موسوعة أصول الفقه

المَطلَبُ الثَّالثُ: حُكمُ الاستِدلالِ بالاستِقراءِ


الاستِقراءُ التَّامُّ يُفيدُ القَطعَ ؛ قال الزَّركَشيُّ: (وهو -أي: التَّامُّ- يُفيدُ القَطعَ؛ لأنَّ الحُكمَ إذا ثَبَتَ لكُلِّ فردٍ مِن أفرادِ شَيءٍ على التَّفصيلِ فهو لا مَحالةَ ثابتٌ لكُلِّ أفرادِه على الإجمالِ) . وذَكَر صَفيُّ الدِّينِ الهِنديُّ ، والزَّركَشيُّ أنَّه حُجَّةٌ بلا خِلافٍ .
وأمَّا الاستِقراءُ النَّاقِصُ فالمُختارُ أنَّه حُجَّةٌ، وهو مَعمولٌ به في الفِقهيَّاتِ والأُصولِ، وهو يُفيدُ الظَّنَّ، وهو اختيارُ الجُمهورِ مِنَ المالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ .
والدَّليلُ على إفادَتِه الظَّنَّ أنَّا إذا وجَدنا صورًا كَثيرةً داخِلةً تَحتَ نَوعٍ واحِدٍ، وقدِ اشتَرَكَت في حُكمٍ، ولم نَرَ شَيئًا مِمَّا نَعلمُ مِنها أنَّه خَرَجَ عن ذلك الحُكمِ؛ أفادَتْنا هذه الكَثرةُ بلا رَيبٍ ظَنَّ أنَّ ذلك الحُكمَ ثابتٌ لبَقيَّةِ الجُزئيَّاتِ، وإذا أفادَ الظَّنَّ كان العَمَلُ به واجِبًا .
وكُلَّما تَتبَّع المُجتَهِدُ الكَثيرَ مِنَ الجُزئيَّاتِ كان الحُكمُ الثَّابتُ بها أقوى ظَنًّا .
وقيل: لا يُفيدُ الظَّنَّ إلَّا بدَليلٍ مُنفصِلٍ، وهو اختيارُ الرَّازِيِّ .
وقيل: لا يُحتَجُّ بالاستِقراءِ، وهو اختيارُ ابنِ حَزمٍ ، وابنِ الدَّهَّانِ .

انظر أيضا:

  1. (1)   يُنظر: ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (6/2620). ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (8/4050)، ((الفوائد السنية)) للبرماوي (5/145)، ((التقرير والتحبير)) لابن أمير الحاج (1/65)، ((التحبير)) للمرداوي (8/3788).
  2. (2)   يُنظر: ((البحر المحيط)) (8/6).
  3. (3) قال: (فأمَّا التَّامُّ فهو: إثباتُ الحُكمِ في جُزئيٍّ لثُبوتِه في الكُلِّ، وهذا هو القياسُ المَنطِقيُّ المُفيدُ للقَطعِ والجَزمِ، وهو حُجَّةٌ مِن غَيرِ خِلافٍ). ((نهاية الوصول)) (8/4050).
  4. (4) قال: (فالتَّامُّ: إثباتُ الحُكمِ في جُزئيٍّ لثُبوتِه في الكُلِّيِّ على الاستِغراقِ. وهذا هو القياسُ المَنطِقيُّ المُستَعمَلُ في العَقليَّاتِ، وهو حُجَّةٌ بلا خِلافٍ). ((البحر المحيط)) (8/6).
  5. (5) يُنظر: ((شرح تنقيح الفصول)) للقرافي (ص:448).
  6. (6) يُنظر: ((منهاج الوصول)) للبيضاوي (ص: 227)، ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (8/4050).
  7. (7) يُنظر: ((الواضح)) لابن عقيل (2/74)، ((أصول الفقهـ)) لابن مفلح (4/1449).
  8. (8) يُنظر: ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (6/2622)، ((التحبير)) للمرداوي (8/3790).
  9. (9)   يُنظر: ((غاية الوصول)) لزكريا الأنصاري (ص:145).
  10. (10)   يُنظر: ((المحصول)) (6/161).
  11. (11) يُنظر: ((التقريب لحد المنطق)) (ص:166).
  12. (12) يُنظر: ((تقويم النظر في مسائل خلافية ذائعة)) (1/89).