موسوعة الفرق

المطلَبُ الأوَّلُ: عَقيدةُ الإمامةِ


يعتَرِفُ أتباعُ حِزبِ اللهِ بالأئِمَّةِ الاثنَي عَشَرَ عِندَ الشِّيعةِ الإماميَّةِ، ويُجِلُّونَ سُلطَتَهمُ الدِّينيَّةَ، لكِن بما أنَّ تَقليدَ مَرجِعٍ مَيِّتٍ في الشِّيعةِ يُعتَبَرُ شُذوذًا عنِ القاعِدةِ، يُشَدِّدُ حِزبُ اللهِ على ضَرورةِ الاعتِرافِ بحَياةِ الإمامِ الثَّاني عَشَرَ عِندَهم وهو المَهديُّ المُنتَظَرُ، وينظُرونَ بتَقديسٍ واحتِرامٍ إلى الخُمينيِّ بصِفتِه الفقيهَ الأوَّلَ الذي يحمِلُ لقَبَ نائِبِ الإمامِ المَهديِّ بَعدَ الغَيبةِ الكُبرى [2710] يُنظر: ((حزب الله: المنهج - التجربة - المستقبل)) لقاسم (ص: 338)، ((المعالم الجديدة للمرجعية الشيعية)) للحسني (ص: 48- 58)، ((أمل وحزب الله)) للمديني (ص: 201)، ((الكابوس الشيعي)) أبحاث وأوراق عَمَلِ مؤتَمَرِ هرتسيليا السنويِّ الحادِيَ عَشَرَ (ص: 152). .
قال مُحَمَّد حُسَين فضل الله: (الإمامُ هو نائِبٌ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَولى بالمُؤمِنينَ من أنفُسِهم، فالإمامُ أَولى بالمُؤمِنينَ من أنفُسِهم) [2711] ((ولاية الفقيه)) لفضل الله (ص: 46). عن ((ماذا تعرف عن حزب الله؟)) للصادق (ص: 34). .
وقال حَسَن نَصر الله: (لقد تَحَقَّقَت دَولةُ العَدلِ الإلهيَّةُ في بُقعةٍ مِنَ الأرضِ لا لتَبقى في حُدودِها الجُغرافيَّةِ، وإنَّما ليكونَ الفجرُ الذي يمتَدُّ ليتَّصِلَ بظُهورِ المَهديِّ لتَقومَ دَولةُ الإسلامِ في الأرضِ) [2712] ((الإسلاميون في مجتمع تعددي)) لمسعود إلهي (ص: 334). .
وقال نَعيم قاسِم نائِبُ الأمينِ العامِّ لحِزبِ اللهِ: (الرَّسولُ هو المُبلِّغُ للشَّريعةِ المُقدَّسةِ والأمينُ على تَنفيذِها وتَحديدِ مَسارِ الأُمَّةِ في هذا الاتِّجاهِ، وقد تَمَّ الوحيُ به، ويأتي مِن بَعدِه الأئِمَّةُ المَعصومونَ بدءًا بأميرِ المُؤمِنينَ عَليٍّ وانتِهاءً بالإمامِ المَهديِّ، عَجَّل اللهُ فرَجَه؛ ليقوموا بدَورِ التَّفسيرِ والتَّوضيحِ لمَعالمِ الرِّسالةِ، ومُتابَعةِ تَطبيقِها. وفي غيابِ المَعصومِ تَحتاجُ الأُمَّةُ إلى أمرَينِ: مَعرِفةِ التَّكليفِ المَطلوبِ منها، وتَطبيقِ الشَّريعةِ في الحَياةِ الخاصَّةِ والعامَّةِ) [2713] ((حزب الله: المنهج التجربة المستقبل)) (ص: 80). .
وقال أيضًا: (طولُ عُمرِ الإمامِ المَهديِّ عَجَّل اللهُ فرَجَه أمرٌ إعجازيٌّ أرادَه اللهُ تعالى لحِكمةٍ ارتَآها، ولعَلَّ بَعضَ ما يُمكِنُ أن نَتَلمَّسَه من هذه الحِكمةِ أمورٌ عِدَّةٌ نَذكرُ منها:
1- أنَّ حُضورَ الإمامِ الدَّائِمِ بَينَنا في غَيبَتِه الكُبرى عن أنظارِنا، واتِّصالَه المُباشِرَ مَعنا من جِهَتِه بالطَّريقةِ التي يرتَئيها، يجعَلُنا نَعيشُ حالةَ الارتِباطِ بإمامٍ حاضِرٍ، ويُفسِحُ في المَجال لصِلةٍ حَيويَّةٍ به، فقد يكونُ حاضرًا في مَجلسِنا، أو مَعرَكتِنا، أو مَواقِفِنا، أو رِعايةِ شُؤونِنا، وهذا ما يَكسِبُنا نَوعَ عَلاقةٍ لا تَتَوفَّرُ في حالِ انتِظارِ إمامٍ لم يولَدْ بَعدُ، ويضَعُنا في حالةٍ نَفسيَّةٍ ومَعنَويَّةٍ مُتَرَقِّبةٍ لتَأييدِه وتَسديدِه، طالما أنَّه حاضِرٌ غائِبٌ يواكِبُ ما نحن عليه، ويُطَمئِنُنا إلى إلمامِه بشُؤونِ حَياتِنا، وعَيشِه ومُتابَعَتِه لمَسائِلِ الأُمَّةِ، ويجعَلُنا نَستَفيدُ من بَرَكاتِ حُضورِه وتَأثيرِه، مُتَظَلِّلينَ بفيءِ القيادةِ الحاضِرةِ مَعَ رَعيَّتِها، آمِلينَ أن يكونَ مَعنا وبَينَنا في قَضايانا المُختَلفةِ.
2- استيعابُ الحَياةِ البَشَريَّةِ للوُجودِ الدَّائِمِ للمَعصومِ؛ كي لا تَخلوَ الأرضُ من حُجَّةٍ، فمِن كلامٍ لأميرِ المُؤمِنينَ عَليٍّ عليه السَّلامُ لكميلِ بنِ زيادٍ رَضيَ اللهُ عنه قال: (لا تَخلو الأرضُ من قائِمٍ للهِ بحُجَّةٍ، إمَّا ظاهرًا مشهورًا، أو خائفًا مغمورًا؛ لئَلَّا تبطُلَ حُجَجُ اللهِ وبَيِّناتُه). وهذا ما يُغَطِّي وُجودَ القيادةِ المَعصومةِ على امتِدادِ حَياةِ النَّاسِ؛ لرَبطِهم بها، وإنقاذِهم مِنَ الضَّياعِ، وتَحميلِهم مسؤوليَّةَ حَسمِ مَسارِهم وخيارِهم في أن يكونوا مَعَ القيادةِ الحَقَّةِ التي تُرشِدُهم إلى طَريقِ الهدى.
3- الجهوزيَّةُ الدَّائِمةُ لظُهورِ الإمامِ عَجَّل اللهُ فرَجَه، فمَعَ حَياتِه لا يمنَعُ ظُهورَه إلَّا عَدَمُ اكتِمالِ الظُّروفِ التي تُهَيِّئُ لهذا الظُّهورِ، ومَتى عَلِمْنا أنَّه مَوجودٌ ينتَظِرُنا، وينتَظِرُ فيما ينتَظِرُه أن يُكمِلَ أنصارُه وأعوانُه العُدَّةَ المُناسِبةَ، فهذا ما يُحَفِّزُنا للعَمَلِ الدَّؤوبِ؛ من أجلِ تَهيِئةِ الثُّلَّةِ المُؤمِنةِ المُجاهِدةِ التي تَسيرُ في رَكبِه وتَكونُ من جُندِه. ثُمَّ عِندَما يشتَدُّ الفسادُ والطُّغيانُ في زَمَنٍ ما، وتَلهَجُ الثُّلَّةُ المُؤمِنةُ بظُهورِه، وتَعمَلُ لتَكونَ من أنصارِه، يكونُ احتِمالُ الظُّهورِ قائمًا، ما يجعَلُ الأمَلَ كبيرًا في أن يحصُلَ الأمرُ في الزَّمَنِ، وهذا ما يشحَذُ همَمَنا، ويزيدُنا قوَّةً وعَزيمةً لعَمَلٍ نَتَوقَّعُ نَتائِجَه في حَياتِنا.
4- إبطالُ دَعوى المُدَّعينَ للمَهدويَّةِ بأبسَطِ الأدِلَّةِ، فالإمامُ مَولودٌ وحاضِرٌ، وهو من أولادِ الإمامِ الحُسَينِ عليه السَّلامُ، إنَّه مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ العَسكريِّ عجَّل اللهُ فرَجَه، فلا يستَطيعُ المُخادِعونَ أو المُزَوِّرونَ التَّدليسَ على النَّاسِ بتَهيِئةِ مُعطياتٍ تُوهِمُ بكونِ فُلانٍ المَولودِ هو الإمامَ، فللإمامِ صِفاتٌ واضِحةٌ، ودَليلُه مَعَه، ولا يستَقِرُّ أيُّ تَزويرٍ بسَبَبِ سُهولةِ انكِشافِه.
نحن مسؤولون في الاستِفادةِ من مُبايعةِ صاحِبِ الزَّمانِ الحَيِّ الحاضِرِ المُنتَظَرِ، والتَّهيِئةِ لنَكونَ مُستَعِدِّينَ لإمرَتِه وقيادَتِه، وأن نَعيشَ حَياتَه بكُلِّ أبعادِها؛ لنَفوزَ بخَيراتِ الارتِباطِ بالإمامِ الحاضِرِ الغائِبِ، عَجَّل اللهُ فرَجَه الشَّريفَ) [2714] ((موقع نعيم قاسم)). .

انظر أيضا: