الموسوعة الحديثية


- ...ما هذا ؟ . قالوا : وادي الأزرقِ . فقال : كأني أنظرُ إلى موسى مُهبِطًا له جُؤارٌ إلى الله بالتَّكبيرِ . ثم أتى على ثَنِيَّةَ [ ( هَرْشَى ) ، فقال : أيُّ ثَنِيَّةٍ هذه ؟ . فقالوا : ثَنِيَّةُ ( هَرْشَى ) ] . فقال : كأني أنظرُ إلى يونسَ [ بنُ مَتَّى عليه السلامُ ] على ناقةٍ حمراءَ جَعدةٍ ، خطامُها لِيفٌ ، وهو يُلبِّي وعليه جُبَّةُ صوفٍ .
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب | الصفحة أو الرقم : 1126 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه مسلم (166) باختلاف يسير

أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مَرَّ بوادِي الأزْرَقِ، فقالَ: أيُّ وادٍ هذا؟ فقالوا: هذا وادِي الأزْرَقِ، قالَ: كَأَنِّي أنْظُرُ إلى مُوسَى عليه السَّلامُ هابِطًا مِنَ الثَّنِيَّةِ، وله جُؤارٌ إلى اللهِ بالتَّلْبِيَةِ، ثُمَّ أتَى علَى ثَنِيَّةِ هَرْشَى، فقالَ: أيُّ ثَنِيَّةٍ هذِه؟ قالوا: ثَنِيَّةُ هَرْشَى، قالَ: كَأَنِّي أنْظُرُ إلى يُونُسَ بنِ مَتَّى عليه السَّلامُ علَى ناقَةٍ حَمْراءَ جَعْدَةٍ عليه جُبَّةٌ مِن صُوفٍ، خِطامُ ناقَتِهِ خُلْبَةٌ وهو يُلَبِّي قالَ ابنُ حَنْبَلٍ في حَديثِهِ: قالَ هُشيمٌ: يَعْنِي لِيفًا.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 166 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : من أفراد مسلم على البخارى


البيتُ الحرامُ هو بَيتُ اللهِ في الأرضِ، وهو قِبلةُ المُسلِمين، وقد رَفَعَ قَواعدَه الخليلُ إبراهيمُ مع ابنِه إسماعيلَ عَليهِما السَّلامُ، وقَد أعلَمَ اللهُ بحَجِّه الأنبياءَ والمُرسَلينَ؛ إجابةً لدَعوةِ ونِداءِ الخليلِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عَنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَرَّ ذاتَ مَرَّةٍ بوادي الأزرقِ، وهو بالحِجازِ، يَقَعُ شَمالَ شَرقِ مَكَّةَ عَلى بُعدِ 100 كم تقريبًا، بينَ مكَّةَ والمدينةِ، والوَادي: هو الأرضُ السَّهلةُ بين الجَبَلَين، فسألَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَه رَضيَ اللهُ عنهم: «أيُّ وادٍ هذا؟» أي: ما اسمُهُ؟ فقالَ الصَّحابَةُ رَضيَ اللهُ عَنهم: «هذا وادي الأَزْرَقِ»، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «كأنِّي أَنْظُرُ إلى مُوسى عليه السَّلامُ هابِطًا منَ الثَّنِيَّةِ»، والثَّنيَّةُ: هي المُنعطَفُ الذي يَنحني عِندَه الطَّريقُ، وقيلَ: هي الطَّريقُ التي تكونُ بين الجَبَلَين، «وله جُؤَارٌ إلى اللهِ بالتَّلْبِيةِ»، أي: يَرفَعُ صَوتَه بها وهو يَمُرُّ بهذا الوادي. وفي رِوايةٍ أُخرى لمُسلِمٍ: «كأنِّي أَنْظُرُ إلى موسى صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَذَكَرَ من لَونِه وشَعَرِه شَيئًا، واضِعًا إصْبَعَيهِ في أُذُنَيهِ له جُؤارٌ إلى اللهِ بالتَّلْبِيةِ»، أي: يَضَعُ إصبَعَيه في أُذنَيه؛ لأنَّ له صوتًا عاليًا بالتَّلبيةِ بالحجِّ.
قال ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: «ثُمَّ أتى على ثَنِيَّةِ هَرْشَى»، وهو: جَبَلٌ على مُلتَقى طَريقِ المدينةِ والشَّامِ، قَريبٌ مِنَ الجُحفَةِ، بينَ الأبواءِ ورابٍغٍ، فسألَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أيُّ ثَنِيَّةٌ هذه؟» فقالَ الصَّحابَةُ رَضيَ اللهُ عَنهم: «هَرْشَى»، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: كأنِّي أنظُرُ إلى يُونُسَ بنِ مَتَّى عليه السَّلامُ يَركَبُ ناقةً حمراءَ قويَّةً مُكتَنِزةَ اللَّحمِ، وعليه جُبَّةٌ من صُوفٍ، والجُبَّةُ: نَوعٌ من الأكسيةِ يُلبَسُ فوقَ الثِّيابِ، «خِطامُ ناقتِهِ خُلْبَةٌ»، أي: حَبلُ ناقتِه التي يَشُدُّها به مَصنوعٌ من ليفِ النَّخيلِ، وهو يَمُرُّ بهذه المنِطَقةِ وهو يُلبِّي بالحجِّ.
قيلَ: إنَّ رُؤيتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لهم إنَّما كانت مِنه في لَيلةِ أُسريَ بِهِ، وقيلَ: إنَّما وَقَعَ ذلك مِنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في رُؤيا من مَنامِه في غيرِ اللِّيلةِ التي أُسريَ بِه فيها، وقيلَ: إنَّ هذا الإخبارَ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما هو إلَّا إخبارٌ عن أفعالِ الأنبياءِ في حَياتِهم وسابِقِ أيَّامِهم، وحَكَاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما أعلَمَه اللهُ من أخبارِهم.
وهذا الحديثُ إشعارٌ بأنَّ الحَجَّ من شَعائرِ اللهِ، ومِن شَعائرِ أنبيائه، ويُفيدُ ذلك التَّرغيبَ في قَصدِ الحَجِّ، وأداءِ شَعائرِه وما يَتعلَّقُ به مِنَ التَّلبيَةِ الدَّالَّةِ على التَّوحيدِ، وهَيئةِ الإحرامِ المُشعِرةِ بالتَّجريدِ والتَّوحيدِ لله سُبحانَه.
وفي الحديثِ: الحثُّ على التَّلبيةِ ورفعِ الصَّوتِ بها عِندَ قَصدِ بيتِ اللهِ الحرامِ.
وفيه: التَّلبيةُ عِندَ كلِّ هُبوطٍ وصُعودٍ وفي بُطونِ الأوديةِ.
وفيه: أنَّ التَّهليلَ في بطنِ الوادي من سُننِ المُرسَلينَ صَلواتُ اللهِ عليهم أجمَعينَ.