موسوعة الفرق

المطلَبُ الثَّاني: تَكفيرُ الشِّيعةِ الإماميَّةِ لبَقيَّةِ آلِ البَيتِ 


مِنَ العَجائِبِ أنَّ الشِّيعةَ يدَّعونَ حُبَّ آلِ البَيتِ، بَينَما توجَدُ في كُتُبِهم مَرويَّاتٌ تُكفِّرُ بَعضَهم، كالعَبَّاسِ بنِ عَبدِ المَطَّلِبِ، وابنَيه عَبدِ اللهِ وعُبَيدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهم جَميعًا، وقد صَرَّحوا بكُفرِ كُلِّ مَن ادَّعى الإمامةَ ولم يكُنْ من أئِمَّتِهمُ الاثني عَشَرَ سَواءٌ كان من أئِمَّةِ الشِّيعةِ الزَّيديَّةِ أو غَيرِهم، وهذه بَعضُ النُّقولاتِ من كُتُبِهم:
ذَكرَ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الطُّوسيُّ عن أبي جَعفرٍ في قَولِ اللهِ تعالى: وَمَنْ كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا [الإسراء: 72] ، وقولِه تعالى: وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ [هود: 34] ، قال: (نَزَلتا في العَبَّاسِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ) [886] ((رجال الكشي)) (ص: 127). .
وذَكرَ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الطُّوسيُّ عنِ الفُضَيلِ بنِ يسارٍ عن أبي جَعفرٍ، سَمعتُه يقولُ: (قال أميرُ المُؤمِنينَ: اللَّهُمَّ العَنِ ابنَيْ فُلانٍ، وأعمِ أبصارَهما كما عَمِيَت قُلوبُهما، واجعَلْ عَمى أبصارِهما دليلًا على عَمى قُلوبِهما) [887] ((رجال الكشي)) (ص: 125). قال في الحاشية: (ابني فُلانٍ) أي: عبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ، وعُبَيدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ. .
وعَقدَ الكُلينيُّ في كِتابِه (الكافي) بابًا بعُنوانِ: (مَن ادَّعى الإمامةَ وليس بأهلٍ لها)، رَوى فيه عن أبي جَعفرٍ الباقِرِ أنَّه سُئِل عن قَولِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ [الزمر: 60] قال: (مَن قال: إنِّي إمامٌ وليس بإمامٍ. قال: قُلتُ: وإن كان عَلَويًّا؟ قال: وإن كان عَلَويًّا. قُلتُ: وإن كان مَن وَلَدِ عَليِّ بنِ أبي طالبٍ عليه السَّلامُ؟ قال: وإن كان، وفي رِوايةٍ عنِ ابنِه جَعفرٍ أنَّه قال: وإن كان فاطميًّا عَلَويًّا) [888] ((الكافي)) (1/372).
وعن أبانَ عنِ الفُضَيلِ عن أبي عَبدِ اللهِ قال: (مَن ادَّعى الإمامةَ وليس من أهلِها فهو كافِرٌ) [889] ((الكافي)) (1/372). .
قال المازَنْدَرانيُّ في شَرحِه على هذا الحَديثِ: (قَولُه: فهو كافِرٌ، أي: كافِرٌ خارِجٌ عن دينِ الإسلامِ، كمَن ادَّعى النُّبوَّةَ وليس من أهلِها، ومَن أنكرَ إمامةَ مَن هو من أهلِها) [890] ((شرح أصول الكافي)) (6/345). .
وعن مُحَمَّدِ بنِ سَعيدِ بنِ غَزوانَ قال: حَدَّثَني عَبدُ اللهِ بنُ المُغيرةِ قال: قُلتُ لأبي الحَسَنِ عليه السَّلامُ: (إنَّ لي جارَينِ أحَدُهما ناصِبٌ والآخَرُ زَيديٌّ، ولا بُدَّ من مُعاشَرَتِهما، فمَن أُعاشِرُ؟ فقال: هما سيَّانِ، من كذَّب بآيةٍ من كِتابِ اللهِ فقد نَبَذَ الإسلامَ وراءَ ظَهرِه، وهو المُكذِّبُ بجَميعِ القُرآنِ والأنبياءِ والمُرسَلينَ، ثُمَّ قال: إنَّ هذا نَصبَ لك، وهذا الزَّيديُّ نَصبَ لنا) [891] يُنظر: ((الكافي)) (8/ 235). .
قال ابنُ بابَوَيهِ القُمِّيُّ: (الظُّلمُ وضعُ الشَّيءِ في غَيرِ مَوضِعِه، فمَن ادَّعى الإمامةَ وليس بإمامٍ فهو ظالمٌ مَلعونٌ، ومَن وضَع الإمامةَ في غَيرِ أهلِها فهو ظالمٌ مَلعونٌ) [892] ((الاعتقادات)) (ص: 103). .
وقال المَجلِسيُّ: (اعلَمْ أنَّ إطلاقَ لفظِ الشِّركِ والكُفرِ -يعني في نُصوصِهم- على مَن لم يعتَقِدْ إمامةَ أميرِ المُؤمِنينَ والأئِمَّةِ مِن ولَدِه عليهمُ السَّلامُ، وفضَّل عليهم غَيرَهم، يدُلُّ أنَّهم كُفَّارٌ مُخَلَّدونَ في النَّارِ) [893] ((بحار الأنوار)) (23/390). .

انظر أيضا: