الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2867 ). زمن البحث بالثانية ( 0.006 )

العام الهجري : 737 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1336
تفاصيل الحدث:

أُفرِجَ عن الخليفة من سِجنه بالقلعة يوم الأربعاء من ربيع الأول، فكانت مُدَّةُ اعتقاله خمسة أشهر وسبعة أيام، ثم أُمِرَ به فأخرج إلى قوص، ومعه أولادُه وابنُ عَمِّه، وكُتِبَ لوالي قوص أن يحتَفِظَ بهم، وكان سَبَبُ ذلك أن السلطان لما نزل عن المُلكِ في سنة 708، وحصل الاجتماعُ على المظَفَّر بيبرس وقَلَّدَه المستكفي بالسلطنة، نَقَمَها عليه السلطانُ النَّاصِرُ وأسَرَّها له، ثم لما قام السلطانُ لاسترجاع مُلكِه، جَدَّد المستكفي للمظَفَّر الولاية، ونُسِبَت في السلطان أقوالٌ إليه حَمَلت السلطان على التحامُل عليه، فلما عاد السلطانُ إلى الملك في سنة 709 أعرض عن المستكفي كلَّ الإعراض، ولم يزَلْ يكَدِّرُ عليه المشارب حتى تَرَكه في برج بالقلعة في بَيتِه وحَرَمِه وخاصَّتِه، فقام الأميرُ قوصون في أمره، وتلَطَّف بالسلطان إلى أن أنزله إلى داره، ثم نُسِبَ إلى ابنه صَدَقة أنه تعَلَّق ببعض خاصة السلطان، وأن ذلك الغلام يتردَّدُ إليه، فنُفِيَ الغلام وبلغ السلطان أنَّه هو يكثر من اللهو في داره التي عَمَرها على النيل بخَطِّ جزيرة الفيل، وأن أحد الجمدارية- حامل ملابس السلطان- يقال له أبو شامة جميل الوجهِ ينقطع عنده ويتأخَّرُ عن الخدمة، فقُبِضَ على الجمدار وضُرب، ونفي إلى صفد، وضُرِبَ رجل من مؤذني القلعة- اتُّهِمَ أنه كان السفير بين الجمدار وبين الخليفة- حتى مات، واعتُقِلَ الخليفة، ثمَّ لَمَّا أُفرِجَ عنه اتُّهِمَ أنه كتب على قصة رُفِعَت إليه "يحمل مع غريمه إلى الشرع"، فأحضره السلطان إلى القلعة ليجتَمِعَ به بحضرة القضاء، فخيله قاضي القضاة جلال الدين القزويني من حضوره أن يَفرُطَ منه كلامٌ في غَضَبِه يَصعُبُ تَدارُكُه، فأعجَبَ السلطان ذلك، وأمر به أن يخرُجَ إلى قوص، فسار بصحبة الأمير سيف الدين قطلوا تمرقلي في يوم السبت تاسع عشر ذي الحجة، بجميع عيالِه وهم مائة شخص، وكان مُرَتَّبُه في كل شهر خمسة آلاف درهم، فعُمِلَ له بقوص ثلاثة آلاف درهم، ثم استقَرَّ ألف درهم، فاحتاج حتى باع نساؤُه ثيابَهنَّ.

العام الهجري : 180 العام الميلادي : 796
تفاصيل الحدث:

هو أبو بِشرٍ عَمرُو بنُ عُثمانَ بنِ قُنَبْرَ مَولى بني الحارثِ بنِ كعبٍ، قيل: مولى الرَّبيع بن زياد الحارثي البصري، ولُقِّبَ سيبويهِ لجَمالِه وحُمرةِ وَجنَتَيه، حتى كانتا كالتفَّاحتَين، وسيبويهِ في لغة فارس (رائحةُ التفاحِ)، وهو الإمامُ العلَّامة العَلَم، شيخُ النُّحاة من لدنْ زمانِه إلى زمانِنا هذا، والناسُ عِيالٌ على كتابِه المشهورِ في هذا الفنِّ المعروفِ باسمِ "كتابُ سِيبَويه"، وقد شُرِحَ شروحًا كثيرةً، وقلَّ من يحيطُ عِلمًا به، أخذ سيبويهِ العلمَ عن الخليلِ بنِ أحمدَ الفراهيديِّ ولازَمَه، و كان الخليلُ إذا جاءه سيبويهِ يقول: مرحبًا بزائرٍ لا يُمَلُّ"، وأخذ أيضًا عن عيسى بنِ عُمَر، ويونُسَ بنِ حَبيب، وأبي زيدٍ الأنصاريِّ، وأبي الخطَّابِ الأخفشِ الكبيرِ، وغيرهم، قَدِمَ مِن البصرةِ إلى بغدادَ أيَّامَ كان الكسائيُّ يؤدِّبُ الأمينَ بنَ الرَّشيدِ، وحصلت بينهم وَحشةٌ، فانصرف وعاد إلى بلادِ شيراز.

