الموسوعة التاريخية


العام الهجري : 170 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 786
تفاصيل الحدث:

أراد الهادي أن يعهَدَ لابنه جعفرٍ بدلًا من أخيه هارون الرشيد الذي عيَّنه والده المهديُّ واليًا ثانيًا للعهد. وألحَّ الهادي على ذلك وشجَّعَه جماعةٌ من ولاته, لكِنَّ خالد بن يحيى البرمكي نبَّهَه أنَّ جعفر ما زال صغيرًا لم يبلُغ الحنثَ، ثمَّ إنَّ هذا سيجعل الناسَ تستخِفُّ بأيمانِها، فرجع الهادي عن رأيه في عَزْلِ الرشيد, والعجيبُ أنَّ الرشيدَ كان مُسالِمًا لأخيه الهادي في هذا الأمرِ دون أن يبديَ أيَّ اعتراضٍ, حتى جاءه الرشيدُ يومًا فجلس عن يمينه بعيدًا عنه، فجعل الهادي ينظُرُ إليه مليًّا، ثم قال: يا هارونُ، تطمَعُ أن تكونَ وليًّا للعهدِ حَقًّا؟ فقال: إي والله، ولئنْ كان ذلك لأصِلَنَّ مَن قطعتُ، ولأُنصِفَنَّ من ظَلَمتُ، ولأزوِّجَنَّ بنيك من بناتي. فقال: ذاك الظَّنُّ بك. فقام إليه هارونُ ليقَبِّلَ يدَه، فحلف الهادي ليجلس معه على السرير فجلس معه، ثم أمرَ له بألف ألف دينار، وأن يدخُلَ الخزائنَ فيأخُذَ منها ما أراد، وإذا جاء الخَراجُ دفع إليه نِصفَه. ففعل ذلك كلَّه ورَضِيَ الهادي عن الرشيد, فاستلم هارونُ الرشيد زمامَ الخلافة في اليوم التالي لوفاة أخيه الهادي.

العام الهجري : 172 العام الميلادي : 788
تفاصيل الحدث:

هرب إدريسُ بن عبدالله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب- أخو محمد النَّفس الزكيَّة- من الحجاز بعد أن نجا من معركةِ فخ بمكَّة عام 169هـ فاتَّجه لمصرَ ثمَّ للمغرب، واستطاع أن يؤسِّسَ بمساعدة السكَّان البربر دولةَ الأدارسة العلويَّة المنفصلة عن المشرقِ في خلافة هارون الرشيد, وبنى مدينة فاس في مكانٍ يسمَّى جراوة، وصارت عاصمةً له وبَقِيَ حاكمًا عليهم إلى أن توفِّيَ عام 175هـ وقيل في 177هـ

العام الهجري : 172 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 788
تفاصيل الحدث:

هو عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، صاحِبُ الأندلس، سمِّيَ بالداخل؛ لأنَّه استطاع أن يهربَ مِن العباسيين رغمَ كُلِّ المحاولاتِ للإمساك به، واستطاع أن يدخُلَ الأندلسَ، وأن يكَوِّنَ فيها دولةً قَوِيَت يومًا بعد يوم، وقيل: كان عمره حينئذ عشرين سَنةً، وأما موتُه فكان بقرطبة، وصلَّى عليه ابنُه عبد الله، وكان عَهِدَ إلى ابنه هشام، وكان هشامٌ بمدينة ماردة واليًا عليها، وكان ابنُه سليمان بن عبد الرحمن، وهو الأكبَرُ، بطليطِلة واليًا عليها، فلم يحضُرا موت أبيهم، وحضَره عبد الله المعروفُ بالبلنسي، وأخذ البيعةَ لأخيه هشام، وكتب إليه بنعي أبيه ويهَنِّئُه بالإمارة، فسار هشامٌ إلى قرطبة. وكانت دولة عبد الرحمن ثلاثًا وثلاثين سنةً وأشهُر.

العام الهجري : 175 العام الميلادي : 791
تفاصيل الحدث:

أخذ الرَّشيدُ بولاية العهدِ مِن بعده لولَدِه محمَّد بن زبيدة وسمَّاه الأمين، وعمُرُه إذ ذاك خمسُ سنين، وقد كان الرشيد يتوسَّمُ النجابةَ والرَّجاحة في عبد الله المأمون، ويقول: والله، إنَّ فيه حزمَ المنصور، ونُسُك المهديِّ، وعِزَّة نفسِ الهادي، ولو شئتُ أن أقولَ الرابعةَ مني لقُلتُ، وإني لأقَدِّمُ محمَّد بن زبيدة، وإنِّي لأعلَمُ أنَّه مُتَّبِعٌ هواه، ولكن لا أستطيعُ غيرَ ذلك، ثمَّ لَمَّا حج علَّقَ هذا الكتاب في جوفِ الكعبة، كنوعٍ مِن التثبيتِ لهذا العهدِ، فلا يستجرئُ أحدٌ على نقضِه.

العام الهجري : 175 العام الميلادي : 791
تفاصيل الحدث:

لَمَّا استلم هشامٌ الخلافةَ بعَهدِ أبيه إليه، طَمِعَ أخواه فيها بعد مدَّةٍ، فحاول سليمانُ-وهو الأخ الأكبَرُ لهشام- ذلك، ودعا لنفسِه وبويع في بعضِ المناطق، ثم فعل أخوه الآخَرُ عبدالله كذلك، فانتدب لهما هشامٌ وغَلَبَهما وأجْلاهما عن الأندلُس.

العام الهجري : 175 العام الميلادي : 791
تفاصيل الحدث:

لَمَّا فرغ هشامُ بن عبدالرحمن من أخوَيه سليمانَ وعبد الله, انتدب لمطروحِ بن سليمان بن يقظان، فسيَّرَ إليه جيشًا كثيفًا، وجعل عليه أبا عثمان عبيد الله بن عثمان، فسار إلى مطروح، وهو بسرقسطة، فحصَرَه بها فلم يظفَرْ به، فرجع أبو عثمانَ عنه، ونزل بحِصنِ طرسونة، بالقربِ من سرقسطة، وبثَّ سراياه على أهل سرقسطة يُغِيرونَ ويَمنَعون عنهم المِيرةَ، ثمَّ غدر بمطروحٍ بعضُ أصحابِه وقَتَلوه ودانُوا لهِشامٍ، فقَبِلَ منهم.

العام الهجري : 175 العام الميلادي : 791
تفاصيل الحدث:

لَمَّا فرغ أبو عثمان عبيد الله بن عثمان من مطروحِ بنِ سليمان، سار إلى بلاد الفرنج، فلَقِيَه العدوُّ، فظَفِرَ بهم، وقتلَ منهم خلقًا كثيرًا، وفتح الله عليه.

العام الهجري : 175 العام الميلادي : 791
تفاصيل الحدث:

سيَّرَ هشام بن عبدالرحمن يوسُفَ بن بخت في جيشٍ إلى جليقية، فلقِيَ مَلِكَهم وهو برمند الكبير، فاقتتلوا قتالًا شديدًا وانهزمت الجلالِقةُ، وقُتِل منهم عالَمٌ كثير.

العام الهجري : 175 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 791
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ الحافِظُ شيخ الإسلامِ، وعالمُ الدِّيار المصرية، أبو الحارثِ الليثُ بنُ سعدِ بن عبد الرحمن الفهمي، ولِدَ سنة أربع وتسعين بقرقشندة- قرية من أسفل أعمال مصر- إمامُ أهل مصر في عصرِه؛ حديثًا وفِقهًا ولغةً، حتى قال الشافعي: الليث أفقَهُ من مالك، أصلُه من أصبهان، ولد في مصر ونشأ فيها، أراده المنصورُ على القضاء فأبى، كان متولِّي مصرَ وقاضيها وناظِرُها من تحتِ أوامِره، ويَرجِعونَ إلى رأيِه ومَشُورتِه، ووَلِيَ بعضَ الولاياتِ، توفِّي في القاهرة.

العام الهجري : 176 العام الميلادي : 792
تفاصيل الحدث:

هو يحيى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وكان يحيى ممَّن نجا يوم فخٍّ بمكَّة عام 169هـ فهرب إلى اليمن، ثم لمصر، ثم بغداد، ثم نزل ببلاد الديلم، واتَّبَعه خلقٌ كثيرٌ وجَمٌّ غفير، وقَوِيَت شوكتُه، وارتحل إليه الناسُ من الكور والأمصار، فانزعج لذلك الرشيدُ وقَلِقَ من أمره، فنَدَب إليه الفضلَ بن يحيى بن خالد بن برمك، فسار الفضلُ إليه وكاتَبَه بأنَّه سيسعى له بالأمانِ إن هو خرجَ مُطيعًا وأغرى صاحِبَ الديلم أن يعطيَه ألف ألف درهم إن هو سعى إلى إخراجِ يحيى للصُّلحِ، فطلب يحيى أن يكتُبَ له الرشيدُ بخَطِّ يده الأمانَ، فلما وصل الخبَرُ للرشيد سُرَّ بذلك وكتب له الأمانَ، وأشهد عليه القُضاةَ والفقهاءَ ومَشيخةَ بني هاشم، وبعثه ومعه الهدايا والأموال، ثم جاء يحيى ودخل بغدادَ بهذا الأمانِ، وأكرَمَه الرشيدُ، ثم لم يلبث الرشيدُ فتنكَّرَ ليحيى مرَّةً أخرى فحَبَسَه في سرداب حتى مات عام 180هـ، وقد كَثُرت الروايات في سبَبِ مَوتِه؛ قيل: جَوَّعَه حتى مات، وقيل: عُذِّبَ، وقيل: بل مات دون دافِعٍ، وقيل غيرُ ذلك.

العام الهجري : 176 العام الميلادي : 792
تفاصيل الحدث:

هاجت الفتنةُ بدِمشقَ بين المُضَريَّة واليمانية، وكان رأس المضرِيَّة أبو الهيذام، واسمُه عامر بن عمارة بن خريم أحَد الفُرسان المشهورين، وكان سببُ الفتنة أنَّ عامِلًا للرشيد بسجستان قَتَل أخًا لأبي الهيذام، فخرج أبو الهيذامِ بالشام، وجمعَ جمعًا عظيمًا فرثى أخاه بأبياتٍ، ثمَّ إنَّ الرشيد احتال عليه بأخٍ له كتَبَ إليه فأرغَبَه، ثم شَدَّ عليه فكَتَّفه، وأتى به الرشيدَ، فمَنَّ عليه وأطلقه. وقيل: كان أوَّل ما هاجت الفتنةُ في الشام أنَّ رجُلًا من بني القين اقتتل مع رجلٍ مِن لخم أو جذام، فقُتِلَ رجلٌ من اليمانية، وطلبوا بدَمِه، فاجتمعوا لذلك، وكان على دمشق حينئذ عبدُ الصمد بن علي، فلمَّا خاف الناسُ أن يتفاقمَ ذلك اجتمع أهلُ الفَضلِ والرؤساءُ ليُصلِحوا بينهم، فأتوا بني القين فكَلَّموهم، فأجابوهم إلى ما طلَبوا فأتوا اليمانية فكلَّموهم، فقالوا: انصَرِفوا عنا حتى ننظُرَ، ثم ساروا فبيَّتوا بني القين، فقَتَلوا منهم ستَّمائة، وقيل ثلاثمائة، فاستنجَدَت القين قضاعة وسليحا فلم ينجدوهم، فاستنجدت قيسًا فأجابوهم، وساروا معهم إلى الصواليك من أرض البلقاء، فقتلوا من اليمانية ثمانمائة، وكثُرَ القتال بينهم فالتَقَوا مرَّات. وعُزِل عبد الصمد عن دمشق، واستُعمِلَ عليها إبراهيم بن صالح بن علي، فدام ذلك الشَّرُّ بينهم نحو سنتين، والتقَوا بالبثنية، فقُتِلَ من اليمانية نحوُ ثمانمائة، فأعادوا أيامَ الجاهلية، وقد هُدِّمَ سور دمشق حين ثارت الفتنةُ؛ خوفًا من أن يتغلب عليها أبو الهيذام المزِّي رأسُ القيسية، فلمَّا تفاقم الأمرُ بعث الرشيدُ مِن جهته موسى بن يحيى بن خالد ومعه جماعةٌ مِن القُوَّاد ورؤوس الكُتَّاب، فأصلحوا بين الناسِ، وهدأت الفتنةُ واستقام أمرُ الرعيَّة، وحملوا جماعاتٍ من رؤوس الفتنة إلى الرشيد، فرَدَّ أمرَهم إلى يحيى بن خالد، فعفا عنهم وأطلَقَهم.

العام الهجري : 176 العام الميلادي : 792
تفاصيل الحدث:

استطاع أحدُ زُعَماء الإباضية وهو عبد الله بن يحيى، المشهورُ بطالب الحقِّ، الاستيلاءَ على حضرموت سنة 129هـ، في السنواتِ الأخيرة لحُكم بني أمية، بمساعدة الإباضيَّة في البصرة، ثم استولى على صَنعاء، وامتَدَّ نُفوذُهم إلى بعضِ مَناطِقِ الحجاز بعد انتصاراتٍ على الجيوش الأمويَّة، تَبِعَها هزائم وانكسارات. وقد ظَلَّ للإباضيَّة نفوذ وانتشار في حضرموت حتى استيلاء الصليحي عليها سنة 455هـ. وأدَّت بعضُ العوامل إلى أن يؤسِّسَ الإباضيُّونَ إمارةً لهم في عُمان؛ منها: انتماءُ عدَدٍ من أبناء قبيلة الأزد- أكبر قبائل عُمان- إلى الإباضيَّة، ورغبةُ العُمانيِّين المستَمِرَّة في الاستقلال عن السُّلطة المركزية المتمَثِّلة بالدولة الأموية ثمَّ العباسيَّة، إضافةً إلى طبيعة عُمان الجغرافية وموقعِها الاستراتيجيِّ؛ ممَّا ساعدها على تنميةِ مَوارِدها الاقتصاديَّة، وبالتالي الوقوف ضِدَّ أي خطرٍ دونَ خَوفٍ من حصار اقتصاديٍّ مُحتَمَل، كما كان يحدثُ في الحجاز مثلًا. ومنذ سنة 177هـ استطاع الإباضيُّون تأسيسَ الإمامة في عُمان، وما زال مذهبُهم سائدًا فيها إلى اليوم.

العام الهجري : 177 العام الميلادي : 793
تفاصيل الحدث:

أرسل هشامُ بن عبدالرحمن الداخل بالصائفة جيشًا كثيفًا واستعمَلَ عليهم وزيرَه عبدالملك بن عبدالواحد بن مُغيث، فبلغ ألبةَ والقلاعَ، وأثخن في نواحيها، ثم بعَثَه في العساكِرِ، فوصلوا إلى أربونة وجرندة، وكان البدءُ بجرندة، وكان بها حامية الفرنج، فقَتَل رجالَها وهَدَّم أسوارَها بالمجانيقِ، وأبراجَها، وأشرَفَ على فَتحِها، فرحل عنها إلى أربونة، ففعل بها مثلَ ذلك، وأوغلَ في بلادهم ووطئَ أرض برطانية فاستباح حريمَها وقتل مُقاتِلَتَها، وجاس البلادَ شهرًا يحرِقُ الحُصون ويَسبي ويَغنَم، وقد أجفل العدُوُّ من بين يديه هاربًا، وأوغلَ في بلادهم ورجع سالِمًا ومعه من الغنائمِ ما لا يعلَمُه إلا الله تعالى. وهي من أشهَرِ مغازي المسلمين بالأندلس. حيث بلغ فيه خُمسُ السبيِ إلى خمسةٍ وأربعين ألفًا من الذَّهَب العين، وكان قد استمَدَّ الطاغية بالبشكنس وجيرانه من الملوك، فهزمهم عبدالملك ثم بعث بالعساكرِ مع عبد الكريم بن عبد الواحد إلى بلاد جليقة، فأثخنوا في بلاد العدوِّ وغَنِموا ورجَعوا.

العام الهجري : 177 العام الميلادي : 793
تفاصيل الحدث:

خالف العطافُ بنُ سفيانَ الأزديُّ الرشيدَ وتغلَّب على الموصِل، وكان من فرسانِ أهلِ الموصل، واجتمع عليه أربعةُ آلافِ رَجُلٍ، وجبى الخراجَ، وكان عامِلُ الرشيدِ على الموصل محمَّدَ بن العباس الهاشمي، وقيل: عبد الملك بن صالح، والعطاف غالِبٌ على الأمر كلِّه، وهو يَجبي الخراج، وأقام على هذا سنتين، حتى خرجَ الرشيدُ إلى الموصل فهدَمَ سُورَها بسَبَبِه, فأقسَمَ ليقتُلَنَّ من لَقِيَ مِن أهلِها، وكان العطاف قد سار عنها نحوَ أرمينيَّة، فلم يظفَرْ به الرشيدُ.

