موسوعة الفرق

المبحَثُ الثَّالثُ: تَكفيرُ الشِّيعةِ الإماميَّةِ لعُمومِ المُسلمينَ


يعتَقِدُ الشِّيعةُ الإماميَّةُ أنَّهم همُ المُؤمِنونَ، وغَيرُهم مِنَ المُسلمينَ إمَّا كُفَّارٌ أو فسَقةٌ؛ لأنَّهم لم يأتوا بالوِلايةِ التي يعتَقِدُ الشِّيعةُ أنَّها رُكنٌ من أركانِ الإسلامِ، أي وِلايةِ عَليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه والأئِمَّةِ مِن بَعدِه، وعَدَمِ الاعتِرافِ بإمامةِ أبي بكرٍ ولا عُمَرَ ولا عُثمانَ رَضيَ اللهُ عنهم، ولا غَيرِهم من مُلوكِ المُسلمينَ.
وفي كُتُبِ الشِّيعةِ مَرويَّاتٌ ظاهِرُها بل صَريحُ بَعضِها تَكفيرُ غَيرِهم مِنَ المُسلمينَ، وإن كان بَعضُ المَراجِعِ الشِّيعيَّةِ المُعاصِرةِ يقولونَ بأنَّ الكُفرَ الوارِدَ في هذه الرِّواياتِ لا يعني الخُروجَ من دائِرةِ الإيمانِ، وهذا مُخالِفٌ لمَرويَّاتِهم وكلامِ عَدَدٍ من كِبارِ شُيوخِهمُ المُتَقدِّمينَ منهم والمُتَأخِّرينَ.
فرَوَوا عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم أنَّه قال: (الأئِمَّةُ مِن بَعدي اثنا عَشَرَ؛ أوَّلُهم أميرُ المُؤمِنينَ عَليُّ بنُ أبي طالبٍ عليه السَّلامُ، وآخِرُهم القائِمُ، طاعَتُهم طاعَتي ومَعصيتُهم مَعصيتي، مَن أنكرَ واحِدًا منهم فقد أنكرَني) [894] يُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (27/62). .
وعن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: (مَن زَعَمَ أنَّه يُحِبُّ النَّبيَّ ولا يُحِبُّ الوصيَّ فقد كذَبَ، ومَن زَعَمَ أنَّه يعرِفُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولا يعرِفُ الوَصيَّ فقد كَفَرَ) [895] يُنظر: ((وسائل الشيعة)) للعاملي (18/562). .
ورَوَوا عنِ الحُسَينِ بنِ عَليٍّ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه قال: (ليس أحَدٌ على مِلَّةِ إبراهيمَ في هذه الأُمَّةِ غَيرُنا وغَيرُ شيعَتِنا، ومَن سِواهم منها بَراءٌ) [896] يُنظر: ((اختيار معرفة الرجال)) للطوسي (ص: 198). .
وعن أبي خالدٍ الكابليِّ عن عَليِّ بنِ الحُسَينِ قال: قُلتُ له: كم الأئِمَّةُ بَعدَك؟ قال: (ثَمانيةٌ؛ لأنَّ الأئِمَّةَ بَعدَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اثنا عَشَرَ،... ومَن أبغَضَنا ورَدَّنا أو رَدَّ واحدًا مِنَّا فهو كافِرٌ باللهِ وبآياتِه) [897] يُنظر: ((وسائل الشيعة)) للعاملي (18/563). .
ورَوى الصَّدوقُ عن سَديرٍ قال: قال أبو جَعفرٍ: (إنَّ العِلمَ الذي أوتيَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عِندَ عليٍّ، مَن عَرَفه كان مؤمنًا، ومَن جَحَدَه كان كافرًا) [898] يُنظر: ((علل الشرائع)) للقمي (1/211). .
