الموسوعة الحديثية


- إنَّ الرَّحمةَ شَجنةٌ آخذةٌ بحُجزةِ الرَّحمنِ، تَصلُ من وصلَها، وتقطعُ من قطعَها . الرَّحمُ شَجنةُ الرَّحمنِ، أصلُها في البيتِ العتيقِ، فإذا كانَ يومُ القيامةِ ذَهبَت حتَّى تناولَ بحُجزةِ الرَّحمنِ، فتقولُ: هذا مَقامُ العائذِ بِكَ . فيقولُ: مِمَّاذا ؟ وَهوَ أعلَمُ . فتقولُ: منَ القَطيعةِ . إنَّ الرَّحمَ شَجنةٌ آخذةٌ بحجزةِ الرَّحمنِ، تصلُ من وصلَها، وتقطعُ من قَطعَها .
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : تخريج كتاب السنة | الصفحة أو الرقم : 538 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن | التخريج : أخرجه أحمد (2953)، والطبراني (10/398) (10807) باختلاف يسير، والحاكم (3179) بنحوه
الرَّحمةُ صِفَةٌ عظيمةٌ، وإذا سادَتْ بيْن النَّاسِ فإنَّهم يتحابُّون ويَتوادُّون، ويَصِلُون بعضُهم بعضًا بالخيرِ، وبها يَنقطِعُ التَّدابُرُ والتَّشاحُنُ بيْن الخلْقِ، وقد أوْصى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالتَّراحُمِ، وبيَّنَ حُسنِ الجزاءِ على ذلك.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "إنَّ الرَّحمةَ شِجنةٌ"، والشِّجنةُ في الأصلِ: عُروقُ الشَّجرِ المُشتَبِكةُ، والمُرادُ أنَّها مُشتبِكةٌ ومُتأصِّلةٌ بيْن الخلْقِ كاشتِباكِ العُروقِ، "آخِذةٌ بحُجْزةِ الرَّحمنِ"، أي: مُمسِكةٌ بها، والحُجْزةُ عندَ العربِ هي مَعقِدُ الإزارِ، وهذا الفِعلُ مُبالَغةٌ وتوكيدٌ في الاستجارةِ بالرَّحمنِ أنْ يَحرُسَها ويذُبَّ عنها، ولبَيانِ عظيمِ شأْنِ حقِّها، "تَصِلُ مَن وصَلَها، وتَقطَعُ مَن قطَعَها"، أي: تَدْعو لمَن وصَلَها وأدَّى حقَّها بأنْ يَصِلَه اللهُ ببِرِّه وإحسانِه ونُصرتِه، ومَن قطَعَها قطَعَه اللهُ تعالى مِن بِرِّه وإحْسانِه وعَوْنِه وتَوفيقِه، "الرَّحِمُ شِجنةُ الرَّحمنِ"، والمُرادُ مِنها هنا: أنَّها مُشتقَّةٌ مِن اسمِ الرَّحمنِ، فكأنَّها مُشتبِكةٌ بمعاني الرَّحمةِ به اشتِباكَ العُروقِ، وقيل في وَجْهِ الشِّجنةِ: إنَّ حُروفَ الرَّحمِ مَوجودةٌ في اسْمِ الرَّحمنِ، ومُتداخِلةٌ فيه كتَداخُلِ العُروقِ؛ لكَونِها مِن أصلٍ لُغويٍّ ومَعنويٍّ واحدٍ، والمعنى: أنَّها أثَرٌ مِن آثارِ رَحمتِه، مُشتبِكةٌ بها، "أصْلُها في البيتِ العتيقِ" وهو بيتٌ في السَّماءِ السَّابعةِ تحتَ العرشِ تَطوفُ حولَه الملائكةُ، "فإذا كان يومُ القيامةِ ذهَبَتْ حتَّى تناوَلَ بحُجْزةِ الرَّحمنِ، فتقولُ: هذا مَقامُ العائذِ بكَ"، أي: قِيامي هذا قِيامُ المُستجيرِ بكَ، فيقولُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: "ممَّاذا- وهو أعلَمُ-؟ فتقولُ: مِن القطيعةِ"، أي: مِن قَطيعةِ الرَّحمِ وممَّن قطَعَها وهجَرَها، "إنَّ الرَّحِمَ شِجنةٌ آخِذةٌ بحُجزةِ الرَّحمنِ، تصِلُ مَن وصَلَها، وتَقطَعُ مَن قطَعَها"، وهذا مِن تَكرارِ الكلامِ لتَوكيدِه، وبَيانِ أهمِّيَّتِه، والرَّحِمُ نوعانِ: عامَّةٌ، وخاصَّةٌ؛ فالعامَّةُ: رَحِمُ الدِّينِ، وتجِبُ صِلَتُها بالتَّوادِّ والتَّناصُحِ والعدْلِ والإنصافِ، وأمَّا الرَّحِمُ الخاصَّةُ فتَزيدُ بالنَّفقةِ على القريبِ، وتفقُّدِ أحوالِهم، والتَّغافُلِ عن زَلَّاتِهم، وتَتفاوَتُ مَراتبُ استحقاقِهم في ذلك .