- لا تَكونَنَّ إنِ استطعتَ ، أوَّلَ من يدخلُ السُّوقَ ، ولا آخِرَ من يخرُجُ مِنها ، فإنَّها معرَكةُ الشَّيطانِ ، وبِها ينصِبُ رايتَه
الراوي :
سلمان الفارسي
| المحدث :
عبد الحق الإشبيلي
| المصدر :
الأحكام الشرعية الصغرى
| الصفحة أو الرقم :
666
| خلاصة حكم المحدث :
[أشار في المقدمة أنه صحيح الإسناد]
| التخريج :
أخرجه مسلم (2451)، وأحمد في ((الزهد)) (817)، والبزار (2541)، والطبراني (6/ 248)، (6118) جميعهم بلفظه.
عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: لَا تَكُونَنَّ -إنِ اسْتَطَعْتَ- أَوَّلَ مَن يَدْخُلُ السُّوقَ وَلَا آخِرَ مَن يَخْرُجُ منها؛ فإنَّهَا مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ ، وَبِهَا يَنْصِبُ رَايَتَهُ.
قالَ: وَأُنْبِئْتُ أنَّ جِبْرِيلَ عليه السَّلَامُ أَتَى نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ، قالَ: فَجَعَلَ يَتَحَدَّثُ، ثُمَّ قَامَ، فَقالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ: مَن هذا؟ -أَوْ كما قالَ- قالَتْ: هذا دِحْيَةُ، قالَ: فَقالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: ايْمُ اللهِ ما حَسِبْتُهُ إلَّا إيَّاهُ، حتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُخْبِرُ خَبَرَنَا -أَوْ كما قالَ- قالَ: فَقُلتُ لأَبِي عُثْمَانَ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هذا؟ قالَ: مِن أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ.
الراوي :
أسامة بن زيد | المحدث :
مسلم
|
المصدر :
صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2451 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
التخريج :
أخرجه أحمد في ((الزهد)) (817)، والبزار (2541)، والطبراني (6/ 248)، (6118) جميعهم بأول لفظه.
السُّوقُ مُجتمَعُ النَّاسِ، يَبيعون ويَشترون فيها؛ ليَقضُوا مَنافعَهُم مِن مَأكَلٍ ومَشرَبٍ وملبَسٍ، وغيرِها.
وفي هذا الحديثِ يُحذِّرُ سَلمانُ الفارِسيُّ رَضيَ اللهُ عنه مِن أنْ يكونَ أحدُنا أوَّلَ مَن يَدخُلُ السُّوقَ، وآخِرَ مَن يَخرُجُ منها، والمرادُ: هو الحضُّ على الإسراعِ في الدُّخولِ والخُروجِ منه بعْدَ أنْ يُقضِيَ الإنسانُ حاجتَه منها، وهذا التَّحذيرُ يَشمَلُ البائعَ والمشتريَ؛ وذلك لأنَّ السُّوقَ «مَعركةُ الشَّيطانِ» أي: إنَّ الشَّيطانَ يَسْعى في تلك الأسواقِ كالمقاتِلِ في المعركةِ؛ وذلك لأجلِ صَرفِهم عن أُمورِ دِينهِم وسَعيهِ لإهلاكِهم بما يَحمِلُهم عليه مِن المكرِ والخديعةِ، والتَّساهُلِ في البيوعِ الفاسدةِ، والكذِبِ والغِشِّ، وبَخْسِ المِكيالِ والميزانِ، والأيمانِ الكاذبةِ، واختلاطِ الأصواتِ وارتفاعِها، وغيرِ ذلك، بمَعركةِ الحربِ وبمَن يُصرَعُ فيها، وقولُه: «وبها يَنصِبُ رايتَه» وهي العَلَمُ الَّذي يَتَّخذُه الجَيشُ شِعارًا له، ولا يُمسِكُها إلَّا قائدُ الجَيشِ، وفي هذا إشارةٌ إلى ثُبوتِ الشَّيطانِ بالسُّوقِ، واجتِماعِ أعوانِه إلَيهِ فيها للتَّحريشِ بيْنَ النَّاسِ وحَملِهم على هذِه المفاسدِ، ويُفيدُ هذا الحديثُ أنَّ الأسواقَ إذا كانت مَوطِنَ الشَّياطينِ ومَواضعَ لهلاكِ النَّاسِ، فيَنْبغي للمسْلمِ أنْ يَتمسَّكَ بأخلاقِ الإسلامِ في البيعِ والشِّراءِ مِن الصِّدقِ والأمانةِ وغيرِهما، وأنْ يُحذَّرَ مِن مَكائدِ الشَّيطانِ، وألَّا تُلهِيَه الأسواقُ والدُّنيا عن طاعةِ اللهِ وذِكرِه، بلْ يكونُ كمَن وَصَفَهم اللهُ في كِتابه بقولهِ: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 37].
ثمَّ أخبَرَ التَّابعيُّ أبو عُثمانَ النَّهديُّ -راوي الحديثِ عن سَلمانَ رَضيَ اللهُ عنه- أنَّه أُخبِرَ أنَّ جِبريلَ علَيهِ السَّلامُ -وهو الملك الموكل بالوحي- جاء نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في صُورةِ رجُلٍ مِن أصحابِه، وعندَه أمُّ سلَمةَ -زوجُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فجعَل جِبريلُ عليه السَّلام يتَحدَّثُ، ثمَّ قامَ مِن عندِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وانصَرَفَ، فسَألَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَّ سَلَمةَ رَضيَ اللهُ عنها عن الرَّجلِ الَّذي كانَ معه، فأخبَرَتْه أنَّه دِحيةُ الكلبيُّ رَضيَ اللهُ عنه، وأقسَمَت أُمُّ سَلمةَ رَضيَ اللهُ عنها بقولِها: «ايمُ الله»، أي: أحْلِفُ باللهِ أنَّي ما عرَفَتْ أنَّه جِبريلُ إلَّا عندَما سَمِعتْ خُطبةً للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخبِرُ فيها بمَجيءِ جِبريلَ له أحيانًا في صُورةِ دِحيةَ رَضيَ اللهُ عنه.
فسَأل أبو المُعتمِرِ سُليمانُ بنُ طَرْخانَ التَّيميُّ شَيخَه أبا عُثمانَ: ممَّن سَمِعتَ هذا؟ فأجابَه أنَّه سَمِعَه مِن أُسامةَ بنِ زَيدٍ رَضيَ اللهُ عنهما.
وفي الحديثِ: مَنقَبةٌ عَظيمةٌ لأُمِّ سَلَمةَ؛ حيث رَأَت جِبريلَ عليه السَّلامُ على صُورةِ البشَرِ.
وفيه: رُؤيةُ الملائكةِ على صُوَرِ الآدميِّين، ولكنْ لا يَعلَمون أنَّهم مَلائكةٌ.