الموسوعة الحديثية


- وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا عن عائشةَ رضيَ اللَّهُ عنْها أنَّ هذِهِ الآيةَ نزلَت في اليتيمَةِ تَكونُ في حجرِ وليِّها فإن كانَ لَها مالٌ وجمالٌ تزوَّجَها ولم يُقسِطْ في صداقِها؛ فإن لم يَكن لَها مالٌ لم يتزوَّجْها فنُهيَ أن يتزوَّجَها حتَّى يُقسِطَ في صداقِها من أجلِ رغبتِهِ عن نِكاحِها إذا لم يَكن لَها مالٌ
الراوي : - | المحدث : ابن تيمية | المصدر : مجموع الفتاوى | الصفحة أو الرقم : 32/47 | خلاصة حكم المحدث : ثابت

 عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {َيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} إلى قَوْلِهِ: {وَتَرْغَبُونَ أنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127]، قالَتْ عَائِشَةُ: هو الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ اليَتِيمَةُ هو ولِيُّهَا ووَارِثُهَا، فأشْرَكَتْهُ في مَالِهِ حتَّى في العَذْقِ، فَيَرْغَبُ أنْ يَنْكِحَهَا ويَكْرَهُ أنْ يُزَوِّجَهَا رَجُلًا، فَيَشْرَكَهُ في مَالِهِ بما شَرِكَتْهُ فَيَعْضُلُهَا، فَنَزَلَتْ هذِه الآيَةُ.
الراوي : عروة بن الزبير | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 4600 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

اهتمَّ الإسلامُ بِحفظِ حُقوقِ المرأةِ ونَهى عنْ ظُلمِها والتَّعدِّي على حُقوقِها، لا سيَّما اليتيماتِ؛ لضَعفِهنَّ وحاجتِهِنَّ إلى الرِّعايةِ والعِنايةِ، فأوْجَبَ على كلِّ مَن يَلِي أمْرَ امْرأةٍ أنْ يُعامِلَها بِما يَحفَظُ كَرامَتها.
وهذا الحديثُ تُفسِّرُ فيهِ أمُّ المؤمِنينَ عائِشةُ رضِيَ اللهُ عنْها قولَه تَعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127]، فتَقولُ: «هوَ الرَّجلُ تكونُ عِندَهُ اليتيمةُ هوَ وليُّها وَوارِثُها»، أي: تكونُ في رعايتِه ويكونُ القائمَ بأمرِها، -واليَتيمُ: مَن مات أبوهُ قبْلَ أنْ يَبلُغَ- «فأَشرَكتْهُ في مالِهِ، حتى في العِذْقِ»، أي: النَّخلِ، «فيَرغَبُ عن نِكاحِها» حينَ تكونُ قَليلةَ الجَمالِ، «ويكرَهُ أنْ يُزوِّجَها رجلًا فيَشرَكَه في مالِهِ بما شَرِكَتْهُ»؛ فلا هوَ تزوَّجَها ولا ترَكَ غيرَهُ يَتزوَّجُها، فيَعضُلُها، أي: يَمنعُها مِن الزَّواجِ حتى تَموتَ؛ لِئلَّا يُشارِكَهُ أحدٌ في مالِهِ الذي بيْنهُ وبيْنها، فإذا ماتتْ ورِثَها، فنزَلتْ هذِهِ الآيةُ لِتأمُرَ الأولياءَ المؤمِنينَ بالقِسطِ والعدلِ معَ النِّساءِ اليَتامى وإيفاءِ حُقوقِهنَّ والنَّهيِ عنِ ظُلمِهنَّ.
وقد كان الرَّجلُ في الجاهليَّةِ يكونُ عنده اليَتيمةُ فيُلقي عليها ثَوبَه، فإذا فَعَلَ ذلك بها لم يَقدِرْ أحدٌ أنْ يَتزوَّجَها أبدًا، فإنْ كانتْ جَميلةً تَزوَّجَها وأكَلَ مالَها، وإنْ كانتْ دَميمةً منعَها الزَّواجَ مِنَ الرِّجالِ حتَّى تَموتَ، فإذا ماتَتْ وَرِثَها، فحُرِّمَ ذلك ونُهِيَ عنه.
وفي الحَديثِ: بيانُ عَظمةِ الإسلامِ بسَبْقِه في الاهتِمامِ بحقوقِ المرأةِ، وجَعْلِه العدلَ معها وعدَمَ ظُلمِها تَشريعًا ودِينًا.
وفيه: التَّحذيرُ مُن ظُلمِ اليَتامى، والحثُّ على تَوفِيَتِهم حُقوقَهم.
وفيه: أنَّ الأولياءَ مُستأمَنون على مَن تحْتَ أيْدِيهم وفي حَجْرِهم، وأنَّ ظُلْمَهم تَضييعٌ للأمانةِ.