وعن جَعفرٍ الصَّادِقِ أنَّه قال: (ما أحَدٌ على مِلَّةِ إبراهيمَ إلَّا نحن وشيعَتُنا، وسائِرُ النَّاسِ منها بَراءٌ) [899] يُنظر: ((المحاسن)) للبرقي (ص: 147). .
وعنِ الحُسَينِ بنِ نَعيمٍ الصَّحافِ قال: سَألتُ الصَّادِقَ عن قَولِه: فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ [التغابن: 2] ، فقال: (عَرَّف اللهُ إيمانَهم بوِلايتِنا وكُفرَهم بتَركِها يومَ أخَذَ عليهمُ الميثاقَ وهم في عالَمِ الذَّرِّ، وفي صُلبِ آدَمَ عليه السَّلامُ) [900] يُنظر: ((تفسير القمي)) (2/354). ويُنظر: ((الكافي)) للكليني (1/413). .
وعن عَبدِ اللهِ بنِ جُندُبٍ أنَّه كتَبَ إليه الرِّضا: (... إنَّ شيعَتَنا لمكتوبون بأسمائِهم وأسماءِ آبائِهم، أخَذَ اللهُ علينا وعليهمُ الميثاقَ، يرِدُونَ مَورِدَنا، ويدخُلونَ مَدخَلَنا، ليس على مِلَّةِ الإسلامِ غَيرُنا وغَيرُهم إلى يومِ القيامةِ) [901] يُنظر: ((الكافي)) للكليني (1/223). .
قال ابنُ بابَوَيهِ القُمِّيُّ: (اعتِقادُنا فيمَن جَحَدَ إمامةَ أميرِ المُؤمِنينَ عَليِّ بنِ أبي طالبٍ والأئِمَّةِ من بَعدِه أنَّه كمَن جَحَدَ نُبوَّةَ جَميعِ الأنبياءِ، واعتِقادُنا فيمَن أقَرَّ بأميرِ المُؤمِنينَ وأنكرَ واحدًا من بَعدِه مِنَ الأئِمَّةِ أنَّه بمَنزِلةِ مَن أقَرَّ بجَميعِ الأنبياءِ، وأنكرَ نُبوَّةَ نَبيِّنا مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم) [902] ((الاعتقادات)) (ص: 104). .  
وقال المُفيدُ: (اتَّفقَتِ الإماميَّةُ على أنَّ مَن أنكرَ إمامةَ أحَدٍ مِنَ الأئِمَّةِ، وجَحَدَ ما أوجَبَه اللهُ تعالى مِن فرضِ الطَّاعةِ لهم، فهو كافِرٌ ضالٌّ، مُستَحِقٌّ للخُلودِ في النَّارِ) [903] ((أوائل المقالات)) (ص: 44). .  
وقال أيضًا: (اتَّفقَتِ الإماميَّةُ على أنَّ أصحابَ البدَعِ كُلَّهم كُفَّارٌ، وأنَّ على الإمامِ أن يستَتيبَهم عِندَ التَّمَكُّنِ بَعدَ الدَّعوةِ لهم وإقامةِ البَيِّناتِ عليهم، فإن تابوا عن بدَعِهم وصاروا إلى الصَّوابِ، وإلَّا قَتَلهم لرِدَّتِهم عنِ الإيمانِ، وأنَّ مَن ماتَ منهم على تلك البدعةِ فهو من أهلِ النَّارِ) [904] ((أوائل المقالات)) (ص: 49). .
وقال ابنُ المُطَهرِ الحليُّ: (الإمامةُ لُطفٌ عامٌّ، والنُّبوَّةُ لُطفٌ خاصٌّ؛ لإمكانِ خُلوِّ الزَّمانِ من نَبيٍّ حَيٍّ، بخِلافِ الإمامِ، وإنكارُ اللُّطفِ العامِّ شَرٌّ من إنكارِ اللُّطفِ الخاصِّ، وإلى هذا أشارَ الصَّادِقُ عليه السَّلامُ بقَولِه عن مُنكِرِ الإمامةِ أصلًا ورَأسًا، وهو شَرُّهم) [905] ((الألفين في إمامة أمير المُؤمِنين علي بن أبي طالب)) (ص: 13). .
وقال الفَيضُ الكاشانيُّ: (ومَن جَحَدَ إمامةَ أحَدِهم -أي الأئِمَّةِ الاثني عَشرَ- فهو بمَنزِلةِ مَن جَحَدَ نُبوَّةَ جَميعِ الأنبياءِ عليهمُ السَّلامُ) [906] ((منهاج النجاة)) (ص: 48). .
وقال مُحَمَّد باقِر المَجلِسيُّ: (اعلَمْ أنَّ إطلاقَ لفظِ الشِّركِ والكُفرِ على مَن لم يعتَقِدْ إمامةَ أميرِ المُؤمِنينَ والأئِمَّةِ من ولدِه عليهمُ السَّلامُ، وفضَّل عليهم غَيرَهم، يدُلُّ أنَّهم مُخَلَّدونَ في النَّارِ) [907] ((بحار الأنوار)) (23/390). .
وقال نِعمةُ اللهِ الجَزائِريُّ مُبَرِّرًا تَكفيرَهم لغَيرِ الشِّيعةِ الاثنَي عَشريَّةِ: (لم نَجتَمِعْ مَعَهم على إلهٍ ولا نَبيٍّ ولا على إمامٍ، وذلك أنَّهم يقولونَ: إنَّ رَبَّهم هو الذي كان محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَبيَّه، وخَليفتُه أبو بكرٍ، ونحن لا نَقولُ بهذا الرَّبِّ، ولا بذلك النَّبيِّ، بل نَقولُ: إنَّ الرَّبَّ الذي خَليفةُ نَبيِّه أبو بكرٍ ليس رَبَّنا، ولا ذلك النَّبيُّ نَبيَّنا) [908] ((الأنوار النعمانية)) (2/279). !
وقال يوسُفُ البَحرانيُّ: (وليتَ شِعري، أيُّ فرقٍ بَينَ مَن كفرَ باللهِ سُبحانَه وتعالى ورَسولِه، وبَينَ مَن كفرَ بالأئِمَّةِ عليهمُ السَّلامُ، مَعَ ثُبوتِ كونِ الإمامةِ من أُصولِ الدِّينِ؟) [909] ((الحدائق الناضرة)) (18/153). .
وصَرَّحَ يوسُفُ البَحرانيُّ بكُفرِ أهلِ السُّنَّةِ؛ لإنكارِهمُ الوِلايةَ للأئِمَّةِ المَعصومينَ، وهي -كما زَعَمَ- مِمَّا عُلمَ مِنَ الدِّينِ بالضَّرورةِ [910] ((الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب)) (ص: 84). .
وقال عَبدُ اللهِ شُبَّرٌ: (وأمَّا سائِرُ المُخالفينَ مِمَّن لم يَنصِبْ ولم يُعانِدْ ولم يتَعَصَّبْ فالذي عليه جُملةٌ مِنَ الإماميَّةِ كالسَّيِّدِ المُرتَضى أنَّهم كفَّارٌ في الدُّنيا والآخِرةِ، والذي عليه الأكثَرُ الأشهَرُ أنَّهم كُفَّارٌ مُخَلَّدونَ في النَّارِ في الآخِرةِ) [911] ((حق اليقين في معرفة أصول الدين)) (2/188). .
وقال مُحَمَّد حَسَن النَّجَفيُّ: (المُخالِفُ لأهلِ الحَقِّ كافِرٌ بلا خِلافٍ بَينَنا، كالمَحكيِّ عنِ الفاضِلِ مُحَمَّد صالح في شَرحِ أصولِ الكافي، بل والشَّريفِ القاضي نوِر اللهِ في إحقاقِ الحَقِّ مِنَ الحُكمِ بكُفرِ مُنكِري الوِلايةِ؛ لأنَّها أصلٌ من أُصولِ الدِّينِ) [912] ((جواهر الكلام في شرائع الإسلام)) (6/62). 
