَعتَبرُ أنفُسَنا -ونَدعو اللهَ أن نُصبحَ- جزءًا مِنَ الجَيشِ الذي يَرغَبُ الإمامُ في تَشكيلِه من أجلِ تَحريرِ القُدسِ الشَّريفِ) [2726] ((الإسلاميون في مجتمع تعددي)) لمسعود إلهي (ص:321). .
ونَصَّ بَعضُ قادةِ الحِزبِ على أنَّ (قَرارَ الجِهادِ مُرتَبِطٌ بالوليِّ الفقيهِ الذي يُشَخِّصُ الحالةَ التي ينطَبقُ عليها عُنوانُ الجِهادِ الدِّفاعيِّ، والذي يُحَدِّدُ قَواعِدَ المواجَهةِ وضَوابطَها... وقد يختَلفُ رَأيُ بَعضِ الفُقَهاءِ عن رَأيِ الوليِّ الفقيهِ، ولكِنَّ رَأيَه مُلزِمٌ لهم، فهو المُتَصَدِّي والمُبايَعُ من قِبَلِ النَّاسِ، ويتَرَتَّبُ على مِثلِ هذه المُنعَطَفاتِ نَتائِجُ خَطيرةٌ) [2727] ((حزب الله المنهج التجربة المستقبل)) لنعيم قاسم (ص: 64). .
وقد ذَكرَت وثيقةُ حِزبِ اللهِ الأولى عام 1985م عِدَّةَ ثَوابتَ فِكريَّةٍ ينطَلقُ منها حِزبُ اللهِ في هذا الشَّأنِ [2728] يُنظر: ((حزب الله أقنعة لبنانية لولاية إيرانية: دراسة وثائقية)) لفايز قزي (ص: 95- 116)، بتصرف يسير. .
الثَّابتةُ الأولى: نِظامُ الحُكمِ للفقيهِ
جاءَ في وثيقةِ الحِزبِ الأولى عام 1985م: (نحن في لُبنانَ لسْنا حزبًا تَنظيميًّا مُغلقًا، ولسنا إطارًا سياسيًّا ضَيِّقًا، بل نحن أُمَّةٌ تَرتَبطُ مَعَ المُسلمينَ في أنحاءِ العالمِ كافَّةً برِباطٍ عَقائِديٍّ وسياسيٍّ مَتينٍ هو الإسلامُ. أمَّا ثَقافتُنا فمَنابعُها الأساسيَّةُ القُرآنُ الكريمُ، والسُّنَّةُ المَعصومةُ والأحكامُ والفتاوي الصَّادِرةُ عنِ الوليِّ الفقيهِ ومَعَ التَّقليدِ عِندَنا).
الثَّابتةُ الثَّانيةُ: نَقلُ الثَّورةِ إلى العالمِ بالقوَّةِ وبإمرةِ الوليِّ الفقيهِ.
الثَّابتةُ الثَّالثةُ: وِلايةُ الفقيهِ الإيرانيِّ التِزامٌ شَرعيٌّ وسياسيٌّ، له الرَّأيُ والمَشورةُ، القَرارُ والإمرةُ، الطَّاعةُ والوَلاءُ.
وقد نَقَل نَعيم قاسِم اهتِمامَ أئِمَّةِ إيرانَ بحِزبِ اللهِ ومُتابَعَتَهم أخبارَه وتَأييدَهم لأفعالِه [2729] يُنظر من ذلك: ((الولي المجدد)) لقاسم (ص: 550- 562). .

انظر أيضا: