الموسوعة الحديثية


- عَهِدَ عُتبةُ بنُ أبي وقَّاصٍ إلى أخيهِ سعدٍ أن يقبضَ ابنَ وليدةِ زَمعةَ ، وقالَ عُتبةُ : إنَّهُ ابني فلمَّا قدِمَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ َ مَكَّةَ زمنَ الفتحِ أخذَ سعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ ابنَ وليدةِ زَمعةَ ، فأقبلَ بِهِ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، وأقبلَ معَهُ عبدُ بنُ زَمعةَ فقالَ سعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ : هذا ابنُ أخي عَهِدَ إليَّ أبوهُ . فقالَ عبدُ بنُ زَمعةَ : يا رسولَ اللَّهِ هذا أخي وُلِدَ على فراشِهِ فنظرَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إلى ابنِ وليدةِ زَمعةَ فإذا أشبَهُ النَّاسِ بعُتبةَ بنِ أبي وقَّاصٍ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : هوَ لَكَ هوَ أخوكَ يا عبدُ بنَ زَمعةَ . مِن أجلِ أنَّهُ وُلِدَ على فراشِهِ ثمَّ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : احتَجبي منهُ يا سَودةُ . لِما رأى مِن شبَهِ عُتبةَ بنِ أبي وقَّاصٍ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البيهقي | المصدر : السنن الكبرى للبيهقي | الصفحة أو الرقم : 6/87 | خلاصة حكم المحدث : رواته مشهورون بالحفظ والفقه والأمانة

 كانَ عُتْبَةُ بنُ أبِي وقَّاصٍ عَهِدَ إلى أخِيهِ سَعْدِ بنِ أبِي وقَّاصٍ أنَّ ابْنَ ولِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي، فَاقْبِضْهُ إلَيْكَ، فَلَمَّا كانَ عَامُ الفَتْحِ أخَذَهُ سَعْدٌ، فَقالَ: ابنُ أخِي، قدْ كانَ عَهِدَ إلَيَّ فِيهِ، فَقَامَ إلَيْهِ عبدُ بنُ زَمْعَةَ فَقالَ: أخِي وابنُ ولِيدَةِ أبِي، وُلِدَ علَى فِرَاشِهِ، فَتَسَاوَقَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ سَعْدٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، ابنُ أخِي كانَ عَهِدَ إلَيَّ فِيهِ، وقالَ عبدُ بنُ زَمْعَةَ: أخِي وابنُ ولِيدَةِ أبِي، وُلِدَ علَى فِرَاشِهِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هو لكَ يا عبْدُ بنَ زَمْعَةَ، ثُمَّ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، ولِلْعَاهِرِ الحَجَرُ، ثُمَّ قالَ لِسَوْدَةَ بنْتِ زَمْعَةَ: احْتَجِبِي منه؛ لِما رَأَى مِن شَبَهِهِ بعُتْبَةَ، فَما رَآهَا حتَّى لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 7182 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه البخاري (7182)، ومسلم (1457)


كانَت عادةُ الجاهليَّةِ إلْحاقَ النَّسبِ بالزِّنى، وكانوا يَستأجِرون الإماءَ للزِّنى، فمَن اعترَفَت الأُمُّ بأنَّه له ألْحَقوه به، فجاءَ الإسلامُ بإبطالِ ذلِك وبإلْحاقِ الوَلَدِ بالفِراشِ الشَّرعيِّ.
وفي هذا الحَديثِ تَروي أمُّ المُؤمِنين عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ عُتْبَةَ بنَ أبِي وقَّاصٍ -والأشهَرُ أنَّه مات كافرًا- أوصى إلى أخِيهِ سَعْدِ بنِ أبِي وقَّاصٍ أنَّه وقَعَ وعاشَرَ جاريةَ زَمْعَةَ بنِ قيْسٍ، وهو والِدُ سَودةَ زَوجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والوليدةُ: الجاريةُ والأمةُ المملوكةُ، وأنَّ ابنَها -عبدَ الرَّحمنِ بنَ زَمعةَ- هو ابنُه، فأوصى أخاه سعدًا أن يَضُمَّه إليه ويرعاه، فلمَّا كانَ عامُ فتْحِ مكَّةَ سَنةَ ثَمانٍ مِن الهجرةِ، أَخَذَ سَعدُ بنُ أبي وقَّاص الوَلَدَ، وقال: هو ابنُ أخي عُتبةَ، قدْ عَهِد إليَّ فيه أنْ أَستَلحِقَه به، فقامَ عبدُ بنُ زَمْعَةَ فقالَ: هو أخي، وابنُ وَليدةِ أَبي، ووُلِدَ على فِراشِه، فلمَّا تَخاصَم عبدُ بنُ زَمْعَةَ وسَعْدُ بنُ أبي وقَّاص، وقام سَعْدٌ بما عَهِدَ إليه أخوه عُتْبةُ مِن سِيرةِ الجاهليَّةِ، ولم يَعلَمْ سَعْدٌ بُطلانَ ذلِك في الإسلامِ، ولم يكُنْ حَصَل إلحاقُه في الجاهليَّةِ؛ إمَّا لِعَدَمِ الدَّعوى، وإمَّا لِكَونِ الأُمِّ لَم تَعتَرفْ به لِعُتبةَ، فتَدافَعا بعْدَ تَخاصُمِهما وتَنازُعِهما في الولَدِ، وذهبا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وحَكَيا إلَيه، فقالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: الولَدُ لَكَ يا عبْدُ بنَ زَمْعَةَ، فالولَدُ تابِعٌ لصاحِبِ الفِراشِ، زوْجًا أو سيِّدًا، وللزَّاني الحَجَرُ، وهو كنايةٌ عن الخَيبةِ والخُسرانِ أو الرَّجمِ، وأنَّه لا حَقَّ للزَّاني في الولَدِ، وأمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زوجَتَه سَودةَ بنتَ زَمعةَ أن تمتَنِعَ مِن ابنِ زَمعةَ المُتنازَعِ فيه، فلا يراها ولا تراه، فأمَرَها به نَدْبًا واحتياطًا؛ لأنَّه في ظاهِر الشَّرعِ أخوها؛ لأنَّه أُلْحِقَ بأبيها، لكِن لَمَّا رأى الشَّبَهَ البَيِّنَ بِعُتبةَ بنِ أبي وقَّاص خَشِي أنْ يَكونَ مِن مائِه، فيكونَ أجنبيًّا منها، فأمَرَها بالاحتِجابِ منه؛ احتياطًا، فما رآها حتَّى لَقِي اللهَ عزَّ وجلَّ وماتَ.
وفي الحَديثِ: أنَّ الأحكامَ تجري على الظَّاهِرِ الثَّابِتِ.
وفيه: الأخذُ بالاحتياطِ عندَ وُقوعِ الشُّبُهاتِ.