العام الهجري : 177 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 793
تفاصيل الحدث:

لَمَّا قَدِمَ إدريسُ بن عبدالله المغربَ سنة 172هـ نزل على إسحاقَ بن عبد الحميد، فقَدَّمه قبائلُ البربر وأطاعوه، وبلغ خبرُه هارونَ الرشيد، فدَسَّ إليه مَن سَمَّه. وكان المدسوسُ إليه رجلًا يقالُ له الشماخ، فسَمَّه وهرب إلى المشرق، فقام بأمرِ البربرِ مولاه راشِد. وترك إدريسُ جاريةً بربريَّةً اسمها كنزة؛ فوَلَدت له غلامًا سُمِّيَ باسم أبيه، فوَلِيَ إدريسُ بنُ إدريس سنة 187هـ وهو ابنُ أحد عشرة سنة، وقيل: أكثر من ذلك.

العام الهجري : 178 العام الميلادي : 794
تفاصيل الحدث:

استعمل الرشيدُ على إفريقيَّة الفضلَ بنَ روح بن حاتم المهلبي بعد موت والِدِه, فاستعمل الفضلُ على مدينة تونس ابنَ أخيه المغيرةَ بن بشر بن روح، فاستخَفَّ بالجُندِ. وكان الفضلُ أيضًا قد أوحَشَهم، وأساء السيرةَ معهم؛ بسبَبِ ميلهم إلى نصرِ بن حبيب الوالي قبلَه، فاجتمع مَن بتُونس، وكتبوا إلى الفضلِ يَستعفُونه من ابن أخيه، فلم يُجِبْهم عن كتابِهم، فاجتمعوا على تَركِ طاعتِه، فبايعوا عبدالله بن الجارود، وأخرجوا المغيرةَ، ثم استشرى الأمرُ في أفريقيا ففسَدَ الجُندُ على الفضلِ، فسَيَّرَ إليهم الفضل عسكرًا كثيرًا فخَرجوا إليه فقاتلوه، فانهزم عسكرُه وعاد إلى القيروان منهزِمًا وتبعهم أصحابُ ابن الجارود، فحاصروا القيروانَ ودخل ابن الجارود وعسكَرُه في جمادي الآخرة، وأخرج الفضل من القيروان، ووكلَ به وبمن معه من أهلِه أن يوصِلَهم إلى قابس، ثم ردَّهم ابن الجارود، وقُتِلَ الفضل بن روح بن حاتم، ثمَّ إنَّ الرشيدَ بلَغَه ما صنع ابنُ الجارود، وإفسادُه إفريقية، فوجَّه هرثمة بن أعين ومعه يحيى بن موسى، فكاتب يحيى عبدالله بن الجارود، ثم دخل في الطاعةِ بعد أن طلَبَ الأمانَ فأمَّنَه.

العام الهجري : 178 العام الميلادي : 794
تفاصيل الحدث:

هاجت فتنةُ تاكرنا بالأندلس، وخلع بربَرُها الطاعة، وأظهروا الفسادَ، وأغاروا على البلادِ، وقطعوا الطريقَ، فسَيَّرَ هشام بن عبدالرحمن إليهم جُندًا كثيفًا عليهم عبدُ القادر بن أبان بن عبد الله، مولى معاويةَ بن أبي سفيان، فقَصَدوها وتابَعوا قتالَ من فيها إلى أن أبادوهم قتلًا وسَبيًا، وفَرَّ من بقِيَ منهم، فدخل في سائرِ القبائل، وبَقِيَت كورة تاكرنا وجبالُها خاليةً مِن الناس سبعَ سنين.

