الموسوعة الحديثية


- دخلتُ أَنا وخالدُ بنُ الوليدِ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ على ميمونةَ بنتِ الحارثِ فقالَت : ألا نُطعمُكُم من هديَّةٍ أَهْدتها لَنا أمُّ حفيدٍ ؟ قالَ : فجيءَ بِضبَّينِ مشويَّينِ فتبزَّقَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ لَهُ خالدٌ : كأنَّكَ تقذرُهُ ؟ قالَ : أجْل قالت : ألا أسقيكُم من لبنٍ أَهْدتهُ لَنا ؟ فقالَ : بلَى قالَ : فجيءَ بإناءٍ من لبنٍ فشربَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وأَنا عن يمينِهِ وخالدٌ عن شمالِهِ فقالَ لي : الشَّربةُ لَكَ وإن شئتَ آثرتَ بِها خالدًا فقلتُ : ما كنتُ لأوثرَ بسُؤْرِكَ عليَّ أحدًا فقالَ : من أطعمَهُ اللَّهُ طعامًا فليقُلْ : اللَّهمَّ بارِكْ لَنا فيهِ وأطعِمنا خيرًا منهُ ومَن سقاهُ اللَّهُ لبنًا فليقل : اللَّهمَّ بارِكْ لَنا فيهِ وزِدنا منهُ فإنَّهُ ليسَ شيءٌ يُجزئُ مَكانَ الطَّعامِ والشَّرابِ غيرَ اللَّبنِ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 3/302 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح وأصل القصة في الموطأ والصحيحين | التخريج : أخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (5957) باختلاف يسير، وقصة التقذر من الضب أصلها في صحيح البخاري (2575)، ومسلم (1947)

كنتُ في بيتِ ميمونةَ ، فدخل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، ومعه خالدُ بنُ الوليدِ ، فجاؤوا بضَبَّينِ مَشْوِيَّينِ على ثُمامَتَينِ ، فتبزَّق رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، فقال خالدُ : إِخالُك تَقْذِرُه يا رسولَ اللهِ ! قال : أجل ثم أُتِيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بلبنٍ فشرب ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : إذا أكل أحدُكم طعامًا فلْيَقُلْ : اللهمَّ بارِكْ لنا فيه ، وأَطعِمْنا خيرًا منه ، وإذا سُقِيَ لبنًا فليقلْ : اللهمَّ بارِكْ لنا فيه ، وزِدْنا منه ؛ فإنه ليس شيءٌ يُجزئُ من الطعامِ والشرابِ إلا اللبنَ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 3730 | خلاصة حكم المحدث : حسن

التخريج : أخرجه أبو داود (3730) واللفظ له، والترمذي (3455)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10118)، وابن ماجه (3322)، وأحمد (1978)


كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا عافَ مِنَ الطَّعامِ شيئًا ترَكه، وفي هذا الحديثِ يَحكِي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: أنَّه كان في بَيْتِ مَيمونةَ رضِيَ اللهُ عنه، وهي ميمونةُ بنتُ الحارِثِ، زَوجُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكانتْ خالَةَ ابنِ عبَّاسٍ، "فدخل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومعه خالدُ بنُ الوليدِ، فجاؤوا بِضَبَّيْنِ مَشْوِيَّيْنِ على ثُمامَتَيْنِ"، أي: على عودَيْنِ يَحمِلانِ الضَّبَّيْنِ أثناءَ الشَّوْيِ، والضَّبُّ: حيوانٌ مِنَ الزَّواحِفِ يَكْثُرُ في الصَّحارِي العربيَّةِ.
قال: "فتَبَزَّقَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، أي: تَفَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَقذُّرًا؛ وذلك لِأنَّه لم يَأْلَفْه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "فقال خالِدٌ: إِخالُكَ"، أي: أَظُنُّكَ، "تَقْذَرُهُ يا رسولَ اللهِ"، أي: تَكرهُه، "قال" النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "أَجَلْ"، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عافَه وكرِهَه، وليس المقصودُ هنا الكراهةَ الشَّرعيَّةَ، وإنَّما المقصودُ كراهةُ نَفْسِهِ البشريَّةِ لهذا النَّوعِ مِنَ الطَّعامِ.
قال: "ثمَّ أُتِيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بلَبَنٍ فشرِب، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إذا أَكَلَ أحدُكم طعامًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بارِكْ لنا فيه"، أي: اجعَلْ لنا فيه الخيرَ بالزِّيادةِ والنَّماءِ، "وأطعِمْنا خيرًا منه"، أي: وارْزُقْنا ما هو أفضلُ منه، "وإذا سُقِيَ لَبَنًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بارِكْ لنا فيه، وزِدْنا منه"؛ فإنَّه ليس شيءٌ يُجزِئُ مِنَ الطَّعامِ والشَّرابِ، أي: يَصْلُحُ مَقامَ الأكْلِ إذا جاع الإنسانُ ويصلُحُ مقامَ الشُّرْبِ إذا عطِش "إلَّا اللَّبَنُ".
وفي الحديثِ: بيانٌ لأفضليَّةِ اللَّبَنِ وما فيه مِن فائدةٍ تَجمَعُ بين كَوْنِهِ طعامًا لِمَنْ أراد الطَّعامَ، وشرابًا لِمَنْ أراد الشَّرابَ.