الموسوعة الحديثية


- من اغتسلَ يومَ الجمُعةِ ومسَّ من طيبٍ إن كان عندَهُ ولبِسَ من أحسنِ ثيابِهِ ثمَّ خرج حتَّى يأتيَ المسجدَ فيركعُ إن بدا له ولم يؤذِ أحدًا ثم أنصتَ حتَّى يصلِّيَ كانت كفَّارةٌ لِمَا بينَها وبين الجمُعَةِ الأخرى وفي روايةٍ ثمَّ خرج وعليه السكينةُ حتَّى يأتِيَ المسجِدَ
الراوي : أبو أيوب الأنصاري | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد | الصفحة أو الرقم : 2/174 | خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات | التخريج : أخرجه أحمد (23571) واللفظ له، وابن خزيمة (1775)، والطبراني (4/161) (4007)
يومُ الجُمُعةِ يَومٌ عظيمُ القَدْرِ؛ هدانا اللهُ إليه بَعدَما ضَلَّتْ عنه اليهودُ والنَّصارَى، وهو يَومُ عِيدٍ أسبوعيٍّ يلتَقِي في المسلمونَ في المساجدِ، ولهذا اليومِ آدابٌ وسُنَنٌ، ومِن آدابِه ما جاء في هذا الحَديثِ، حيثُ يُخبِرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِفضيلةِ الاغتِسالِ والتَّطيُّبِ والخُروجِ لِصَلاةِ الجُمُعةِ؛ فيقولُ: "مَن اغتسَلَ يومَ الجُمعةِ"، أي: تَطهَّرَ بتَعميمِ جسَدِه بالماءِ، مع ما يُمكِنَه مِن تَنظيفٍ؛ كقَصِّ الظُّفرِ والشَّاربِ وحلْقِ العانةِ، وغيرِ ذلك، "ومَسَّ مِن طِيبٍ إنْ كان عندَه"، يعني: يضَعُ مِنَ الطِّيبِ والعِطرِ، "ولَبِسَ مِن أحسَنِ ثِيابِه"، مِن البَياضِ وغَيرِه، "ثمَّ خرَجَ حتَّى يأتِيَ المسجِدَ، فيَركَعُ إنْ بدَا له"، يعني: مِنَ النَّوافلِ، وفي رِوايةٍ: "ثمَّ خرَجَ وعليه السَّكينةُ حتَّى يأتِيَ المسجِدَ"، أي: خرَجَ مِن بَيتِه هادئًا مُطمئنًّا في هَيئتِه ومِشيَتِه. "ولم يُؤْذِ أحدًا"، أي: مِن النَّاسِ في المسجِدِ؛ فلا يَتَخطَّى الرِّقابَ، ولا يُفرِّقُ بيْن الجالسِينَ قبْلَه، "ثمَّ أنصَتَ"، أي: استمَعَ للخُطبةِ، "حتَّى يُصلِّيَ؛ كانت كَفَّارةً لِمَا بيْنها وبيْن الجُمعةِ الأُخرى"، أي: غُفِرَ له ما ارْتَكَبَهُ مِن الذُّنوبِ في هذه المُدَّةِ بيْن الجُمُعتَينِ؛ مِن صَلاةِ الجُمُعةِ وخُطبتِها إلى مِثلِ الوقتِ مِن الجُمُعةِ الثَّانيةِ.
وهذا كما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حديثٍ آخَرَ أخرَجَهُ مُسلمٌ في صَحيحِه: "الجُمُعَةُ إلى الجُمُعَةِ كفَّارةٌ لِمَا بيْنَهما ما اجتُنِبَتِ الكبائرُ"، ويُجمَعُ بيْنهما بأنْ يكونَ المقصودُ: أنَّ الصَّغائرَ هي الَّتي يَغفِرُها اللهُ، أمَّا الكبائِرُ فإنَّها تَحتاجُ إلى تَوبةٍ تامَّةٍ، وقد قال اللهُ: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31]، أي: نَمْحُ عنكم صَغائِرَكم، ولا يَلزَمُ مِن ذلك ألَّا يُكفِّرَ الصَّغائرَ إلَّا اجتِنابُ الكَبائرِ، وإذا لَم يَكُنْ للمرْءِ صَغائرُ تُكفَّرُ رُجِيَ له أنْ يُكفَّرَ عنه بمِقدارِ ذلك مِن الكبائرِ، وإلَّا أُعطِيَ مِن الثَّوابِ بمِقدارِ ذلك.
وفي الحديثِ: الحثُّ على التَّطهُّرِ والتَّنظُّفِ قدْرَ الاستطاعَةِ يومَ الجُمعَةِ.
وفيه: الحَثُّ على الظُّهورِ بأجمَلِ صُورةٍ يومَ الجُمُعةِ لكلِّ مُستَطيعٍ.