العام الهجري : 785 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1383
تفاصيل الحدث:

في أوَّلِ شَهرِ رَجَب من هذه السنة طلع الأميرُ صلاح الدين محمد بن محمد بن تنكز نائب الشام إلى السلطانِ ونقل له عن الخليفة المتوكل على الله أبي عبد الله محمد أنَّه اتفق مع الأمير قرط بن عمر التركماني المعزول عن الكشوفيَّة ومع إبراهيم بن قطلوقتمر العلائي أمير جاندار ومع جماعةٍ من الأكراد والتركمان، وهم نحو من ثمانمائة فارس، أنَّهم يَثِبون على السلطان إذا نزل من القَلعةِ إلى الميدان في يوم السَّبتِ لِلَّعِبِ بالكرة يقتلونَه ويمكنون الخليفةَ مِن الأمرِ والاستبدادِ بالمُلكِ، فحَلَّف السلطانُ ابن تنكز على صِحَّة ما نقل، فحلف له، وطلب أن يحاقِقَهم على ذلك، فبعث السلطانُ إلى الخليفة وإلى قرط وإلى إبراهيم بن قطلقتمر، فأحضرهم وطلب سودون النائب وحَدَّثه بما سمع، فأخذ سودون ينكِرُ ذلك ويستبعد وقوعَه منهم، فأمر السلطان بالثلاثة فحضروا بين يديه وذكر لهم ما نُقِلَ عنهم فأنكروا إلا قرط، فإنه خاف من تهديد السلطان، فقال: الخليفةُ طَلَبني وقال: هؤلاء ظَلَمةٌ وقد استولوا على هذا المُلكِ بغير رضائي، وإني لم أقلِّدْ بَرقوقًا السلطنةَ إلَّا غصبًا، وقد أخذ أموال الناسِ بالباطل، وطلب مني أن أقومَ معه وأنصُرَ الحَقَّ، فأجبْتُه إلى ذلك ووعدتُه بالمساعدة، وأن أجمع له ثمانمائة واحد من الأكراد والتركمان وأقوم بأمره، فقال السلطان للخليفة: ما قولُك في هذا؟ فقال: ليس لِما قاله صحة، فسأل إبراهيم بن قطلقتمر عن ذلك، فقال: ما كنت حاضرًا هذا الاتِّفاق، لكِنَّ الخليفة طلبني إلى بيته بجزيرة الفيل وأعلمني بهذا الكلامِ وقال لي: إن هذا مصلحةٌ، ورغَّبني في موافقته والقيام لله تعالى ونُصرة الحق، فأنكر الخليفةُ ما قاله إبراهيم أيضًا، وصار إبراهيمُ يذكُرُ له أمارات والخليفةُ يَحلِفُ أن هذا الكلام ليس له صِحَّة، فاشتَدَّ حَنَق الملك الظاهر وسَلَّ السيف ليضرَبَ عنق الخليفة، فقام سودون النائب وحال بينه وبين الخليفةِ، وما زال به حتى سكَنَ بعضُ غضبه، فأمر الملك الظاهِرُ بقرط وإبراهيم يسفرا، واستدعى القضاة ليُفتُوه بقتل الخليفة، فلم يُفتُوه بقتله، وقاموا عنه، فأخذ برقوق الخليفةَ وسَجَنَه بموضع في قلعة الجبل وهو مقَيَّد، وسَمَرَ قرط وإبراهيم وشُهِرَا في القاهرة ومصر، ثم أُوقِفا تحت القلعة بعد العصر، فنزل الأمير أيدكار الحاجب وسار بهما ليوسَّطا خارج باب المحروق من القاهرة، فابتدأ بقرط فوُسِّط، وقبل أن يُوسَّط إبراهيم جاءت عدَّةٌ من المماليك بأن الأمراء شَفَعوا في إبراهيم، ففُكَّت مساميره وسُجِنَ بخزانة شمائل، وطَلَب السلطانُ زكريا وعمر ابني إبراهيم عم المتوكل، فوقع اختيارُه على عمر بن الخليفة المستعصم بالله أبي إسحاق إبراهيم بن المستمسك بالله أبي عبد الله محمد بن الإمام الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد بن الحسن بن أبي بكر بن أبي علي إسحاق ابن علي القبي، فولَّاه الخلافة، وخلع عليه، فتلقَّبَ بالواثق بالله، ثم في يوم الثلاثاء تاسع ذي القعدة أفرج السلطانُ عن الخليفة المتوكل على الله، ونُقِلَ من سجنه بالبرج إلى دار بالقلعةِ وأحضَرَ إليه عيالَه.

العام الهجري : 748 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1348
تفاصيل الحدث:

هو الشَّيخُ الإمامُ العلَّامة الحافِظُ شَمسُ الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي خاتمةُ الحُفَّاظ، كان من أسرة تُركمانيَّة الأصل، تنتهي بالولاءِ إلى بني تميم، سكنت مدينة ميافارقين من أشهَرِ مدن ديار بكر، ولِدَ في كفر بطنا قرب مدينة دمشق في شهرِ ربيع الآخر سنة 673, وهو حافِظٌ لا يُجارَى ولافِظٌ لا يُبارى، أتقَنَ عِلمَ الحديث ورجالَه، ونظَرَ عِلَلَه وأحوالَه، وعرف تراجم الناس وأزال الإبهام في تواريخهم, واشتهَرَ بالعِلمِ والورع؛ قال السيوطي: "حُكِيَ عن شيخ الإسلام أبي الفضلِ ابنِ حَجَر أنَّه قال: شَرِبتُ ماء زمزم لأصِلَ إلى مرتبة الذهبيِّ في الحفظِ, ثم قال السيوطي: والذي أقولُه: إن المحَدِّثين عيالٌ الآن في الرجالِ وغَيرِها من فنونِ الحديث على أربعةٍ: المِزِّي، والذَّهَبي، والعِراقي، وابن حجر" ومُصَنَّفاته كثيرةٌ جِدًّا تُنبِئ عن عِلمِه الزاخر في الحديث والرجال والتاريخ، فله كتب مشهورة، منها: كتاب تاريخ الإسلام وطبقات مشاهير الأعلام، وكتاب سير أعلام النبلاء، وله في الرجال كتب كثيرة أشهرها: ميزان الاعتدال في أحوال الرجال، وتذكرة الحُفَّاظ، وطبقات القُراء، وله تعليقات على المستدرك، وله كتاب الكبائر، والطب النبوي، وغيرها كثير يصعُب حَصرُه هنا، وقف الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني على تاريخه الكبير المسمى بتاريخ الإسلام جزءًا بعد جزء إلى أن أنهاه مطالعةً وقال: "هذا كتابُ عَلَمٍ اجتمَعْتُ به وأخذتُ عنه وقرأتُ عليه كثيرًا من تصانيفه، ولم أجِدْ عنده جمودَ المحدِّثين، ولا كَودَنة النَّقلة، بل هو فقيهُ النَّظَر، له دُربة بأقوالِ النَّاسِ ومذاهِبِ الأئمة من السلف وأرباب المقالاتِ، وأعجبني منه ما يعانيه في تصانيفِه مِن أنه لا يتعدى حديثًا يورده حتى يبيِّنَ ما فيه من ضَعفِ مَتنٍ أو ظَلامِ إسنادٍ أو طَعنٍ في رواتِه، وهذا لم أرَ غَيرَه يراعي هذه الفائدةَ فيما يورده. توفي في ليلة الاثنين ثالث شهر ذي القعدة، وصُلِّيَ عليه يوم الاثنين صلاة الظهر في جامع دمشق ودُفِنَ بباب الصغير.

العام الهجري : 1187 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1773
تفاصيل الحدث:

غزا الإمامُ عبد العزيز بن محمد بن سعود الرياضَ في صفَر, فنازل أهلَها أيامًا عديدة وضيَّق عليهم واستولى على بعضِ برودِها وهدم أكثَرَها وهدم المرقابَ، وحصل بينهم قتالٌ قُتِل فيه عددٌ من أهل الرياض، وكانت هذه الغزوةُ. يقول ابن بشر: "بعد هذه الوقعة دخل قلبَ دهام الرعبُ والخجَلُ، ودخله الخوفُ والوجَلُ، فلم تستقرَّ له عينٌ, وقام يحاول الانهزامَ، وجمع رؤساءَ بلَدِه وأخبَرَهم بحقيقة مقصِدِه وأنه ملئَ خوفًا ورعبًا، فصاحوا عليه بأجمَعِهم وقالوا: خذ منا العهدَ والميثاقَ، فقال لهم: دعوني، فليست هذه البلدُ لي وطنًا، ولا أجد لي بها أنسًا ولا سكنًا" فلما انتصف ربيع الثاني من هذا العام سار عبد العزيز للمرَّةِ الثانية في هذا العام لغزوِ الرياضِ، فلمَّا قَرُب منها جاءه البشير بأنَّ ابنَ دواس قد هرب من الرياض، فحَثَّ عبد العزيز السيرَ إليها فدخلها بعد أن ألقى اللهُ في قلب دهام  الرعبَ، فخرج منها هو ونساؤه وعياله وأعوانه. يصف ابنُ بشر خروجَ ابن دواس من الرياض ودخولَ الإمام عبد العزيز بن محمد بقوله: "وهذا شيء حدث، فإنَّه ما خاف من أهل بلدِه خيانةً، بل كلُّهم صادقون معه، ولا حصل عليه تضييقٌ يُلجِئه إلى ذلك، والحرب بينه وبين المسلمين له وعليه، ولكنَّ الله سبحانه جعلها آيةً لِمن افتكر، وعبرةً لمن اعتبر. قيل إنه انتفخ سَحرُه وطاش قلبُه ولبُّه، فقام فزعًا مرعوبًا وركب خيلَه وركابَه، فلما ظهر من القصر، قال: يا أهل الرياض، هذا لي مدة سنين أحارب ابنَ سعود، والآن سئمت من الحرب، فمن أراد أن يتبعني فليفعَلْ, ففَرَّ أهل الرياض في ساقتِه الرجال والنساء، هربوا على وجوههم إلى البَرِّ، وقصدوا الخرجَ، وهلك منهم خلقٌ كثير عطشًا وجوعًا.. والرجل من أهل الرياض يأخذُ الغرب- نوع من الدلو كبير-يجعل فيه ماء ويحمله على ظهرِه، والغرب لا يمسِكُ الماء، والإبل عنده لا يركَبُها، وتركوها خاويةً على عروشها: الطعام واللحم في القدور، والسواني في المناحي، والأبواب لم تغلق, وفي البلدِ مِن الأموال ما يعجِزُ عنه الحصر, فلما دخل عبد العزيز الرياضَ نادى فيها بالأمانِ، فرجع كثيرٌ منهم وسكنوها، وحاز عبد العزيز ما فيها من أموالِ الهاربين من السلاحِ والطعام والأمتعة وغير ذلك، ومات ممَّن مع دهام في هزيمتِه أربعمائة..  وقد أقام هذه الحرب سبعة وعشرين سنة، وذكر لي أنَّ القتلى في هذه المدة نحو أربعة آلاف رجل: من أهل الرياض ألفان وثلاثمائة, ومن المسلمين ألف وسبعمائة". وقد ترتَّب على خروج دهام بن دواس نهائيًّا من الرياض منهزمًا, وقُضِيَ على أعتى خصوم الدعوة في نجدٍ, ودخول الرياض تحتَ حُكمِ دولة الدرعية.