وقال أيضًا: (مَعلومٌ أنَّ اللهَ تعالى عَقد الأُخوَّةَ بَينَ المُؤمِنينَ بقَولِه تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات: 10] دونَ غَيرِهم، وكيف يُتَصَوَّرُ الأُخوَّةُ بَينَ المُؤمِنِ وبَينَ المُخالفِ بَعدَ تَواتُرِ الرِّواياتِ وتَضافُرِ الآياتِ في وُجوبِ مُعاداتِهم والبَراءةِ منهم؟!) [913] ((جواهر الكلام في شرائع الإسلام)) (22/ 62). .
وقال المامقانيُّ: (غايةُ ما يُستَفادُ مِنَ الأخبارِ جَرَيانُ حُكمِ الكافِرِ والمُشرِكِ في الآخِرةِ على كُلِّ مَن لم يكُنْ اثنَي عَشريًّا) [914] ((تنفيح المقال)) (1/208). .
ونَقَل مُحسِنٌ الطَّباطَبائيُّ -المُلقَّبُ بالحَكيمِ- كُفرَ مَن خالف الشِّيعةَ الاثني عَشريَّةِ بلا خِلافٍ بَينَهم [915] يُنظر: ((مستمسك العروة الوثقى)) (1/392). .
وذَكرَ الخُمينيُّ رِوايةً عن مُحَمَّدِ بنِ مُسلمٍ الثَّقَفيِّ قال: سَألتُ أبا جَعفرٍ مُحَمَّدَ بنَ عَليٍّ عليهمُ السَّلامُ عن قَولِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ: فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان: 70] ، فقال عليه السَّلامُ: (يُؤتى بالمُؤمِنِ المُذنِبِ يومَ القيامةِ حتَّى يُقامَ بمَوقِفِ الحِسابِ، فيكونُ اللهُ تعالى هو الذي يتَولَّى حِسابَه لا يطَّلعُ على حِسابِه أحَدٌ مِنَ النَّاسِ، فيُعَرِّفُه بذُنوبِه حتَّى إذا أقَرَّ بسَيِّئاتِه قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ للكتَبةِ: بَدِّلوها حَسَناتٍ وأظهِروها للنَّاسِ، فيقولُ النَّاسُ حينَئِذٍ: ما كان لهذا العَبدِ سَيِّئةٌ واحِدةٌ، ثُمَّ يأمُرُ اللهُ به إلى الجَنَّةِ، فهذا تَأويلُ الآيةِ، وهي في المُذنِبينَ من شيعَتِنا خاصَّةً) [916] ((الأربعين)) (ص: 630). .
ثُمَّ قال الخُمينيُّ مُعلِّقًا على هذا الكلامِ: (مِنَ المَعلومِ أنَّ هذا الأمرَ يختَصُّ بشيعةِ أهلِ البَيتِ، ويُحرَمُ عنه النَّاسُ الآخَرونَ؛ لأنَّ الإيمانَ لا يحصُلُ إلَّا بواسِطةِ عليٍّ وأوصيائِه مِنَ المَعصومينَ عليهمُ السَّلامُ، بل لا يُقبَلُ الإيمانُ باللهِ ورَسولِه من دونِ الوِلايةِ) [917] ((الأربعين)) (ص: 631). .
