الموسوعة الحديثية


- عن ابنِ عمرَ قال: [ما] سمعتُ عمرَ يقرؤها قطُّ إلا فامضوا إلى ذكرِ اللهِ [يعني قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ.... فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : ابن الأثير | المصدر : شرح مسند الشافعي | الصفحة أو الرقم : 2/183 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
مِن رَحْمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ أنَّه أنزَلَ القُرآنَ الكريمَ على أحرُفٍ وقِراءاتٍ تُوافِقُ لَهجاتٍ عِدَّةً، كلُّها عربيَّةٌ، تخفيفًا وتيسيرًا وتسهيلًا على المُسلِمينَ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "ما سَمِعتُ عُمَرَ يَقرَؤُها قَطُّ" يعني آيَةَ سورةِ الجُمُعةِ "إلَّا (فامْضُوا إلى ذِكرِ اللهِ) يعني: قولَه تَعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]، والمعنى أنَّه إذا سَمِعتُم أذانَ الجُمُعةِ، فاذْهَبوا إلى الصَّلاةِ بالقَلبِ والنِّيَّةِ وتَركِ ما قد يَشغَلُ الإنسانَ عنها كالتِّجارةِ ونحوِها، ويَنبغي أنْ يكونَ المَشيُ إليها في تُؤَدةٍ وسُكونٍ.
وهذه قِراءَةٌ مأثورةٌ، وقَرَأَ بها أيضًا ابنُ مسعودٍ وابنُ الزُّبَيرِ، ومعنى الأحرُفِ السَّبعَةِ: أنَّها سَبعةُ أوجُهٍ، وسبعُ لَهَجاتٍ. وقيل: سبعُ قِراءاتٍ. وقيل: سَبعةُ أحكامٍ، فأيُّ وجهٍ تَقْرَأُ به الأُمَّةُ، وأيُّ لهجةٍ تيَسَّرَت لها، فهي مَقْبولةٌ إنْ شاءَ اللهُ؛ تيسيرًا وتخفيفًا على أُمَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وليس المُرادُ أنَّ كُلَّ كلمةٍ وكلَّ جملةٍ مِن القرآنِ تُقرَأُ على سَبعةِ أوجُهٍ، بل المُرادُ أنَّ غايةَ ما انتَهى إليه عَدَدُ القِراءاتِ في الكلمةِ الواحدةِ إلى سبعةٍ، فإنْ قيل: فإنَّا نَجِدُ بعضَ الكلماتِ يُقرَأُ على أكثرَ مِن سبعةِ أوجُهٍ، فالجوابُ أنَّ غالِبَ ذلك إمَّا لا يُثبِتُ الزِّيادةَ، وإمَّا أن يكونَ مِن قَبيلِ الاختلافِ في كيفيَّةِ الأداءِ؛ كما في المدِّ والإمالةِ ونحوِهما، وقيل: ليس المرادُ بالسَّبعةِ حقيقةَ العَدَدِ، بل المرادُ التَّسهيلُ والتَّيسيرُ.