العام الهجري : 719 العام الميلادي : 1319
تفاصيل الحدث:

جهز الأميرُ أيتمش المحمدي على عسكرٍ إلى برقة، ومعه فايد وسليمان أمراءُ العُربان لجباية زكاةِ الأغنام على العادة، فسار في ثلاثمائةِ فارسٍ من أجناد الحلقة ومعه من الأمراءِ عِدَّةٌ، وذلك في آخِرِ يومٍ من المحرَّم، ونزل بالإسكندرية، ثم سار أيتمش يريدُ بلاد جعفر بن عمر من برقة، ومسافتُها من الإسكندرية على الجادة نحو شهرين، فدَلَّه بعض العرب على طريقٍ مسافتُها ثلاثة عشَرَ يَومًا يُفضي به إلى القَومِ مِن غيرِ أن يعلموا به، وطَلَب في نظير دَلالتِه على هذه الطريقِ مائةَ دينار وإقطاعاتٍ مِن السلطانِ بعد عودِ العسكرِ إلى القاهرة، فعَجَّل له أيتمش المائة، والتزم له بالإقطاعِ مِن السلطان، وكتب له بعشرةِ أرادِبَ قمحًا لعياله، وأركبه ناقةً، وكتم ذلك كلَّه عن العسكَرِ مِن الأمراء والأجناد والعُربان، وسار بمسيرِه، حتى إذا مضت ثلاثَ عشرة ليلة أشرف على منازِلِ جَعفرِ بنِ عمر وعُرْبانه، فدُهِشوا لرؤيةِ العَسكَرِ، وأرسل إليهم أيتمش بسليمان وفايد يدعوهم إلى الطاعةِ، فأجابوا مع رسُلِهم: إنَّا على الطاعةِ، ولكن ما سبب قدومُ هذا العسكرِ على غفلةٍ مِن غير أن يتقَدَّمَ لنا به علمٌ؟ فقال لهم أيتمش: حتى يحضُرَ الأمير جعفر ويسمَعَ مَرسومَ السلطان، وأعادهم، وتَقَدَّم أيتمش إلى جميع من معه ألَّا ينزِل أحدٌ عن فرسه طولَ ليلتِه، فباتوا على ظهورِ الخيل، فلما كان الصباحُ حضر أخو جعفر ليسمَعَ المرسوم، فنهَرَه أيتمش وقال له ولمن معه: ارجعوا إلى جعفرٍ فإن كان طائعًا فلْيَحضُر، وإلَّا فلْيُعَرِّفْني، وبعث معه ثلاثةً مِن مُقَدَّمي الحلقة، فامتنع جعفرٌ من الحضور، فللحالِ لَبِسَ العسكر السلاحَ وتَرَتَّب، وأفرد سليمان وفايد، بمن معهما من العسكرِ ناحية، واستعد جعفرٌ أيضًا وجمع قومَه وحمل بهم على العَسكَر، فرموهم بالنشَّاب فلم يبالُوا به، ودقُّوا العسكرَ برماحِهم، وصَرَعوا الأميرَ شُجاعَ الدين غرلوا الجوكندار بعدما جَرَحوه ثلات جراحات، فتداركه أصحابُه وأركبوه، وحملوا على العرب فكانت بين الفريقينِ تِسعَ عشرة وقعة آخِرُها انهزم العربُ إلى بيوتهم، فقاتلهم العسكرُ عند البيوتِ ساعةً وهزموهم إليها، وكانت تلك البيوتُ في غابةِ قَصَب، فكفَّ العسكَرُ عن الدخول إليهم، ومنعهم أيتمش عن التعرُّضِ إلى البيوتِ وحماها، وأباح لهم ما عداها، فامتَدَّت الأيدي، وأُخِذَت من الجمالِ والأغنامِ ما لا ينحَصِرُ عدده، وبات العسكَرُ محترسين، وقد أَسَروا نحوَ السِّتِّمائة رجل سوى من قُتِل، فلما أصبح الصبحُ منَّ أيتمش على الأسرى وأطلَقَهم، وتفَقَّد العسكرَ فوجد فيه اثني عشر جريحًا، ولم يُقتَل غيرُ جندي واحد، فرحل عائدًا عن البيوتِ بأنعامٍ تَسُدُّ الفضاء، وبِيعَ ما معهم فيما بينهم الرأسُ الغَنَمُ بدِرهمٍ، والجَمَلُ ما بين عشرين إلى ثلاثين درهمًا، وسار أيتمش ستةَ أيام في الطريق التي سلكها والعسكَر بالسِّلاح، خشيةً مِن عَودِ العرب إليهم، وبعث أيتمش بالبشارةِ إلى السلطان الناصر محمد بن قلاوون، فبعث الأميرَ سيفَ الدين ألجاي الساقي لتلَقِّي العسكر بالإسكندرية وإخراج الخُمُس مِمَّا معهم للسلطان، وتَفرِقة ما بَقِيَ فيهم، فخُصَّ الجنديُّ ما بين أربعةِ جمالٍ وخمسةٍ، ومِنَ الغَنَم ما بين العشرينَ إلى الثلاثين، وحَضَروا إلى القاهرة، فخَلَع السلطان على أيتمش، وبعد حضورهم بأسبوع قدم جعفرُ بنُ عمر إلى القاهرة، ونزل عند الأمير بكتمر الساقي مُستجيرًا، فأكرمه ودخل به على السلطانِ، فاعترف بالخطأِ، وسأل العفوَ، وأن يقَرِّرَ عليه ما يقومُ به، فقَبِلَ السلطانُ قَولَه وعفا عنه، وخلع عليه ومضى، وصار يحمِلُ القودَ في كلِّ سَنَةٍ.

العام الهجري : 211 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 826
تفاصيل الحدث:

لَمَّا توفِّيَ السري أميرُ مصرَ للمأمونِ، وليَ بعدَه ابنُه عُبيدالله، ولَّاه الجُندُ وبايعوه، ثم حدَّثَته نفسُه الخروجَ عن طاعة المأمونِ وجَمَع وحَشَد، فبلغ المأمونَ ذلك وطلب عبدَ الله بنَ طاهرٍ لقتالِه وقتالِ الخوارج بمصرَ، فسار إليه ابنُ طاهر فتهَّيأ عُبيد الله بن السري لحَربِه وعبَّأ جيوشَه وحفَرَ خندقًا عليه، ثم تقدَّم بعساكِرِه إلى خارج مصرَ والتقى مع عبد اللهِ بنِ طاهر وتقاتلا قتالًا شديدًا، وثبت كلٌّ من الفريقينِ ساعةً كبيرةً حتى كانت الهزيمةُ على عُبيد الله بن السري أميرِ مصر، وانهزم إلى جهةِ مِصرَ، وتَبِعَه عبد الله بن طاهر بعساكِرِه فحاصره عبدُ الله بن طاهر وضيَّقَ عليه حتى أباده وأشرف على الهلاكِ، فطلب عُبيد الله بن السري الأمانَ مِن عبد الله بن طاهر بشُروطِه، فأمَّنَه عبدُ الله بن طاهر بعد أمورٍ صَدَرت، فخرج إليه عُبيد الله بن السري بالأمانِ، وبذل إليه أموالًا كثيرةً، وأذعن له وسلَّمَ إليه الأمرَ.

العام الهجري : 1210 العام الميلادي : 1795
تفاصيل الحدث:

جمع الشريفُ غالب صاحِبُ مكَّةَ جموعًا كثيرةً مِن باديتِه وحاضرته، واستعمل عليهم أميرًا الشريفَ ناصر بن يحيى، وسار من مكة، فلما بلغ خبرُهم الإمامَ عبد العزيز بن محمد بن سعود، أمر محمد بن حمود بن ربيعان ومن تبعه من عُربان عتيبة, وفيصل الدويش ومن تبعه من مطير, وربيع بن زيد أميرَ جميع الدواسر الحاضرة والبادية، وأمر أيضًا عربان السهول وعربان سبيع وعربان العجان وغيرهم من بوادي نجد؛ أمرهم جميعًا أن ينزلوا على هادي بن قرملة رئيس قحطان وعُربانه، فاجتمعت تلك البوادي والجنودُ قُرب الجمانية: الماء المعروف عند جبل النير في عالية نجد، وتلك العُربان يشربون من مياه قريبةٍ منها، ثمَّ إن الشريف ناصر سار بالجموع والعساكرِ العظيمةِ ومعهم مِدفَعٌ، ونزلوا على ماء الجمانية، واجتمع عليه كثيرٌ من عربان الحجاز بأموالها وعيالها، فالتقت الجنودُ على ماء الجمانية، والتحم القتال بين الفريقين واقتتلوا أشدَّ القتال، وكثُرَ القتلى في الفريقين، فقتل من الجميع نحو 100 رجل, فحمل هادى بن قرملة بمن معه على جنودِ الشريف ناصر، فولَّوا منهزمين على أعقابِهم، فلَحِقَهم أولئك البوادي والجنود يقتُلون ويَغنَمون، فقُتِلَ منهم نحوُ ثلاثمائة رجل, وغَنِمَ منهم إبلًا وأموالًا كثيرة, وخيمةَ الشريف ومِدفَعَه، وانهزم الشريف ومن معه إلى أوطانِهم، وتفَرَّقت عُربانه، وعُزِلت الأخماس وأرسلوها إلى الإمام عبد العزيز. وكان الإمامُ عبد العزيز قد بعث محمَّدَ بن معيقل ردءًا لابن قرملة وعونًا له, فانفضَّ الأمر وانقضى عند مجيئه, فحثَّ ابن معيقل السيرَ في أثر الشريف ناصر وعُربانه، وأدرك بني هاجر وهم على الماء المعروف بالقنصلية قرب بلد تربة، فشَنَّ عليهم الغارةَ وقاتلهم، فانهزموا وقَتَل منهم 40 رجلًا، وأخَذَ جميعَ أموالِهم.

العام الهجري : 1 ق هـ الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 622
تفاصيل الحدث:

عن جابرٍ قال: (مكث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بمكَّةَ عشرَ سِنينَ يَتْبَعُ النَّاسَ في منازلِهم بعُكاظٍ ومَجَنَّةَ، وفي المَواسمِ بمِنًى، يقول: مَن يُؤْوِيني؟ مَن يَنصُرني حتَّى أُبَلِّغَ رسالةَ رَبِّي وله الجَنَّةُ. حتَّى إنَّ الرَّجلَ لَيخرُجُ مِنَ اليمنِ أو مِن مُضَرَ، فيأتيه قومُه فيقولون: احْذرْ غُلامَ قُريشٍ لا يَفْتِنُكَ. ويمشي بين رجالِهم وهُم يُشيرون إليه بالأصابعِ حتَّى بعثنا الله إليه مِن يَثْرِبَ فآوَيناهُ وصدَّقناهُ، فيخرُج الرَّجلُ مِنَّا فيُؤمِنُ به ويُقرِئُهُ القُرآنَ فيَنقلِبُ إلى أهلهِ فيُسلِمون بإسلامهِ، حتَّى لمْ يَبْقَ دارٌ مِن دورِ الأنصارِ إلَّا وفيها رَهطٌ مِنَ المسلمين يُظهِرون الإسلامَ، ثمَّ ائْتَمروا جميعًا فقُلنا: حتَّى متى نَترُك رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُطْرَدُ في جبالِ مكَّةَ ويخافُ. فرحل إليه مِنَّا سبعون رجلًا حتَّى قَدِموا عليه في المَوسمِ فَواعَدناهُ شِعْبَ العَقبةِ، فاجتمَعنا عليه مِن رجلٍ ورَجُلَينِ حتَّى تَوافَينا فقُلنا: يا رسولَ الله، نُبايِعُك. قال: تُبايِعوني على السَّمعِ والطَّاعةِ في النَّشاطِ والكَسلِ، والنَّفقةِ في العُسرِ واليُسرِ، وعلى الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المُنكرِ، وأن تقولوا في الله لا تخافون في الله لَوْمَةَ لائمٍ، وعلى أن تَنصُروني فتَمنَعوني إذا قَدِمتُ عليكم ممَّا تمنَعون منه أنفسَكُم وأَزواجَكُم وأبناءَكُم ولكم الجنَّةُ. قال فقُمنا إليه فبايَعناهُ، وأخذ بيدِهِ أَسعدُ بنُ زُرارةَ وهو مِن أَصغرِهم، فقال: رُويدًا يا أهلَ يَثْرِبَ، فإنَّا لمْ نَضرِبْ أَكبادَ الإبلِ إلَّا ونحن نعلمُ أنَّه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وإنَّ إخراجَهُ اليومَ مُفارقةُ العربِ كافَّةً، وقَتْلُ خِيارِكُم، وأنْ تَعَضَّكُم السُّيوفُ، فإمَّا أنتم قومٌ تَصبِرون على ذلك وأَجرُكم على الله، وإمَّا أنتم قومٌ تخافون مِن أَنفُسِكُم جَبِينَةً فَبَيِّنوا ذلك فهو عُذْرٌ لكم عند الله. قالوا أَمِطْ عنَّا يا أَسعدُ، فَوَالله لا نَدَعُ هذه البَيعةَ أبدًا، ولا نَسْلُبُها أبدًا. قال فقُمنا إليه فبايَعناهُ فأخذ علينا وشَرَطَ ويُعطينا على ذلك الجنَّةَ)

العام الهجري : 38 العام الميلادي : 658
تفاصيل الحدث:

ازداد مُعاويةُ بنُ أبي سفيانَ رَضِيَ اللهُ عنهما بعد التحكيمِ قُوَّةً، واختلف الناسُ بالعِراقِ على عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، ولم يَعُدْ له همٌّ إلَّا مِصرُ التي كان يخشاها وأهلَها؛ لقُربِهم منه، فأراد أن يَضُمَّها إليه ، فأرسل إلى مَنْ لم يبايعْ عليًّا ولم يأتَمِرْ بأمرِ نُوَّابِه يخبِرُهم بقُدومِ الجيشِ عليهم سريعًا، وكان واليها من قِبَلِ عليٍّ حينَئذٍ محمَّدَ بنَ أبي بكرٍ، وكان يواجِهُ اضطراباتٍ داخليَّةً بسَبَبِ مُعاويةَ بنِ خَديجٍ ومَسلَمةَ بنِ مُخَلَّدٍ ومَن اعتزلوا معهما؛ إذْ كان أمرُهم يزدادُ قُوَّةً يومًا بعد يومٍ، خاصَّةً بعد صِفِّين، فخرج معاويةُ بنُ خَديجٍ ومَن معه مطالِبينَ بدَمِ عُثمانَ رَضِيَ الله عنه، فلمَّا عَلِمَ أميرُ المؤمنينَ عليٌّ رضي الله عنه بذلك رأى أنَّ محمَّدًا لا تمكِنُه المقاوَمةُ، فولَّى على مصرَ الأشْتَرَ النَّخَعيَّ، فتُوُفِّي في الطَّريقِ، وشَقَّ على محمَّدِ بنِ أبي بكرٍ عَزْلُه، فأرسل إليه عليٌّ رَضِيَ الله عنه يُثبِّتُه عليها، ويأمُره بالصَّبرِ، فلمَّا كانت سنةُ ثمانٍ وثلاثينَ من الهِجرةِ أرسل مُعاويةُ عَمْرَو بنَ العاصِ في ستَّةِ آلافٍ، فسار بهم حتى نزل أدنى مِصرَ، فجاءه مَنْ خالفَ عَلِيًّا وطالب بدَمِ عُثمانَ رَضِيَ الله عنه في عَشرةِ آلافٍ، فكتب محمَّدٌ إلى عليٍّ بالخبَرِ واستمدَّه، فأرسل إليه أن يَضُمَّ شِيعتَه إليه، ويأمُرُه بالصَّبرِ ويَعِدُه بإنفاذِ الجيوشِ إليه، فقام محمَّدٌ في النَّاسِ وندَبَهم إلى الخروجِ معه، فقام معه قليلٌ لم يَصمُدوا أمامَ جُيوشِ الشَّامِ وانْهزموا، ودخل عمرُو بنُ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنه الفُسطاطَ، وهرب محمَّدٌ وخرج مُعاويةُ بنُ خَديجٍ يَطلُبُه حتى التقى به فقتَلَه.

العام الهجري : 218 العام الميلادي : 833
تفاصيل الحدث:

وجَّه زيادةُ اللهِ بنُ الأغلب، صاحِبُ إفريقية، جيشًا لمحاربةِ فضل بن أبي العنبر بجزيرة شريك، وكان مخالفًا لزيادةِ الله، فاستمَدَّ فَضلٌ بعبد السلامِ بن المفرج الربعي، وكان أيضًا مخالفًا مِن عَهدِ فِتنةِ منصور الترمذي، فسار إليه، فالتَقَوا مع عسكر زيادة الله، وجرى بين الطائفتينِ قِتالٌ شديدٌ عند مدينة اليهود بالجزيرة، فقُتِلَ عبد السلام، وحُمِلَ رأسُه إلى زيادة الله، وسار فضلُ بن أبي العنبر إلى مدينة تونس، فدخلها وامتنَعَ بها، فسَيَّرَ زيادةُ الله إليه جيشًا، فحصروا فضلًا بها وضَيَّقوا عليه حتى فتَحُوها منه، وقُتِلَ وقت دخولِ العَسكرِ كثيرٌ مِن أهلِها، وهرب كثيرٌ مِن أهل تونس لَمَّا مُلِكَت، ثم آمَنَهم زيادة الله، فعادوا إليها.

العام الهجري : 3 ق هـ الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 620
تفاصيل الحدث:

لمَّا أراد الله عزَّ وجلَّ إظهارَ دينهِ، وإعزازَ نَبيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وإنجازَ مَوعِدِه له خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في مَوسمِ الحجِّ يَعرِضُ نَفْسَهُ على قبائلِ العربِ، كما كان صنع في كُلِّ مَوسمٍ. فبينما هو عند العَقبةِ لَقِيَ رهطًا مِنَ الخَزرجِ أراد الله بهم خيرًا فقال لهم مَن أنتم؟ قالوا: نَفرٌ مِنَ الخَزرجِ، قال أمِن موالي يَهودَ؟ قالوا: نعم. قال أفلا تَجلِسون أُكلِّمكُم؟ قالوا: بلى. فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عزَّ وجلَّ، وعرض عليهم الإسلامَ، وتلا عليهم القُرآنَ. وكان مما صنع الله لهم به في الإسلامِ أنَّ يَهودَ كانوا معهم في بلادِهم، وكانوا يتَوعَّدونَهُم بِقُربِ ظُهورِ نَبِيٍّ يتَّبِعونهُ ثمَّ يَقتلون معه العربَ قتلَ إِرَمَ, فلمَّا كلَّمهُم صلَّى الله عليه وسلَّم ودعاهم إلى الله قال بعضُهم لبعضٍ: يا قومُ، تعلموا والله إنَّه للنَّبيُّ الذي تَوعَّدكُم به يَهودُ فلا تَسْبِقَنَّكُم إليه. فأجابوه فيما دعاهم إليه وقالوا له: إنَّا قد تركنا قومَنا، ولا قومٌ بينهم مِنَ العَداوةِ والشَّرِّ ما بينهم، وعسى أن يجمعَهُم الله بكَ. فَسنَقدَمُ فنَدعوهُم إلى أمرِك، ونعرِضُ عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدِّينِ، فإن يَجمعْهُم الله عليك فلا رجلَ أعزُّ منك. ثمَّ انصرفوا راجِعين إلى بلادِهم، قد آمنوا وصدَّقوا". فلمَّا قَدِموا المدينةَ إلى قومِهم ذكروا لهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ودَعوهُم إلى الإسلامِ حتَّى فَشا فيهِم فلمْ يَبْقَ دارٌ مِن دورِ الأنصارِ إلَّا وفيها ذِكْرٌ مِن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.

العام الهجري : 1233 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1818
تفاصيل الحدث:

لَمَّا قبل إبراهيم باشا الصلحَ خرج له من أعيان الدرعية عبد الله بن عبد العزيز بن محمد، والشيخ العالم علي ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومحمد بن مشاري بن معمر، فأرادوا منه أن يصالِحَهم على البلدِ كُلِّه فأبى أن يصالِحَهم إلا على السهلِ، أو يحضُرَ الإمام عبد الله بن سعود فرفضوا، فدخل الرومُ الدرعية ووقعت الحربُ عند مسجد الطريف أيامًا ثم انفَضَّ عن عبد الله بن سعود كثيرٌ ممن كان عنده،  فلما رأى عبد الله ذلك بذل نفسَه للروم وفدى بها عن النِّساء والولدان والأموال، فأرسل إلى الباشا وطلب المصالحةَ، فأمره أن يخرج إليه فخرج إليه وتصالحَ على أن يركَبَ إلى السلطانِ فيُحسِنَ إليه أو يسيءَ، وانعقد الصلحُ على ذلك، ودخل عبد الله منزله وأطاعت البلدُ كُلُّها، فسلّم عبد الله بن سعود نفسَه للباشا في 8 ذي القعدة بعد حصارٍ شديد للدرعية دام ستة أشهر، ثم أرسله إلى القاهرة، واقتاد إبراهيم باشا بعض أمراء آل سعود وأفرادًا من أسرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أسرى، وأرسلهم إلى مصر، ومن هناك أُرسِلَ عبد الله بن سعود إلى استانبول، حيث أُعدِمَ في صفر سنة 1234هـ, وبهذا انتهت الدولةُ السعودية الأولى التي امتَدَّ نفوذُها إلى معظم أنحاء الجزيرة العربية على مدى 77 سنة.

العام الهجري : 262 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 876
تفاصيل الحدث:

ولَّى المعتمِدُ على الله وَلَدَه جعفرًا العهدَ من بعدِه، وسماه المفوِّضَ إلى الله، وولاه المغرِبَ، وضمَّ إليه موسى بن بغا ولايةَ إفريقية ومصر والشام والجزيرة والموصل وأرمينية وطريق خراسان وغير ذلك، وجعل الأمرَ مِن بعد ولَدِه لأبي أحمد المتوكِّل، ولَقَّبَه الموفَّق بالله، وولاه المشرِقَ وضم إليه مسرورًا البلخي وولَّاه بغداد والسواد والكوفة وطريق مكة والمدينة واليمن وكسكر وكور دجلة والأهواز وفارس وأصبهان والكرخ والدينور والري وزنجان والسند، وكتب بذلك مكاتباتٍ وقُرِئَت بالآفاق، وعَلَّقَ منها نُسخةً بالكعبة.

العام الهجري : 86 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 705
تفاصيل الحدث:

لمَّا دُفِنَ عبدُ الملك بن مَرْوان انْصَرَف الوَليدُ عن قَبرِه فدَخَل المَسجِد وصَعَد المِنْبَر واجْتَمع إليه النَّاسُ فخَطَبَهم وقال: إنَّا لله وإنَّا إليه راجِعون، والله المُستعان على مُصِيبتِنا لِمَوتِ أَميرِ المؤمنين، والحمدُ لله على ما أَنْعَمَ علينا مِن الخِلافَة، قوموا فبايِعُوا، فكان أوَّلَ مَن عَزَّى نَفْسَه وهَنَّأَهَا؛ وكان أوَّلَ مَن قام لِبَيْعَتِه عبدُ الله بن هَمَّام السَّلُولِيُّ.