وعَقدَ الخُمينيُّ فصلًا بعُنوانِ: (وِلايةُ أهلِ البَيتِ شَرطٌ لقَبولِ الأعمالِ)، وقال: (إنَّ ما مَرَّ في ذَيلِ الحَديثِ الشَّريفِ من أنَّ وِلايةَ أهلِ البَيتِ ومَعرِفتَهم شَرطٌ في قَبولِ الأعمالِ يُعتَبَرُ مِنَ الأُمورِ المُسلمةِ، بل تَكونُ من ضَروريَّاتِ مَذهَبِ التَّشَيُّعِ المُقدَّسِ، وتَكونُ الأخبارُ في هذا المَوضوعِ أكبَرَ من طاقةٍ مِثلِ هذه الكُتُبِ المُختَصَرةِ على استيعابِها، وأكثَرَ مِن حَجمِ التَّواتُرِ، ويتَبَرَّكُ هذا الكِتابُ بذِكرِ بَعضِ تلك الأخبارِ) [918] ((الأربعين)) (ص: 632). .
وقال الخُمينيُّ أيضًا: (الأخبارُ في هذا المَوضوعِ وبهذا المَضمونِ كثيرةٌ، ويُستَفادُ في مَجموعِها أنَّ وِلايةَ أهلِ البَيتِ عليهمُ السَّلامُ شَرطٌ في قَبولِ الأعمالِ عِندَ اللهِ سُبحانَه، بل هو شَرطٌ في قَبولِ الإيمانِ باللهِ والنَّبيِّ الأكرَمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) [919] ((الأربعين)) (ص: 633). .
وقال أيضًا: (لا يجوزُ للمُؤمِنةِ -أي الشِّيعيَّةِ- أن تَنكِحَ النَّاصِبَ -يعني السُّنِّيَّ- المُعلِنَ بعَداوةِ أهلِ البَيتِ عليه السَّلامُ، ولا الغاليَ المُعتَقِدَ بأُلوهيَّتِهم أو نَبُّوتِهم، وكذا لا يجوزُ للمُؤمِنِ أن ينكِحَ النَّاصبيَّةَ والغاليةَ؛ لأنَّهما بحُكمِ الكُفَّارِ، وإن انتَحَلا دينَ الإسلامِ) [920] يُنظر: ((تحرير الوسيلة)) (2/ 260). .
وقال أبو القاسِمِ الخوئيُّ: (لا شُبهةَ في كُفرِهم -أي المُخالفينَ- لأنَّ إنكارَ الوِلايةِ والأئِمَّةِ حتَّى الواحِدِ مِنهم والاعتِقادَ بخِلافةِ غَيرِهم وبالعَقائِدِ الخُرافيَّةِ كالجَبرِ ونَحوِه، يوجِبُ الكُفرَ والزَّندَقةَ، وتَدُلُّ عليه الأخبارُ المُتَواتِرةُ الظَّاهرةُ في كُفرِ مُنكِرِ الوِلايةِ أنَّه لا أُخوَّةَ ولا عِصمةَ بَينَنا وبَينَ المُخالفينَ) [921] ((مصباح الفقاهة)) (2/11). .
وورَدَت في كُتُبِ الشِّيعةِ مَرويَّاتٌ تُبَيِّنُ أنَّ أهلَ السُّنَّةِ وكُلَّ مَن خالف الشِّيعةَ الإماميَّةَ في النَّارِ؛ فعن جَعفرٍ الصَّادِقِ أنَّه قال: (إنَّ النَّاصِبَ لنا أهلَ البَيتِ لا يُبالي صامَ أم صَلَّى، زَنا أم سَرَقَ، إنَّه في النَّارِ، إنَّه في النَّارِ) [922] يُنظر: ((ثواب الأعمال وعقاب الأعمال)) للصدوق (ص: 215).
فعن أبي جَعفرٍ أنَّه قال في قَولِ اللهِ تعالى: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ [الذاريات: 8]: (في أمرِ الولايةِ) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ [الذاريات: 9]، قال: (مَن أُفِكَ عنِ الوِلايةِ أُفِكَ عنِ الجَنَّةِ) [923] يُنظر: ((بصائر الدرجات)) للصفار (ص: 97). .
وعن أبانَ بنِ تَغلبَ قال: قال أبو عبدِ اللهِ عليه السَّلامُ: (كُلُّ ناصِبٍ وإن تَعَبَّدَ واجتَهَدَ يصيرُ إلى هذه الآيةِ: عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً [الغاشية: 3 - 4] ) [924] يُنظر: ((ثواب الأعمال وعقاب الأعمال)) للصدوق (ص: 247). .
وعن عليٍّ الخدميِّ قال: قال أبو عبدِ اللهِ عليه السَّلامُ: (إنَّ الجارَ يشفعُ لجارِه، والحَميمَ لحميمِه، ولو أنَّ المَلائِكةَ المُقَرَّبينَ والأنبياءَ المُرسَلينَ شَفعوا في ناصِبٍ ما شُفِّعوا) [925] يُنظر: ((المحاسن)) للبرقي (ص: 184). .
وعَددٌ مِنَ المرجعيَّاتِ الشِّيعيَّةِ المُعاصِرةِ تَنفي عن مَذهَبهمُ القَولَ بتَكفيرِ أهلِ السُّنَّةِ واستِحلالِ دِمائِهم وأموالِهم، ويعتَبرونَ ذلك اتِّهامًا باطِلًا. ومنهم حَسَن موسى الصَّفَّار، وهو أحَدُ أبرَزِ المَراجِعِ الشِّيعيَّةِ الحاليَّةِ في مِنطَقةِ القَطيفِ بالسُّعوديَّةِ؛ فقد قال بأنَّ جُمهورَ فُقَهاءِ الشِّيعةِ على الحُكمِ بإسلامِ أبناءِ المَذاهِبِ الإسلاميَّةِ وطَهارَتِهم وحُرمةِ دِمائِهم وأعراضِهم، وجَوازِ أكلِ ذَبائِحِهم والتَّزاوُجِ فيما بَينَهم. وقال بأنَّ رَأيَ المَذهَبِ والطَّائِفةِ تُعَبِّرُ عنه حاليًّا المَرجِعيَّةُ العُليا المُتَمَثِّلةُ في السِّيستانيِّ الذي قال: إنَّ (المُسلمَ غَيرَ الاثنَي عَشريٍّ مُسلِمٌ واقِعًا وظاهرًا لا ظاهرًا فقَط؛ ولذلك فإنَّ عِبادَتَه كصَلاتِه وصَومِه وحَجِّه تَكونُ مُجزيةً ومُبرِئةً لذِمَّتِه مِنَ التَّكليفِ بها إذا كانت مُستَوفيةَ الشُّروطِ.
وذَكرَ الصَّفَّارُ أنَّ في التُّراثِ الإسلاميِّ لدى جَميعِ المَذاهِبِ رِواياتٍ وأقوالًا تَنحو مَنحى التَّكفيرِ إلَّا أنَّ هناك نقاشًا في سَنَدِها وفي دَلالتِها، وأنَّه حتَّى الصَّحيحُ منها تُعارِضُه رِواياتٌ راجِحةٌ، وأنَّ أقوالَ بَعضِ الفُقَهاءِ حَولَ التَّكفيرِ تَأخُذُ مَنحى الطَّرحِ النَّظَريِّ الذي لا يتَرَتَّبُ عليه أثَرٌ عَمَليٌّ، وهو مَردودٌ أيضًا عِندَ بَقيَّةِ الفُقَهاءِ، وقال: (ما كُلُّ ما ورَدَ في كُتُبِ الحَديثِ يُؤخَذُ به؛ ولذلك لم يُفتِ بها مَراجِعُ الشِّيعةِ، وإنَّما حَكموا بإسلامِ جُمهورِ المُسلمينَ على اختِلافِ مَذاهِبِهم) [926] يُنظر: ((الموقع الرسمي لمكتب حسن الصفار)). .
