الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 744 ). زمن البحث بالثانية ( 0.006 )

العام الهجري : 556 العام الميلادي : 1160
تفاصيل الحدث:

لما تخلص الخادم كردبازو من السلطان سليمان شاه بسَجنه ثم قتله، أرسل إلى إيلدكز، صاحب آران وأكثر بلاد أذربيجان، يستدعيه إليه ليخطُبَ للملك أرسلان شاه الذي معه، وبلغ الخبر إلى إينانج صاحب بلاد الري، فسار ينهب البلادَ إلى أن وصل إلى همذان، فتحصن كردبازو، فطلب منه إينانج أن يعطيه مصافًا، فقال: أنا لا أحاربك حتى يصل الأتابك الأعظم إيلدكز. وسار إيلدكز في عساكره جميعًا يزيد على عشرين ألف فارس، ومعه أرسلان شاه بن طغرل بن محمد بن ملكشاه، فوصل إلى همذان، فلقِيَهم كردبازو، وأنزله دار المملكة، وخطب لأرسلان شاه بالسَّلطنة بتلك البلاد، وكان إيلدكز قد تزوَّجَ بأم أرسلان شاه، وهي أم البهلوان بن إيلدكز، وكان إيلدكز أتابكَه، والبهلوان حاجبَه، وهو أخوه لأمه، وكان إيلدكز هذا أحدَ مماليك السلطان مسعود، واشتراه في أول أمره، فلما ملك أقطعَه أران وبعض أذربيجان، واتفق الحروب والاختلاف، فلم يحضر عنده أحد من السلاطين السلجوقية، وعظُمَ شأنُه وقَوِيَ أمرُه، وتزوج بأم الملك أرسلان شاه، فولدت له أولادًا منهم البهلوان محمد، وقزل أرسلان عثمان، فلما خطَبَ له بهمذان أرسل إيلدكز إلى بغداد يطلب الخطبة لأرسلان شاه أيضًا، وأن تعاد القواعِدُ إلى ما كانت عليه أيام السلطان مسعود، فأُهين رسوله وأعيد إليه على أقبح حالة، وأما إينانج صاحب الري فإن إيلدكز راسله ولاطفه فاصطلحا وتحالفا على الاتفاق، وتزوج البهلوان بن إيلدكز بابنة إينانج ونُقِلَت إليه بهمذان.

العام الهجري : 6 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 628
تفاصيل الحدث:

كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قبلَ عَقْدِ صُلحِ الحُديبيةِ بعَث خِراشَ بنَ أُميَّةَ الخُزاعيَّ إلى مكَّةَ، وحمَلهُ على جَملٍ له يُقالُ له: الثَّعلبُ. فلمَّا دخَل مكَّةَ عَقَرَتْ به قُريشٌ وأرادوا قَتْلَ خِراشٍ فمنَعهُم الأَحابيشُ (هم: بنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة ، والهون بن خزيمة بن مدركة، وبنو المصطلق من خزاعة) حتَّى أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فدَعا عُمَرَ لِيَبعثَهُ إلى مكَّةَ، فقال: يا رسولَ الله إنِّي أَخافُ قُريشًا على نَفْسي، وليس بها مِن بني عَدِيٍّ أحدٌ يَمنعُني، وقد عَرفتْ قُريشٌ عَداوتي إيَّاها وغِلْظَتي عليها؛ ولكنْ أَدلُّك على رجلٍ هو أَعزُّ مِنِّي عُثمانَ بنِ عفَّانَ. فدَعاهُ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فبعَثهُ إلى قُريشٍ يُخبِرُهم أنَّه لم يأتِ لحربٍ، وأنَّه جاء زائرًا لهذا البيتِ مُعَظِّمًا لِحُرمَتِه، فخرج عُثمانُ حتَّى أتى مكَّةَ ولَقِيَهُ أَبانُ بنُ سَعيدِ بنِ العاصِ، فنزَل عن دَابَّتِه وحمَله بين يَديه ورَدِف خلفَه وأَجارهُ حتَّى بلَّغَ رِسالةَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فانطلق عُثمانُ حتَّى أتى أبا سُفيانَ وعُظماءَ قُريشٍ فبَلَّغهُم عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ما أَرسلهُ به، فقالوا لِعُثمانَ: إن شِئتَ أن تَطوفَ بالبيتِ فَطُفْ به. فقال: ما كنتُ لأفعلَ حتَّى يَطوفَ به رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم. فاحْتبسَتهُ قُريشٌ عندها، فبلَغ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم والمسلمين أنَّ عُثمانَ قد قُتِلَ).قال ابنُ عُمَرَ رضِي الله عنهما:كانت بَيعةُ الرِّضوانِ بعدَ ما ذهَب عُثمانُ إلى مكَّةَ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيدِه اليُمنى: «هذه يدُ عُثمانَ». فضرَب بها على يدِه، فقال: «هذه لِعُثمانَ».
وقال جابرُ بنُ عبدِ الله: كُنَّا يومَ الحُديبيةِ ألفًا وأربعَ مائةٍ، فبايَعْنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وعُمَرُ آخِذٌ بيدِه تحت الشَّجرةِ، وهي سَمُرَةٌ. وقال لنا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أنتم اليومَ خيرُ أهلِ الأرضِ». ثم قال جابرٌ: لو كنتُ أُبصِرُ لأَرَيْتُكُم مَوضِعَ الشَّجرةِ.
وعن مَعقِلِ بنِ يَسارٍ قال: لقد رَأيتُني يومَ الشَّجرةِ، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُبايِعُ النَّاسَ، وأنا رافعٌ غُصنًا مِن أَغصانِها عن رَأسِه، ونحن أربعَ عشرةَ مائةً. وقدِ اخْتلفتِ الرِّواياتُ في عَددِهم، فقال ابنُ حَجَرٍ: (والجمعُ بين هذا الاختلافِ أنَّهم كانوا أكثرَ مِن ألفٍ وأربعمائةٍ، فمَن قال: ألفًا وخمسمائةٍ جبَر الكَسرَ، ومَن قال: ألفًا وأربعمائةٍ أَلغاهُ).

العام الهجري : 3 ق هـ الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 620
تفاصيل الحدث:

بعدَ وفاةِ أمِّ المؤمنين خَديجةَ بنتِ خويلدٍ رضي الله عنها والتي كانت مِن نِعَمِ الله الجَليلةِ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، تَزوَّج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سَودةَ بنتَ زَمْعَةَ بنِ قَيسِ بنِ عبدِ شمسِ بنِ عبدِ وُدِّ بنِ نصرِ بنِ مالكِ بن حِسْلِ بنِ عامرِ بن لُؤَيٍّ، القُرشيَّةَ، تَزوَّجها بمكَّة قبلَ الهِجرةِ، وكانت ممَّن أسلمَ قديمًا, وهاجرتْ الهِجرةَ الثَّانيةَ إلى الحَبشةِ، وكان زوجُها السَّكرانَ بنَ عَمرٍو، وكان قد أَسلمَ وهاجر معها، فمات بأرضِ الحَبشةِ، أو بعدَ الرُّجوعِ إلى مكَّة، فلمَّا حَلَّتْ خطبَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وتَزوَّجها، وكانتْ أوَّلَ امرأةٍ تَزوَّجها بعدَ وفاةِ خَديجةَ، وكانتْ في العَقْدِ السَّادسِ من عُمُرِها وقتَها، ولمَّا أراد النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم طلاقَها صالَحَتْهُ بأنْ وَهبتْ نَوْبَتَها لِعائشةَ رضي الله عنها فأَمْسَكها، ولمْ يُصِبْ منها ولدًا حتَّى مات صلى الله عليه وسلم.

العام الهجري : 11 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 632
تفاصيل الحدث:

كان زيدُ بن حارِثةَ قد اسْتُشْهِدَ في مُؤْتةَ، فلمَّا أراد رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم غزوَ تلك الجِهات جَهَّز جيشًا وأَمَّر عليهم أُسامةَ بن زيدِ بن حارِثةَ، وأَمَرهُ أن يَصِلَ إلى البَلْقاء، فتَجَهَّزَ الجيشُ وتَعَبَّأَ، ولكنَّ هذا الجيشَ لم يَنفذْ بسبب وَفاة النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فلمَّا تَولَّى أبو بكرٍ الخِلافةَ كان أوَّل شيء فعله هو إنفاذ جيشِ أُسامةَ وإرساله كما أراد النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ومع أنَّ أبا بكرٍ قد أشاروا عليه بعدم إرساله لكنَّه أَبَى إلَّا إنفاذَ ما كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أراد إنفاذَهُ، وشَيَّعَهُم أبو بكرٍ بنفسه ماشيًا، وأوصى الجيشَ، وكان مِن آثار هذا الفِعل مِن أبي بكر دِلالة على بقاء قوَّة المسلمين وارتِفاع معنوياتهم.

العام الهجري : 14 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 635
تفاصيل الحدث:

اجتمَع المسلمون في القادِسيَّة ثلاثون ألفًا بقِيادةِ سعدِ بن أبي وقَّاص بعدَ أن أَمَّرَهُ عُمَر بن الخطَّاب بَدَلَ خالدِ بن الوَليد، مكَث سعدٌ في القادِسيَّة شهرًا يَبُثُّ السَّرايا في كلِّ الجِهاتِ، ويأتي بالغَنائِم، فأَمَّر يزدجردُ رُسْتُمَ على جيشٍ كثيفٍ مِن مائةٍ وعشرين ألفًا، ومِثلِها مِن المَدَدَ، فبعَث سعدٌ إليه مَن يَدعوه للإسلامِ وحاوَل الفُرْسُ أن يغروا المسلمين، فطلبوا إرسالَ أكثرِ مِن رجلٍ فأتاهُم رِبْعِيٌّ، ثمَّ حُذيفةُ بن مِحْصَنٍ، وأخيرًا أتاهُم المُغِيرةُ ولم تنفع في شيءٍ، فبدأ القِتالُ بعدَ الظَّهيرةِ وبَقِيَت المعركةُ ثلاثةَ أيَّام، وفي اليومِ الرَّابع اشْتدَّ أَثَرُ الفِيَلَةِ على المسلمين، ثمَّ في هذا اليومِ هَبَّتْ رِيحٌ شديدةٌ على الفُرْسِ أزالت خِيامَهم فهربوا وقُتِلَ رُستمُ قائدُهم، وتَمَّتْ الهزيمةُ على الفُرْسِ، وقُتِلَ منهم ما لا يُحْصى، ثمَّ ارتحلَ سعدٌ ونزَل غَربيَّ دِجْلة، على نهرِ شير، قُبالةَ مَدائنِ كِسرى، ودِيوانِه المشهورِ، ولمَّا شاهَد المسلمون إيوانَ كِسرى كَبَّروا وقالوا: هذا أبيضُ كِسرى، هذا ما وَعَدَ الله ورسولُه. واسْتُشْهِدَ مِن المسلمين ألفٌ وخمسمائةٍ، وقُتِلَ مِن الفُرْسِ عشرون ألفًا، وغَنِمَ المسلمون الكثيرَ، وقِيلَ: إنَّها كانت في سَنَةِ خمسةَ عشرَ.

العام الهجري : 9 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 630
تفاصيل الحدث:

تَبوكُ مَوضِعٌ بين وادي القُرى والشَّامِ، قال أبو موسى الأَشعريُّ رضي الله عنه: (أَرسلَني أَصحابي إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أَسأَلُه الحُمْلانَ لهم إذ هُم معه في جَيشِ العُسْرَةِ، وهي غَزوةُ تَبوكَ..). وحديث أبي موسى رضي الله عنه فيه دِلالةٌ على ما كان عليه الصَّحابةُ مِنَ العُسْرِ الشَّديدِ في المالِ والزَّادِ والرَّكائِبِ، كما رَوى مُسلمٌ أيضًا عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه ما وقع للمسلمين في طَريقِ هذه الغَزوةِ مِن نَقْصٍ في الزَّادِ حتَّى مَصُّوا النَّوَى وشَرِبوا عليه الماءَ، وفي رِوايةٍ أُخرى لمُسلمٍ: أنَّهم اسْتأذَنوا الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم في نَحْرِ مَطاياهُم لِيأكُلوا. وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} [التوبة: 117]. قال ابنُ كَثيرٍ: فعزَم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على قِتالِ الرُّومِ؛ لأنَّهم أَقربُ النَّاسِ إليه؛ وأَوْلى النَّاسِ بالدَّعوَةِ إلى الحقِّ لقُربِهِم إلى الإسلامِ وأَهلِه، وقد قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 123]. وقد بَيَّنَ صلى الله عليه وسلم وِجْهَةَ هذه الغَزوةِ، فعن مُعاذٍ رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (سَتأْتون غدًا إن شاء الله عَيْنَ تَبوكَ، وإنَّكم لن تَأْتوها حتَّى يَضْحى النَّهارُ، فمَن جاءَها مِنكم فلا يَمَسَّ مِن مائِها شيئًا حتَّى آتي). والمشهورُ والرَّاجحُ أنَّ جَيشَ تَبوكَ كان ثلاثين ألفًا، ولكنَّ الرَّسولَ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يَلْقَ حَربًا مِنَ الأعداءِ، فرجَع إلى المدينةِ مُنتصِرًا بعدَ أن أقامَ بتَبوكَ عِشرين ليلةً.

العام الهجري : 628 العام الميلادي : 1230
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ بَنو رَسولٍ اليَمنَ ضِمنَ الحَملةِ الأيُّوبيَّةِ إليها، فإنَّه لَمَّا استَوثَقَ المُلْكُ لبَني أيُّوبَ في مِصرَ لم يَزَلْ معهم عُصبةٌ مِن بَني رَسولٍ؛ لِعِلْمِهم بتَقدُّمِ مَنصِبِهم في المُلكِ وعُلوِّ هِمَمِهم وشدةِ بَسالَتِهم، فاجتَمع رأيُ بَني أيُّوبَ على تسييرِهم إلى اليَمنِ صُحبةَ المَلكِ المعظَّمِ تُورانْشاهْ بنِ أيُّوبَ، وكانَ دُخولُه اليَمنَ في سنةِ 569هـ، وتوالى مُلوكُ الأيُّوبيةِ على اليَمنِ، ولَمَّا توَلَّى المُلكُ العادِلُ أبو بَكرِ بنُ أيُّوبَ المُلكَ في مِصرَ أرسَلَ ابنَ ابنِه المَلكَ المَسعودَ صلاحَ الدِّينِ يُوسفَ إلى اليَمنِ، فاستَولى على اليَمنِ بأسْرِها، وأنِسَ ببَني رَسولٍ ووَثِقَ بهم، ووَلَّاهمُ الوِلاياتِ الجليلةَ، وتجهَّزَ المَلكُ المَسعودُ إلى مِصرَ، وتركَ في اليَمنِ نورَ الدِّينِ عُمَرَ بنَ علِيِّ بنِ رَسولٍ نائبًا نيابةً عامةً، وفي سنةِ 626هـ تُوفِّي المَلكُ المَسعودُ، وتملَّكَ اليَمنَ بعدَه نائِبُه نورُ الدِّينِ عُمَرُ بنُ علِيٍّ الرَّسوليُّ، وبعدَ أن تمكَّنَ مِنَ احتِواءِ مُناهِضيه، وبَسَط نفوذَه على مُعْظمِ بِلادِ اليَمنِ، استَقلَّ باليَمنِ عن بَني أيُّوبَ سنةَ 628هـ، ولُقِّبَ بالمَنصورِ، واتَّخَذَ مِن تَعِزَّ عاصمةً له، وأخَذَ في تَثبيتِ مُلكِه، وإخمادِ الحَركاتِ الِانفِصاليةِ، وطَرَدَ العَساكرَ المِصريةَ عن مَكةَ والحِجازِ، وراسَلَ الخَليفةَ العباسيَّ المُستَنصِرَ باللهِ سنةَ 631هـ لِيكونَ تابِعًا لِدارِ الخِلافةِ العباسيةِ، وفي سنةِ 647هـ، اغتيلَ السُّلطانُ نورُ الدِّينِ على يَدِ جَماعةٍ مِن مماليكِه، بتدبيرٍ مِنَ ابنِ أخيه أسدِ الدِّينِ محمدِ بنِ الحَسَنِ بنِ علِيِّ بنِ رَسولٍ، وكانَ الوَضعُ بعدَ مَقتَلِه يُنذِرُ بالانقِسامِ والتَّفكُّكِ، حيث بدأ الصِّراعُ في البَيتِ الرَّسوليِّ على الحُكمِ بينَ أبناءِ نورِ الدِّينِ وبَينَهم وبينَ أبناءِ عُمومَتِهم، ومِن جِهةٍ أُخرى استَغلَّ الإمامُ الزَّيديُّ أحمدُ بنُ الحُسَينِ الوَضعَ الداخليَّ المُضطرِبَ في الدَّولةِ الرَّسوليةِ، واستَولى على صَنعاءَ، فتَحرَّكَ السُّلطانُ المظَفَّرُ يُوسفُ بنُ عُمَرَ، فجَمَعَ جُندَه وأحكَمَ قَبضَتَه على السُّلطةِ في اليَمنِ بشكلٍ كاملٍ في سنةِ 648هـ، وفي عَهدِه بَسَطت الدولةُ الرَّسوليةُ نُفوذَها على إقليمِ حَضرَموتَ، وبَعضِ المَناطِقِ الواقعةِ في جَنوبِ سَلطنةِ عُمانَ في الوَقتِ الحاليِّ، مِثلَ ظَفارِ وغَيرِها، ثم تُوفِّي السُّلطانُ المظَفَّرُ سنةَ 694هـ، وقام الصِّراعُ بينَ أبنائِه، وتوالى سَلاطينُ الدولةِ الرسوليةِ، حتى جاءَ عَهدُ السُّلطانِ المُجاهِدِ سنةَ 721هـ وتَفكَّكتِ الدولةُ الرسوليةُ في أيامِه؛ نتيجةَ صِراعاتِ البَيتِ الرَّسوليِّ، واستَغلَّ الأئِمةُ الزيديةُ ذلك واستَوْلَوْا على العَديدِ مِنَ المناطقِ والمُدنِ اليَمنيةِ، كانَ مِن أبرَزِها استيلاؤُهم على صَنعاءَ سنةَ 723هـ، ثم تولَّى السُّلطانُ الأفضلُ بعدَ وفاةِ أبيه السُّلطانِ المُجاهِدِ سنةَ 764هـ، وقد وَرِثَ دولةً آيلةً لِلانهيارِ، فحاوَلَ استِعادةَ نُفوذِ الدَّولةِ الرَّسوليةِ، والقَضاءَ على الثَّوَراتِ الداخليةِ، وتَلاه على ذلك عَددٌ مِن سَلاطينِ الدولةِ الرسوليةِ، مُحاولينَ تَرتيبَ أُمورِ الدولةِ وتَوفيرَ الأمنِ والاستِقرارِ، وذلك بإخضاعِ المَناطِقِ والقَبائِلِ الثائِرةِ، حتى جاءَ عَهدُ السُّلطانِ الناصِرِ الذي استَطاعَ إقرارَ أوضاعِ البِلادِ الداخليةِ، واستَعادَ قُوَّةَ الدَّولةِ وهَيبَتَها، ورَغمَ ذلك تُعَدُّ وَفاتُه بدايةَ عهدِ المُلوكِ الضُّعفاءِ في الأُسرةِ الرسوليةِ، والانحدارِ بالنسبةِ لِلدَّولةِ الرسوليةِ، إلى أنِ استَغلَّ الطاهريُّون الخِلافاتِ بينَ الأُسرةِ الرسوليةِ الحاكِمةِ؛ لِيُسيطِروا على عَدَنٍ ولَحْجٍ، وبحُلولِ عامِ 855هـ أعلنوا أنفُسَهمُ الحُكامَ الجُددَ لِليَمنِ.

العام الهجري : 14 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 635
تفاصيل الحدث:

كان أبو بكرٍ قد كتَب إلى خالدٍ أن يَلحقَ بالشَّام  لِمُساندةِ أَجنادِ المسلمين، وأَمَدَّ هِرقلُ الرُّومَ بباهان، فطلَع عليهم وقد قَدَّمَ الشَّمامِسَةَ والرُّهْبانَ والقِسِّيسينَ يَحُضُّونهم على القِتالِ، ولمَّا قَدِمَ خالدٌ الشَّامَ أشار على الأُمراءِ أن يَجتمِعوا تحت قِيادةٍ واحدةٍ، فقال لهم: إنَّ تَأْمِيرَ بعضِكم لا يُنْقِصُكم عند الله ولا عند خَليفةِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فهَلُمُّوا فَلْنَتَعاوَر الإمارةَ، فليَكُنْ عليها بَعضُنا اليومَ، والآخرُ غدًا، حتَّى يتَأَمَّرَ كُلُّكُم، ودَعوني أَتَوَلَّى أَمْرَكم اليومَ, فأَمَّرُوه. خرَجت الرُّومُ في تَعْبِئَةٍ لم يَرَ الرَّاءون مِثلَها قَطُّ، مِائتي ألفٍ وأربعين ألفًا، منهم ثمانون ألفًا مُقَيَّدٌ بالسَّلاسِل. وخرَج خالدٌ في تَعْبِئَةٍ لم تُعَبِّئْها العَربُ قبلَ ذلك، وكان المسلمون سِتَّة وثلاثين ألفًا. وقِيلَ سِتَّة وأربعين ألفًا, جعلهم خالدٌ في سِتَّة وثلاثين كُرْدُوسا إلى الأربعين كُرْدُوس، شَهِدَ اليَرموك ألفٌ مِن أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فيهم نحوٌ مِن مِائةٍ مِن أهلِ بدرٍ, وكان أبو سُفيانَ يَسيرُ فيَقِفُ على الكَراديس فيقول: الله الله، إنَّكم ذَادَةُ العَربِ، وأنصارُ الإسلامِ، وإنَّهم ذَادَةُ الرُّومِ وأنصارُ الشِرْكِ! اللَّهمَّ إنَّ هذا يومٌ مِن أيَّامِك، اللَّهمَّ أَنزِلْ نَصرَك على عِبادِك. قال رجلٌ لخالدٍ: ما أكثرَ الرُّومَ وأَقَلَّ المسلمين! فقال خالدٌ: ما أَقَلَّ الرُّومَ وأكثرَ المسلمين! إنَّما تَكْثُرُ الجُنودُ بالنَّصرِ وتَقِلُّ بالخُذلانِ، لا بعددِ الرِّجالِ، والله لوَدِدْتُ أنَّ الأشقرَ -يعني فَرَسَهُ- بَرَأَ مِن تَوَجُّعِه وأنَّهم أَضْعَفُوا في العَدَدِ. خرَج جَرَجَةُ أحدُ قادةِ الرُّومِ حتَّى كان بين الصَّفَّيْنِ، ونادى: لِيَخرُج إليَّ خالدٌ، فخرَج إليه خالدٌ، فوافَقَهُ بين الصَّفَّيْنِ، حتَّى اختلفت أَعناقُ دابَّتَيْهِما، فحاوَرهُ خالدٌ حتَّى دخَل في الإسلامِ وكانت وَهْنًا على الرُّومِ. أَمَّرَ خالدٌ عِكرِمةَ والقَعقاعَ، والْتَحَم النَّاسُ، وتَطارَد الفِرْسانُ وهُم على ذلك إذ قَدِم البَريدُ مِن المدينةِ، بموتِ أبي بكرٍ وتَأْميرِ أبي عُبيدةَ، فأسرَّ خالدٌ الخَبَرَ حتَّى لا يُوهِنَ الجيشَ، وحَمِيَ الوَطيسُ، واشْتَدَّ القِتالُ, وقام عِكرمةُ بن أبي جهلٍ يُنادي: مَن يُبايِع على الموتِ؟ فبايَعَهُ أربعمائة مِن وجوه المسلمين، فقاتلوا حتَّى أُثْبِتُوا جميعًا, فهزَم الله الرُّومَ مع اللَّيلِ، وصعَد المسلمون العَقبةَ، وأصابوا ما في العَسكرِ، وقتَل الله صناديدَهُم ورءوسَهُم وفِرسانَهُم، وقتَل الله أخا هِرقل، وأُخِذَ التَّذارِقُ، وقاتَل جَرَجَةُ قِتالًا شديدًا مع المسلمين، إلى أن قُتِلَ عند آخرِ النَّهارِ، وصلَّى النَّاسُ الأوُلى والعصرَ إيماءً، وتَضَعْضَع الرُّومُ، ونهد خالد بالقلبِ حتَّى كان بين خَيْلِهِم ورَجْلِهم، فانهزم الفِرْسان وتركوا الرَّجَّالةَ. ولمَّا رَأي المسلمون خيلَ الرُّومِ قد تَوجَّهَت للمَهْرَبِ أَفرَجوا لها، فتَفرَّقَت وقُتِلَ الرَّجَّالةُ، واقتحموا في خَندقِهم فاقْتَحَمه عليهم، فعَمِدوا إلى الوَاقُوصَةِ حتَّى هوى فيها المُقتَرِنون وغيرُهم، ثمانون ألفًا مِن المُقْتَرِنين، ودخَل خالدٌ الخَندقَ ونزَل في رِواقِ تَذارِق، وانتهت الهَزيمةُ إلى هِرقل وهو دون مَدينةِ حِمْصَ، فارْتَحَلَ.

العام الهجري : 53 ق هـ العام الميلادي : 571
تفاصيل الحدث:

اختلفَ أهلُ السِّيَر والتَّاريخِ في تحديدِ يومِ وشهرِ وِلادتِه صلى الله عليه وسلم واتَّفقوا على أنَّ مِيلادَه صلى الله عليه وسلم كان يومَ الاثنينِ من عامِ الفيلِ.قال ابنُ القيِّم: "لا خِلافَ أنَّه وُلِدَ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّم بجَوفِ مكَّة، وأنَّ مَولِدَه كان عامَ الفيلِ". عنِ ابنِ عبَّاس رضِي الله عنهُما أنَّه قال: (وُلِدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عامَ الفيلِ)، وهو الَّذي لا يَشكُّ فيه أحدٌ من العلماءِ. ونقل خليفةُ بنُ خيَّاط وابنُ الجزَّار وابنُ دِحيةَ وابنُ الجوزيِّ فيه الإجماعَ. وأمَّا مولدُه يومَ الاثنينِ، فعن أبي قَتادةَ الأنصاريِّ رضي الله عنه قال: " سُئل صلى الله عليه وسلم  عن صومِ يومِ الاثنينِ؟ قال: "ذاكَ يومٌ وُلدتُ فيهِ، ويومٌ بُعثتُ أو أُنزلَ عليَّ فيهِ". قال ابنُ كَثيرٍ: "وأبعدَ بل أخطأَ مَن قال: وُلِدَ يومَ الجُمعةِ لِسبعَ عشرةَ خلتْ من ربيعٍ الأوَّلِ". أمَّا موضعُ الخِلافِ فقد كان في تحديدِ الشَّهرِ واليومِ منه،  رَوى ابنُ إسحاقَ عن نَفَرٍ من أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قالوا له: يا رسولَ الله، أخبرنا عن نَفسِك. قال: (نعمْ، أنا دعوةُ أبي إبراهيمَ، وبُشرى عيسى، ورأتْ أمِّي حين حملتْ بي أنَّه خرج منها نورٌ أضاءَ لها قُصورَ الشَّام). وكانت وِلادتُه صلى الله عليه وسلم بعدَ وفاةِ والدِه عبدِ الله، حيث كان حَمْلًا في بطنِ أمِّه حين تُوفِّي والدُه، فنشأ صلى الله عليه وسلم يتيمًا. وكانت وِلادتُه في دارِ أبي طالبٍ بِشِعبِ بني هاشمٍ.

العام الهجري : 1275 العام الميلادي : 1858
تفاصيل الحدث:

تولى الشيخُ صباح الثاني الحُكمَ بعد وفاة والِدِه الشيخ جابر بن عبد الله الصباح، وكانت فترةُ حُكمِه قصيرةً، وفي فترة حكمه احتفظ بالسلطةِ السياسيةِ وتركَ السلطةَ القضائيَّةَ إلى القاضي؛ حيث كان يتولاها وحدَه وبدون تدخُّلٍ منه، وقد اتَّسَعت التجارةُ في عهدِه وكثُرَت أموال الكويت، وأراد أن يضع رسومًا جمركيَّةً على البضائِعِ الخارجةِ من الكويت لكِنَّ التجَّارَ قالوا له: " لا تجعَلْ على أموالنا ما لم يجعَلْه أبوك ولا جَدُّك مِن قَبلُ" وقالوا له: إن أموالَهم ستكون وقفًا على ما تحتاجه الكويت، فوافقَهم على ذلك. وقد لفتَ نظر الكولونيل "بلي" حين زار الكويت ثانيةً في عام 1865 باطِّلاعه على ما يجري خارجَ الكويت من أمورٍ لها صلة بالأحداثِ في أوروبا والعالم، وكان ذلك من خلال صحيفةٍ عربية كانت تصدُرُ في باريس وترسَلُ إليه حافلةً بالأخبار الأجنبية والمحلية. وفي عهده هاجم عبدُ الله بن سعود قبيلةَ العجمان، فلجؤوا إلى الكويت، فأرسل عبد الله بن سعود رسولًا يطلُبُ منه أن يطرُدَ العجمان، لكِنَّ الرسولَ أساء التعبير فقال له: إنَّ معزبَك (وتعني سيدك) يأمُرُك بإخراج العجمان، فغضب الشيخُ صباح وأمر باستنفار أهلِ الكويت لقتالِ عبد الله بن سعود، فوصل الخبرُ إلى عبد الله، فأظهر أسَفَه وبادر إلى الاعتذارِ عن سوءِ تصَرُّفِ رَسولِه.

العام الهجري : 11 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 632
تفاصيل الحدث:


توفِّي رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ولم يَنُصَّ على الخليفةِ مِن بعدِه صَراحةً - وإنَّ كانت هناك إشاراتٌ ودِلالاتٌ مِن النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم على تَوْلِيَةِ أبي بكرٍ -والله أعلم- ثمَّ اجتمع الأنصارُ في سَقيفَة بني ساعِدة ليُبايعوا رجلًا منهم، وهو سعدُ بن عُبادَة، فحضر المُهاجرون إليهم، وأخبرهم أبو بكرٍ أنَّ هذا الأمْرَ يجب أن يكونَ في قُريش، فهُمْ أوسطُ العرب نَسَبًا ودارًا، ثمَّ رشَّح عُمرَ، أو أبا عُبيدةَ للخِلافة؛ ولكنَّ عُمر أبى إلَّا أنَّ يُبايَع لأبي بكرٍ، مُبَيِّنًا فَضلَه وصُحبتَه للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. فبايَعهُ عُمرُ، ثمَّ بايَعهُ أهلُ السَّقيفةِ، ثمَّ بايَعهُ النَّاسُ في اليوم الثَّاني البَيْعةَ العامَّة، أمَّا تَخلُّف علِيّ عن البيعة في السَّقيفَة فكان لانشغالِه بتَجهيزِ وتَكفينِ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأمَّا ما يُقال مِن أنَّه تأخَّر عن البَيْعة حتَّى وَفاة فاطمةَ رضِي الله عنها فليس له مُسْتَنَدٌ صحيح، ويبعد أن يَبقى ستَّة أَشهُر غير مُبايع له وهو الذي أعانه وكان تحت إمْرتِه كلّ تلك الفَترة، وخاصّة في حُروب الرِّدَّةِ، بل إنَّ البيعة الثَّانية من عليٍّ لأبي بكر بعد وفاة فاطمة رضي الله عنهم كانت تأكيدًا للبيعة الأولى وحسمًا لمادة الفتنة.

العام الهجري : 518 العام الميلادي : 1124
تفاصيل الحدث:

صاحبُ ألموت الكيا الحسن بن الصباح بن علي بن محمد الحميري الإسماعيلي. رأس الإسماعيلية، كان داهية وأصله من مرو، وُلِد بطوس وتتلمذ على أحمد بن عطاش من أعيان الباطنية، وكان كاتبًا لبعض الرؤساء، ثم صار إلى مصر وتلقى من دعاتهم، وعاد داعية لقومه، فكان الحسنُ مُقدَّمَ الباطنية في أصبهان دعا إلى إمامة المستنصر الفاطمي فطاف البلاد للدعوة الإسماعيلية، وقوي أمرُه حتى استولى على قلعة ألموت في قزوين، ثم ضمَّ إليها قلاعًا أخرى، وكان لا يدعو إلا غبيًّا، ومن لا يَعرِف أمور الدنيا، ويُطعِمُه الجوز والعسل والشونيز، حتى يتسبَّط دماغُه، ثم يذكر له ما تمَّ على أهل البيت من الظلم، ثم يقول له: إذا كانت الأزارقةُ والخوارج سمحوا بنفوسِهم في القتال مع بني أمية، فما سببُ تخلُّفِك بنفسك عن إمامك؟ قال الذهبي: "أنفذ ملكشاه إليه يتهدَّدُه ويأمره بالطاعة، ويأمرُه أن يكُفَّ أصحابَه عن قَتلِ العلماء والأمراء، فقال للرسول: الجوابُ ما تراه، ثم قال لجماعة بين يديه: أريد أن أنفِذَكم إلى مولاكم في حاجةٍ، فمن ينهضُ بها؟ فاشرأبَّ كل واحد منهم، وظنَّ الرسولُ أنها حاجةٌ، فأومى إلى شابٍّ، فقال: اقتل نفسَك، فجذب سكينًا، فقال بها في غَلصَمتِه، فخرَّ ميتًا، وقال لآخر: ارمِ نفسَك من القلعةِ، فألقى نفسَه فتقطَّع، ثم قال للرسول: قُلْ له: عندي من هؤلاء عشرون ألفًا، هذا حَدُّ طاعتِهم، فعاد الرسول وأخبر ملكشاه، فعَجِبَ، وأعرضَ عن كلامِهم". وقد غلت الأقطار بجرائِمِ أتباعه الباطنية، فقَتَلوا غيلةً عِدَّةً من العلماء والأمراء، وأخذوا القلاع، وحاربوا، وقطعوا الطرق، وظهروا أيضًا بالشام، والتفَّ عليهم كل شيطان ومارق، وكلُّ ماكر ومتحَيِّل. قال الغزالي في (سر العالمين): "شاهدت قصةَ الحسن بن الصباح لما تزهَّدَ تحت حصن ألموت، فكان أهلُ الحصن يتمنَّون صعوده، ويتمنَّع ويقول: أما ترون المنكرَ كيف فشا، وفسد الناسُ، فصبا إليه خلقٌ، وذهب أميرُ الحصن يتصيَّد، فوثب على الحصن فتملَّكه، وبعث إلى الأمير من قتَلَه، وكثُرَت قلاعُهم، واشتغل عنهم أولاد ملكشاه باختلافِهم". هلك الحسن بن الصباح في قلعة ألموت وقام بعده بالأمر كيابرزك أميد الروذباري.

العام الهجري : 804 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1401
تفاصيل الحدث:

هو سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المشهور بابن الملقِّن، ولد بالقاهرة سنة 723 عُرِفَ ابن الملقن؛ لأن الذي كفَلَه بعد وفاة أبيه مُلَقِّن القرآن في الجامع الطولوني بالقاهرة، فعُرِفَ به، فصار يقال: ابنُ المُلَقِّن، وكان هو زوجَ أمِّه، وهو الذي ربَّاه، فأصبح من كبار علماء الحديث والفقه الشافعي، فتولى قضاء الشافعية، ثم التدريس والإفتاء، له مصنفات عديدة؛ منها: إكمال تهذيب الكمال، وله البدر المنير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، وله تحفة المحتاج في أدلة المنهاج، وله التذكرة في علوم الحديث، وله طبقات الأولياء، وله الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، وله غاية السول في خصائص الرسول، وغيرها كثير، وكانت له مكتبة عامرة، ولكنها احترقت؛ فأصابه بسبب ذلك ذهولٌ فحَجَبه ابنُه حتى توفِّي عن 81 عامًا.

العام الهجري : 464 العام الميلادي : 1071
تفاصيل الحدث:

وَقعَ نِزاعٌ بين فِرقَتينِ، فِرقةِ العَبيدِ وعَرَبِ الصَّعيدِ، وفِرقةِ الجُنْدِ مِن التُّركِ والمَغارِبَةِ، ورَأسُهم ناصرُ الدَّولةِ ابنُ حمدان التَّغلبيُّ، فالتَقوا بكومِ الريش، فهَزمَهم ابنُ حمدان، وقَتَلَ وغَرَّقَ نحوًا من أربعين ألفًا. ونَفَدَت خَزائنُ المُستَنصِر على التُّركِ، ثم اختَلَفوا، ودامت الحَربُ أيامًا، وطَمِعَ التُّركُ في المُستَنصِر، وطالبوه حتى بِيعَت فُرُشُ القَصرِ، وأَمتِعَتُه بأَبخَسِ ثَمَنٍ، وغَلَبَت العَبيدُ على الصَّعيدِ، وقَطَعوا الطُّرُقَ، وكان نَقْدُ الأَتراكِ في الشهرِ أربعَ مائة ألف دِينارٍ، واشتَدَّت وَطأةُ ناصرِ الدَّولةِ، وصار هو الكُلُّ، فحَسَده الأُمراءُ، وحارَبوهُ، فهَزَموه، ثم جَمَعَ وأَقبلَ فانتَصَر، واضمَحلَّ أَمرُ المُستَنصِر بالمَرَّةِ، وخَملَ ذِكْرُهُ. وبَعثَ ابنُ حمدان يُطالِبُه بالعَطاءِ، فَرآهُ رَسولُه على حَصيرٍ، وما حوله سِوى ثلاثةِ غِلمانٍ. فقال: أما يكفي ناصرَ الدَّولةِ أن أَجلِسَ في مثلِ هذا الحالِ؟ فبَكَى الرسولُ، ورَقَّ له ناصرُ الدَّولةِ، وقَرَّرَ له كلَّ يومٍ مائةَ دِينارٍ, وتَفرَّق عن المُستَنصِر أَولادُه، وأَهلُه من الجوعِ، وتقرفوا وتَفَرَّقوا في البلادِ، ودامَ الجَهْدُ عامين، ثم انحَطَّ السِّعْرُ في سَنةِ خمسٍ وسِتِّين. قال الذهبيُّ: "كان ناصرُ الدَّولةِ، يُظهِر التَّسَنُّنَ، ويَعِيبَ المُستَنصِرَ لِخُبْثِ رَفْضِهِ وعَقِيدَتِه" قال ابنُ الأَثيرِ: بالَغَ ابنُ حمدان في إهانَةِ المُستَنصِر، وفَرَّقَ عنه عامَّةَ أَصحابِه، وكان غَرضُه أن يَخطُبَ لأَميرِ المؤمنين القائمِ، ويُزيلَ دَولةَ الباطنِيَّة، وما زال حتى قَتَلَهُ الأُمراءُ، وقَتَلوا أَخوَيهِ فَخْرَ العَربِ، وتاجَ المعالي، وانقَطَع ذِكْرُ الحمدانية بمصر بالكُلِّيَّةِ"

العام الهجري : 116 العام الميلادي : 734
تفاصيل الحدث:

اسْتَعمَل هِشامُ بن عبدِ الملك مَرْوانَ بن محمَّد بن مَرْوان -وهو ابنُ عَمِّه- على الجَزيرَة الفراتية وأذربيجان وأرمينية، وكان سَبَبُ ذلك أن مَرْوان بن محمَّد قال لهِشام: قد كان مِن دُخولِ الخَزَر إلى بِلادِ الإسلام وقَتْل الجَرَّاح وغَيرِه مِن المسلمين ما دَخَل به الوَهَنُ على المسلمين, أنَّ مَسلمَة بن عبد الملك، ما وَطِئ مِن بِلادِهم إلَّا أَدْناها، وكان قُصاراه السَّلامَة، وقد أَردتُ أن تَأذَن لي في غَزْوَةٍ أُذْهِبُ بها عَنَّا العارَ، وأَنْتَقِمُ مِن العَدُوِّ. فأَذِنَ له واسْتَعمَله على أرمينية, فسار إلى أرمينية والِيًا عليها، وسَيَّرَ هِشامٌ الجُنودَ مِن الشَّامِ والعِراقِ والجَزيرَة، فاجْتَمَع عِندَه مِن الجُنودِ والمُتَطَوِّعَة مائة وعشرون ألفًا، فأَظْهَر أنَّه يُريدُ غَزْوَ اللَّان وقَصَد بِلادَهم، وأَرسَل إلى مَلِك الخَزَر يَطلُب منه المُهادَنَة، فأَجابَه إلى ذلك، وأَرسَل إليه مَن يُقرِّرُ الصُّلْحَ، فأَمسَك الرَّسولَ عنده إلى أن فَرَغ مِن جِهازِه وما يُريدُ، ثمَّ أَغْلَظ لهم القَوْلَ وآذَنَهم بالحَرْبِ، وسَيَّرَ الرَّسولَ إلى صاحِبِه بذلك، فما وَصَل الرَّسولُ إلى صاحِبِه إلَّا ومَرْوان قد وافاهُم، فأَعْلَم صاحِبَه الخَبَرَ، وأَخبَره بما جَمَع له مَرْوان وحَشَد واسْتَعَدَّ. فاسْتَشار مَلِكُ الخَزَر أَصحابَه، فقالوا: إنَّ هذا قد اغْتَرَّكَ ودَخَل بِلادَك، فإن أَقَمْتَ إلى أن تَجْمَع لم يَجْتَمِع عندك إلى مُدَّة فيَبْلُغ مِنك ما يُريد، وإن أنت لَقِيتَه على حالِك هذه هَزَمَك وظَفَر بك، والرَّأيُ أن تَتَأَخَّر إلى أَقْصَى بِلادِك وتَدَعَه وما يُريدُ. فقَبِلَ رَأيَهم وسار حيث أَمَروه. ودَخَل مَرْوان بِلادَهم وأَوْغَل فيها وأَخْرَبَها، وغَنِمَ وسَبَى وانْتَهي إلى آخِرِها وأَقام فيها عِدَّةَ أيَّامٍ حتَّى أَذَلَّهم وانْتَقَم منهم، ودَخَل بِلادَ مَلِك السَّرير فأَوْقَع بِأَهلِه، وفَتَح قِلاعًا، ودان له المَلِكُ، وصالَحه على ألفِ رَأسٍ، وخمسمائة غُلام، وخمسمائة جارِيَة سُود الشُّعور، ومائة ألف مُدْيٍ تُحْمَل إلى البابِ، وصالَح مَرْوان أهلَ تومان على مائة رَأسٍ، وعشرين ألف مُدْيٍ، ثمَّ دَخَل أَرضَ زريكران، فصالَحَه مَلِكُها، ثمَّ أَتَى إلى أَرضِ حمزين، فأبى حمزين أن يُصالِحَه، فحَصَرَهُم فافْتَتَح حِصْنَهم، ثمَّ أَتَى سغدان فافْتَتَحَها صُلْحًا، ووَظَّفَ على طيرشانشاه عشرة آلاف مُدْيٍ كُلَّ سَنة تُحْمَل إلى البابِ، ثمَّ نَزَل على قَلْعَة صاحِب اللكز، وقد امْتَنَع من أَداءِ الوَظيفَة، فخَرَج مَلِكُ اللكز يُريد مَلِكَ الخَزَر، فقَتَله راعٍ بِسَهْمٍ وهو لا يَعرِفُه، فصالَح أَهلُ اللكز مَرْوانَ، واسْتَعْمَل عليهم عامِلًا، وسار إلى قَلعَة شروان، وهي على البَحرِ، فأَذْعَن بالطَّاعَة، وسار إلى الدّوداني فأَقْلَع بهم ثمَّ عاد.