العام الهجري : 178 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 794
تفاصيل الحدث:

لَمَّا وَلِيَ إسحاق بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس إمارةَ مِصرَ لم يرضَ بما كان يأخُذُه قبله الأمراءُ، وزاد على المُزارعين زيادةً أفحَشَت بهم فسَئِمَته الناسُ وكَرِهَته وخرج عليه جماعةٌ مِن أهل الحوفِ مِن قيس وقضاعة، فحاربَهم إسحاقُ، وقُتل من حواشيه وأصحابِه جماعةٌ كبيرة، فكتب إسحاقُ يُعلِمُ الرَّشيدَ بذلك، فعَظُمَ على الرشيدِ ما ناله من أمرِ مِصرَ، وصَرَفه عن إمرَتِها وعقَدَ الرَّشيدُ لهرثمة بن أعيَن على إمرة مصرَ، وأرسله في جيشٍ كبير إلى مصرَ، فتلقَّاه أهلُ مِصرَ بالطاعةِ وأذعنوا له، فقَبِلَ هرثمة منهم ذلك، وأمَّنَهم وأقَرَّ كُلَّ واحدٍ على حاله.

العام الهجري : 178 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 794
تفاصيل الحدث:

خرج الوليدُ بن طريف التغلبي بالجزيرة، ففَتَك بإبراهيم بن خازم بن خزيمة بنصيبين، ثم قَوِيَت شوكةُ الوليد، فدخل إلى أرمينيَّة، وحصر خلاط عشرينَ يومًا، فافتدوا منه أنفُسَهم بثلاثين ألفًا. ثم سار إلى أذربيجان، ثمَّ إلى حلوان وأرض السواد، ثم عبَرَ إلى غرب دجلة، وقصد مدينة بلد، فافتدوا منه بمائةِ ألف، وعاث في أرضِ الجزيرة، فسَيَّرَ إليه الرشيد يزيدَ بن مزيد بن زائدة الشيباني, فجعل يزيدُ يختالُه ويُماكِرُه، وكانت البرامِكةُ مُنحَرِفةً عن يزيد، فقالوا للرشيد: إنَّما يتجافى يزيدُ عن الوليد للرَّحِم؛ لأنَّهما كلاهما من وائل، فكتب إليه الرشيدُ كتابَ مُغضَب، وقال له: لو وَجَّهتُ أحدَ الخدم لقام بأكثَرَ ممَّا تقوم به، ولكِنَّك مُداهِنٌ متعَصِّبٌ، وأُقسِمُ بالله إن أخَّرْتَ مناجَزتَه لأُوجِّهنَّ إليك من يحمِلُ رأسَك. فقال يزيدُ لأصحابه: فِداكم أبي وأمِّي، إنَّما هي الخوارِجُ ولهم حَملةٌ، فاثبُتوا، فإذا انقضت حملتُهم فاحملوا عليهم؛ فإنهم إذا انهزموا لم يرجِعوا، فكان كما قال، حَمَلوا عليهم حَملةً، فثَبَت يزيدُ ومن معه مِن عشيرته، ثم حَمَل عليهم فانكشفوا واتَّبَع يزيدُ الوليدَ بن طريف، فلَحِقَه واحتَزَّ رأسَه.

العام الهجري : 179 العام الميلادي : 795
تفاصيل الحدث:

سيَّرَ هشام بن عبدالرحمن صاحِبُ الأندلس جيشًا كثيفًا عليهم عبدُ الملك بن عبد الواحد بن مغيث، إلى جليقية، فساروا حتى انتهوا إلى استرقة، وكان أذفونش، ملك الجلالقة قد جمع وحشَد، وأمَدَّه ملك البشكنس، وهم جيرانُه، ومن يليهم من المجوس، وأهل تلك النواحي، فصار في جمعٍ عظيم، فأقدمَ عليه عبدُ الملك، فرجع أذفونش هيبةً له، وتَبِعَهم عبد الملك يقفو أثَرَهم، ويُهلِكُ كلَّ من تخلَّفَ منهم، فدَوَّخ بلادَهم، وأوغل فيها وأقام فيها يَغنَمُ، ورجع سالِمًا. وكان قد سيَّرَ هشام جيشًا آخرَ من ناحية أخرى، فدخلوا أيضًا على ميعادٍ من عبد الملك، فلما أرادوا الخروجَ مِن بلاد العدوِّ اعترضهم عسكرٌ للفرنجِ، فنال منهم، وقتل نفرًا من المسلمينَ، ثم تخلَّصوا وسَلِموا وعادوا سالِمينَ سِوى من قُتِلَ منهم.