وفي رِسالةٍ مَطبوعةٍ لأحمَد كوثَري جَمع فيها آراءَ عُلماءِ الشِّيعةِ المُعاصِرينَ حَولَ حُرمةِ الإساءةِ إلى المُسلمينَ وتَكفيرِهم، وذلك بطَلبٍ من قِسمِ البُحوثِ لدى الأمانةِ العامَّةِ للمُؤتَمَرِ العالميِّ لمواجَهةِ التَّيَّاراتِ المُتَطَرِّفةِ والتَّكفيريَّةِ في مَدينةِ قُمَّ بجُمهوريَّةِ إيرانَ، جَمَعَ فيها المُؤَلِّفُ نقولاتٍ لـ35 من رِجالِ المَذهَبِ الشِّيعيِّ الإماميِّ، ومنهمُ الخُمينيُّ، والخامِنئيُّ، والخُوئيُّ، والطَّباطَبائيُّ، ومُحَمَّد باقِر الصَّدر، وعَليٌّ السِّيستانيُّ، وعبدُ اللهِ آمِلي، ومُحَمَّد حُسَين فضل الله، وعبدُ الكريمِ الأردبيليُّ، وعليٌّ التَّسخيريُّ، ومُرتَضى مُطهري، وغَيرُهم.
وجاءَ في مُقدِّمةِ هذا الكِتابِ للأمانةِ العامَّةِ: (نَظَرًا إلى أنَّ المرجعيَّاتِ الدِّينيَّةَ الرَّشيدةَ والعُلماءَ الأفاضِلَ في مَدرَسةِ أهلِ البَيتِ لم يُجيزوا الإساءةَ إلى مُقدَّساتِ المَذاهِبِ الإسلاميَّةِ وتَكفيرِ أتباعِها، وأصدَروا فتاوى صَريحةً بتَحريمِ مِثلِ هذه الأعمالِ؛ لذا ارتَأتِ الأمانةُ الدَّائِمةُ للمُؤتَمَرِ العالميِّ حَولَ مَخاطِرِ التَّيَّاراتِ التَّكفيريَّةِ وبالتَّعاوُنِ مَعَ ممثليَّةِ الوليِّ الفقيهِ في شُؤونِ الحَجِّ والزِّيارةِ على نَشرِ فتاوى المرجعيَّاتِ الدِّينيَّةِ الشِّيعيَّةِ، لتَخطوَ بذلك خُطوةً مُهمَّةً على طَريقِ تَعزيزِ أُسُسِ التَّقريبِ بَينَ المَذاهبِ الإسلاميَّةِ، وتَحقيقِ تَقارُبٍ أكبَرَ بَينَ العُلماءِ من جَميعِ المَذاهبِ، في إطارِ التَّصَدِّي للتَّطَرُّفِ والتَّكفيرِ وجَرائِمِه على الصَّعيدِ النَّظَريِّ. يجمَعُ هذا الكُرَّاسُ فتاوى المرجعيَّاتِ الدِّينيَّةِ الشِّيعيَّةِ حَولَ حُرمةِ الإساءةِ إلى مُقدَّساتِ المَذاهِبِ الإسلاميَّةِ وتَكفيرِ أهلِ القِبلةِ في ضَوءِ تَعاليمِ القُرآنِ الكريمِ والأحاديثِ الشَّريفةِ، وقد قامَتِ الأمانةُ العامَّةُ للمُؤتَمَرِ العالميِّ للتَّصَدِّي للتَّيَّاراتِ المُتَطَرِّفةِ والتَّكفيريَّةِ مُمَثَّلةً بالجُهودِ المَشكورةِ لحُجَّةِ الإسلامِ كوثَري، وبطَلبٍ من قِسمِ البُحوثِ في الأمانةِ المَذكورةِ بإعادةِ صياغةِ هذه المَجموعةِ وإغنائِها وتَوثيقِها) [927] يُنظر: ((آراء علماء الشيعة حول حرمة الإساءة إلى المسلمين وتكفيرهم)) (ص: 7-8). .

انظر أيضا: